تؤكد الإحصائيات الرسمية ومنظمة اليونسيف أن معدل وفيات الأمهات في اليمن مرتفع جداً على مستوى العالم ، وأرجعت سبب ذلك الزواج المبكر للفتياتقصة سعاد بالرغم أنها لم تتجاوز الثانية عشرة من عمرها بعد إلا أن أمها أقنعتها بالزواج من رجل ثري لتعيش كالأميرات خاصة أنها من أسرة فقيرة وتعيش في حي شعبي بمدينة الحديدة ،لم تكن تعلم سعاد أن العريس في سن إبيها وله من الأبناء تسعة ،لكن سعاد وافقت بعد الحاح أمها وضغط أبيها على ترك مدرستها وزميلاتها والزواج بهذا العريس الثري كي تتحسن حالة أسرتها المادية..لم تكن تعلم سعاد ما هو الزواج وماهي مسؤلياته لأن نموها العقلي لم يكتمل بعد .وبعد أسابيع قليلة لاحظت تغيرات في جسمها لم تستطع أن تكلم زوجها المشغول دائما بتجارته أو أن تذهب بمفردها الى أقرب مرفق صحي زادت حدة آلامها ومتاعبها فأخبرت زوجها بذلك فقال لها لا عليك ياصغيرتي هذه كلها أعراض الحمل وكل النساء حدث لهن ذلك وفي أحدى الليالي وبينما زوجها في بيته السابق زادت آلام سعاد وأرتفع ضغط دمها بسبب الحمل المبكر وبدأت في النزيف فأخذت الهاتف للاتصال لزوجها الذي بدوره وصل بعد أن فارقت سعاد الحياة من شدة النزيف.. هكذا هو حال الفتيات في بلادنا اللاتي يتزوجن في سن مبكرة حيث يصبن بالعديد من الاضرار الصحية التي تصل في بعض الأحيان الى الوفاة حيث تؤكد الإحصائيات الرسمية وإحصائيات منظمة اليونسيف أن وفيات الأمهات في بلادنا من المعدلات المرتفعة جدا على مستوى العالم حيث تصل الى 365 حالة وفاة لكل مائة ألف حالة ولادة كما أن معدلات الوفيات للأطفال دون سن الخامسة أيضا من المعدلات المرتفعة جدا ويكفي أن نعلم أنه حوالي خمسة أطفال دون سن الخامسة يوميا في مستشفى السبعين بالعاصمة صنعاء فقط حسب الدكتورة جميلة المؤيد مديرة المستشفى وذلك نتيجة الزواج المبكر حيث لم يكتمل بعد النمو الجسماني والعقلي للأم. ظاهرة منتشرة حاليا هناك جدل واسع في الشارع اليمني حول سن قانون تحديد الزواج والذي تقدمت به الحكومة الى مجلس النواب لحماية الفتيات من الأضرار الصحية العديدة الناجمة عن الزواج المبكر خاصة أنه أصبح كظاهرة اجتماعية بدأت في الاتساع وذلك حسب التقرير الذي صدر مؤخراً عن مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي بجامعة صنعاء والذي كشف أن نحو 52 % من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة خلال العامين الماضيين مقابل 7 % من الذكور. وشكل زواج الفتيات الصغيرات ما نسبته 65 % من حالات الزواج المبكر منها 70 % في المناطق الريفية، وأشار التقرير إلى انه في بعض الحالات لا يتجاوز عمر المتزوجة الثماني أو العشر سنوات. كما كشف التقرير عن فجوة عمرية كبيرة بين الزوجين، تصل في بعض الأحيان إلى حالات يكبر فيها الزوج زوجته ب56 عاما. الدكتور عبد الكريم يحيى راصع وزير الصحة العامة والسكان أكد من جانبه بأن الزواج المبكر يعد أبرز أسباب وفيات الأمهات في بلادنا نتيجة الأضرار الصحية العديدة الناتجة عن الحمل والولادة ،وقال هي مناسبة أن نطالب الإخوة في مجلس النواب عبر صحيفة الجمهورية الاسراع في اقرار وإصدار قانون تحديد سن الزواج الذي قدمه الدكتور غازي الأغبري وزير