تعد جائزة المرحوم الحاج هائل سعيد أنعم للعلوم والآداب تجربة متميزة في الارتقاء بالفكر والإبداع، فقد خلقت حراكاً علمياً وثقافياً وإبداعياً يتجدد باستمرار، ساهم في إثراء الساحة العربية وتعمل على تشجيع البحث العلمي، وتخريج وتطوير جيل من العلماء والمختصين في ميادين العلوم الطبيعية والأساسية والتطبيقية.. وتاريخياً تعتبر الجوائز الأدبية والثقافية هي في الأصل غربية المنشأ فلم يهتم الوطن العربي ككل بأمر الجوائز إلا عن قريب، فالدول الأوروبية حققت نهضتها الحديثة عندما منحت الجوائز، ومن الجدير بالذكر معرفة أن العالم يمنح كل ساعة شخصاً جديداً جائزة أدبية مختلفة، ورغم ذلك فلكل هذه الجوائز جاذبيتها ورونقها.. ونظراً للمكانة التي تمثلها الجائزة رأينا أن نستعرضها منذ انطلاقتها وتحليقها في آفاق النخبة.. إطلاق الجائزة حرصاً من مؤسسة السعيد على رعاية العلم والعلماء وتخليداً لذكرى المرحوم الحاج هائل سعيد قرر مجلس إدارة المؤسسة إنشاء الجائزة، حيث بدأ الإعلان عنها في العام 1997م بدعوة كافة الباحثين والعلماء والمفكرين في الجامعات ومراكز البحوث والأفراد داخل اليمن والعرب المقيمين خارجياً للمشاركة في الترشح للجائزة. الأهداف تهدف الجائزة إلى الإسهام المباشر بالبحث العلمي في اليمن والوطن العربي وتنشيطه وإعداد وتطوير قدرات العلماء المتخصصين والمبدعين وإبراز عملية الإبداع العلمي والفكري والأدبي وخلق المنافسة بين الباحثين والعلماء. وعند انطلاق الجائزة فتحت خمسة مجالات للتنافس هي: العلوم الطبية والعلوم البيئية والزراعية والإنسانية والاجتماعية والعلوم الإسلامية والعلوم الاقتصادية. وبعد عامين وضمن دورة الجائزة الثالثة أضيف مجال جديد هو الإبداع الأدبي، وفي الدورة العاشرة للجائزة عام 2006م أضيف مجالان آخران هما مجال علوم الهندسة التكنولوجيا ومجال الآثار والعمارة، كما تم إضافة مجال التربية إلى جائزة العلوم الإنسانية والاجتماعية. معايير وشروط تتيح المعايير الموضوعية التي تعتمدها الجائزة الفرصة لكل عالم أو مفكر أو باحث لديه دراسة علمية أو أدبية أصيلة التقدم والتأهل لنيل الجائزة وفق معايير دقيقة ونزيهة. لجان التحكيم تشكل لجان التحكيم العلمية للجائزة بمجالاتها المختلفة من ذوي الاختصاص من الباحثين اليمنيين والعرب والأجانب من حملة الشهادات العليا، بدرجة أستاذ، أو من المشهود لهم بالكفاءة والخبرة الطويلة في مجالهم العلمي والإبداعي ويتصفون بالموضوعية والعدالة في الحكم والتقويم. والجائزة لها أهمية خاصة كونها خضعت لأدق معايير التحكيم من حيث القيمة العلمية والأصالة المعرفية، تحت إشراف نخبة من خيرة المحكمين والأكاديميين لتحقيق أعلى درجات النزاهة والحفاظ على المصداقية والثقة التي ترسخت عن الجائزة منذ انطلاقها. كما حرص مجلس أمناء الجائزة ولجنة تحكيم الجائزة على تطبيق معايير صارمة ورصينة ونزيهة لاختيار الفائزين بالجائزة، تم صياغة محدداتها بعد مراجعة العديد من الجوائز المماثلة، إضافة إلى استنباط بعض معايير منح الجائزة، كما تمسك مجلس الأمناء و اللجنة إلى تطبيق معايير منح الجائزة بحيادية ونزاهة كاملتين على جميع المشاركين في المنافسة للفوز بالجائزة. مجالات الجائزة تنوعت وتطورت مواضيع الجائزة فقد ركزت على قضايا ومواضيع تهم