أقامت أسرة الشهيد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل بالمركز الثقافي بالعاصمة صنعاء أمس فعالية تأبينية للشهيد المتوكل الذي استشهد في الثاني من نوفمبر الماضي على يد مسلحين مجهولين في أحد شوارع العاصمة. وفي الفعالية التي شهدت حضوراً رسمياً ودبلوماسياً وشعبياً كبيراً أكد نجل الشهيد ريدان محمد عبد الملك المتوكل في كلمة عن أسرة الشهيد أن فكر الشهيد وصدقه سيظل حياً رغمًا عن كل من أراده أن يغيب، مشيراً إلى أن بناء الدولة كان معيار الدكتور الشهيد المتوكل في اختلافه مع شركائه في العمل السياسي، وأنه حيثما وجد اتجاه نحو هذا الهدف كان هو أول المبادرين نحوه، وإن ذهب فريق نحو الإقصاء والمصلحة الضيقة كان أول المختلفين معه، يؤمن بالقضية لا بالانتماءات الضيقة. فيما أكدت كلمات الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني والشباب و الأكاديميين وطلبة الفقيد أن حياة الفقيد كانت حافلة بالمآثر والمواقف السياسية الخالدة. و لفتت الكلمات إلى أن حياة الشهيد على المستويين السياسي والشخصي وكذا على المستوى الأكاديمي لا يمكن إغفالها لما تميزت به من شمائل وسمات ومناقب وخصال حميدة و رفيعة ظلت تعزز من مكانته كشخصية سياسية وأكاديمية ووطنية مؤثرة تنشد دولة مدنية. وأشارت الكلمات إلى ما تركه الفقيد في الوعي الشخصي للفرد اليمني من خلال مواقفه السياسية وإسهاماته الأكاديمية سواء من خلال المواقف والكتابات أو من خلال التطبيق العملي لما كان يؤمن به ، والتي جعلت منه رجل التنوير ، كما جعلت منه واحداً من أهم السياسيين اليمنيين الذين انحازوا لدعم فرص الحداثة والتقدم في اليمن صعوداً من تجربة التعاونيات وعلاقته المتميزة بصديقه الرئيس السابق الشهيد إبراهيم الحمدي. وطالبت الكلمات الأجهزة الأمنية بسرعة ضبط القتلة أينما كانوا وتحويلهم للعدالة ، مؤكدين أن أي سكوت أو تهاون معناه الاستمرار في مسلسل الاغتيالات الذي لن ينتهي طالما والجرائم تقيد ضد مجهول. وجرى خلال فعالية التأبين استعراض فلم وثائقي عن حياة الفقيد وشهادات حية لمن عاشوا معه وعاصروه في العمل السياسي والأكاديمي من طلاب و أساتذة جامعات وقيادات حزبية. إلى ذلك أكد مفكرون وسياسيون ومناضلون وأكاديميون أن اليمن خسرت باستشهاد الدكتور محمد عبد الملك المتوكل قامة وطنية تمثل درساً مضيئًا في تاريخ الحرية والنضال من أجل الدولة المدنية . وأشاروا في استطلاع أجرته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أمس على هامش حفل تأبينه، إلى مناقب الراحل وما تمتعت به شخصيته وتجربته وما قدمته من عطاءات على مختلف الأصعدة التي عمل فيها ومثلت محطات مشرقة في تاريخ اليمن المعاصر. يقول شاعر اليمن الكبير الدكتور عبد العزيز المقالح رئيس المجمع العلمي اللغوي اليمني: من الصعب بعد كل ما قيل أن نتحدث عن الدكتور الشهيد لكن ينبغي أن يتنبه اليمنيون إلى أن مستقبل الوطن بخطر إذا لم يتوحدوا ويأخذوا بنصيحة الشهيد العزيز محمد عبد الملك المتوكل ويعملون على بناء الدولة اليمنية المدنية