العدل إلى المجلس والذي يحدد سن زواج المرأة ب18 عاماً حيث يعتبر هذا السن هو السن الآمن الذي يجعل المرأة قادرة على الإنجاب الآمن ،داعيا في الوقت ذاته مختلف مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والإعلام وجميع الأمهات والآباء والأسر المطالبة بسرعة إصدار قانون تحديد سن الزواج لتفادي العديد من المخاطر الصحية الناتجة عنه والتي يؤكدها العديد من الأطباء والتقارير الطبية وقال يجب علينا جميعا أن نعمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة والسلوكيات غير السليمة التي تشكل عائقا وتحدياً كبيراً في مسار التنمية في ظل ارتفاع معدل الوفيات مما يتعارض مع أهداف الألفية التي أكدت على ضرورة خفض معدل وفيات الأمهات التي تسببها عادات سيئة موروثة من حقب التخلف والجهل في العقود الماضية.. فالمرأة في بلادنا كثيرا ما تقضي نحبها أثناء حملها أو عند ولادتها أو بعد الولادة بسبب الزواج المبكر ومخاطره مما يمثل كارثة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى والتي تحل على الأسرة وبالذات على الأطفال الصغار الذين يفقدون برحيل أمهاتهم الحنان والرعاية الكاملة ويتعرضون لعوامل سيئة يكون لها بالغ الأثر على صحتهم الجسدية والنفسية وواقعهم الاجتماعي والتعليمي وحتى المهني مستقبلا .. ويضيف الدكتور راصع قائلاً: مأ ناسف له اليوم هو تنصل البعض في المجتمع من الاعتراف بأحقية المرأة في الرعاية صحيا ًونفسياً وعن ضرورة الاهتمام والرفق بها في مراحل حرجة من حياتها. حصانة للرجل والمرأة هذا وتتعدد أسباب الزواج المبكر في اليمن حيث تأتي القيم الاجتماعية في المرتبة الأولى كونها تنظر إلى الزواج المبكر باعتباره صيانة من الانحراف، كما يربطه مشائخ الردين بالجانب الديني ،حيث ينظرون اليه على أنه واجباً دينياً، وإحصان للرجل والمرأة من الوقوع في الخطأ :ما يؤكدون أن طرح هذا القانون جاء تلبية لأملات غربية على اليمن . الدكتور غازي الأغبري وزير العدل أكد من جانبة على عدم وجود إملاءات دولية أو غربية بهذا الخصوص،و أشار إلى رأي طبي للجنة الصحة البرلمانية، وأعرب عن استعداد الحكومة سحب تعديل تحديد سن الزواج حال الإثبات بنص من قرآن أو حديث يمنع تحديد سن الزواج؛ معتبراً ما ورد بهذا الشأن عبارة عن اجتهادات فقهية وتطرق إلى اجتهاد للمذهبين المالكي والحنفي يحدد سن الزواج للإناث. الدول العربية والإسلامية وفي بحث قانوني تم إجراؤه على التشريعات العربية فيما يتعلق بتحديد سن الزواج للأنثى، ثبت أن جميع الدول العربيةوالاسلامية تقريبا لديها تشريعات وطنية تحدد سناً آمناً للزواج مع تفاوت بسيط في مقدار العمر. وأوضح البحث الذي أعده المحامي والمستشار القانوني فيصل المجيدي بأن اليمن شهد تراجعاً تشريعياً في هذا المجال خلال التسعينات من القرن وأن التشريعات اليمنية في سبعينات وثمانينات القرن العشرين كانت تحدد سناً للزواج في شطري اليمن آنذاك.. وخلص البحث الصادر عن منظمة “سياج” لحماية الطفولة، إلى أن القانون اليمني لا يزال وحيداً بل ربما كان فريداً في التراجع عن أحكام قانونية سبق وأن قررها خاصة فيما يتعلق بتحديد السن وتحديد العقوبات على من يتهاون في