إن رمضان اليوم لايختلف عن رمضان الأمس كثيراً، وذلك لأن جوهر رمضان هي عبادة الصوم وتميزه بإقبال الصائمين على الأعمال الصالحة.. ابتداءً بالمحافظة على الصلوات في أوقاتها جماعة في المساجد ولذلك ترى المساجد في رمضان غيرها أيام الفطر.. وتزدان المساجد بالعباد وقراء القرآن وحتى عادات الأكل والنوم تختلف في رمضان عن بقية الشهور من حيث التوقيت وكذلك الأصناف.. فتكون الموائد عامرة بأصناف غير معتادة في غير رمضان مثل “الشفوت الشربة المهلبية الرواني والقطايف السلطات والمخللات الحامضة.. إلخ. ومما يتفق بين الأمس واليوم خروج الناس إلى النزهة الدورة بعد صلاة العصر إما إلى خارج مدينة ذمار سربه هران حمام علي وادي زبل قاع شرعة أو بالتنزه داخل المدينة والتجول في الأسواق حيث تفتح شهية الصائمين على الحلويات والمشويات كباب - كبدة والتمور.. وقد يذهب البعض إلى البساتين المنتشرة بكثرة داخل المدينة القديمة جوار كل مسجد وذلك لشراء الخضروات التي لاتغيب عن موائد رمضان. رمضان اليوم لازالت كثير من عادات وخصائص رمضان الأمس موجودة ومحافظ عليها وذلك لأن رمضان يتميز بالأصالة والمحافظة حيث يرتبط بعبادة وقد يختلف رمضان اليوم في بعض العادات أو بإضافة الأكلات إلى مائدة رمضان السنبوسة الجيلي الكراميل المعكرونة البسبوسة وغيرها من الأصناف والحلويات التي لم تكن معروفة في رمضان الأمس. ومما يختلف فيه رمضان اليوم عن الأمس أن مجالس رمضان الأمس وأسماره كانت حافلة بالذكر والعلم والأدب وسرد القصص القرآنية وسير الأنبياء الصالحين ولا تخلو من الفكاهة والتندر وكانت تلك الأسمار والمجالس منتشرة في كل حي وحارة في مدينة ذمار القديمة وفي مراكز النواحي والقرى المحظوظة بوجود عالم أو فقيه متوسع. وتستمر المجالس والأسمار إلى نصف الليل ثم ينقلب معظم السمار إلى رحاب المساجد للقيام الصلاة، وقراءة القرآن فتجد المساجد كخلية نحل من كثرة الرواد بين قائم وساجد وراكع وقارىء مرتل. أما في رمضان اليوم فقد أخذ التلفزيون الكثير للمشاهدة ومتابعة المسلسلات والمسابقات.. وندرة مجالس وأسمار العلم والأدب وكادت المساجد تخلو من عباد وقراء الأسحار!! لكنك تلمح عودة إلى الله من الشباب والرجال والنساء والفتيات يتجلى ذلك في إقبال الكثير على صلاة التراويح في المساجد والتي لم تكن موجودة في رمضان الأمس .. أو بالأصح لاتقام جماعة في المساجد في مدينة ذمار ولا في نواحيها.. وذلك لأن المذهب لايقول بتاديتها جماعة.. وكذلك صلاة القيام التهجد في العشر الأواخر من رمضان فإنك ترى المساجد في العشر الأواخر مزدحمة بالقائمين الساجدين بل إن بعضها كما في قبة داديه وسط المدينة القديمة يصلي القائمون في الشوارع المجاورة. وكذلك بالنسبة للنزهة الدورة بعد العصر لازلت موجودة ولكن الكثير يمتطون السيارات ويصطحبون الأبناء والبنات إلى ضواحي المدينة.. أو إلى منتزه هران ومنتزه الملعب الرياضي.. رمضان الأمس كان مميزاً في النزهة دورة بعد العصر بالأهازيج التي يرددها الرجال بطريقة شيقة وهم متماسكون يؤدون خطوات على إيقاع الأهازيج ومما أذكر من تلك الأهازيج الحمد الله الذي يعلم بما لانعلمه الواحد الأحد الصمد سبحانه ما أعظمه. مستفعلن .. مستفعلن مستفعلن .. مستفعلن ويبقى المشترك بين الأمس واليوم .. التوجه إلى الله عز وجل بالعبادة والأعمال الصالحة . وطلب الرحمة والغفران والعتق من النيران. * عضو جمعية علماء اليمن