أصبحت الضرورة تفرض نفسها لوضع برنامج طويل المدى للرقي بالإدارة والإشراف الذي يؤدي إلى وضع السجون اليمنية تحت إشراف مدني وتدريب الموظفين ليصبحوا أكثر مهارة وفقاً لنظام تدريبى على أسس علمية، تربط بين التدريب وتغيير السلوك والفعالية في مجال حقوق الإنسان, وأن يكون أداة للتطوير الشخصي، وكذا الرقي بمعاملة السجناء إلى مستوى إنساني أفضل من خلال الأنشطة الهادفة والعمل ذي الفائدة والتعليم والأنشطة الثقافية والرياضية والفرص المتاحة لممارسة الشعائر الدينية وإيجاد آليات التظلم، مع تطوير نظام الرقابة من قبل هيئات مستقلة، وإشراك منظمات المجتمع المدني في إدارة السجون، وإقامة مراكز للبحوث والمعلومات، وإيجاد آلية رصد دائمة لتقييم استراتيجية تطوير المؤسسات السجنية في اليمن مع إصلاح نظام العقوبات برمته وإيجاد نظام القياس العلمي للأداء في كافة المجالات. ولضمان القضاء على سوء المعاملة للسجناء فإن الأمر يتطلب أن تتمتع السجون بإدارات جيدة وشفافة وزيادة جهودها من خلال نشر الوعي الذي يؤدي إلى الحد من ثقافة العنف وسوء المعاملة من خلال جملة من الأنشطة، منها إصدار الملصقات والبروشورات وإصدار كتيب كدليل عمل وإيصال رسائل في اللقاءات مع الموظفين مع محاسبة المتورطين منهم بعد ذلك، إضافة إلى تحسين واستكمال البنية التحتية وإدارة الخدمات الطبية لتحقيق أهداف أن تكون الرعاية الصحية للسجناء على أساس ما هو لغيرهم من المواطنين وعندما يكون هناك خلاف بين مصلحة السجين ومصلحة الإدارة تكون الأحقية لصحة السجين واحترام السرية الطبية وضرورة إصلاح المؤسسات السجنية النسوية “مع إعطاء أهمية لأمهات الأطفال وفقاً لما جاء في القانون”، وتحسين الرعاية للأحداث داخل السجون من خلال جملة من الإجراءات, أهمها ألا يكون القصد داخل السجون، ورفع مستوى سن المسئولية الجنائية، مع إيجاد بدائل لمؤسسات سجن الأحداث وتحسينها عند الضرورة. وتشكو السجون اليمنية من صعوبات حالية منها: الإحجام عن العمل في السجون لانعدام الحوافز والامتيازات حيث تحدث القانون عن الواجبات والعقوبات فقط، أغلب الموظفين الحاليين غير مؤهلين، وانعدام برامج التأهيل والتدريب، ونقص العاملين الحاليين كماً وكيفاً، وتعدد الجهات المشرفة على حراسات السجون والنظرة المجتمعية القاصرة. ولمعالجة القصور فلا بد من التوسع في بناء المحاكم لمواجهة القضايا المتراكمة، ومعالجة حالة القصور داخل السجون بسبب الازدحام والعاملين غير المدربين والنظر للسجون بأنها مرآة للفوضى في المجتمع خارج السجن أو الإهمال من جانب الإدارات المشرفة وندرة التدريب المناسب للموظفين، وكذا معالجة بعض مظاهر السجون والتعاون بين إدارة السجون والسجناء، والتعامل مع جماعات أو أفراد خارج السجون، وقصور نظام إدارة التموين وتوفير الحاجيات في السجون، وهذا يتطلب دراسة أسباب الفوضى والفساد التي يكمن بعضها في ضعف الأجور التي يتقاضاها الموظفون والعاملون فيها حتى إنهم أصبحوا في بعض الأوقات في ظروف أسوأ من ظروف السجناء, إضافة لضعف الموارد المخصصة لمدراء السجون مما يجعلهم يتغاضون عن الكثير من الأخطاء أو الإهمال الذي يقوم به