المجتمع وتناقش معايشتهم لها وتقديم الحلول العملية والممكنة لهذه القضايا. ففي مجال العلوم الطبية ركزت الأبحاث التنافسية على الأمراض السارية في اليمن ووفيات الأطفال ودراسات عن الحمى الروماتيزمية والفشل الكلوي وداء السكر. أما في مجال العلوم البيئية والزراعية فناقشت الأبحاث حماية المدرجات الزراعية والثروة المائية وآثار القات على الزراعة. وفي مجال العلوم الاقتصادية تناولت البحوث الوحدة الاقتصادية العربية وواقع القطاع الخاص بين الطموح والعولمة واتساع دائرة الفقر والتكامل الاقتصادي بين دول الخليج. فيما ركز مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية والتربوية على التربية المهنية والتعليم الفني والتقني والانفجار السكاني وقضايا الأحداث وضعف مستوى التعليم ومعالجة قضايا الثائر. وتم التنافس في مجال العلوم الإسلامية حول الإسلام وتنظيم الأسرة وإعلام الفكر والتراث الإسلامي ودور القرآن الكريم في إصلاح المجتمع. كما تناولت بحوث الإبداع الأدبي الأعمال الإبداعية المختلفة كالقصة والرواية والمسرح وتاريخ الأدب اليمني في عصور مختلفة كعصر بني رسول والعصر الإسلامي، فضلاً عن أدب الطفل وتطرقت البحوث إلى الأبعاد الاجتماعية في التجربة الشعرية اليمنية والتحولات الاجتماعية في اليمن من خلال الأدب القصصي. بينما ظلت مواضيع مجال الهندسة التكنولوجية محدودة نظراً لحداثة إضافة هذا المجال للجائزة، فقد تناولت الأبحاث التنافسية منذ إضافته في الدورة العاشرة دور تكنولوجيا الاتصالات في التنمية. أما مجال الآثار والعمارة فقد اهتمت الأبحاث بالتراث المعماري وقدم أول بحث عن الحفاظ على التراث المعماري اليمني والآخر حول العمارة الطينية في اليمن. 48 باحثاً في منصة التتويج ترشح لنيل الجائزة عدد كبيرة من الباحثين منذ عام 1997م حيث بلغ عدد المتنافسين 536 متنافساً بينهم 24 من النساء، وقد تبوأت الدورة الثالثة للجائزة المرتبة الأولى من حيث عدد المترشحين. وقد فاز بالجائزة خلال دوراتها المختلفة 43 باحثاً. صندوق السعيد للبحث العلمي أولت مؤسسة السعيد البحث العلمي اهتماماً خاص حيثاً، أنشأت صندوق السعيد للبحث العلمي عام 2002م بهدف تلبية حاجات موضوعية ملحة، ويهدف الصندوق إلى دعم البحث العلمي وتشجيعه في الجامعات والمؤسسات والمراكز العلمية من خلال دعم الباحثين والمتخصصين والأكاديميين على إجراء البحوث العلمية في مجالات متعددة والمشاركة في إنشاء مشاريع بحوث علمية محددة، كما أن للصندوق لجنة تعمل على رسم سياسة عامة للتنسيق والتعاون مع الجهات المعنية بدعم البحث العلمي. معايير صارمة ولعل أهم ما تميزت به جائزة السعيد للبحث العلمي هو دقة المعايير الموضوعة لاختيار الفائزين بالأبحاث المقدمة، حيث تولي المؤسسة ممثلة بلجان التحكيم اهتماماً بضرورة أن تلبي الأبحاث المقدمة المواصفات والمعايير الموضوعة سلفاً، وفي سبيل ذلك لا تتوانى في رفض أو حجب الجوائز في أي مجال من مجالات الأبحاث العلمية إذا لم ترتقِ الأبحاث للمستوى المطلوب، ولذلك نالت الجائزة مصداقية كبيرة نظراً لانتهاجها هذا النهج العلمي النابع من الإيمان بحتمية أن تكون للبحث فائدة مجتمعية ووطنية وإمكانية لتطبيقها على الواقع اليمني، وإلا فما الفائدة من أبحاث لا تؤتي أكلها ولا تخدم المجتمع.