عرف المؤلفون الإغريق واللاتينيون منذ القرن الرابع قبل الميلاد مدينة شبوة باسم ساباتان أو سابوتان وكانوا يظنونها قائمة على جبل عال حافلة بروائع المعابد والقصور وقريبة من المناطق المنتجة للطيوب وكانوا يفترضون أن اللبان المستخرج ينقل على ظهور الجمال وأن كهنة سيان يقتطعون منه جزءاً قبل السماح بتوصيله إلى عدة مناطق في العالم . كان بطليموس يسمي هذه المدينة العاصمة كما أن كتاب الطواف حول البحر الأريتيري يسجل في القرن الأول أن الملك كان يقيم فيها غير أن أياً من هؤلاء الكتاب لم يسبق له أن عبر البحر الأحمر وصحاري الجزيرة العربية كما فعلت في عام 22625قبل الميلاد كتائب إيليوس جالوس. ويقول الدكتور مرجان فرنسوا بروكون في دراسته التي ترجمها الدكتور بدر الدين عرودكي وفي رأي المؤرخين الكلاسيكيين أن منتجات الطيوب وحدها هي أساس رخاء العربية السعيدة أن الإتجار بها يفسر الوضع الجغرافي الهام الذي اكتسبته مدنها. غير أن ثروة شبوة عاصمة مملكة حضرموت خلال ما يقارب آلاف السنين تبدو ذات أصل أكثر تعقيداً إذ لا يبدو موقع شبوة للوهلة الأولى صالحاً لتحقيق ازدهارها فقد استقرت المدينة عند منطلق وادي عرمه وهو مجرى ماء مؤقت ذو أهمية ضئيلة مقارنة مع وادي بيحان أو أذنه في الجوف في حين أن المرتفعات المحيطة بها غير صالحة للزراعة أو لتربية المواشي المكثفة هي أراضي صيد أو تربية نحل حقاً إن شجرة الأطاسيا والعناب يكثر من حول شبوة كما يشهد استخدامه في العمارة.. غير أن العديد من المستقرات القديمة لابد وان تكون مزروعة به وأخيراً فإن شبوة بمعزل عن طريق العبور الكبير الذي يمثله سهل حضرموت. مميزات شبوة القديمة تتمتع هذه الحاضرة بمؤهلات كبرى للنجاح فهناك في المقام الأول وضعها الممتاز على منعطف عدة دروب بعضها يحاذي المرتفعات الجبلية والأخرى تؤدي مباشرة عبر ممرات بين التلال إلى الجوف وإلى نجران ثم إن المدينة تستكمل هذه الشبكة بإقامتها طرقاً مبلطة تربطها عبر وديان حجر إلى المحيط الهندي ورخية في قلب حضرموت كما أن شبوة فضلاً عن ذلك تشتمل على العديد من المناجم الملحية سهلة الاستغلال التي يوجد أكبرها تحت الأرض وأخيراً فإن الهضاب الوعرة التي تأخذ شكل مثلث واسع تؤلف موقعاً استثنائياً له مناعة طبيعية ولن تتوانى المدينة من الاستفادة من هذا الدفاع الطبيعي فبنت خطاً مزدوجاً من الأسوار يحيط الأول وهو مستقيم ذو أبراج تتوالي على مسافات متساوية بالأرض المعمرة في حين يتابع الثاني كالحراب خط ذرى المرتفعات عندئذ يستطيع منخفض القمة المركزي ذو المداخل الحصينة أن يستقبل القوافل. تاريخ المدينة بدأ تاريخ مدينة شبوة عند عتبة النشوء الصخري الجنوبي للمدينة بمعزل عن السيول وقد ارتبط المستقر الذي تطور في بداية القرن الثاني بممارسة زراعة مروية ولاشك لكن آثارها المجزاة لا تسمح بتقدير أهميتها ثم إن طوراً من التدهور ساد من القرن الخامس عشر الرابع عشر إلى القرن التاسع قبل الميلاد تبعه في بدايات تاريخ جنوب الجزيرة العربية. نحو القرن الثامن القرن السابع قبل الميلاد مرحلة من البناء فإلى جانب المباني من الطوب بنيت على وجه الاحتمال كما هو