ما مثل صنعاءاليمن كلا ولا أهلها صنعاء حوت كل فن يا سعد من حلّها هكذا ترنّم الشادي في أغنية حمينية مازالت تشنّف الأذن وتطير بمستمعها إلى أجواء عابقة بالجمال، استحضرت الذاكرة هذه الأغنية كموسيقى تصويرية لما عاشته أمانة العاصمة مؤخّراً من حدث أجزم باستثنائيته وسط غبار وازدحام وسخونة المشهد السياسي في اليمن؛ وبالذات في عاصمة البلاد وغيرها من قبيل الاحتشاد والاحتشاد المقابل والتي جعلت الأجواء اليمنية مُشبعة بالغيوم وأسيرة لحالة اللا استقرار. هذا الحدث الاستثنائي هو انعقاد مهرجان صيف صنعاء السياحي بنسخته السابعة والذي اختتمت فعاليّاته الأحد الماضي، حيث نجح القائمون على هذا المهرجان في رهانهم الخاص بالسير نحو إقامة المهرجان في المكان والزمان المحدّدين؛ وذلك محسوب للجهة المنظمة في مجلس الترويج السياحي «ووزارة السياحة» وكذا الأطراف الشريكة كأمانة العاصمة ووزارة الداخلية والجهات المشاركة من المحافظاتاليمنية والدول العربية وغيرها التي بلغ عددهم 2500 عارض وعارضة جمعتهم غاية سامية وبالغة الأهمية هي رسالة سلام ومحبّة من اليمن للعالم ومن الأشقاء والأصدقاء المشاركين لليمن واليمنيين. لقد حقّقت اليمن غايات كثيرة من خلال المهرجان الذي شهد حضوراً شعبياً من قاطني صنعاء العاصمة وكذا من زوّار المهرجان القادمين من المحافظات الأخرى، وأستطيع القول هنا إن هذه الاحتفالية الكرنفالية التي عشناها وعلى مدى أسبوع لن تنتهي بانتهاء الأيام التي أقيمت بها؛ ولكنها ستؤتي أكلها في المستقبل على المدى القصير والمتوسّط والطويل هي خطوة جادة وتُحسب لوزارة السياحة وأمانة العاصمة ومجلس الترويج السياحي؛ بل لجميع منظمات المجتمع المدني المشاركة والجهات الأخرى حكومية أو أهلية.... إلخ. فالثراء في المعروض المتنوّع قدّم اليمن ك«فسيفساء» تداخلت فيها الفنون والحرف والزي والغناء والإنشاد بالرقص، وشهدت فقراته الكثير مما يسهم في إشباع رغبة السائح المحلّي والعربي والأجنبي استجلاء الحضارة اليمنية والتعرُّف على بعض مكوّنات الثقافة لدى هذا الشعب والإبحار في معايشة «الفلكلور» هي وسائل غاية في البساطة لكنها فريدة وتحمل بعض إن لم يكن جُل سمات اليمني. أسبوع ترويجي للسياحة اليمنية حمل الكثير من الدلالات أول هذه الدلالات هي توق اليمنيين إلى الأمن والاستقرار والمدى الذي يرغب به اليمنيون على المستوى الرسمي والشعبي في وضع اليمن في مكانها المستحق كمحطة رئيسة للسياحة أمام السائح العربي والأجنبي، وقبل ذلك حاجة اليمنيين إلى التعرُّف على ما تكتنزه الثقافة اليمنية من مفردات وتفاصيل على مستوى العادات والتقاليد في شقّها المادي والمعنوي؛ وذلك عبر الأزياء الشعبية والأدوات المستخدمة في الحياة اليومية وكذا الصناعات التقليدية التي تغالب المتغيرات وتصرُّ على البقاء؛ بل تتطلّب الكثير من الدعم الرسمي والقطاع الخاص؛ كونها في حالة اندثارها ستشكّل خسارة وطنية يصعب تعويضها. نجح المهرجان أيضاً في نقل صورة مغايرة عن ما تتناقله وسائل الإعلام المختلفة من أخبار التأزُّم السياسي، وكذا الأخبار الخاصة بعناصر «القاعدة» في هذه المحافظة أو تلك، أو النزاع المسلّح بين هذه الفئة أو الجماعة أو تلك، وأخبار الأزمات الاقتصادية وغيرها من الأخبار التي تصوّر البلاد على كف عفريت سيهوي بها إلى الجحيم، ونجاحه أرسل إلى الداخل قبل الخارج رسالة إيجابية ودعوة إلى اليمنيين للتعرُّف على أهمية السياحة كمصدر اقتصادي وثقافي واعد. ورسالة إلى الخارج إخوة وأصدقاء أن زوروا اليمن، فاليمنيون محبّون للحياة والسلام، وإننا بلد مضياف غني بمقوّمات السياحة، وأن اليمن في طريقه إلى حياة أكثر أمناً واستقراراً ونموّاً. [email protected]