العدوان الأمريكي يستهدف الحزم بالجوف ب15غارة منذ الصباح    الرهوي يناقش مع الوزير المحاقري إنشاء منصة للأسر المنتجة    بمتابعة من الزبيدي.. إضافة 120 ميجا لمحطة الطاقة الشمسية بعدن    الزعوري يبحث مع الأمم المتحدة تعزيز حماية وتمكين المرأة في اليمن    الكثيري يبحث مع فريدريش إيبرت فتح آفاق دعم دولي للجنوب    وزارة الشباب والرياضة تكرم موظفي الديوان العام ومكتب عدن بمناسبة عيد العمال    مؤسستي الكهرباء والمياه بذمار تحييان الذكرى السنوية للصرخة    مليون لكل لاعب.. مكافأة "خيالية" للأهلي السعودي بعد الفوز بأبطال آسيا    إلى رئيس الوزراء الجديد    كيف أصبح السيئ بطلاً؟    أرواحهم في رقبة رشاد العليمي.. وفاة رجل وزوجته في سيارتهما اختناقا هربا من الحر    القسام توقع قوة صهيونية بين قتيل وجريح بكمين مركب في خانيونس    الأرصاد تتوقع أمطاراً رعدية بالمناطق الساحلية والجبلية وطقساً حاراً بالمناطق الصحراوية    من أين تأتي قوة الحوثيين؟    تفاصيل جديدة لمقتل شاب دافع عن أرضه بالحسوة برصاص من داخل مسجد    بيع شهادات في جامعة عدن: الفاسد يُكافأ بمنصب رفيع (وثيقة)    شركات الطيران العالمية تلغي رحلاتها إلى كيان العدو بعد تحذيرات اليمن    تشيلسي يضرب ليفربول ويتمسك بأمل الأبطال    تدشين برنامج ترسيخ قيم النزاهة لطلاب الدورات الصيفية بمديرية الوحدة بأمانة العاصمة    وسائل إعلام غربية: صدمة في إسرائيل..الصاروخ اليمني يحرق مطار بن غوريون    نائب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور عبدالله العليمي يعزي في استشهاد عمر عبده فرحان    بدء تنفيذ قرار فرض حظر على الملاحة الجوية لمطارات الكيان    رسميًا.. بايرن ميونخ بطلًا للبوندسليجا    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    قدسية نصوص الشريعة    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    ريال مدريد يحقق فوزًا ثمينًا على سيلتا فيغو    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب.. قصور أم تقصير؟!
نشر في الجمهورية يوم 28 - 04 - 2010

المتأمل في المعطيات الراهنة والمؤشرات السياسية القائمة في بلادنا سيجد أن أغلب التكوينات والأحزاب السياسية تظل مرتهنة بمفهوم الديمقراطية المركزية والحرص على بقاء قياداتها العتيقة حتى ولو تجمد الدم في أطرافها.
فإلى أي حد يتناقض ذلك مع مبدأ العمل السياسي المفتوح.. وإلى أي مدى ينعكس ذلك سلباً على أدائها الانتخابي والديمقراطي، وما هي الأسباب التي تعيق الممارسة الديمقراطية داخل تلك الأحزاب..؟ ولماذا نجد أن هناك تراجعاً شديداً فيما يتعلق بتوظيف الديمقراطية داخل هذه الأحزاب بالمقارنة مع خطابها الإعلامي والأيديولوجي المتشدد الذي يطالب بتطبيقات ديمقراطية إلى أوسع مدى ممكن وفي نفس الوقت تعجز هذه الأحزاب عن توفير وتنفيذ أبسط التطبيقات الديمقراطية داخل تكويناتها أولاً؟!!، ألا يعبر ذلك عن حالة انفصام لا تخفى على المتابع للمدركات السياسية والثقافية لهذه الأحزاب المؤدلجة؟!!، ألا يضعنا ذلك أمام خطاب سياسي غامض ومتناقض وملتبس ومزدوج يقوم على الخيار الديمقراطي قولاً وفي ذات الوقت يمارس الانتقائية والقبول ببعض العناصر ورفض عناصر رئيسية أخرى؟؟، وهل لبعض التجارب والأفكار الجامدة المجلوبة من الخارج والتي تعتنقها هذه الأحزاب المؤدلجة دور في إعاقة الممارسة الديمقراطية داخلها..؟! ألا يعد استيراد تلك الأفكار من قبل هذه الأحزاب اعتسافاً للواقع المحلي بمحاولة قولبته وفقاً لمقتضيات تلك الأفكار المستوردة..؟
هذه التساؤلات حاولنا طرحها في هذا الملف والحصول على ردود عليها ولم نحصل سوى على نذر يسير من الردود نضعها أمامكم تزامناً مع يوم الديمقراطية اليمنية.