الأمر في أولى البيوت ذات القاعدة الحجرية وتلك هي التي استرعت انتباه المستكشفين سان جون فيلبي الذي تعرف على الموقع عام 1355ه /1936م والماجورها ميلتون الذي حاول بعد سنتين من ذلك أن يستخرج إحدى هذه المباني وجالكين بيرين التي دشنت البعثة الفرنسية عام 1395ه/1975م. الخصوصية العمرانية تؤلف معينة شبوة المثل العمراني الوحيد المعروف إلى الآن بسبب مستوى آثارها الوفيرة حيث يوجد فيها مايقارب 120 ركن بناء من الحجر بارتفاع يتراوح بين متر وثلاثة أمتار ومن عشرة إلى اثني عشر متراً وإذا كان فيلبي قد لمح طبيعة هذه الأبنية فإن حفريات بعضها سمحت لمعرفة وظيفتها أنها أركان بناء عالية تشتمل على جدران داخلية تحدد صناديق مليئة بمواد مختلفة كما أنها ترسم على نحو تقريبي مخطط البناء ومن المثير للفضول أن البنى العليا مشيدة على هيكل من الخشب الحامل .. لقد كشفت في الحقيقة شقق جدران سليمة عثر عليها عن تجميع منتظم للعوارض الخشبية مكنت المسافات الفاصلة بينها بالطوب الخام الممزوج بملاط من الطين ربما كانت بعض المباني من هذا النمط معابد لكن معظمها كانت بيوتاً ومنذ عام 1938م كان ليوناردو يقارنها بالمساكن العالية في حضرموت تشتمل على طابق أرضي مخصص للتخزين وللاصطبل وعدة طوابق للسكن أو للاستقبال ذات نوافذ ضيقة، كان يمكن لبيوت شبوة شأن بيوت العديد من المدن مظهراً مماثلاً ولما كانت هذه البيوت في بعض المناسبات ملاجئ على الرغم من التحصينات العمرانية للمدينة فإنها بيوت غنية لشخصيات قوية وتكشف النقوش أحياناً عن أسماء مثل نمر مرثد مالكان التي بنوها في القرن الثالث. القصر الملكي شقير يتألف هذا القصر منذ الأصل من مبنى مركزي تسبقه باحة محاطة من جوانبها الثلاثة بمبان واطئة ولما كان قد دمر في نحو 230 ميلادية فقد أعيد بناؤه بالطريقة ذاتها ولم تعدل سوى الباحة وحدها كما أن المبنى المحيط بالباحة يرتفع فوقه طابق وله قاعة مغطاة ذات سقف بصناديق وفرجات واسعة مفتوحة على الباحة كل واحدة من هذه الفتحات تشتمل على عمود مركزي مزين بزخارف نباتية ويعلوه تاج مزدوج تزينه عنقاد برأس أسد ذي قرنين على الرغم من صيرورته قصراً ضخماً في وقت متأخر مع ملحقاته فإن هذا القصر لا يؤلف حياً معزولاً ولا حياً مقدساً فالمباني في المدينة والدينية مقامة حسب الطوبوغرافيا أو حسب ملكيات الأراضي وهي مفصولة بمساحات غير منتظمة تستخدم للمرور لكنها لا تشتمل على أي مبنى يمكن أن يتطابق مع متجر،وليس هناك أي سوق داخل الأسوار من نمط الأغورا كما أنه ليس هناك أي مخزن مرتبط بتجارة اللبان مما أمكن التعرف عليه. صخرة شبوة توجد على مسافة 13 كم تقريباً غرب شبوة تقريباً أكمه ذات لون أسود يطلق عليه العقلة في أسفلها تنتصب أربع صخور يعلو الصخرة الرئيسية منها مبنى صغير مستطيل الشكل ب 7.5 من الجانب يتم الوصول إليه بواسطة درج حجري هو اليوم مجرد أنقاض يتضمن هذا المبنى قاعة وحدة لها مضبطة صغيرة مطلية تماماً .. القاعة مطلية بطلاء رقيق وصقيل وكذلك قاعدتي أعمدة .. إن مجرد وجود المصطبة يفترض وجود مكان للعبادة وفيما عدا البلاطات المزينة بمربعات حمراء وبيضاء ولم تكتشف أي مواد أخرى.