تدمير ونهب متحف بيت الموروث الشعبي اعتداء على الذاكرة، زيارة المتاحف محطة رئيسة للسائح مواطناً كان أو أجنبياً ومن خلالها يتعرف على جوانب مختلفة لحضارة هذا الشعب أو ذاك وفقاً لطبيعة المتحف و تولي الدول هذا القطاع أهمية كبرى لما قد تتوفر فيها من مقتنيات أثرية نادرة و بما يجعلها محط اهتمام عالمي كتراث إنساني ومن هنا جاءت حصانة هذه المرافق وغيرها من المواقع الثقافية بموجب اتفاقيات جنيف الخاصة بالنزاعات المسلحة الدولية والمحلية. وليس هذا مجال التوسع بهذه الجزئية و لكن إذا كانت المتاحف تحظى بالحماية أثناء اندلاع الحروب فالأولى حمايتها في الحالة الطبيعية واستتباب السلام و في كل الدول تتمتع المتاحف بدرجة عالية من الحماية و التحصين ضد السرقات و الكوارث الخ. ومؤخراً انتابتني مشاعر مختلطة من الغضب و الاستياء والقرف وهو مزيج خلف إحساساً بالمرارة والإحباط من الجريمة التي تشبه الكارثة بحق الذاكرة الوطنية وأتحدث هنا عن قيام عصابة باقتحام و تدمير وسرقة مقتنيات متحف بيت الموروث الشعبي - تراث التنوع والتي تنوعت بين نحاسيات وفضيات وزخارف خشبية وغيرها تعد أغلبها نادرة و ثمرة ثلاثة عقود من الترحال والتقصي والبحث و الاشتغال في سبيل تأسيس هذا المتحف كمبادرة للأستاذة الرائعة أروى عبده عثمان والتي كرست له حياتها كمبدعة في ميدان الأدب والصحافة و ناشطة أيضاً ولقد كان المتحف منذ افتتاحه أمام الزوار وحتى إغلاقه لدواعي أمنية خلال اضطرابات الشارع و الاختلالات الأمنية التي تلت انطلاقة الثورة الشبابية الشعبية في 2011م وظل مغلقاً ومتنقلاً بين أكثر من مكان مستأجر حتى مقره الذي شهد الجريمة بحي الوحدة بالعاصمة صنعاء. لقد قدمت السيدة أروى مثالاً رائعاً خدم التراث المتنوع للمناطق اليمنية بجهاتها الأربع و تفوقت على جهات كان يعول عليها ذلك وفي أقل ما يمكن كان لها أن تتعاون مع مدير المتحف و ذلك من صميم اختصاصها عبر توفير المكان الآمن والمحصن و مراعاة الجوانب الفنية الأخرى لهكذا غايات. لقد أعطت أروى سنوات عمرها بل شبابها و من المال ما استطاعت لخدمة مشروعها الحضاري الذي يقدم أجمل ما أبدعه اليمنيون نساءً ورجالاً و لملمت مظاهر الحياة اليومية كقطع فسيفساء آسرة وهو ليس بالأمر العادي وفي المقابل وعند انتظار الجهات المختصة بالقيام بما يتوجب عليها وقد سمى البيان الصحفي الصادر عن المتحف كل من وزارة الثقافة وأمانة العاصمة في كونهما تقاعسا عن ذلك وأخذا يماطلان طيلة أكثر من عامين حتى حدوث الكارثة بتدمير وسرقة المتحف وخسارة اليمن للمحتويات النادرة التي تعد جزءاً هاماً من الذاكرة الجمعية. إن ما حدث لمتحف تراث التنوع يعيد إلى الأذهان في الذاكرة المثقوبة لنا كيمنيين حادثة سرقة السيوف من المتحف الحربي خلال إجازة عيد الأضحى المنصرم و إذا أضفنا إلى ذلك السرقات والعبث بالآثار والمناطق الأثرية من ضعاف النفوس بغية تهريبها و لعلهم ينجحون في تهريب الكثير كما يخبرنا المنطق في ظل عدم الاهتمام بهذا القطاع الاستراتيجي للبلد ولنا عودة للحديث عن ذلك.