تعذرات واعتذارات
في البداية حاولنا التواصل مع القيادات العليا للأحزاب السياسية سواءً حزب السلطة المؤتمر الشعبي العام أو أحزاب المعارضة “تكتل اللقاء المشترك” وتكتل أحزاب المعارضة الوطنية، وفيما عدا بعض قيادات التكتل الأخير لم تستجب قيادات الأحزاب الأخرى لتواصلنا، فمن المؤتمر الشعبي العام حاولنا التواصل مع الدكتور عبدالكريم الإرياني ويبدو أن انشغاله حال دون إتمام الاتصال فقد ضرب لنا مرافقوه موعداً تعذر إتمامه فيما بعد.. ثم كانت لنا محاولة مع قيادات مؤتمرية أخرى كالدكتور أحمد الأصبحي والأستاذ”طارق الشامي وغيرهم من الذين لم يردوا على الهاتف..
أما عن أحزاب اللقاء المشترك فقد تواصلنا بداية مع الأستاذ/عبدالوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للإصلاح والذي رفض الرد على تساؤلاتنا ومشاركتنا في هذا الموضوع مبرراً ذلك بسخطه وغضبه على صحيفة الجمهورية دون أن يبدي لنا أسباب سخطه مستدركاً أن الموضوع هام ومن الجميل إثارته ومناقشته ولكن ليس في صحيفة الجمهورية على حد قوله، وأنه لا يحب أن ينشر له رأي في الصحيفة، وإننا إذ نقدر للآنسي تهربه من المشاركة نظراً لحساسية الموضوع كما يبدو وبالذات للتجمع اليمني للإصلاح أكثر الأحزاب مصادرة للحقوق الديمقراطية الداخلية لعناصره وكوادره وفق مبدئه الرئيس القائم على “الولاء والبراء” والطاعة العمياء، فإننا نأسف لنظرته القاصرة تجاه صحيفة الجمهورية المفتوحة صفحاتها للنقاشات الجادة والحوارات المثمرة والطروحات المتزنة.
شئون داخلية
كما حاولنا التواصل مع الأستاذ سلطان العتواني الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري الذي ما إن سمع كلمة “ديمقراطية” حتى انفجر صوته غاضباً بشدة وصارخاً بنبرات قوية راحت تهز بعنف سماعة الهاتف التي أبعدتها قليلاً عن أذني حفاظاً على سلامة طبلة سمعي ومحاولة مني لفهم ما يقول.. ما فهمته من كلام العتواني الهادر أنه كان هو الآخر منزعجاً وغاضباً من الخطاب الذي ألقاه مؤخراً الدكتور علي مجور رئيس الوزراء في المهرجان الجماهيري الحاشد بصنعاء.
إذ ابتدر العتواني قائلاً بغضب: “أي ديمقراطية تسألوننا عنها اليوم؟ ألم تسمع ما قاله رئيس وزرائكم اليوم؟... الخ”، تركته يفرغ شحنات انفعاله إلى أن هدأ ثم أوضحت له محاور موضوعنا هذا وأن الديمقراطية التي تسأل عنها اليوم هي الديمقراطية الداخلية للأحزاب نفسها، الديمقراطية التي يجب أن تمارسها الأحزاب أولاً داخل تنظيماتها وتكويناتها..؟ لكنه أيضاً اعتذر عن الردود والمشاركة مفيداً أنه إذا كنا نرغب في معرفة الممارسة الديمقراطية الداخلية للتنظيم الوحدوي الناصري فعلينا العودة إلى نتائج مؤتمراته أما التعليق على الموضوع بشكل عام فهو يعتذر عنه موضحاً أن لكل حزب شأنه الداخلي وهو لا يحب التدخل في الشئون الداخلية للأحزاب الأخرى منهياً حديثه معنا بطلب إرسال أي أسئلة تخص التنظيم فقط عبر الفاكس وهو سيرد عليها كتابياً.
إلى ذلك كانت لنا محاولات عديدة للتواصل مع بقية قيادات الأحزاب كالدكتور ياسين سعيد نعمان أمين عام الحزب الاشتراكي،وعبدالوهاب محمود “البعث” وقاسم سلام “البعث القومي” وغيرهم ولكن لم يرد على اتصالاتنا أحد.
