من الأمور التي نغفل عنها في حياتنا كثيرا إرجاع أمورنا التي نخفق فيها إلى الله عز وجل، والأشد من ذلك هو عندما نجعل المولى عز وجل آخر الأسباب التي نتوكل عليها في حياتنا، فنبحث عن كل الأبواب حتى إذا سدت دوننا توجهنا إلى الله بعد ذلك!. فلماذا لا نبدأ بطرق باب المولى عز وجل في كل أمورنا حتى إذا لم يكتب التوفيق لنا سلمنا له الأمر وقلنا (الخير فيما اختاره الله أو خيراً إن شاء الله أو قدر الله وما شاء فعل)؟، لماذا لا نرددها دائماً عندما يحدث لنا أمر خارج عن إرادتنا؟ ،و هل فعلاً نتقبل ذلك الشيء وإن كان مكروهاً في المال أو الولد أو الأهل أو النفس مثل (مرض، خسارة مال، موت قريب، حبيب.. الخ)، هل نتقبل ذلك الحدث بشكر الله والصبر على ما ابتلانا به ونقول: (الخير فيما اختاره الله أو خيراً إن شاء الله أو قدر الله وما شاء فعل) بنفس راضية وإيمان عميق أم نتبرم من قدر الله ونجزع على ما أصابنا فنخسر مرتين (مرة فيما قدره الله علينا) والأخرى خسارة (أجر الصبر والشكر)؟. يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له)، هذا هو حال المؤمن الحقيقي، الذي يشكر ربه عندما يعطيه ويمنحه من فضل جوده وكرمه ولا يتعالى ويتكبر على الناس بل يزيد تواضعاً لله ويحسن للفقراء والمساكين مما أفاء الله سبحانه وتعالى عليه، ويعلم أن ذلك ليس بحسن تدبيره أو بقوته أو بذكائه وجهده بل هو توفيق من رب العالمين سواء كان ذلك في رزق يسوقه له أو صحة ينعم بها عليه أو أولاد يرفعون ذكره. ولقد تعجبت كثيراً من حال أحد العاطلين عن العمل عندما تقدم لشغل وظيفة عامل تنظيف المراحيض في شركة مايكروسوفت، دعاه مدير القسم للمقابلة، وفي نهاية المطاف قال له: بأنه قد قبل في الوظيفة، وبرجاء أن تترك لنا عنوان بريدك الالكتروني لكي نرسل لك تفاصيل عقد العمل الشخص العاطل عن العمل، فرد بنوع من الخجل بأنه ليس لديه بريد الكتروني ولا يملك كومبيوتراً في البيت! ليرد عليه المدير: إن لم يكن لديك بريد الكتروني فهذا معناه بأنك لست موجوداً، وبما انك لست موجوداً فمعناه إنك لا تستطيع العمل عندنا. يخرج الرجل مستاءً، لكنه وفي لحظة من لحظات التذمر والتضجر تذكر أن تذمره وتضجره لن يفيده في شيء وما عليه إلا أن يتوجه لمن بيده أمر كل شيء متيقناً أن الخير فيما اختاره الله وأن الدنيا لم ولن تقف عنده ففي طريقه يشتري كيلو واحداً من الفراولة بكل ما يملك (10 دولارات) ثم يبدأ بطرق الابواب ليبيعها، وفي خلال ساعتين يربح 20 دولاراً، يكرر العملية لثلاث مرات في ذلك اليوم. يدرك الرجل بأن العملية ليست بتلك الصعوبة، واستمر على حاله يذهب من الصباح الباكر ليشتري اربعة أضعاف الكمية من الفراولة ليبيعها، و بعد فترة قصيرة من الزمن اشترى دراجة بخارية ومن ثم شاحنة، و في النهاية يؤسس شركة محترمة. وبعد خمس سنوات أصبح واحداً من ملاك أكبر مخازن المواد الغذائية في الولاياتالمتحدةالامريكية، وبدأ يفكر بالمستقبل وفكر بأن يؤمن على الشركة لدى أكبر شركات التأمين، وناقش مع مسؤول التأمين في شركته حول القضية، وفي نهاية المناقشة سأله موظف التأمين عن عنوان بريده الالكتروني، فرد عليه بأنه ليس لديه بريد الكتروني، فقال موظف التأمين مستغرباً: إنه أمر لا يصدق لقد بنيت مؤسسة كبرى في 5 سنوات وليس لديك بريداً إلكترونياً؟!. ويتساءل موظف التأمين: تصور ماذا كان سيحدث لو كان لديك بريد إلكتروني؟ يجيبه الرجل بكل عفوية: كنت سأكون منظفاً للمراحيض في شركة ميكرو سوفت!!! ومن خلال العنوان لا أقصد فعلاً أن لا يكون لديك بريد إلكتروني بقدر ما هو مطلوب منك أخي القارىء أن لا يكون البريد الالكتروني أو غيره عائقاً أمامك وأمام طموحك في الحياة طالما أنت مسلّم أمرك لله عز وجل في طموحك، والمؤمن كما هو معروف إن أصابته ضراء صبر فلا يتبرم مما قدره الله عليه ولا يوسوس له الشيطان بأن لو عملت كذا لما حدث لك كذا ولو عملت كذا لحدث لك كذا، إذ أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.