بانتهاء الحوار والانتخابات القادمة ستتگشف گل الأوراق الديمقراطية بما رافقها على مستوى الممارسة من صعوبات تعتبر منجزاً عظيماً ارتبط بإعادة تحقيق الوحدة بل إنها محتوى الوحدة اليمنية على اعتبار أن الديمقراطية هي المشاركة السياسية في صنع القرار وجوهر الدولة المدنية، ويتجسد تطور ممارستها في ظل أحزاب قائمة على شروط وأركان مدنية.. الأحزاب السياسية ماذا قدمت من أجل الحفاظ على الوحدة وخدمة الممارسة الديمقراطية السلمية وتعزيز النهج الديمقراطي؟. د. صلاح المقطري - القيادي في الثورة الشبابية - يوضح في هذا اللقاء رؤيته لدور الأحزاب في الحفاظ على الوحدة وإنجازاتها وهل استطاعت أن تكون بمستوى مهام التحديث، وقد بدأ حديثه قائلاً: صراع حزبي باستثناء إنجازات الفترة الانتقالية بعد 22 مايو 1990م لم نحقق آمالنا المرتبطة بالوحدة سواء باتجاه الديمقراطية أو في اتجاه التنمية المنشودة. ففي الفترة الانتقالية ساد صراع حزبي وصراع بين قوى تقليدية وتقدمية، وكان امتداداً لتآمر من قبل إعلان الوحدة؛ لأن هناك قوى كانت تعارض الوحدة في الأصل خوفاً على مصالحها وبعد الوحدة أظهرت عداوتها التقليدية للقوى التقدمية التي كانت تحكم في الجنوب ومنظومتها، وهي التي كانت تحمل الفكر التحديثي، وإن هذه القوى التحديثية لا تمتلك أدوات حقيقية لممارسة فكرها على أرض الواقع، وكان لجوؤها للوحدة عاطفياً أكثر مما كان على خطط وأسس مدروسة، مما أفقدها القدرة على المضي بمشروعها إلى الأمام وتجسيده في واقع دولة الوحدة. حرية الرأي أما القوى التقليدية فقد استطاعت إجهاض هذا المشروع؛ لأنها تعرف ماذا تريد؟ فالاتفاق الديمقراطي الذي أوجدناه كان متنفساً لجميع أبناء اليمن، وشهد الجميع ما اتسمت به الفترة الانتقالية من حيث حرية الرأي وحرية التعبير والتعددية السياسية، وصولاً إلى الانتخابات النيابية في عام 97م، وظهرت خلال هذه الفترة انتقادات حتى لشخصيات قيادية عليا وشخصيات كانت تدعي أو يشار إليها بأنها ذات قداسة.. هذا الزخم الديمقراطي الذي شهدته اليمن بعد الوحدة سرعان ما تبدد نتيجة حرب 1994م وبقيت بعض الأشياء الشكلية وجرى تعديل متلاحق على الدستور تحت مبرر احتواء وثيقة العهد والاتفاق على مضمونها وبما يمثل 70 % من محتوى الوثيقة، لكن التعديلات في مجملها لم تحدث تغييراً حقيقياً كالالتزام بتحديد فترة رئاسة الجمهورية بدورتين انتخابيتين، ما يعني أن هناك قوى تفردت بالحكم. آثار اتفاق الوحدة وقال د. صلاح: يمكن الحديث عن نوع ما من أنواع الوعي الديمقراطي ونوع من التأثير الإيجابي على تطور الأحداث في العامين الأخيرين، يمكن أن يقال إنه مثل رافعة للتغيير الذي قادته الثورة الشبابية بمعنى الوعي بأنه لا يوجد حاكم إلى الأبد ولا يوجد توريث، وهذه كانت من ضمن آثار اتفاقية الوحدة والديمقراطية، هذه الأثار لازالت مستمرة وإن خفتت فقد وجدت فيها بعض القوى الوطنية ومن خلالها طريقاً للنضال، وإن كانت النتائج ليست بالمستوى المطلوب إذا كانت الأحزاب والتنظيمات السياسية أقرب إلى كونها هشة إلا الحزب التقليدي الذي كان أكثر تنظيماً وقادراً على تغيير أدواته بسرعة في إطار المعارضة، ومن ثم مناورة النظام في التأثير على الشارع وتركيبة هذا الحزب ليست مدنية بشكل متكامل، ولكنها خليط من قوى تقليدية وقوى تبحث عن المدنية وقوى دينية وقوى تجارية وغيرها جعلته يتقدم إلى الأمام، إلا أنه لا يمكن أن يكون معبراً عن جميع تطلعات وهموم المجتمع؛ لأنه يعبر عن نخبة معينة سواء كانت قبلية أو غيرها. قوى مرتبطة بالسلطة وعن قول البعض: إن المعارضة قبل 2011م عطلت البرلمان ولجأت إلى الشارع قال د. صلاح: لم تكن هناك معارضة