تنفيذها. وأوصي المجيدي بتعديل النص القانوني في المادة (15)من القانون النافذ بما يتوافق مع غالبية التشريعات العربية التي تتراوح الأعمار فيها لسن الزواج بين ال15 و 18 من العمر غالباً ومراعاة إيقاع العقوبات اللازمة بحق من يخالف ذلك. ولا مانع من مراعاة من بلغ قبل هذه السن على سبيل الاستثناء بشرط أن توجد المصلحة وأن يكون ذلك تحت إشراف القاضي وسلطته للتأكد من المبررات التي يقدمها من يريد الزواج. أسباب التأخر في إصدار القانون مجلس النواب بدوره تأخر كثيراً في إقرار وإصدار قانون تحديد الزواج رغم المظاهرات والمناشدات الكثيرة من مختلف منظمات المجتمع المدني وذلك بسبب رفض بعض الأعضاء وفي هذا الجانب يقول الدكتور سمير خيري رضا رئيس لجنة الصحه العامة والسكان بمجلس النواب بأن السبب هو دخول جوانب شرعية على الموضوع ويقول طبعا مشروع التعديل لهذه المادة في قانون الأحوال الشخصية تم عرضة على لجنة الصحة والسكان بمجلس النواب باعتبارها لجنة مختصة في طرح ووضع المبادرات لتحديد مسالة سن الزواج التي طالب بها الجانب الحكومي بان يكون سن الزواج هو سن ال18 وهناك طبعا في هذا الموضوع قناعات كثيرة في إطار اللجنة باعتبار أن اللجنة الصحية متخصصة ولجنة فنية ونحن كما نعلم علميا بأن السن المناسب لزواج المرأة هو سن ال18 عاما حتى يكون هناك اكتمال في الجانب الجسمي والعظمي والجنسي ولا يتم هذا الاكتمال إلا في عمر ال18 عاما من وجهة نظر طبية موجودة في المراجع والكتب العلمية التي درسناها أثناء دراستنا الطب. ومثل هذا الموضوع تم عرضة على مجموعة من الاخوة الزملاء في لجنة تقنين أحكام الشريعة الإسلامية وكانت هناك جلسات مشتركة وتم تقديم مجموعة من الاستفسارات من قبل الإخوة في لجنة تقنين أحكام الشريعة للجنة الصحة حتى يتبينوا من بعض الملابسات وبعض الأمور الطبية وحقيقة الإخوة في لجنة تقنين الشريعة أو بعض منهم لهم وجهة نظر بأنهم لا يكتفون بتحديد الزواج في هذا السن وإنما عندما تكون المرأة جاهزة للوطء أو جاهزة للحمل وطبعا كجانب طبي هناك اختلافات في وجهات النظر ونحن لا نتحدث من وجهة نظر شخصية ولكن نتحدث من جانب علمي وطبعا الموضوع تم التصويت عليه في الفترة السابقة قبل حوالي ستة أشهر بتحديد سن الزواج بسن ال17 عاما إلا أن بعض الإخوة في مجلس النواب ممن لهم آراء في الجوانب الشرعية وتم إعادة المداولة في هذه المادة وبالتالي لم يتم إصدار هذا القانون بقرار جمهوري وأعيدت المناقشة في هذا القانون قبل حوالي ثلاثة أسابيع ولم يتم التوصل إلى نتيجة وأعيدت المادة مرة أخرى إلى لجنة تقنين الشريعة الإسلامية ونحن في الفترة القادمة من هذه الدورة لنا لقاءات مع الإخوة في لجنة أحكام الشريعة وسنعمل جاهدين على أن نوصل لهم المعلومة حتى نتمكن من فرض رؤية موحدة يتم الخروج بها لتحديد سن الزواج ونحن نتمنى على الاخوة في مجلس النواب وزملائنا في لجنة تقنين الشريعة أن ينظروا إلى الجانب الطبي بعين الاعتبار وان ينظروا إلى المرأة وان لها حق في مسألة تقرير مصيرها خاصة أنه لا يوجد دليل من القرآن الكريم أو السنه تحرم تحديد سن الزواج ،كما أن الكثير من الاتحادات ومنظمات المجتمع المدني والكثير من الجهات