كم من الأسئلة كثيرة .. تلك التي نضعها في حياتنا دون أن نجد جواباً شافياً وفي مجملها نبحث عن المتهم المجهول الذي ينتج في كل يوم شكلاً جديداً من صور مأسينا يضيف إلى قائمة الألم ألم جديد وطوال زمن مضى بقي المتهم المجهول يسرح ويمرح في مساحتنا، فيما نحن نستقبل مع كل إطلالة يوم جرحاً آخر مصحوباً بدموع يجدد حمرانها موضع الجراح غير القابل للاندمال من مسرح الحياة المقترن بالحقيقة المرسومة في حدقات عيوننا نبعث بمشاهد قصتنا عبر سطور إلى قارىء.. لانود منه التحسر عما حدث لصاحب الحكاية وإنما الوقوف أمام أسبابها ودوافعها ليكون رسولاً إلى كل أب وشاب وطفل. وتوعيتهم في أمور ينتجها شيطان مجهول ليتركها تقع بين أيادي الأبرياء من أطفالنا تصنع فيهم إعاقة تتوطن في مدامع آبائهم وتكون أكثر قساوة عندما يكون الضحية هنا مصاباً بداء الفقر،فإنه حتماً سيقع بين أيادي منكرين من ذوي الرسالة المغيبة،فيضاعفون من مساحة الألم إنها قصة طفل ولج إلى مرحلة الشباب ولكن بأمل مغيب. أحلام يغتالها المجهول ليس هناك من يستطيع أدراك ما تخفيه له الأيام التالية من حياته، أو لغيره ولكن لدينا وبالذات نحن الآباء قدرة على إيصال المعلومة أي كان بمافيها التحذيرية إلى أبنائنا وحتى طلابنا إن كنا مدرسين لنقيهم بإيصال رسالتنا المعلوماتية إليهم عن الكثير من تلك الأمور التي يجهلونها فيذهبون إلى التعامل معها. إما ببراءة طفل بقصد اللعب بها أو لأسباب أخرى مرتبطة بالظروف الاقتصادية فتكون الكارثة أنور علي فاضل الطفل الذي أحرمته الأقدار مبكراً من حنان ورعاية أبيه وإن كانت هناك أياد وقلوب أكثر حناناً ترعاه،فإن لدور الأب مساحة أكبر يفتقد الطفل قدر فراغها وهو الذي لايزال يبحث بين كراريس كتبه المدرسية عن درب مستقبله الآتي وللمدرسة مطالب كثيرة قد لاتقل بأهميتها عن بعضها،فالمصروف المدرسي عند الطفل يوازي بدرجة أهميته كل ما تتضمنه حقيبة كتبه لذلك وجد الطفل أنور أنه بحاجة إلى وسيلة تغطي مصروفاته المدرسية، فذهب يبحث عنها ليجدها في تلك المخلفات من العلب الخاصة بالعصائر والمشروبات المختلفة ليجمعها مع الآخرين من أصدقائه الأطفال وقبل أن يقوموا ببيعها بسعر 120 ريالاً للكيلو.. يتم ضمها عبر دقها بحجر أنور كان سعيداً في ذلك اليوم بما جمعه من تلك العلب وهو يوم 112007م ليجلس إلى جوار ما جمعه ويبدأ في ضرب العلب بالحجر التي حملها بيده.. كانت جميعها تهشم بضربة أو ضربتين من يده،فيما هذه العلبة كانت مختلفة بشكلها وثقلها، ذهب أنور يوجه ضرباته إليها لكنها صلبة وضعها بين قدميه يثبتها ويكرر محاولته .. كانت تلك الضربات تزيد من الضغط الداخلي وهو الطفل الذي تدفعه براءته على الإصرار في هزيمتها وهو إصرار لم يكن موفقاً كونه مقترناً بجهل المعلومة المسبقة فيما قد تحمله مثل هذه العلب التي قد يستبقه إليها شيطان من البشر فيصنع مكيدته فيها ويرميها دون أدنى ضمير بما قد تخلقه مكيدته الشيطانية. كان أنور المسرور بتلك الكمية التي جمعها ليضمن بها مصاريف مدرسته لأيام قادمة يجهل ما تخفيه تلك العلبة القاتلة التي انفجرت بين قدميه لتتركه جسداً معدوداً