الريف عدو الماديين ، هكذا نجد ماركس يتحدث عن “غباء الحياة الريفية” لكن الإنسان ذات الروح والجسد ، الإيمان والعلم ، الثقافة والحضارة ، تجد ان كراهيته للبقاء في المدن بشكل دائم ،إنما يعبِّر عن رد فعل جواني بداخل الإنسان ، فالمدينة بمقومات الحضارة المادية اصبحت تساعد الإنسان بالعزلة على كونه آلة ، وتشكّل عامل انهيار للثقافة بوصفها خلقاً مستمراً للذات الإنسانية والفن الذي يكون به الإنسان إنساناً حسب تعريف بيجوفيش لها . في القرية تصبح اكثر ارتباطاً بالروح والحرية الجوانية ، وتستغرق في التأمل الذي يعد بالنسبة للفيلسوف إسبينوزا أرقى شكلاًوهدفاً للأخلاق . المدينة نقيضة للتأمل على درجة كبيرة ، وبقد ما تتميز الحياة المدنية “التعلم” فهي طاردة للتأمل ، اي بإمكان المدينة ان تشجّع على المخرجات “النيوتينية المادية المجردة “ لكهنا لن تنتج سقراطياً واحداً . كان سقراط عندما يستعصى عليه إيجاد حل لأمر ما ، يظل يتأمل لأيام ويفكر حتى يجد ضالته .. في القرية يستطيع الإنسان ان يكون إنساناً ، هكذا تتطرب روح الإنسان للجبال المكسوة بالخضرة والينابيع والعصافير والمواشي والزراعة والنبات ، تذهب لحضور الفلكلورات الفنية وعادات الأعراس الريفية والرقص واصوات الكتاكيت وحكايات الجدات وقراءة الكتب .. في المدينة يمر الشهر وربما اشهر ولا تتمكن من قراءة كتاب واحد ، لكن القرية ستساعدك خلال شهر على قراءة ، هموم الفكر والوطن لحسن حنفي والنظام الأبوي وتخلّف المجتمع العربي لهشام شرابي وأشواك لسيد قطب وينتهي ببداية الفصل الأول من كتاب السلطة المذهبية لوائل حلاق . هكذا يفقد الإنسان جمالية الحياة الثقافية الفنية الروحية بالريف وهو وسط جلافة صنعاء... . المدينة التي تكتظ بالصحافة البلهاء والعسكر والمرافقين وكتب التنمية البشرية والطبخ وعذاب القبر وطرق.