أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان المبار ك شهر الخير، شهر التوبة والغفران، شهر التسامح والمحبة، غير أن هذا الشهر الكريم يأتي هذا العام في أوضاع مأساوية يعيشها المواطن اليمني جراء تفاقم الأزمة السياسية والتي انعكست سلبا على مستوى معيشته في مختلف الجوانب الحياتية، حيث تنعدم مختلف المشتقات النفطية من حوالي أربعة أشهر وتباع في السوق السوداء بأضعاف أضعاف أسعارها الرسمية. حيث وصل على سبيل المثال سعر اللتر البنزين إلى حوالي ستمائة ريال، وكذلك مختلف المشتقات النفطية وهو ما أثر تأثيرا مباشرا في ارتفاع أجور المواصلات وارتفاع مختلف أسعار المواد الغذائية والمحصولات الزراعية، وإغلاق العديد من الأفران الخاصة بصناعة الخبز, وكذلك إغلاق العديد من المطاعم والبوفيهات وانضمام عمالها إلى رصيف البطالة، إلى جانب انقطاع الكهرباء إلى أكثر من 22ساعة في اليوم الواحد وما يسبب ذلك من تعطل الكثير من الأعمال التجارية والصناعية وتلف كميات كبيرة جدا من المواد الغذائية والأدوية التي تحتاج إلى درجة برودة معينة، وكذلك انقطاع المياة عن العديد من الأحياء في مختلف ارجاء العاصمة صنعاء التي يصل عدد سكانها إلى اكثر من اثنين مليون ونصف المليون نسمة منذ عدة أشهر، مما أدى إلى ارتفاع أسعار وايتات المياه إلى حوالي عشرة آلاف ريال بحجة انعدام المشتقالت النفطية، وهو ما ضاعف من الأزمات الحادة التي يعيشها المواطن. احتكار ومتابعة ورغم الزيارات الميدانية التي يقوم بها المهندس هشام شرف عبدالله وزير الصناعة والتجارة منذ تعيينه على رأس هرم هذه الوزارة لمتابعة حركة السوق ومدى توفر المواد الغذائية، وذلك لتحقيق استقرار نسبي لأسعار المواد الغذائية إلا أن ذلك لم يتحقق حتى الآن حيث ما زالت مختلف أسعار المواد الغذائية والأساسية تشهد ارتفاعا غير مسبوق بسبب الاحتكار، وأيضا تحت مبرر انعدام المشتقات النفطية وفي المقابل ارتفاع أسعارها في السوق السوداء إلى أضعاف أضعاف أسعارها الرسمية، رغم تأكيد كبار التجار وأصحاب المصانع في اجتماعاتهم مع وزير الصناعة والتجارة بعدم ارتفاع الأسعار من لديهم وتأكيداتهم بأن أسعارهم لم تتغير رغم الأزمة السياسية وما صاحبها من انعدام للمشتقات النفطية وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة جدا في اليوم الواحد. وفي الموضوع ذاته يقول عبدالرحمن عثارب وهو صاحب بقالة بأنه يبيع السلعة بثمن ويشتريها اليوم التالي بثمن أكثر ارتفاعا من نفس التاجر أو من غيره، كما أن أجور المواصلات ارتفعت بشكل غير مقبول مقارنة بما كانت عليه في شهر يناير من هذا العام؛ الأمر الذي يتسب له في الكثير من المشاكل مع زبائنه. أما الدكتور سمير محمد وهو دكتور صيدلي فيقول: حقيقة أسعار مختلف الأدوية ارتفعت ضعف ما كانت عليه سابقا وذلك بسبب ارتفاع أجور المواصلات بشكل جنوني، وكذلك بسبب انقطاع التيار الكهربائي لا سيما وأن هناك العديد من الأدوية بحاجة ماسة إلى حفظها في الثلاجات لحفظها من التلف، وقال: لا شك أن هذا الأمر يضاعف من معاناة العديد من المواطنين والمرضى، لكن نأمل أن تتجاوز بلادنا هذه الأزمة، وأن يلتقي الجميع عند قواسم مشتركة بدلا من الغرور وذلك مراعاة للظروف الصعبة التي يمر بها المواطن اليمني. الاتفاق هو الحل وتقول خديجة محمد إنها قامت بشراء العديد من السلع الغذائية بأسعار مرتفعة حيث ارتفعت على سبيل المثال العلبة السمن إلى ستمائة ريال والقطمة السكر عشرة كيلو إلى ثلاثة آلاف ريال والعلبة الحليب إلى أربعة آلاف ريال، وكذلك ارتفعت أسعار القمح والدقيق إلى حوالي سبعة آلاف ريال، ولم نستطع شراء المواد الغذائية الأخرى بسبب ارتفاع أسعارها ونفاذ ما بحوزتها من نقود. وتقول المواطنة خديجة إن هذه الأزمة ضاعفت بشكل كبير من الأوجاع