مفارقات عجيبة
توجهنا إلى قيادات الأحزاب والتنظيمات الصغيرة وكان لنا تواصل مع الأخ صلاح الصيادي أمين عام حزب الشعب الديمقراطي الذي أقر بغياب الممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية وبوجود مفارقات عجيبة بين أقوال ومطالب هذه الأحزاب وسلوكها الأمر الذي مثل قصوراً كبيراً لهذه الأحزاب وولد أمامها صعوبات في أدائها تعاطيها مع الرأي العام إذ يقول:
حقيقة إن الديمقراطية داخل الأحزاب اليمنية ليست موجودة كما ينبغي وكما يجب أن تمارسها هذه الأحزاب مع الشعب.. وهذا يمثل قصوراً كبيراً في أداء الأحزاب ومعترف به.. ولن يستطيع أي حزب يمني أن يقول أو يدعي بوجود الممارسة الديمقراطية داخل هيئاته القيادية ووفق نظامه الداخلي كما يجب ولذلك نجد أن هناك صعوبة كبيرة في أداء الأحزاب اليمنية وأدائها وتعاملها السياسي وكذا نجد قصوراً في تعاطيها مع القضايا العامة وهو نتيجة لغياب عملية الديمقراطية داخل هذه الأحزاب، ونرى أن هناك مفارقات عجيبة في أن معظم الأحزاب تطالب بممارسة الديمقراطية العامة التي هي فعلاً موجودة على الساحة الوطنية بينما تنعدم هذه العملية داخل الأحزاب نفسها وبينما تغفل هذه الأحزاب أن هذه القصورات سوف تؤثر سلباً على أدائها في الساحة.. لأن وجود ممارسة ديمقراطية فعلية داخل الأحزاب لا تقل أهمية عن ممارسة الديمقراطية العامة مع أفراد الشعب على اعتبار أن فاقد الشيء لا يعطيه.
الغياب والتغييب المؤسسي
أما بشأن ما يعيق الممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب السياسية فيرى الصيادي أن غياب المؤسسية وتغييبها ونقص الإمكانيات وقصور البناء الهيكلي تمثل أهم المعوقات إذ يقول:
الأسباب التي تعيق الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب هو غياب المؤسسات الحزبية أو تغييبها.. فهناك أحزاب ليس لديها مؤسسات حزبية حقيقية وأحزاب لديها مؤسسات وتقوم بتقييد صلاحياتها وبالتالي لا تستطيع أن تمارس دورها الديمقراطي داخل الحزب.
حتى الأحزاب الكبيرة لو نلاحظ أن معظم انتخاباتها تكون بالتزكية وهي صورة من صور التحايل على الديمقراطية داخل تلك الأحزاب أما الأحزاب الصغيرة فلها أسبابها الأخرى التي تتميز باختلافها عن الأسباب لدى الأحزاب الكبيرة وتتمثل في عدم توفر الإمكانيات وعدم استكمال البناء الهيكلي التنظيمي لتلك الأحزاب وكذلك لاستمرار العثرات أمام دوراتها الانتخابية والتنظيمية وفق أنظمتها الانتخابية.
عدم تفعيل
أما الأخ ناصر النصيري أمين عام الجبهة الوطنية الديمقراطية فله وجهة نظر أخرى تتمثل في أن عدم تفعيل المؤتمرات الحزبية واللوائح التنظيمية هي إشكالية تعكس غياب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب إذ يقول:
من المهم جداً وجود الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية وهذا يتطلب بالضرورة عقد المؤتمرات العام الحزبية المقررة في أنظمتها الداخلية.. ومن شأن المؤتمرات الحزبية يمكن انتخاب الهيئات القيادية وتجديدها.. لأن التجديد ليس معيباً للمبادىء الحزبية للقيادات وتمثل هذه المؤتمرات فرصة لتجديد القيادات الفرعية والقيادات العمومية للأحزاب وفي نفس الوقت تجديد البرامج بما فيها البرامج السياسية والبرامج الانتخابية لها في ظل المتغيرات والمتطلبات الجديدة والأوضاع القائمة... الخ، وبدون هذا الكلام لا تستطيع الأحزاب أن تمارس الديمقراطية داخلها ونفس الوقت تظل الديكتاتورية تمارس داخل الحزب وتستمر القيادات ولذلك يجب على الأحزاب أن تعقد المؤتمرات وأن تنتخب قياداتها.
ظروف وتسلط
أما بشأن الأسباب المولدة لذلك.. وما هي رؤيته للدفع بالممارسة الديمقراطية الداخلية للأحزاب فيقول النصيري؟
هناك ظروف تعانيها وتواجهها الأحزاب سواء الصغيرة أو الكبيرة فالأحزاب الصغيرة تواجه ظروفاً مالية وعدم وجود تمويل لمؤتمراتها العامة وبالتالي لا تستطيع عقد هذه المؤتمرات.
