عرفت اليمن الطاقة الكهربائية في وقت مبكّر من العام 1926م في مدينة عدن على وجه التحديد لتغطية احتياجات القاعدة العسكرية للقوات البريطانية حينها؛ إلا أن استخدامها ظل محدوداً، وشهد قطاع الكهرباء تطوّراً ملحوظاً بعد قيام الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر؛ فتم إنشاء العديد من المحطات الكهربائية المعتمدة على النفط ومشتقاته؛ إلا أن التطوّرات المتسارعة والتوسع العمراني والصناعي الذي شهدته البلاد لم يرافقها مواكبة من قبل الحكومات المتعاقبة؛ فظلّ هذا القطاع خارج نطاق البرامج الاستثمارية الأمر الذي أدّى إلى ضعف إمدادات الطاقة وتآكل الشبكة والمولّدات.ولذلك فإن البحث عن بدائل تلبّي الحاجة وتتلافى غياب الطاقة الكهربائية هو ما يفرض حضوره، هذا البحث عن تلك البدائل هو ما نستعرضه من خلال الدراسات التي كانت محور ورشة عمل لمؤسسة قرار للإعلام والتنمية المستدامة. مشكلة أصبحت عبئاً الدكتور مروان ذمران أشار في ورقته المعنونة ب«الاستخدام الأمثل للطاقة الشمسية في اليمن» إلى بدايات الاهتمام العالمي للبحث عن إمدادات الطاقة المتجدّدة وذلك في ظل تفاقم أزمة المناخ وعدم استقرار أسعار النفط والغاز وخاصة في أوقات الحروب، مضيفاً بأن العالم تعلّم درساً قاسياً عام 1973م حين تأثرت إمدادات النفط بالحرب في منطقة الخليج والتي أرغمت بعض الدول على البحث الجاد عن مصادر بديلة للطاقة أو ما يعرف ب(الطاقة المتجددة) والتي يمكن أن تأتي من أشعة الشمس والرياح والأمطار والمد والجزر والحرارة الجوفية ويمكن استغلالها في توليد الكهرباء والمياه الساخنة للتدفئة ووقود للسيارات وخدمات الطاقة في الريف. موضحاً أن مشكلة الطاقة الكهربائية بدأت بالتفاقم منذ نهاية التسعينيات في القرن الماضي حتى وصل الأمر إلى العجز الكلّي في إنتاج الكهرباء وأصبحت تمثّل عبءاً على الدولة، وأن ذلك يفرض التفكير بحلول بديلة. نمذجة شبكات الطاقة ويورد ذمران الطاقة الشمسية والشبكات الذكية كأحد البدائل، وهي التي تتمثّل في نمذجة شبكات الطاقة الذكية بكفاءة من خلال استخدام وحدة معالجة مركزية مجهّزة بوحدة معالجة أليكترونية ذات سرعة فائقة في تحليل البيانات ومعرفة أماكن العجز أو الفائض ومن ثم إعادة توزيع الأحمال، موضحاً أن آلية استخدام الخلايا الشمسية في توليد الطاقة الكهربائية تتلخّص في تحويل الضوء الساقط إلى أليكترونات يتم فصلها في الخلية الشمسية وتصديرها إلى الحمل المتصل بها وهي عادة تصنّع من مادة السليكون المستخرج من صخور أو رمال السيليكا النقيّة ومن ثم معالجة أسطحها كيميائياً وإضافة طبقة من الفوسفور البورن لتعاكس قطبية رقيقة السليكون مكوّنة بذلك وصلة ثنائية قادرة على فصل حوامل التيار عند تعرّضها للشمس، مضيفاً أنه عند توليد الطاقة الكهربائية من الطاقة الشمية نحتاج إلى ألواح الطاقة, ووحدة التحكم الطاقي والتحويل, وأسلاك التوصيل والمشتركات وهيكل التنصيب. توفير في الكلفة مشيراً إلى أن من مزاياها أنها تعمل