للنفس إقبال وإدبار، ونشاط ونفور ماروضها المسلم عليه هو هدي رسول الله “صلى الله عليه وسلم” فتعطي النفس حقوقها من المباح وتستوفي حظوظها من الطاعة، وترك القيود أقوى للنفس وأيسر لها فلا عبادة مخصوصة إلا بما ورد بها الشرع الحكيم والألبسة مخصوصة كذلك وكذلك الجلسة والنوم والأكل والأوراد والنوافل وتخصيص بعض الأوقات ببعض العبادات والتكاليف بما لم يرد مشقة وعنتاً، واغتنام نشاط النفس فقه جليل وتركها عند الخمول والكسل هدي نبيل فمثلاً في قراءة القرآن تجدد النفس أساليبها فمرة سراً ومرة جهراً ومرة نظراً ومرة غيباً ومرة ليلاً ومرة نهاراً وعلى حسب القوة والرغبة قلة وكثرة. تنقل النفس في رياضة بلا قيد طليقة من التحديد والتضييق على لون واحد يعين النفس على الاستمرار والإشراق والإفساح. عظم منزلة المسلم وعلو درجته في الجنة لا في الدنيا فليكن هذا مطلبه دائماً وخصلتان هما روح الإيمان ووقوده: الذكر والفكر وشرف الوقت بقيمته عند الله تعالى لا عند الناس والعلم أوسع من أن يحاط به فلننظر فيما لابد منه ومن كان على أجوده فالأهم ثم المهم ومن خرج إلى الناس بما عنده من علم وترك الزيادة دائماً فذلك بداية النهاية يقولون: إن من علمته بلسانك لا يتعلم أبداً فلابد من الفعل مع القول ثم لابد من التكرير والملازمة والإعادة والمداومة فإن كلمة المرء ليست مستقرة ساعة في السحر وساعة في الصباح وساعة في المساء جلسات روحية تفيض سكينة وأمناً وبركة ونوراً فقد قال “صلى الله عليه وسلم”: أغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا”. إذا خالطت العوام فتغافل عن سقطاتهم وإياك إياك من تجريح الأشخاص: اجعل رجاءك دون يأسك جنة حتى تزول بهمك الأوقات واستر عن الجلساء بثك إنما جلساؤك الحساد لك شمات فالهم ليس له ثبات مثلما في أهله ما للسرور ثبات لولا مغالطة النفوس عقولها لم يصف للمتيقظين حياة ما أرق ساعة! يخلو فيها المسلم مع كلام الله وأحاديث نبيه فيذكر الموت ويسكب عبرات التوبة ودموع الإنابة، ومن له همة عالية.. ومقصد نبيل فليحفظ ذلك في قلبه ويكتم سره ثم يعمل ولا يثنيه لومة لائم أو إغراء مغرٍ أو مراعاة أحد. احرص على أن تكون ثيابك نظيفة وجسمك نظيفاً ورائحتك زكية وهيئتك منظمة وجدد التوبة كل يوم فربما كانت آخر توبة وإياك وطول الأمل والله الله في الإخلاص ليكفيك القليل من العمل ولتكن سريرتك نقية فإنه ما أسر أحد سريرة إلا أبداها الله على صفحات وجهه وفلتات لسانه وقف مع الحق دوماً فقد قال أحد السلف: لأن أكون ذنباً في الحق أحب إلي من أن أكون رأساً في الباطل.. اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.