وبالنسبة للأحزاب الكبيرة فبعضها لا تعقد المؤتمرات خوفاً من ظهور وصعود قيادات جديدة فهي من الضروري أن تحافظ على القيادات الموجودة ولذلك حتى لو عقدت مؤتمراتها لكن يحصل نوع من المغالطة والاحتيال بحيث تظل قياداتها التاريخية مكانها.. ويحصل توريث لبعض الأحزاب التي تورث الأمانة العامة وتورث القيادات وتورث مجموعة متسلطة تبقى مكانها تتسلط على القرار وتسيطر على قيادتها لحزب معين، ونحن في بلد نام يمر بظروف كالظروف الموجودة في أي بلد آخر يشهد ديمقراطية نامية.. ومع ذلك يفترض أن يكون هناك تطور ويفترض على لجنة شئون الأحزاب أن تشرف على تطوير الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب لأن هناك قانوناً يخولها بالإشراف على المؤتمرات الحزبية وعلى تجديد الهيئات وعلى الانتخابات وعلى تجديد البرامج.. لذا فالمفروض على لجنة شئون الأحزاب أن تؤدي دوراً فعليآً وهاماً بالنسبة لهذا المجال.
لا جديد منذ التسعينيات
كان لا بد أن نطرح تساؤلاتنا على الأكاديميين والباحثين والمتخصصين في العلوم السياسية والاتصال السياسي والجماهيري، وكانت البداية مع الدكتور على العثربي أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الذي أكد أن الأحزاب السياسية لم تأت بجديد نتيجة غياب الديمقراطية الداخلية لها إذ يقول:
موضوع الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب السياسية هو ملف شائك كنا قد بدأنا بفتحه في التسعينيات، وأجرينا بعض الاستطلاعات والتحقيقات مع بعض قيادات الأحزاب والتنظيمات السياسية، وكان في تلك الفترة من وجهة نظري انفتاح على الديمقراطية الداخلية وكان هناك شوق ولهفة من تلك القيادات في تلك المرحلة بأن تتم الممارسة عملياً على أرض الواقع وظللنا نرصد تطورات الأحزاب والتنظيمات منذ بداية التسعينيات وحتى اليوم.. والحقيقة أن هذه الأحزاب لم تأت بجديد ولم تعمل على تطوير وتحديث الممارسة الديمقراطية داخل تكويناتها.. والدليل على ذلك أن قيادات تلك الأحزاب منذ بداية التسعينيات وحتى الآن لم تتجدد.
وربما أن التنظيم الوحيد الذي تفرد في هذه المسألة حتى الآن هو المؤتمر الشعبي العام الذي عقد دورات انتخابية حقيقية في تكويناته القيادية سواء على مستوى المركز أو على مستوى الفروع في المحافظات والمديريات والمراكز التنظيمية وعلى مستوى الجماعات التنظيمية.
تحجر
وبشأن أسباب تخلف الأحزاب عن ممارسة الديمقراطية داخلها يرى العثربي أن أهم الأسباب تتمثل في عدم تشرب القيادات الحزبية للمفاهيم الديمقراطية الصحيحة وتحجرها الفكري والثقافي قائلاً:
الأسباب التي تعيق الممارسة الفعلية للديمقراطية داخل الأحزاب والتنظيمات السياسية فأعتقد أن القيادات القائمة على هذه الأحزاب هي قيادات لم تتشرب الديمقراطية بمفاهيمها ومبادئها الصحيحة وإنما الديمقراطية من وجهة نظرهم إذا كانت تخدم بقاءهم على رأس الهرم التنظيمي وإذا كانت ستأتي بشيء جديد وتغير تلك القيادات التي أعتبرها قيادات محنطة فهم لا يؤمنون بها.
ولعل الباحثين السياسيين المنصفين ربما لاحظوا انتخابات 1993م التي كانت ممارسة على مستوى البلد فقد كانت المنافسة الرئيسية بين حزبين رئيسيين هما المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي ثم أظهرت شريكاً ثالثاً هو الإصلاح إلا أن قيادات تلك الأحزاب وبدرجة أساسية قيادات الاشتراكية ضاقت ذرعاً بنتائج تلك الانتخابات سموها الديمقراطية العددية ثم انقلبوا عليها وافتعلوا الأزمة إلى أن حدثت حرب صيف عام “94” وكنا نتمنى أن تصحو الأحزاب والتنظيمات السياسية وأن تقدم على ممارسات ديمقراطية فعلية داخل أطرها وتكويناتها وتجري انتخابات نظيفة وشفافة داخلها.. لكن للأسف زاد التحجر داخل هذه الأحزاب وخصوصاً أحزاب اللقاء المشترك الذي يجمع المتناقضات السياسية داخله.
