انتشر في الآونة الأخيرة الكثير من الهلع والخوف من فيروس انفلونزا الطيور وها هو الآن ينتشر الخوف من انفلونزا الخنازير وهذه من الأمراض الانتقالية.. ولكن هناك من الأمراض ما يعتبر وباء شرساً مع أنها أمراض غير انتقالية ولها خطورة حيث إنها تفتك بمئات أضعاف انفلونزا الخنازير أو الطيور أو جنون البقر ولماذا لا يصار إلى رسم خطة وقائية فاعلة على غرار الخطط التي توضع للوقاية من انفلونزا الخنازير والطيور؟!! الدكتور ريتشارد نبهان «استشاري قلب وسكري وباطنية زميل كلية الأطباء الملكية البريطانية» اعتبر أن الأوبئة غير الانتقالية هي من مخلفات الحضارة وخلقت خللاً واسع النطاق في أسلوب التغذية والكسل وقلة الحركة والإدمان على التدخين. ويعتبر الدكتور نبهان «داء السكر ارتفاع ضغط الدم أمراض شرايين القلب التاجية الخلل في مكونات شحوم الدم والسمنة» أهم أركان هذه الأوبئة ويشير إلى أن تلك الأوبئة هي عبارة عن مجموعة أمراض متباينة اكتسبت لقب الأوبئة غير الانتقالية. ويوضح نبهان أن الأوبئة الانتقالية تبطش وتقتل بواسطة سلاح بيولوجي خارجي، وهو الميكروب أو الفيروس المنتشر الذي يدخل جسم الإنسان ليحدث ضرراً متفاوت الخطورة، وقد تظهر الأعراض بسرعة البرق، وتنتهي مهمتها خلال أيام قصيرة فقط في حين أن الأوبئة غير الانتقالية تجند عضواً فاعلاً ومنتشراً في الجسم لخدمة أهدافها وهي قطع الغذاء عن الأعضاء الحيوية لتمنعها من القيام بوظائفها وهكذا يحصل الموت أوالعوق.. الأعضاء الحيوية هي : القلب، الدماغ، الكليتان، الشبكية، شرايين الأطراف السفلى. فقطع التغذية عن القلب يؤدي إلى الموت المفاجئ إما بسب عدم انتظام في ضربات القلب من خفقان أو ارتجاف البطين أو تلف جزئي قد ينتهي بعجز القلب ويعرضه لنوبات أخرى، أما قطع التغذية عن الدم أو الشلل النصفي، الذي يعد الأكثر شيوعاً، وهو عوق مستديم، كذلك يؤدي الشح في إرواء العين إلى التسبب بالعمى الجزئي أو الكامل، في حين يؤدي التصلب في شرايين الكليتين إلى حدوث الزلال المجهري لينتهي بعجز الكلية الدائم، وهذا عوق آخر يستوجب غسل الكليتين دائماً، أما انسداد شرايين الأطراف فإنه يؤدي إلى الغرغرينا التي تحتم بتر العضو. وقاية من كل وباء يشير الدكتور ريتشارد نبهان إلى إمكانية وقف عملية تصلب الشرايين بالعلاج، ولكن الأهم بالنسبة إليه هو البحث عن أسباب هذه الأوبئة،وكيفية منع حدوثها،ويعتبر اجراءات الوقاية منها أسهل بكثير من الاجراءات الوقائية للأوبئة الانتقالية، ويعطي مثالاً عن كل وباء غير انتقالي: 1 مرض السكري: تكمن الوقاية في منع المعرض للسكري من الإصابة بداء السكري عن طريق إصلاح نمط الحياة والمثابرة للوصول إلى الوزن المثالي والحفاظ على مستويات ضغط الدم والكلوليسترول الطبيعية. في حال كان مصاباً بداء السكري فإن التحري المبكر عن الاختلاطات يعفيه من الوصول إليها مبكراً، كما أن ممارسة الرياضة والتوقف عن التدخين، والغذاء المتوازن للحفاظ على الوزن الطبيعي تضمن إبعاد شبح الاختلاطات. 2 ارتفاع ضغط الدم: إن تقييم عوامل الخطورة والوقاية يكفل عدم الإصابة بارتفاع الضغط، والحفاظ على الضغط الطبيعي يضمن عدم حدوث اختلاطات مستقبلية ،والمسح المبكر عن أي خلل أو إصابة في الأعضاء المستهدفة تمنع حدوثه، كما أن المراقبة المكثفة ومتابعة العلاج والسيطرة على ارتفاع الضغط لها أبلغ الأثر في الوقاية من الاختلاطات الرهيبة. 3 مرض شرايين القلب التاجية: إن دراسة عوامل الخطورة وتلافيها لها أثر فاعل في الوقاية، كما الحفاظ على ضغط وسكر ووزن طبيعي، يمنع حدوث تصلب شرايين القلب يؤدي الاختيار المناسب لوجبات الطعام وممارسة الرياضة دوراً مهماً جداً في الوقاية، كذلك بعد الإقلاع عن التدخين تعد عنصراً أساسياً في هذه الخطوة، إلى جانب الحفاظ على نسب طبيعية لمستويات الكوليسترول. 4 الحفاظ على نسب طبيعية لمستويات الكوليسترول: الأساس في هذه العملية هو ضبط الكوليسترول الضار بواسطة مخفضات الكوليسترول، إضافة إلى اصلاح نمط الحياة واختيار الغذاء الخالي من الدهون الحيوانية، ما عدا دهن السمك الغني بمادة أوميغا الضرورية جداً،لكن رفع مستوى الكوليسترول النافع لا يقل أهمية عن خفض الكوليسترول الضار. أما الشحوم الثلاثية فتتطلب طريقة أخرى لتخفيضها، وقد تشترك مع الكوليسترول النافع في وسائل الضبط. 5 السمنة وزيادة الوزن: هذا وباء متصاعد بشكل رهيب تعدى نسبة 75في المئة في دولة الإمارات، تسهم في حدوثه عوامل وراثية لاتتعدى نسبتها 20في المئة وأخرى بيئية تفوق نسبتها 80في المئة لكن القاسم المشترك في الوقاية من تلك العوامل هو تقوية الإرادة الضعيفة ومحاولة حرق سعرات حرارية أكثر من تلك التي يتم ادخالها إلى الجسم . تبدأ معالجة هذا الوباء من خلال محاولة فقدان10في المئة من الوزن خلال أشهر،وإذا استمر مؤشر كتلة الجسم في تسجيل رقم عال،فإننا نستهدف خفض 01في المئة أخرى ، وهكذا دواليك. الأهم في معالجة السمنة، هو خفض الكرش والقضاء على السمنة والسمنة الوسطية،،يذكر أن كل خفض 10في المئة في الوزن، يقابله خفض 30في المئة في السمنة الوسطية.