في أي مكان تصل إليه أشعّة الشمس إلى الألواح، وهناك مواقع أفضل من غيرها في مقدار الإشعاع الشمسي والتي تقدّر بحوالي (100) واط لكل متر مربع, كذلك كلفتها الاقتصادية البسيطة وخاصة أنها تعتمد على مقدار الاستخدام اليومي للطاقة وعدد ساعات ظهور الشمس، ضارباً مثلاً يتلخّص في “إذا كان مقدار ما يستهلك شهرياً من الكهرباء (1500) كيلوواط ساعة؛ فإن ذلك يعني أنك تحتاج إلى نظام شمسي يوفر حوالي (50) كيلوواط ساعة يومياً؛ وبمعرفة متوسط عدد الساعات من ضوء الشمس في مستوى الإشعاع من (1000) واط لكل متر مربع في اليمن هو حوالى سبع ساعات؛ فإنك تحتاج إلى نظام شمسي بقدرة أكبر من (7) كيلوواط لتتمكن من تشغيل البيت كلياً نهاراً وشحن البطارية لاستخدامها ليلاً، ولذلك فإن مقابل كل ريال تستخدمه في استبدال الأجهزة الكهربائية القديمة غير الفعالة سوف تقوم بتوفير أكثر من ريالين في تكلفة نظام الطاقة الشمسية لتشغيلها”. وخلص ذمرين إلى أن مستقبل الطاقة الشمسية في اليمن في الوقت الراهن غير ممكن لأنه غير مؤهل لصناعة الخلايا الشمسية والتي تتطلّب بنية تحتية صناعية قوية؛ ولكن بالإمكان صناعة تجميع الألواح الشمسية وبجدوى اقتصادية عالية إذا ما ساهمت رؤوس الأموال الوطنية في استثمارات الطاقة الشمسية بالشكل الصحيح وبحيث يتم تدريب اليد العاملة على توصيل الخلايا الشمسية وتجميعها ورصها وإضافة الغطاء الزجاجي والخلفية الحامية لها وضغطها تحت درجة حرارة تتراوح بين (150) إلى (250) درجة لتكوين لوح شمسي يغلّف بأطراف الألمونيوم، وقد طبقت هذه الصناعة في دول أكثر فقراً من اليمن، ونجحت في توفير بعض الاحتياجات من الطاقة وبخاصة في القرى الصغيرة. خلق بيئة مناسبة «نحو خلق بيئة مناسبة لاستخدام الطاقة الشمسية» كان ما تحدّث عنه، الدكتور علي عبدالقادر حكمت، مستعرضاً مصادر الطاقة المتجدّدة في اليمن وعلى وجه الخصوص الطاقة الشمسية والتي لجأ إليها المواطنون وبصورة فردية بعد أن كانت محصورة في البرامج والمشاريع المقدّمة من الدول والمنظمات العالمية، وهو اللجوء الذي لم يكن ناتجاً عن وعي بقدر ما هو ضرورة ونتيجة لارتفاع أسعار المشتقات النفطية. ويعدّد حكمت تلك المصادر ومزاياها المختلفة والمتمثّلة في الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الجيوحرارية، وتكنولوجيا الغاز الحيوي، متناولاً معوقات استخدام الطاقة المتجدّدة المتمثلة في: المعوقات المالية والاقتصادية والتي تتمثّل في ارتفاع الكلفة الرأسمالية لمشاريع الطاقة مع قصور أو غياب آليات التمويل، ومعوّقات مؤسساتية وهيكلية ذلك أن مثل هذه المشاريع تحتاج إلى تضافر جهود عدد كبير من الشركاء بالإضافة إلى السلطات التشريعية والتنفيذية ذات العلاقة وتحديد أدوارها، ومعوّقات فنية وتقنية تتمثّل في إجراءات توطين تكنولوجيا الطاقة المتجدّدة وإجراءات نقل معرفة تصنيع معدّات وتكنولوجيا الطاقة المتجدّدة الأمر الذي يتطلّب خبرة فنية، ومعوّقات متعلّقة بالوعي بأهمية استخدام الطاقة