عدم إيمان
ويضيف العثربي مشيراً إلى عدم إيمان تلك القيادات بالعملية الديمقراطية وبالتحديث والتجديد قائلاً:
نستطيع القول إن الممارسة الديمقراطية داخل اغلب الأحزاب إن وجدت هذه الممارسة هي ديمقراطية صورية وهي مجرد ديكور لا تؤمن بعملية التغيير والتحديث على الإطلاق ودون مبالغة في الاتجاه أقول إن أغلب الأحزاب والتنظيمات السياسية تمثل تياراً رجعياً متخلفاً لا تؤمن بالتحديث والتغيير بالعملية الديمقراطية الداخلية ويرفض أي تكوين أو تحديث للتجربة الديمقراطية على الإطلاق ولعل الممارسات الفعلية التي نشهدها من هذه الأحزاب لا تقبل بعملية التغيير والتحديث والدليل على ذلك رفضهم للدخول في العملية الانتخابية وإصرارهم على الالتفاف على الدستور والقانون.. ولو كانوا يؤمنون بالديمقراطية على مستوى قواعدهم لآمنوا بها على مستوى البلد لكنهم حقيقة لا يؤمنون بالممارسة الديمقراطية في أطرهم وتكويناتهم الحزبية فكيف يؤمنون بها على مستوى الشعب.
منحة الديمقراطية
أما الدكتور محمد عبدالجبار سلام عميد كلية الإعلام بجامعة صنعاء فيرى أن المسار التاريخي لقيادات الأحزاب يعكس نفسه داخل الأحزاب نفسها وأن بعد الأحزاب عن القيم والأهداف الوطنية الكبيرة والنبيلة جعلتها تمارس سلوكها الشمولي داخل تكويناتها التنظيمية لأن الديمقراطية جاءت منحة لم تكن تلك القيادات مقتنعة بها إذ يقول:
الجانب التاريخي للممارسة الديمقراطية له دور في تشكيل هذه الممارسة داخل الحزب الواحد أو داخل الأحزاب لأن الديمقراطية في بلادنا جاءت فجأة ومنحت من السلطة للناس، فلا أحد طالب بالديمقراطية ولا أحد عمل لها حساباً لأن أغلب الأحزاب سواءً الدينية أو القومية أو العلمانية كانت ضد الديمقراطية..يعني كانت لا تؤمن بالديمقراطية..لكن مع قيام الوحدة اليمنية ومع توحيد شطري الوطن فكان من الأهمية إيجاد الديمقراطية كحل لتوافق النظامين السابقين..فجاءت الديمقراطية للناس وهم نائمون، فكانت ممارسات الأحزاب قاصرة لأنهم غير مهيئين من الناحية الفكرية والقناعة ولا هم أيضاً مستعدون أن يتعاملوا معها.
وأضرب مثالاً أنه في مرحلة الخمسينيات في عدن أن الناس كانوا يتعاملون مع الديمقراطية بشكل آخر في تلك الفترة لأنها كانت تتعامل مع الديمقراطية على أساس تحقيق الاستقلال وإسقاط الإمامة ولم تكن توجد أغراض سياسية ولا شخصية وكانت ديمقراطية جميلة بمفهومها ومعناها الحقيقي لارتباطها في أذهان الناس بأهداف وطنية عليا..ولهذا كله كنت ترى التعايش والحوار بلسان نقي وطيب وحرية الصحافة بمعناها الحقيقي والمهني ومثلها العظيمة..
واليوم اختلطت الأمور لأن الأحزاب سمعت بالتداول السلمي للسلطة وحرية الرأي والرأي الآخر...ونظروا إليها من زاوية ضيقة.
ولأن قيادات الأحزاب هذه التي نشأت ونمت تحت وطأة الشمولية والنظرية الشمولية فمن الطبيعي أن تتمسك بتراثها الثقافي والفكري وتحاول تتمشى مع الجو الذي تريد من خلاله الحصول على المكاسب السياسية.
