فعاليات وإذاعات مدرسية وزيارة معارض ورياض الشهداء في عمران    بكين تتهم واشنطن: "اختراق على مستوى دولة" وسرقة 13 مليار دولار من البيتكوين    قبائل التحيتا بالحديدة تُعلن النفير العام لمواجهة الأعداء والخونة    مناقشة جوانب ترميم وتأهيل قلعة القاهرة وحصن نعمان بحجة    شليل يحرز لقب فردي الرمح في انطلاق بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد بصنعاء    افتتاح مركز الصادرات الزراعية بمديرية تريم بتمويل من الاتحاد الأوروبي    قراءة تحليلية لنص "اسحقوا مخاوفكم" ل"أحمد سيف حاشد"    القرود تتوحش في البيضاء وتفترس أكثر من مائة رأس من الأغنام    العليمي يثمن دعم الأشقاء للإصلاحات بما في ذلك دفع المرتبات خلال الأيام المقبلة    مفتاح: مسيرة التغيير التي يتطلع اليها شعبنا ماضية للامام    من المرشح لخلافة محمد صلاح في ليفربول؟    تركيا تعلن مقتل 20 من جنودها بتحطم طائرة شحن عسكرية في جورجيا    المنتصر يدعوا لإعادة ترتيب بيت الإعلام الرياضي بعدن قبل موعد الانتخابات المرتقبة    تألق عدني في جدة.. لاعبو نادي التنس العدني يواصلون النجاح في البطولة الآسيوية    دربحة وفواز إلى النهائي الكبير بعد منافسات حماسية في كأس دوري الملوك – الشرق الأوسط    عالميا..ارتفاع أسعار الذهب مدعوما بتراجع الدولار    الإخوان والقاعدة يهاجمان الإمارات لأنها تمثل نموذج الدولة الحديثة والعقلانية    جنود في أبين يقطعون الطريق الدولي احتجاجًا على انقطاع المرتبات"    إيفانكا ترامب في أحضان الجولاني    حضرموت.. تُسرق في وضح النهار باسم "اليمن"!    خبير في الطقس: برد شتاء هذا العام لن يكون كله صقيع.. وأمطار متوقعة على نطاق محدود من البلاد    عين الوطن الساهرة (2)..الوعي.. الشريك الصامت في خندق الأمن    زيارة ومناورة ومبادرة مؤامرات سعودية جديدة على اليمن    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    إيران تفكك شبكة تجسس مرتبطة بالولايات المتحدة وإسرائيل    اليوم انطلاق بطولة الشركات تحت شعار "شهداء على طريق القدس"    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    أبين.. الأمن يتهاوى بين فوهات البنادق وصراع الجبايات وصمت السلطات    30 نوفمبر...ثمن لا ينتهي!    عسل شبوة يغزو معارض الصين التجارية في شنغهاي    تمرد إخواني في مأرب يضع مجلس القيادة أمام امتحان مصيري    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    تغاريد حرة .. انكشاف يكبر واحتقان يتوسع قبل ان يتحول إلى غضب    كلمة الحق هي المغامرة الأكثر خطورة    "فيديو" جسم مجهول قبالة سواحل اليمن يتحدى صاروخ أمريكي ويحدث صدمة في الكونغرس    قاضٍ يوجه رسالة مفتوحة للحوثي مطالباً بالإفراج عن المخفيين قسرياً في صنعاء    قرار جديد في تعز لضبط رسوم المدارس الأهلية وإعفاء أبناء الشهداء والجرحى من الدفع    مشاريع نوعية تنهض بشبكة الطرق في أمانة العاصمة    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    النفط يتجاوز 65 دولارا للبرميل للمرة الأولى منذ 3 نوفمبر    انتقالي الطلح يقدم كمية من الكتب المدرسية لإدارة مكتب التربية والتعليم بالمديرية    مواطنون يعثرون على جثة مواطن قتيلا في إب بظروف غامضة    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    الحديدة أولا    نائب وزير الشباب والرياضة يطلع على الترتيبات النهائية لانطلاق بطولة 30 نوفمبر للاتحاد العام لالتقاط الاوتاد على كأس الشهيد الغماري    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    عدن في قلب وذكريات الملكة إليزابيث الثانية: زيارة خلدتها الذاكرة البريطانية والعربية    البروفيسور الترب يحضر مناقشة رسالة الماجستير للدارس مصطفى محمود    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    عالم أزهري يحذر: الطلاق ب"الفرانكو" غير معترف به شرعا    الدوري الاسباني: برشلونة يعود من ملعب سلتا فيغو بانتصار كبير ويقلص الفارق مع ريال مدريد    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    الزعوري: العلاقات اليمنية السعودية تتجاوز حدود الجغرافيا والدين واللغة لتصل إلى درجة النسيج الاجتماعي الواحد    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاتفاق بين الوالدين على أسلوب تربية الأبناء.. ضرورة لشخصيات مستقرة
نشر في الجمهورية يوم 16 - 03 - 2015

تظل الأسرة هي المصنع الأول الذي يرسم معالم سلوكيات وتوجهات الطفل الذي يمر عبره بمراحل تنشئة حياته العمرية المختلفة, مكتسباً من الأب والأم أنماط سلوكيات حياته الأولى, وانعكاس تلك السلوكيات المتوقفة على مدى اختلاف أو اتفاق الأبوين على تربية الأبناء, وطريقة تناول كلا الزوجين لمشاكلهم أمام أطفالهم, وكيفية توزيع الأدوار بينهما, وانعكاس ذلك على تربية الأبناء, والعنف الأسري تجاههم, وفي الاستطلاع التالي خلاصة تجارب الآباء مع تربية الأبناء, وتشخيص الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين لسلوكيات الآباء تجاه أبنائهم, وتناول ظاهرة العنف وما يجب أن يكون عليه الأبوون من أجل جيل سليم التربية .