في الشارع؛ لأنها لم تكن ذات تجربة في المعارضة بقدر ما كانت قوى مشاركة أو مساهمة في السلطة؛ فالحزب الاشتراكي نشأ واستمر يحكم الجنوب قبل الوحدة، ثم أصبح شريكاً في السلطة، وكذا حزب الإصلاح كان أقرب إلى كونه حزب سلطة أكثر منه حزب معارضة. وممارسة المعارضة احتاجت إلى تمرس وإلى وقت طويل، وبممارسة هذا الأسلوب استطاعت هذه الأحزاب فك الارتباط مع السلطة، ومع ذلك لم تستطع أن تكون معارضة حقيقية؛ لأنها اتخذت شكل المعارضة التقليدية، ونحن في زمن جديد، يحتاج إلى أدوات جديدة وهي الارتباط بالشارع، وتعد معارضة أقرب إلى معارضة كلامية وسرية استطاعت في الأعوام الثلاثة الماضية أن تؤثر في الشارع، وكان هذا عقب تشكيل تكتل اللقاء المشترك وتحديداً من عام 2006م. تطور المجتمع وعن تطور المجتمع في ظل دولة الوحدة وأثره في الواقع السياسي وتطور النظام الحزبي قال د. صلاح: دائماً تتطور الأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بتطور المجتمع نفسه، والمجتمع اليمني لايزال مجتمعاً تقليدياً ولازالت رابطة الدم محركة للكثير من القضايا ومن بينها العمل الحزبي، حتى أن بعض الأحزاب مرتبطة بمناطق معينة، والبعض تحكمها روابط معينة وبحاجة إلى إعادة بناء على أسس مدنية ورابطة الهدف دون الحاجة إلى غطاء آخر، فالأصل أن للأحزاب أهدافاً وبرامج، والواقع في اليمن هو أن المعارضة البرامجية ليست هي الهدف بل التغلغل في السلطة ومؤسسات الدولة والمبررات دائماً هو أنهم سيعملون بعد الوصول إلى السلطة على إصلاح ما ينبغي وتغيير رؤى وأفكار، وهذا يعني أن من يفقد مبادئه قبل الوصول إلى السلطة بالتأكيد لن يتغير بعد الوصول إلى السلطة؛ لأنه وصل إليها بطريقة لا مبدئية؛ والأحزاب في الأساس تسعى إلى السلطة من أجل تحقيق أهدافها، لكن كيفية الوصول هو ما نختلف عليه مع هذه الأحزاب، وبتطور المجتمع وتحقيق التحديث السياسي والاقتصادي والاجتماعي يصبح الناخبون مؤثرين على الأحزاب للأخذ بالكيفية المثلى. قلق وعن الممارسات التي تفرغ من محتواها وأثرها في مسار الوحدة والقلق الناتج عن الأخطاء بالوحدة ذاتها أكد د. صلاح المقطري أن هناك قلقاً كبيراً على الوحدة؛ باعتباره المنجز الوحيد منذ عام 1990م حتى وإن كان قد وجد تشوهاً في مسارها، وينتابنا شعور بالخوف على الوحدة؛ لأنها أصبحت مهددة؛ كون المجتمع لا يعي تماماً ما معنى الوحدة؟ وكيف يجب أن يجعلها وحدة قوية، وتشوه وعي البعض ممن أصبحوا يرون الوحدة مرادفة للضعف والهوان ومرادفة لإهانة الإنسان نفسه ومرادفة للتقسيم، أو أنها أصبحت تتأثر بأياد خارجية، أما حكاية الأحزاب فلم تكن قادرة أن تقدم رؤى حقيقية من أجل إصلاحها، كما لم تستطع لفترة طويلة أن تقدم معارضة قوية، وبالتالي نحس بأن قيادات الأحزاب دائماً يقتربون من التغيير أكثر من القدرة على الفعل، ما يشعرنا بالخوف على الوحدة، لذا يجب على الأحزاب أن تتحمل مسئولية الحفاظ على الوحدة والأمن والاستقرار؛ اليوم كل شيء بيد الشعب؛ فهو قادر على حماية هذا المنجز التاريخي، ولكن يجب أن يكون على أسس جديدة، وأن يكون الإنسان نصب أعين الأحزاب والقوى السياسية والدولة القادمة؛ لأن الإنسان هو الذي سيدافع عن الوحدة ويحافظ عليها، ونحن نتابع النخب السياسية التي أصبحت نخباً فكرية وليست نخب سلوك تجسد الفعل في الواقع، فقد وصلنا إلى عدم الثقة بالنخب وسلوكها غير المنسجم مع أفكارها ومبادئها وبرامجها، وهذا الشعور أصاب الكثير، وسيتغير عندما نجد خطوات عملية للقضية الجنوبية وإخراج اليمن من كل معاناته، والناس يترقبون نتائج مؤتمر الحوار الوطني، وأعتقد أنه بانتهاء الحوار والانتخابات القادمة ستتكشف كل الأوراق.