أغلب الأحزاب هي أصلاً لا تؤمن بالديمقراطية والدليل على ذلك غياب الممارسة الديمقراطية في سلوكه الداخلي ..فقبل الوحدة بسنتين كانت هناك قيادات أصبحت فيما بعد قيادات حزبية،فآنذاك كانت تندد بالحزبية وتعتبر الحزبية خارجة عن الدين والأخلاق والقيم، وقيادات أخرى كانوا يؤمنون بالشرعية الثورية وأن الخروج عن الشرعية الثورية هو انتماء للغرب..وكانت الممارسة الثورية في النظام الشمولي هو الحفاظ على الثورة والقيم الأخلاقية والقيم الوطنية وعندما جاءت الديمقراطية كمنحة بعد الوحدة بدون مطالبة، فجأة أصبح الناس ديمقراطيين بحكم هذه المنحة وبدون تعمق في المفهوم الديمقراطي الحقيقي وربطه بالقيم والثوابت الوطنية الموجودة..
تاريخ وسلوك شخصي مشوه
ويضيف سلام بأن التاريخ والسلوك الشخصي للقيادات يلعب دوراً في تغييب الممارسة الديمقراطية داخل الحزب ويشوه مفاهيمها في التعاطي مع الديمقراطية العامة قائلاً:
نسمع نحن الآن من يدعي الديمقراطية ويطالب بها وتاريخه الشخصي بعيد كل البعد عن الديمقراطية فكيف يصبح هذا ديمقراطياً..لأن الديمقراطية قيم وثقافة وممارسة فكرية وسلوكية يجب أن تنعكس أولاً على السلوك الحزبي الداخلي وعلى السلوك الشخصي والتعامل الاجتماعي ويجب أن ترتبط بالقيم والثوابت الوطنية حتى نستطيع ننتج تجربة ديمقراطية يمنية عميقة لها أبعاد حضارية ووطنية.
حزبيون غير ديمقراطيين
من جانبه يؤكد الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن الحالة توصف بوجود حزبيين ليسوا ديمقراطيين وإن إشكالية الأحزاب تتمثل في افتقارها للثقافة الديمقراطية الحقيقية إذ يقول:
نحن لدينا أحزاب ولكن ليس لدينا ديمقراطيون في هذا الإطار بمعنى أن الأحزاب كمؤسسات حديثة وتصنف أنها ضمن مؤسسات المجتمع المدني ومؤطرة للصراع السياسي.. الإشكالية في اليمن أن الأحزاب السياسية تفتقر للثقافة الديمقراطية..وللأسف نحن نحتاج إلى تغيير الثقافة الديمقراطية في إطار البيئة المجتمعية في إطار النظام السياسي وفي إطار النظام الحزبي، وهذه إشكالية...إذاً لدينا مؤسسات حزبية وليس
ثقافة ديمقراطية ، هناك للأسف ثقافة نفي الآخر وعدم التسامح تجاهها...هناك للأسف محاولة غير بريئة من قبل الأحزاب تحميل غيرها غالبية مثالب الثقافة السياسية السائدة.. إشكاليتنا أن الأحزاب في اليمن سواء في إطار كل حزب أو في إطار العلاقة البينية داخل النظام الحزبي تفتقر للثقافة الديمقراطية.
وظائف غائبة
ويشير الظاهري إلى أن من نتائج ذلك عدم قيام الأحزاب السياسية بأدوارها وواجباتها المفترضة تجاه المجتمع والوطن وتجاه نفسها وكوادرها أيضاً إذ يقول:
الديمقراطية ليست شعاراً يعلن وليست مقراً حزبياً وصحيفة توزع أسبوعياً، فالديمقراطية هي مبادىء وقيم وأيضاً نهج سياسي وحزبي فالثقافة الحزبية الموجودة حالياً هي ثقافة غير ديمقراطية، ثقافة ثأرية ثقافة غير تغييرية، ثقافة متخلفة..ونحن ندرس طلابنا في التحليل السياسي في العلوم السياسية أن من وظائف الأحزاب التنشئة السياسية وتعليم الناس التسامح تجاه الآخر وتعزيز ثقافة التكامل الوطني والتكامل القومي وأن تكون حلقة وصل بين الحاكم والمحكوم، وإضفاء الشرعية على النظام السياسي وهذه الوظائف للأسف ليست متواجدة سواء في إطار النظام الحزبي أو في إطار الحزب ذاته..فهناك فجوة بين القيادات وبين الكوادر في إطار كل حزب وهذه إشكالية أخرى..والقرار الحزبي قرار غير مؤسسي لأنه قرار غير ديمقراطي وهناك قرار غير مؤسسي في إطار المؤسسة الحزبية الواحدة أي في إطار الحزب أو التنظيم السياسي الواحد..وهذه إشكالية أنه لا توجد مؤسسية حزبية لا توجد ثقافة مؤسسية داخل الحزب الواحد...وهناك فجوة ما بين القيادات العليا في الحزب وبين الكوادر أو أفراد الحزب الأمر الذي ينعكس سلباً على أدائها الانتخابي..
