في آخر ليلة من ليالي رمضان,وضعت راسي على المخدة لأنام في ساعة متأخرة من الليل –أو بمعنى اصح ساعة مبكرة من الفجر ,أجدول يوم العيد ..راح النوم يتسلل في أوردتي رويدا .. لكنني أفقت فجأة ونهضت من مكاني .. فرأيتني ممددا على الأرض!! ومن حولي أمة يختصمون .. مجموعة منهم ذوو هيئة مريحة يقولون :”هذه النفس طيبة ونحن أولى بأخذها .. وآخرون مخيفون :”بل هي روح خبيثة ونحن أولى بها. لم أستمع إلى بقية الجدل ..فذاك الواقف فوق راسي ينزع أوصالي نزعا شديدا ..وانا من كل ذراتي أتالم ..وتلهج الزفرات في صدري وبصري شاخص لا أدري إلى أين ... سويعات ..وإذا بهم يرحلون !!ولم ادر مع أي الفريقين رحل الجزء الذي كانوا يبحثون عنه في جسدي...لكنهم تركوا جسدي هادئا .منهكا .. عدت إليه .. أدخلت رأسي في رأسي .. تجولت في أرجائي ..لكنه أصبح مظلما .. خاويا .. كدت أتجمد من برودته , فخرجت مسرعا ,.وبينما أنا أحاول تدفئة نفسي إذا بأمي الحبيبة دخلت علي ّلتوقظني للصلاة ... فرحت عند رؤيتها وهي تهزني بحنانها .. لكنها تحولت إلى الشدة وأنا لا أفيق... أمسكت يدي بين يديها وأخذت تصرخ “ولدي .. ولدي “ وهي مفزوعة لدرجة أرعبتني !!! “ماذا بك يا أمي الحبيبة؟!!” حاولت أن أكلم أبي..لكنه انهار على نفسه يبكي ...استعجبت ... “لماذا يا أبي تبكي !!” نظرت حولي ..اكتظت الغرفة بأخوتي وأخواتي وأولادهم .. وكلهم يبكي ..وينهار ..لم أفهم شيئا لماذا يحدقون بي ويبكون ؟!!أنا بخير لكن ضجيجهم سبب لي الصداع ولم أعد أسمع شيئا ... وبعد وقت لا أعرفه شعرت بتحسن ,فوجدت أننا خرجنا من البيت ... شعرت بالراحة وأنا أتنفس هواء الصباح .. والكثير من الناس يهللون !لكني لم أفهم شيئا أيضا.. لماذا يهللون في يوم العيد والسنة هي التكبير .. ثم لماذا لا يسلمون على بعضهم بتحيات العيد المعروفة .. غريب أمرهم..ولكن الأغرب عندما وضعوني أمام الإمام ..تساءلت كيف سأصلي هنا .. هو الإمام ..حقيقة ذهلت من موقفهم هذا . ما الذي يصنعونه , حاولت التفكير والتفكير ..ولكني ..أفقت وهم يدسون جسدي في حفرة مظلمة ويضعون حوله الأحجار ثم ينهالون عليّ بالتراب ..ودموعهم غزيرة !!حاولت أن أصرخ فيهم :ماذا دهاكم ؟لماذا تدفنون (جثتي)؟!! لكنهم لا يستمعون لي .. عندها جلست على كومة من التراب التي تركوها أتساءل: ربما أن جثتي أصبحت بالية .. لا تتسعني .. “وقفت في رأسي فكرة أخرى مخيفة “ ربما مت !!!” فأفقت ورفعت رأسي مسرعا من هول ما فكرت به .. تلفت حولي فإذا ... بالكثيرين مثلي يجلسون على كومة من تراب.