العادلة الديمقراطية التي تجمع كل اليمنيين وتقودهم إلى حياة كريمة سعيدة للجميع دون إقصاء، و إذا كنا قد فقدنا برحيل الدكتور قامة وطنية صادقة فإن في أبنائه الذين أثبتوا حضورهم وتماسكهم في هذا الحادث العصيب ما يجعلنا نطمئن إلى أن الحياة تتجدد وتقاوم كل محاولات العدوان والإثم والجريمة. فيما قال مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور أحمد عوض بن مبارك : الشهيد الدكتور محمد المتوكل كان قامة وطنية كبيرة، أكبر من أن توصف، وما نشاهده اليوم في هذه الأربعينية وما شاهدناه يوم استشهاده ويوم تشييع جنازته، هو تعبير كبير أن هذا الرجل كان بحجم الوطن وأكبر من حزب وأكبر من طائفة وأكبر من محافظة، رجل مثل كل القيم التي تحدث عنها وحملها فقد كان متصالحًا مع نفسه ومع ما يقوله فكانت حياته كلها مواقف. وأضاف: خسارة الوطن بفقدان المتوكل كبيرة لكن عزائنا أن المُثل التي استشهد من أجلها المتوكل ستضل حاضرة وهذا ما لمسناه ويجب ألا تهدأ أنفسنا حتى نقترب من تحقيق أحلام الدكتور الشهيد محمد عبد الملك المتوكل. رفيق الشهيد عبد الله أمين نعمان المتوكل : كان الدكتور الشهيد والصديق محمد المتوكل يساعدنا على العيش بحرية، وبفقدانه فقد الوطن ثروة لا تعوض. وأضاف : الحقيقة أن الرصاصة التي قتلت الدكتور محمد عبد الملك المتوكل رخيصة كرخص صاحبها لكنها نهبت منا شيئًا ثميناً، ويبقى الأمل فيكم أنتم الشباب للوقوف ضد الجرائم التي تستهدف الفكر والثقافة والتنوير. فيما قال الأمين العام لاتحاد القوى الشعبية محمد الرباعي: الحقيقة أنه لا يمكن أن يتحدث الإنسان عن الدكتور الشهيد محمد المتوكل في هذه العجالة بكل بساطة لكنني أوجه حديثي إلى اليمنيين جميعًا بهذه الأربعينية وأخص الشباب بأن عليهم أن يسعوا جاهدين من أجل بناء الدولة اليمنية المدنية الديمقراطية العادلة و أدعو السلطة إلى تحمل مسئوليتها ولا تدع للقتلة والأشرار مجالا للإساءة إلى مكانة اليمن وكرامته. الدكتور محمد الظاهري: الشهيد محمد عبد الملك المتوكل كان فوق السلالية وفوق المناطقية حاول دائما أن يجعل من القلم فوق السيف ومارس دوره كسياسي وأكاديمي ليكون على الدوام نموذجاً جمع بين النظرية والتطبيق بتواضعه، وأعتقد أن الشهيد قد وجه لنا رسالة بالغة وبليغة في كل تصرفاته حين سعى جاهداً إلى أن يكون التغيير فوق الثأر. من جانبه يقول الدكتور بكيل الزنداني: أربعينية الدكتور محمد عبد الملك المتوكل مهمة في تاريخ العمل السياسي والأكاديمي في الجمهورية اليمنية، ورسالة واضحة على أن ما نادى به الدكتور الشهيد هو الطريق السليم للخروج مما نحن به من مشاكل. وأضاف: لقد أكد الشهيد على مدى سنوات أن الدولة الديمقراطية العادلة هي الحل والمخرج الوحيد لما نحن فيه. فيما يقول المفكر عبد الباري طاهر : الكلام العابر عن المتوكل صعب فهو قامة من قامات اليمن وإنسان مدني بما تعنيه الكلمة، والفقيد الشهيد لعب دوره في الدفاع عن الحريات العامة و الديمقراطية وهو من الشخصيات التي يمثل غيابها خطورة كبيرة وبالذات في هذه المرحلة.