وهذه الإشكاليات مرتبطة بثقافة سائدة.. فالأحزاب في بلادنا عجزت عن أن ترسخ الثقافة الديمقراطية في إطار كل حزب وفي إطار علاقتها البينية مع الأحزاب الأخرى وهذه هي الإشكالية الحقيقية.
حالة غير سوية
وعن المفترض القيام به للنهوض بالحالة الحزبية يقول الظاهري:
نحن نحتاج من أحزابنا أن تبدأ الخطوة الأولى تجاه الديمقراطية انطلاقاً من إطارها الداخلي في إطار كل حزب أن تفعل نظامها الأساسي ونظامها الداخلي وبرنامجها السياسي، لأن هناك حالة غير سوية سياسياً .. إن الحزب له برنامج سياسي يتحدث كثيراً عن الديمقراطية ولغته السياسية وتجده يتحدث في برنامجه عما ينبغي أن يكون لكن الحركة والفعل والممارسة منطفية تماماً لا تؤطر سلوكها السياسي ولا تلتزم بما هو معلن من مفاهيم ديمقراطية.
نحن نحتاج إلى أن نتمثل أولاً الثقافة الديمقراطية في إطار أحزابنا نحن نحتاج إلى أن يتحول الحزب من متغير تابع إلى متغير مستقل في تغيير هذه الثقافة السائدة المجتمعية وفي إطار النظام السياسي وفي إطار النظام الحزبي..والأزمة الحقيقية التي نعيشها أنه لدينا حزبية تفتقر إلى الديمقراطية الداخلية.
ثقافة غير حوارية
وعزا الظاهري الانعكاسات السلبية لغياب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب بالقول:
الإشكالية الكبرى التي تعيشها الأحزاب أن ثقافتها غير حوارية غير ديمقراطية وتحولت الحزبية كمؤسسة للتطوير السياسي إلى غاية للأسف..فصار لدينا أشكال ومبادىء سياسية تعلن ولا تمارس داخل الحزب الواحد..فالعقل الحزبي والسياسي يرفع شعارات ومبادىء ديمقراطية ولكنه بمنأى عن ممارستها، يتبرأ منها في سلوكه السياسي وفي حركته السياسية..وهذه الإشكالية الحقيقية التي جعلت الأحزاب تعيش حالة انفصام بين ما ينشره في برامجه وصحفه وبين الممارسة والحركة والفعل وهذه أزمة تعيشها الأحزاب بشكل عام.
بين الأدلجة وغيرها
أما الدكتور محمد الفقيه أستاذ علم الاتصال السياسي ورئيس مركز قياس واستطلاع الرأي العام فيحدثنا عن تأثير الفكر الايدولوجي المتشدد وتغييب الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب حسب تقسيمه لها إلى ايدولوجية وغير ايدولوجية..ويقول:
المتأمل في الممارسة الديمقراطية داخل الأحزاب سيجدها منعدمة، فالقيادات قيادات تاريخية مستمرة منذ قيام الوحدة اليمنية إلى اليوم..ولتقييم هذه الإشكالية علينا أن نأخذ التصنيف النوعي للأحزاب من حيث تقسيمها إلى نوعين أيديولوجية وغير أيديولوجية فالأحزاب الأيديولوجية مثل مجموعة الأحزاب الناصرية مثل البعث أو الاشتراكي أو الإخوان المسلمين (الإصلاح) أو غيرها من الأحزاب التي بنيت على أيديولوجية معينة..والمتأمل في هذه الأحزاب يجدها أنها أكثر الأحزاب في إطار الحالة اليمنية تشدداً وافتقاراً للتطبيق الديمقراطي في تكويناتها الحزبية وفي قياداتها.
وهذه الأيدلوجية انعكست على التطبيق الديمقراطي داخل هذه الأحزاب..وسأعطي أمثلة على ذلك ففي إطار هذه الأحزاب وجدت بعض من القيادات الشابة التي كان يؤمل أن يكون لها دور بارز في المستقبل في إطار هذه الأحزاب وتسربت هذه الكوادر من أحزابها..وعندما تسألهم ما السبب عند خروجهم يقال لك بإجابة واحدة خرجنا بسبب أنه لا يقبل النقاش ولا يقبل رأي أحد..
في إطار الأحزاب الأيديولوجية النقاش مرفوض التنفيذ مطلوب الالتزام الحزبي عالي الولاء الحزبي عال أياً كان حتى وإن كان لك وجهة نظر مختلفة..وبالتالي لم تشهد هذه الأحزاب تغييرات جذرية في إطار تكويناتها أو قياداتها..