والجانب الحكومي لا يطلبون مثل هذا التحديد لهذا السن لمجرد رؤية خاصة ولكن لمصلحة عامة وهذا هو السبب في مسالة التأخير إلى هذا الوقت ونحن في لقاءاتنا بالإخوة في لجنة تقنين الشريعة وضحنا لهم مثل هذه النقاط ومن ضمنها المخاطر الطبية وأسهبنا في كثير من المواضيع وخاصة ما يترتب عليها من مخاطر للزواج المبكر سوء كان أثناء فترة الحمل أو الولادة وما بعد الولادة ولازالت الحوارات قائمة على الرغم أن هناك قناعات كثيرة لدى الأخوة في مجلس النواب وهم على بينة بالمخاطر المترتبة على الزواج البكر . نحن مع الزواج المبكر وضد زواج الأطفال أما الدكتور عبدا لباري عبدا لله دغيش عضو مجلس النواب وعضو لجنة الصحة العامة والسكان بالمجلس كان له وجهة نظر حاسمة في هذا الموضوع فقال : نحن مع الزواج المبكر و ضد زواج الأطفال لأن الزواج المبكر حتى بعد سن ال16 أو 17 سنة هذا زواج مبكر لكن نحن ضد زواج الأطفال الذي يمثل تحت سن 16 عاما ومن هنا أتساءل وأضع السؤال أمام زملائي في مجلس النواب الذين هم معترضون على تحديد سن الزواج بالنسبة للأطفال وأقول لهم هل زواج الطفلات الصغيرات قربى إلى الله سبحانه وتعالى .. ونحن نعتقد عندما نناقش هذا الموضوع نحن نناقش هذا الموضوع تحت سقف الإسلام الجامع لكل الناس وبالتالي نسترشد بالحديث الشريف للرسول علية الصلاة والسلام عندما قال أن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها . نسبة مضاعفات الحمل مرتفعة جداً ونرى من خلال مراقبتنا أيضا كأطباء أن نسبة مضاعفات الحمل بالنسبة لإناث الأطفال الحوامل مرتفعة جدا والمضاعفات مرتفعة جدا ونحن نتحدث أيضا عن إلزامية التعليم الأساسي وهذا الهدف الثاني من أهداف الألفية التنموية وبتطبيق هذا الهدف سينعكس بالتأكيد على إنعاش وتطور المجتمع وعلينا أن نتساءل هل تطبيق هذا الهدف بإلزامية التعليم الأساسي الآن مع فتح مسألة الزواج للأطفال فإما أن يتزوج الطفل أو يذهب إلى المدرسة . ويضيف قائلا: اعتقد أن بعض الزملاء في المجلس اعتبروها مؤامرة على الإسلام ونحن نقول لهم هل خلافنا معكم تحت سقف الإسلام ،يجب عليهم أن يجيبوا على هذا السؤال لأننا كلنا مسلمون أما إذا كانوا اعتبروا خلافنا معهم اختلاف مع دعاة تغريب فالحقيقة يمكن أن نصمت في هذه الحالة لأنه في الأخير لا نريد أن تتكرر مرة آخرى قصة جار الله عمر فنحن نريد أن نعرف من زملائنا المخالفين لنا بالرأي هل يعتبر ما وصلوا إليه اجتهاداً يمكن أن يناقش وإلا يعتبر حكم الله الأكيد والملبي لمقاصد الشريعة الإسلامية. وهل ما كان معمول به خلال الفترة الماضية مخالفاً أو متفقاً مع هذا الرأي فنحن نعرف حتى في ظل الخلافة العثمانية كان سن الزواج محدد وكانت الدولة الشطرية في شمال اليمن وجنوبه سابقا سن الزواج محدد ب15 سنة وكان في ظل دولة الوحدة حتى سنة 1997 م سن الزواج محدد والآن في كل دول العالم الإسلامي سن الزواج محدد باستثناء ثلاث دول (السعودية والسودان واليمن ) وطبعا السودان والسعودية يبحثوا هذه المسألة لهذا نقول لزملائنا وأخواننا في مجلس النواب المخالفين والرافضيين لتحديد سن الزواج هل كل هذه الدول الإسلامية على ضلالة ولماذا لا يتم الاستفادة من هذا الأمر.