العاملون, خوفاً من حصول ردود أفعال سلبية يقومون بها بالتعاون مع السجناء، وهو ما يستلزم دعماً من أعلى المستويات للنظام السجني وتطبيق القانون داخل السجون، وضرورة التغيير نحو إجراءات أكثر أماناً، والرصد والرقابة المستقلة للنظام السجني، والقضاء على أسلوب رد العنف بالعنف كمعاقبة ضحايا العنف من السجناء دون معاقبة المذنبين الحقيقيين، ونقل السجناء من مثيري الشغب دون مراعاة للأصول القانونية واعتقالهم بشكل منعزل لفترات طويلة، وزيادة الاستحكامات الأمنية حتى لا تؤثر في الصحة النفسية بشكل عكسي أو اللجوء إلى استخدام القيود, بل ينبغي أن يكون التعامل بشكل إيجابي مع الجماعات التي تتشكل داخل السجون بحيث يؤدي ذلك إلى جعل تلك الوسيلة مناسبة للعيش داخل السجن والحماية من العنف ومحاولة تفريق الزعامات إلى أماكن متفرقة واستخدام السجن الانفرادي لبعض أفراد الجماعات واتخاذ تدابير تربوية لإلغاء ثقافة الجماعات وتعويضها بأخلاقيات أخرى وإشراك المجتمع المدني في وضع الحلول. وقيام مصحة السجون ببناء سجون احتياطية للمحبوسين احتياطياً الذين يعتبرون أبرياء حتى يثبت العكس وفقاً للقاعدة الدستورية والقانون اليمني، لإيوائهم فيها أو من خلال تفعيل الإجراءات التي يقوم بها رجال الضبط والنيابة المتمثلة في سرعة التحقيق والإحالة إلى المحاكم والقدرة على نقل المتهمين إلى المحاكم للبت في قضاياهم. وكذا زيادة القدرة الاستيعابية للسجون وفقاً للقانون، وخفض عدد السجناء في السجون من خلال اتباع جملة من الإجراءات أهمها إعادة النظر في نظام العدالة الجنائية، وتحديد فئات السجناء ومدة العقوبة والأهداف المتوخاة منها، وتفعيل نقاشات عامة وسياسية عن الجريمة والعدالة، وإصلاح القانون الجنائي من خلال إدخال البدائل عن الحبس ووضع إطار جديد من الأحكام يعتمد على صدور الحكم بالسجن لمدة قصيرة وتعزيز اعتماد الإفراج المبكر أو المشروط. وتطوير وتعديل القانون ليشمل القضايا الرئيسية التي شملها القانون الدولي والمتعلقة بنظام إنشاء السجون “الأمنية” والمعايير الهندسية لها بما يتوافق وجعلها بيئة سجنية آمنة، والتشريع الواضح لعملية إدارة السجون والإشراف عليها، وأن يشمل القانون نظام العمل في السجون بشكل واضح على قاعدة المهنية والكفاءة ونظام التدريب في كافة المراحل ونظام الحوافز التي تجعل الوظيفة رغبة يؤديها المنتسب ويحقق من خلالها الأهداف التي يطمح إليها في حياته العملية، وأن يتم التشريع في القانون واللائحة التنفيذية بشكل مباشر وواضح للمسائل المتعلقة بالرعاية الصحية والتعليم والتدريب والعمل وعدم تركها للوائح أخرى أو للاجتهادات كما هو الأمر حالياً. والاهم إصلاح القانون الجنائي من خلال إدخال بدائل عن الحبس وإطار جديد من الأحكام يعتمد السجن لمدة قصيرة وتعزيز اعتماد الإفراج المبكر أو المشروط وتطوير المؤسسات السجنية يفرض تطوير نظام الرقابة من قبل هيئات مستقلة، وإشراك منظمات المجتمع وآلية رصد دائمة لتقييم استراتيجية التطوير.. بل إن الأمر يتطلب إعادة النظر في هيكلة وتنظيم السجون كما هو الحال في إعادة هيكلة الجيش والأمن، باعتبار السجون إحدى مكونات المؤسسة الأمنية.