تمكين المرأة
ويتحدث الفقيه عن وضع المرأة داخل الأحزاب كوجه آخر لتخلف الأحزاب ديمقراطياً في تكويناتها الداخلية.
أعطيك مثالاً آخر فيما يتعلق بالمرأة في إطار هذه الأحزاب التي دائماً ما تنادي بضرورة تمكين المرأة وضرورة تفعيل دور المرأة في إطار الحياة العامة والسياسية لكن عندما تأتي إلى التكوينات القيادية لهذه الأحزاب تجد أن المرأة مجرد صوت ناخب وأن المرأة مجرد تكوين حزبي صغير لا يرقى إلى صناع القرار في هذه الأحزاب.
الحقيقة أن المؤتمر الشعبي العام ليس ببعيد عن هذه الأحزاب ولكنه أقلها من حيث إنه تنظيم غير أيديولوجي ولذلك فهو أكثر الأحزاب ديمقراطية أو تطبيقاً للديمقراطية في إطار تكويناته الداخلية وفي إطار تمكين المرأة من الوصول إلى مراكز متقدمة في إطار التكوينات المختلفة.
حالة فريدة
وبالرغم من كل ما سبق لا يرى الفقيه انعدام جوانب مضيئة تتميز بها التجربة الديمقراطية اليمنية الفريدة التي يجب أن نعتز ونفتخر بها رغم وجود مساوىء وممارسات خاطئة قابلة في نفس الوقت للتصحيح والتطوير إذ يقول:
بالرغم من كل ذلك فإن الحالة الديمقراطية اليمنية حالة تعطي انطباعاً جيداً من حيث كونها حالة فريدة في العالم العربي أفضل بكثير جداً من تجارب أخرى كالتجربة الكويتية التي تشهد تبايناً في تمكين المرأة حتى من دخول البرلمان ومن ممارسة المرأة للحياة السياسية داخل الأحزاب..
كما أن التجربة اليمنية هي أفضل حالاً من التجربة الديمقراطية في لبنان لأنها ليست قائمة على مبادىء طائفية وتقسيمات مناطقية ومذهبية فالحالة اليمنية حالة فريدة يستطيع الإنسان اليمني أن يفخر بها ولكننا لازلنا نطمح إلى أن تتحول الأحزاب اليمنية خاصة الأحزاب الايدولوجية من إطار الأقوال إلى إطار الأفعال..فإذا كانت تنادي بمزيد من الديمقراطية والإصلاح السياسي فلتبدأ بنفسها لأن فاقد الشيء لا يعطيه..لا يمكن أن تنادي بإصلاح سياسي وأنت في أطرك التكوينية لازلت غير قادر على تطبيق الديمقراطية عملاً وقولاً وفعلاً..لا يمكن أن تنادي بإصلاح سياسي وأنت لا تعطي للرأي الآخر مكاناً في إطار تكويناتك التنظيمية لا يمكن أن تنادي بإصلاح سياسي وأنت لا زلت تعمل بمبدأ الصفقات السياسية ولا تحتكم إلى الصندوق وإلى الرأي العام وإلى الشارع الذي يعطي كل حزب فعلاً حجمه الحقيقي.
مثال للتحديث
ويهيب الفقيه بالأحزاب إلى التمثل بتجارب متميزة حققت فيها بعض الأحزاب تطوراً بعد تحديثها إذ يقول:
فاقد الشيء لا يعطيه ولذلك نحن نهيب بكل الأحزاب السياسية اليمنية أن تعمد إلى التطور والتغير والتجدد ومسايرة العصر ولنا مثل في تنظيم الإخوان المسلمين الموجود في تركيا الذي تغير من بعد نجم الدين أوربكان وتحول إلى حزب مختلف تماماً استطاع أن يقنع الشارع التركي وأن يقنع العالم والرأي العام العالمي والعربي وأن يقدم نموذجاً لمواكبة العصر ونموذجاً للأحزاب التي لا تقف عند بعض القواعد الجامدة التي لا تستوعب متغيرات العصر ولا تطوراته..نريد هكذا أحزاباً ولا نريد أحزاباً يظل يحكمها أمين عام من أربعين سنة أو خمسين فهذه الأحزاب مليئة بالقيادات الشابة وبالكوادر المؤهلة، الممارسة للعمل السياسي وآن الأوان لتولي زمام المبادرة إذا ما أرادت هذه الأحزاب أن تقنع الرأي العام وتكون فعالة في الحياة السياسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.