الاسم: زينب بنت محمد بن أحمد بن حسن بن علي بن داود. القرية : شهارة. القرن الذي عاش فيه العلم :12ه - 18م تاريخ الوفاة : 1 - 1114 ه - 6 - 1702 م المؤيدية، الحسنية؛ مولدها ووفاتها في مدينة (شهارة) من بلاد عمران. عالمة، شاعرة، أديبة، متصوفة. درست علوم النحو، والمنطق، والأصول، وعلم النجوم، والفلك (الرمل)، والسيمياء -علم الروحانيات- وبرعت في الأدب، حتى صارت من شعراء عصرها. ترجمها (محسن بن الحسن أبو طالب) في كتابه (ذوب الذهب)؛ فقال: “كانت أعجوبة الدهر في الفضل والعفاف، وبدائع الأوصاف، ولها القصائد المطولة اللطاف”. تزوجها الأمير (علي بن إسماعيل بن القاسم)؛ فأحبته، ولم يحبها، وفارقها؛ فكتبت إليه تعاتبه: إن الكرام إذا ما استُعطفوا عطفوا والحر يغضي ويهفو وهو يعترفُ والصفح خيرٌ وفي الإغضاء مكرمة وفي الوفاء لأخلاق الفتى شرفُ والعفو بعد اقتدارٍ فعلُه كرمٌ والهجر بعد اعترافٍ فعله سرفُ عاقب بما شئت غير الهجر أرض به فالهجر فيه لإخوان الهوى تلفُ ثم تزوجها الأمير (علي بن أحمد) أمير مدينة صعدة، وفارقها؛ فكتبت إليه: أهكذا كل من قد ملَّ يعتذرُ ويعقب المدح ذمٌّ منه مُبتكرُ أما أنا فلقد حمَّلتني شططًا بالأمر والنهي فيمن ليس يأتمرُ ما كان قصدي لكم إلاَّ موازرة والسعي في الخير جهدي لستُ أعتذرُ فمنك جاءت ولم ترثِ لمغتربٍ لم ينهه عنك لا زيدٌ ولا عُمَرُ سريت ما غرني حقا سوى قمرٍ ولستُ أول سارٍ غرَّهُ قمرُ وترجم لها المؤرخ (يوسف بن يحيى) في كتابه: (نسمة السحر)، فقال: “فاضلة بالأدب في عصابتها، ونظمت ما اشتبه حسنًا بقلادتها، فهي ثالثة القمرين في المعارف رابعة، خلا أنها حلت صهوات الفضل، وإن كانت شمسًا في السابعة، لم يدر شعرها، أم وجهها، أم حليها أجمل؟! وكانت عالمة، أخذ عنها جماعة، ولمحبتها علم السيميا والروحانية، عكفت على (المندل) في علم الروحانيات، وتصوفت، وكان آخر من تزوجته (طالب بن المهدي) وكان أسْوَدَ، ففارقها بطلب منها”. كتبت مرة إلى الأمير (موسى بن إسماعيل بن القاسم)، تطلب منه كتاب: (القاموس)، فقالت: مولاي موسى بالذي سمك السما وبحق من في اليمِّ ألقى موسى امنُن عليَّ بعارة مردودةٍ واسمح بفضلك وابعث القاموسا ولها، تطلب من بعض الأصدقاء مجموعة شعرية بعنوان (السفينة): فؤادي في بحار الحب راسِ ونفسي في مراسيه رهينه فأنقذ مهجتي مما أقاسي وبادر لي فديتك ب(السفينه) وترجمها المؤرخ (أحمد بن محمد بن الحسن الحيمي) في كتابه: (طيب السمر)؛ فقال: “شريفة مصونة ودرة فخارٍ مكنونة، توشحت بنجوم السجايا سماء كمالها، وأسفرت فيها بدور المعالي عن يمينها وشمالها، وأقر الله بها في الأدب عينه، ورزقها من الظرف ما لا تذكر معه سُكينة، ولها يواقيت كَلِم تَتِيهُ على يواقيت الأحجار بالفخر، ولآلئ ألفاظ تعد عندها كلمات (الخنساء) منحوتة من صخرٍ، فهي (ولاَّدة) الزمان، إلا أنه لم يبتذل حجابها، فإنها في العفة بلغت مبلغًا يكادُ معه أن لا يتصل بها أرحامها وأربابها، وقد وقفت لها على ترسل وإنشاء، مع خطٍّ هو سلاسل السبح، يفوح من ريحانه المطلول، متضوع الأرج، وعلى الجملة فهي لكمال خصالها؛ تكاد أن لا تُعَدَّ من ربات الحجال، ولتعدد أسباب الفضائل في ذاتها، تفضل على كثير من الرجال”. ومن شعرها إلى بعض الأعيان تعاتبه: ما بال أخلاقك تلك الحسان يا بهجة النادي ونور المكان تنكرت من بعد تعريفها والحال ما امتاز بعد البيان أين الصفا والخلق المرتضى حين التداني والزمان الزمان؟ وحين همّ زوجها الأول (علي بن إسماعيل بن القاسم) بمفارقتها، كتب إليها يقول: لا أنتمُ مني ولا أنا منكمُ قد كنت أعتقد الوفاء وكنتمُ لا تسألوا الورقاء عني إن شَدَتْ سحرًا فإني لستُ أسأل عنكمُ فأجابت عليه بقولها: كونوا كما شئتم فأنتم أنتمُ مني الوفاء وفيتمُ أو خنتمُ العبد عبدُكمُ مطيعٌ سامعٌ ولئن عدلتم لست أعدل عنكمُ ولها في حديث “الأرواح جنودٌ مجندة” قولها: رُوَاةَ العلمِ أفتونا جميعًا أحقا جاء في الخبر الصحيح بأن شواهد الأرواح بعضٌ إلى بعضٍ بسر الغيب توحي جنودٌ فاختلاف وائتلافٌ أريحوا بالجواب الصدق روحي ولها في تفضيل مدينة (شهارة) على مدينة صنعاء قولها: يا من يفضل صنعًا غير محتشمٍ على شهارة ذات الفضل عن كمل شهارة الراس لا شيء يُماثلها في الارتفاع وصنعا الرِّجلُ في السَّفَلِ أليس صنعاء تحت (الضهر) معْ (ظُلعٍ)؟ أما شهارة فوق (النحر) و(المُقَلِ) و(ضهر)، و(ظُلع): واديان في الغرب الشمالي من مدينة صنعاء، أما (النحر): فأحد أبواب شهارة، و(المقل): عين ماء أسفل منه. كانت قصة حبها لزوجها الأول عميقة الأثر على حياتها، فلجأت إلى العزلة والتصوف في آخر أيامها؛ حتى ماتت. وقد كتب عنها بتوسع الأستاذ (عبد السلام الوجيه) كتابًا بعنوان: (زينب بنت محمد الشهارية)، الصادر عن مؤسسة دار التراث اليمني، ضمن سلسلة أعلام النساء في اليمن، الطبعة الأولى عام: 1411ه/1991م.