ثقافة الآباء وانعكاسها على الأبناء
الأخ نايف محمد سيف أبٌ لأربع فتيات أكبرهن سناً لا يتجاوز عمرها الحادية عشرة ربيعاً, يُرجع مدى نجاح أو فشل تربية الأبناء إلى فهم ودرجة الوعي لدى الوالدين قائلاً: أحاول أن يكون بيني وبين زوجتي اتفاق في الأمور الأساسية للتربية الأسرية, كون مسار ومؤشرات تربية الأطفال في رأيي ترجع إلى ثقافة الآباء والأمهات التي نشأوا عليها, وهو ما يحدث معي أنا وزوجتي في الاتفاق على بعض الأمور والاختلاف في بعضها الآخر, نتيجة اختلاف ثقافاتنا إلى حدٍ ما, لذلك اختلاف الثقافات بين الآباء يؤثر على الأطفال تأثيراً بالغاً في سلوكياتهم وتوجهاتهم سواء كان بطريقة مباشرة أو غير مباشرة, وهو ما نلاحظه في بعض الأطفال الذين يحدث لديهم تشتت في الذهن, كما يرى أنه يجب على الوالدين الاتفاق في جميع الأحوال على أسلوب التربية بينهما, وحتى في حالة عدم الاتفاق يجب أن لا يشعر الأبناء بتناقض أسلوب الوالدين ابتعاداً عن التأثير السلبي في شخصياتهم أو حالتهم النفسية, لأن التربية الخاطئة قد توصل الأبناء إلى ما لا يحمد عقباه, وربما قد توصلهم أحضان إلى جماعات متطرفة أو إرهابية كما هو حاصل لكثير من أبنائنا وشبابنا, مضيفا أن الأم تتحمل جزءاً كبيراً من مسؤولية تربية الأبناء خاصة في بدايات مرحلة الطفولة, كون الأب غالباً ما يكون مشغولاً في السعي لطلب الرزق والاهتمام بعمله بحثا عن تحسين وضع الأسرة المعيشي.
إزدواج تربوي
لكن العبء في التربية كما تراه رجاء محمد – موظفة, يتركز على المرأة, مستخلصة تلك الحقيقة من تجربتها الشخصية كونها أم لثلاثة أبناء يتوجب عليها وحدها مسئولية التربية بالرغم من التزامها الوظيفي الذي يحتم عليها أن تكون خارج المنزل من الصباح الباكر وحتى الواحدة بعد الظهر, الأمر الذي يزيد من حجم العبء عليها في البحث عمن يهتم بأبنائها حتى تعود اليهم, ما يجعلها كما تقول تعيش في مشاكل دائمة مع زوجها وعدم اتفاق, ومن هنا يظهر الازدواج التربوي بينهما على أسلوب التربية لأبنائهم , فالزوج كما تصوره يتعامل بعصبية شديدة مع الأبناء ولا يعترف بضرورة أن يتفقوا على أسلوب واحد في التربية, ما يجعلها تعوض ذلك وتتعامل مع أبنائها باللين, الأمر الذي يسبب لهم الكثير من المشكلات التي سرعان ما يتحول الأسلوب المزدوج في التربية بينها إلى خلافات زوجية تؤثر على نفسيات الأبناء وأدائهم الدراسي, مضيفة بالقول: أنصح كل الشباب المقبلين على الزواج أن يتفقوا من بداية حياتهم الزوجية على كيفية تربية أبنائهم في جميع المراحل والمستويات, الثقافي ,الديني, ,التعليمي ,الأخلاقي, لينعموا بالاتفاق وتجنب الاختلاف والتناقض أمام الأبناء للمحافظة على شخصيات وسلوكيات أبنائهم.