تغطيه الدماء خافية تحت لونها مكامن الإصابات لتحمله الأيادي في اتجاه المستشفى. شيطان آخر يختصر المسافة في المستشفى حط المسعفون أنور وتم إيداعه بين ما يسمى بحاملي الرسالة الإنسانية،ولكونه طفلاً من شريحة الفقراء الذين يفتقدون قدره توفير مايطلبه أولئك الذين تنكروا لرسالتهم منذ تجردت ضمائرهم لصالح المال.. لم يجدوا من وسيلة تحد من إيقاف تدفق الدماء من إصاباته التي شملت قدميه ويديه واختصاراً لوقتهم اللعين ذهبوا إلى تلبس ثوب الجزارين دون تردد وبمناشيرهم ومداهم قاموا باستئصال القدمين واليدين ليتركوا الطفل. أنور مجرد من كل أطرافه في وقت لم يكن يلخص أحد أن الطفل قد فقد إحدى عينيه تماماً فيما العين الأخرى التي احتفظت بشيء من الغش الخارجي لها لم تجد من أولئك الجزارين من يلتفت إليها لتذهب هي الأخرى في الطلعة. أيام كانت جريمة الجزارين تتسع بمضاعفاتها وقد أصيبت مواضع القدمين واليدين المتبورة بالتقيحات لم تجد أسرة أنور من وسيلة تحد من تلك التداعيات الصحية لابنها غير اللجوء إلى أهل الخير لإيقاف معاناة ابنهم،فكان مستشفى السعيد هو موقع التصحيح والتطبيب لتلك الأخطاء التي ارتكبها جزارو مستشفى الثورة بتعز أنور الذي يبلغ اليوم 18 عاما كان قد درس حتى الثامن أساسي قبل أن تصيبه تلك العلبة الغادرة ليجد نفسه اليوم حبيس الجدران فاقداً قدرة الحركة أو النظر إلى ما يدور حوله غير تلك الأيادي الرحيمة التي منى الله له فيها من أفراد أسرته وهي تقوم بعملية رعايته ومتابعة شؤونه اليومية، ليكون خير من يكتب لها أجر عند الله. دعوة لقلوب رحيمة الشاب أنور ذلك الإنسان القابع في ظلمة الحياة بفعل من اختار طريق الشيطان،فيما ابتذره بطريق طفل بريء كان يبحث عما يغطي مصروفاته المدرسية بعد أن غادره من كان يغطي حاجته بتلك المصاريف إلى ربه كما أنه وقع ضحية من نأتمنهم على أجسادنا وحياتنا،لكنهم اختاروا طريقاً خالف رسالتهم فما رحموا طفولة بريئة فذهبوا لتجريدها من كل رسائل الحركة والخدمة الذاتية المرتبطة بالجسد،وما تركوا من شيء إلا قطعوه ومزقوه،ليكون في الشاب أنور كثير من الدروس التي تعلم المرء قبح الروح الإنسانية عندما تتجرد من ضمائرهم لتصنع في حياة الآخرين دمعة ألم لا تتوقف بنزيفها،ولكن بقدر تلك المساحة من القبح التي يضمرها بعض البشر هناك قلوب رحيمة لاتمتلك في ذاتها وضميرها غير حب الناس وعمل الخير من أجلهم. ونحن هنا ندعو أولئك الخيرين كانوا بصندوق رعاية المعاقين أو من أهل الخير إلى استلهام طريق هو أحب عند الله من بناء مسجد لينال الشاب أنور مساعدتهم في تقديم أطراف مناعية لقدميه ويديه تمكنه من الحركة والانتقال في مساحة اعتاد يوماً أن يكون فيها إضافة إلى كونه يحلم أن يعيش حياته بشكل طبيعي يذهب من خلالها نحو أعمال دراسته الثانوية والجامعية،وهي فكرة يحببها لديه أولئك المدرسون والطلاب الذين كان يوماً بجوارهم في مدرسة عمار بن ياسر ولايزالون يواصلون زيارتهم له فيبعثون في نفسه الأمل بالحياة فهل تنهض بذوي الخير.. أحاسيس المواقف الإنسانية فيذهبون بخيرهم إلى من دعوناهم لعونه، ليعيش بروح الأمل نسأل الله ذلك.