قال الرئيس السوري بشار الأسد إن بلاده تتعرض اليوم لمؤامرة كبيرة خيوطها تمتد من دول بعيدة وأخرى قريبة لها بعض الخيوط داخل البلاد, لافتاً إلى ان هذه المؤامرة تعتمد في توقيتها وفي شكلها على ما يحصل في الدول العربية من ثورات وإصلاحات تنادي بالحرية. جاء ذلك في خطاب ألقاه الرئيس الأسد بمجلس الشعب أمس كان موجهاً إلى الشعب السوري وتناول فيه القضايا الداخلية والأحداث الأخيرة في سوريا والمنطقة ويأتي بعد يوم واحد من قبوله استقالة حكومة محمد ناجي عطري والتي كلفها بتسيير الأعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة. وحذّر الأسد في خطابه من تداعيات الخلط بين ثلاثة عناصر هي الفتنة والإصلاح والحاجات اليومية للمواطن, مبيناً ان الفتنة تغلبت على العنصرين الآخرين وبدأت تقودهما وتتغطى بهما ما سهل عملية التغرير بالكثير من الأشخاص الذين خرجوا في البداية عن حسن نية. ورأى أن ما حصل في سوريا مؤخراً لا علاقة له بالإصلاح وخاصة بعد أن ظهرت أعمال التخريب للمنشآت والقتل, مشدداً على ضرورة وأد الفتنة باعتبارها واجباً وطنياً وأخلاقياً وشرعياً.. وأكد الأسد أن البقاء من دون إصلاح للبلد أمر مدمر “ولا يمكن لنا البقاء دون إصلاح” مشيراً إلى ان “التحدي الذي تواجهه سوريا الآن يكمن في نوع الإصلاح الذي نريد ان نصل إليه وعلينا ان نتجنب إخضاع عملية الإصلاح للظروف الآنية”. وأوضح أن حزمة الإجراءات التي أعلن عنها يوم الخميس الماضي وخاصة قانون رفع حالة الطوارىء وقانون الأحزاب سيتم عرضها على النقاش العام للقيادة القطرية لحزب البعث وعلى المؤسسات المعنية ريثما تطبق. وأشار إلى ان الإصلاحات الأخرى المتعلقة بتعزيز الوحدة الوطنية ومكافحة الفساد والإعلام وزيادة فرص العمل سيتم الإعلان عنها قريباً بعد الانتهاء من دراستها وستكون من أولويات الحكومة الجديدة. ووصف الأسد التحولات التي تشهدها المنطقة بأنها تحولات “كبرى وهامة” وستترك تداعياتها على كل المنطقة من دون استثناء وربما الدول العربية أو أبعد من ذلك.. معتبراً ان ما حصل يعزز وجهة النظر السورية ويعبر عن إجماع شعبي في المنطقة يبعث على الارتياح “سواء كنا نوافق أو لا نوافق على كثير من النقاط”.. وأوضح أن الحالة الشعبية التي كانت مهمشة لعقود عادت إلى قلب الأحداث في المنطقة وستكون لها عدة تأثيرات, مشيراً إلى ان “الآمال في رأب الصدع العربي تصبح أكبر بالنسبة لنا في التحولات الجديدة وخاصة ان استمرت هذه التحولات في الخط الذي رسمت على المستوى الشعبي لكي تحقق أهدافاً معينة”.. وعبّر عن الاعتقاد أن هذه التحولات ستؤدي إلى تحويل مسار القضية الفلسطينية التي سارت عليه خلال عقدين على الأقل من مسار التنازلات إلى مسار التمسك بالحقوق, معتبراً كل ما يحصل “إيجابياً” في مقدماته. وقال ان “سوريا ليست بلداً منعزلاً عما يحصل في العالم العربي فنحن جزء من هذه المنطقة نتفاعل ونؤثر ونتأثر ولكن نحن في سوريا لدينا خصائص ربما مختلفة أكثر في الوضع الداخلي وفي الوضع الخارجي”. وشدد الرئيس السوري على ضرورة الوقوف على أسباب ما حدث في محافظة درعا والمتسببين والتحقيق والمحاسبة, مؤكداً ان نزف الدماء يجب ان يكون من أجل ضرب الفتنة وليس من أجل تأجيجها. إلى ذلك وتعليقاً على كلمة الرئيس السوري بشار الأسد اعتبر رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري أنها تشكل “الحركة التصحيحية الثانية بقيادة الرئيس الأسد بعد الحركة التصحيحية الأولى التي قادها الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد”. ولفت إلى أنه “في الأولى، وضع الرئيس الراحل الأسس لسوريا المنيعة حصن وبوصلة العرب، ومسطرة قياس الموقف السياسي من قضايا الأمة، وفي الحركة التصحيحية الثانية يضع الرئيس بشار أسس سوريا الحديثة، سوريا حضن الحرية والمشاركة والديموقراطية المصنوعة وطنياً، ودولة الحقوق المدنية، ودائماً قلعة المقاومة والممانعة”. وشدد على أنه “الآن تزداد ثقتنا بالاستقرار في سوريا، وهو الأمر الذي يزيد من ثقتنا بأنفسنا وبموقفنا الثابت المعلن ان استقرار سوريا ضرورة وحاجة عربية ولبنانية على وجه الخصوص”.