المتجدّدة والفهم الخاطئ لطبيعة عمل وتطبيقات تكنولوجيات الطاقة من قبل الأطراف المعنية والمجتمع، حيث يسود اعتقاد خاطئ مفاده عدم جدوى تلك المصادر مستقبلاً. إجهاض الخيارات البديلة «الفساد والسياسة وإجهاض الخيارات البديلة» كانت الورقة التي استعرض فيها ماجد المذحجي توظيف الطاقة في الصراع السياسي، وفي هذا يقول المذحجي إن خدمات الطاقة الكهربائية أصبحت متردّية ولم تعد تلبّي حاجة المواطنين، حيث تعاني العديد من المشاكل سواء من حيث قدم الشبكة أو من حيث انتهاء العمر الافتراضي للمولّدات وعدم وجود صيانة دورية، وتوّجت مؤخراً بأحداث العام 2011م حيث شهدت انقطاعات متكرّرة أثّرت بشكل كبير جداً على الخدمات العامة للمواطنين فتعرّضت خطوط نقل الطاقة إلى استهداف منظم ضمن أغراض سياسية، وان الاتفاق السياسي على إنهاء الصراع في اليمن لم ينهِ أزمة الطاقة بل شهد الأمر تصاعداً مستمراً واضحاً للمراقبين. ولذلك فقد تم استثمار وتوظيف الاعتداءات التخريبية على خطوط الطاقة الكهربائية من مختلف الأطراف السياسية على حد قوله بغرض خلق احتقان شعبي واستثماره سياسياً في إطار الدعاية المتبادلة بطريقة غير مسبوقة ومبتذلة. أزمة الطاقة مشيراً إلى أن الفساد شكّل أحد أهم المحرّكات القائمة على أزمة الطاقة والذي يتضح من خلال «سياسة شراء الطاقة» والاعتماد على فكرة ضرورة توفير الطاقة بأي ثمن لتبرير سياسة شراء الطاقة بأي ثمن بما يمثّل ذلك إهداراً للمال العام ، وتوليد الكهرباء بالديزل بما يمثّله من كلفة هائلة حيث يمكن بنصف قيمة الديزل المستهلك في سنة شراء محطة كهربائية غازية بقدرة (400) ميغاوات تدوم ل25سنة وتحقّق عائدات للدولة بما لا يقل عن (100) مليار ريال. إعاقة خيارات الطاقة البديلة متناولاً ما تضمنته اللائحة التنظيمية لوزارة الكهرباء والتي تهدف في المحصلة إلى متابعة التطورات في تقنيات الطاقة، والاهتمام بالطاقة المتجدّدة كبديل استراتيجي، والاستفادة القصوى من المصادر الطبيعية المتاحة، إلا أنه رغم ذلك لم توجد أية مؤشرات على تلك التوجهات بل بالعكس، حيث الملاحظ أن التوجهات العامة تقول بوجود تحرُّك معادٍ لتوجهات الاعتماد على الطاقة الشمسية كطاقة بديلة الأمر الذي نتج عنه اتجاه المواطنين إلى شراء المولّدات الكهربائية والاعتماد عليها لتكون تجارة رائجة وبذلك تواكب عملية تجارة المولدات (المواطير). الطاقة الشمسية كخيار بديل مشيراً إلى أنه رغم أن المواطن لم يعدم الحيلة ولجوئه إلى شراء الألواح الشمسية للاعتماد على الطاقة الشمسية كطاقة بديلة؛ ألا أن ذلك أوحى إلى الفساد برفع أسعار الألواح الشمسية . وخلص المذحجي إلى جملة من التوصيات الهادفة للاعتماد على الطاقة الشمسية كطاقة بديلة حيث أوصى بتعزيز توجه المواطنين نحو خيارات الطاقة البديلة والصديقة للبيئة، وحثّ البنوك على تقديم قروض ميسّرة وطويلة، وعمل دراسات للمناطق الريفية لمدى الاستفادة منها من أجل خفض التعرفة الجمركية على مكوّنات أنظمة الطاقة الشمسية.