التي نعاني منها منذ زمن واليوم حالنا لا يسر عدوا أو حبيبا؛ لذلك يجب أن يتقي الله كافة الفرقاء السياسيين وأن يضعوا حسابا لهذا الشعب الذي يموت يوميا بسبب صراعاتهم وذلك من خلال جلوسهم على طاولة واحدة لبحث الحلول المناسبة للخروج من هذه الأزمة فالشعب اليوم ضحية لمشاكلهم الشخصية، صحيح هناك فساد في مختلف القطاعات وجميعنا ضد الفساد ونطالب بتغيير الأوضاع وانتقال اليمن إلى مستوى أفضل، لكن المعالجات يجب أن تتم بعيدا عن الأضرار بمصلحة المواطن، فلا يجب أن نعالج مشكلة بمشكلة أكبر، وتقول بصوت يملؤوه الحرقة.. الشعب اليوم يموت من الجوع والعطش والخوف وانعدام الأمن والاستقرار فلا تجعلونا ضحية لمشاكلكم الشخصية. كارثة مجاعة إلى ذلك كشفت دراسة ميدانية صدرت حديثا عن دخول عشرات الآلاف من الأسر اليمنية مرحلة الجوع وعدم قدرتها على الوفاء بمتطلبات الغذاء الأساسية، وحذرت من كارثة غذائية جراء انعدام المشتقات النفطية وانقطاع الكهرباء وارتفاع أسعار السلع والخدمات بشكل مخيف. ووفقا للدراسة التي أعدها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي فإن أسعار القمح والدقيق والسكر واللبن والحليب ومشتقاته ارتفعت بنسب تترواح بين 40 % و60 %، بينما زادت أسعار مياه الشرب النقية بنسبة 202 % وأسعار النقل 60 %. في حين قفزت أسعار البنزين والديزل والمازوت وغاز الطبخ بنسبة تتراوح بين 400 % و900 % متجاوزة الأسعار العالمية بكثير وقال المركز الذي أعد الدراسة إن هذه الارتفاعات السعرية خلقت صعوبات جمة لوصول الغذاء أمام ملايين الفقراء. وعقب نشر الدراسة توالت تحذيرات العديد من المراقبين الاقتصاديين الذي يعتقدون أن استمرار الضائقة الاقتصادية قد يؤدي إلى مجاعة تفوق نظيرتها التي حدثت بالصومال في تسعينيات القرن الماضي. قلق من التضخم من ناحية أخرى قال مسؤول في صندوق النقد الدولي إن التضخم في اليمن قد يرتفع إلى 30 بالمئة هذا العام بسبب الاضطرابات الحالية التي تشل اقتصاد البلاد وأضرار في خط أنابيب نفطية تضغط على الإيرادات الحكومية الضعيفة أصلا. وفي ظل الأزمة المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر أصبح الاقتصاد اليمني على شفا الانهيار؛ إذ يواجه اليمنيون نقصا في الوقود والمياه والكهرباء. وقال حسن الأطرش رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى اليمن لرويترز “الوضع خطير، النشاط الاقتصادي أصيب بالشلل.” وأضاف: “نحن قلقون جدا بشأن التضخم ... نعتقد أن التضخم قد يصل إلى 30 بالمئة في 2011.” وقال الأطرش “الأزمة السياسية نالت من الاقتصاد.. الآن نعتقد أن النمو الاقتصادي سيكون رقما سالبا هذا العام.” وذكر أن العجز في الميزانية اليمنية قد يرتفع الى نحو عشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وهو أعلى بكثير من 6.4 بالمئة الرقم المتوقع في ابريل وأربعة بالمئة في العام الماضي. وقال محللون إنه قد يقفز الى 17 بالمئة وهو مستوى لم يسجل منذ الحرب الأهلية في 1994. وأشار الأطرش بأن البنك المركزي لم يطبع حتى الآن نقودا أكثر من اللازم وهو أمر ضروري لإبقاء التضخم تحت السيطرة وللمحافظة على قيمة الريال اليمني وعلى احتياطيات العملة الأجنبية. مضيفا بأن صندوق النقد الدولي مستعد لتقديم مساعدة مالية جديدة لليمن عند انتهاء الأزمة السياسية. وأردف: إنه من السابق لأوانه التكهن بحجم أي مساعدة. وقال “صندوق النقد مستعد لمساعدة اليمن من خلال تقديم قروض جديدة حالما تحل الأزمة السياسية، وتكون الأحزاب قادرة على تنفيذ برنامج إصلاحات ينسجم مع النمو الشامل وانخفاض التضخم وانخفاض الفقر”. وذكر الأطرش أن صندوق النقد وافق على قرض بقيمة 370 مليون دولار لليمن في أغسطس الماضي، لكنه لم يصرف إلا دفعة واحدة قدرها حوالي 50 مليون دولار.