العنف الأسري
بدوره يؤكد الأستاذ. محمد أبو طالب - مدرس تربية إسلامية, أن العنف الأسري كظاهرة أو حالة فردية تعتبر مشكلة إنسانية تهدد الحياة المجتمعية باعتبار العنف من أقوى المؤثرات على سلوك الأبناء, مضيفاً أن العنف الأسري على الطفل موجود في جميع مجتمعات العالم سواء العربية أو الأجنبية ، غير أن قياس ذلك السلوك المتمثل في العنف يمكن قياسه والعمل على علاجه في المجتمع الغربي بوسائل عديدة وعلى أساس علمي نتيجة الاعتراف بوجوده، ما يسهل العمل على معالجته, بعكس المجتمعات العربية التي تعتبرها من الخصوصيات العائلية، بل ومن الأمور المحظور تناولها أو البوح بها حتى مع أقرب الناس, ما يسمح بتكرارها مراراً , ويؤدي إلى نشوء آثار سلبية لدى الأطفال، وبالتالي ينشأ لديهم استعداد وقابلية لممارسة العنف , بشكل أوسع ضد الآخرين, كما أن للصراعات الزوجية المترتبة على ذلك تكون سبباً رئيسياً في نمو الطفل بسلوكيات سلبية ترجع خلفيتها إلى تفكك روابط الأسرة التي قد تصل في بعض الأحيان إلى مرحلة الطلاق.
مبيناً أن العنف الأسري وانعكاسه على الأبناء ينتج جيلاً يعاني من أزمات كثيرة أغلبها يتركز في الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق والانطواء وعدم الثقة في النفس وغيرها من المشاكل المصاحبة, والتي تؤدي في غالب الأحيان إلى محاولات الانتحار والهروب ، بالإضافة إلى تدني القدرات الذهنية والمهارات النفسية، واضطراب المستوى التعليمي للطفل وعدم قدرته على التواصل مع الآخرين, إلى أهمية الحوار الأسري وبحث مشكلات نفسيات الأطفال والمراهقين والعمل على حلها وذلك بتكثيف برامج التوعية، وتثقيف المجتمع بجميع أطيافه وأعمار أفراده للتحدث عن مشكلاتهم، وما يتعرضون له من عنف أسري.
وقال: إن أهم خطوة للحد من ظاهرة العنف الأسري هي العمل على إعداد أمهات وآباء المستقبل إعداداً صحيحاً وإيجابياً وذلك بتهيئتهم لخوض الحياة الزوجية بنجاح وتوجيههم بالتعامل الصحيح مع أبنائهم وذلك بتعزيز التوعية المجتمعية بمختلف الوسائل والتركيز على الإعلام كونه المؤثر الأول على الأفراد بالإضافة إلى عقد ندوات ومحاضرات في هذا الشأن ، كما ينبغي تطبيق قوانين رادعة لكل من يتسبب في العنف وفرض الرقابة على الأسر التي يتعرض أطفالها إلى العنف باعتبار حماية الطفل ضرورة إنسانية لضمان تنمية مجتمعية خالية من سلبيات العنف، وذلك للحد من توسع وتفاقم هذه المشكلات والحد من أثرها على أمن واستقرار المجتمع وحفاظاً على تركيبة جيل المستقبل.
المجتمع المدرسي وأثره على سلوك التربية
وفي السياق نفسه أوضحت الأستاذة هناء عبد الرحمن - مدرسة علم النفس أن المتغيرات والضغوطات المختلفة التي تحيط بالمجتمع والأسرة, أفرزت أنماطاً مختلفة من الشخصيات ما أثر على أسلوب التنشئة الاجتماعية لدى الأبناء, الذي من المفترض أن يكون للزوجين أساليبهما في التعامل مع النعمة التي أنعم الله بها عليهم وهم الأبناء والاهتمام بهما من كافة الجوانب الصحية والنفسية والاجتماعية لبناء شخصية قادرة على التكيف مع ذاتها ومع الآخرين, وباعتبارها تدرس مادة علم النفس فإنها تلاحظ في المجتمع المدرسي تفاوتاً كبيراً لظاهرة العنف الأسري وآثاره على الأطفال, والتي تظهر خارجياً من خلال آثار الكدمات إما على الوجه أو الجسم، أو من خلال سلوكيات متعددة لأولئك الطلاب , ومنها الانحرافات الأخلاقية والتي ترجع أستاذة علم النفس غالبية أسبابها بشكل رئيسي إلى الوالدين كونهما المسئولين في تنشئة وتربية الأطفال, موضحة من واقع اختصاصها بأنه تم البحث في بعض السلوكيات المرفوضة داخل المجتمع المدرسي في داخل المدرسة منها العنف مع الزملاء، تكسير الممتلكات، ألفاظ غير لائقة بحق العاملين، الإهمال، عدم الالتزام بالقوانين وغيرها من السلوكيات الخاطئة, قائلة أن اكتشاف العنف نقطة مهمة وجوهرية للعلاج, تكون فيها عملية التشخيص صعبة, لا سيما عندما يكون العنف نفسياً ويصعب تفريغه عن طريق الكلام, وما يعتمد عليه الاختصاصي النفسي في التشخيص والعلاج لاكتشاف الحالة في المدارس هو أسلوب ملاحظة الأطفال من خلال اللعب والرسم حيث يمكن للطفل أن يرسم الحالة التي يعيشها أو تعرض لها, أو عن طريق لعب الأدوار, حيث يتقمص الطفل دور الشخص الذي قام بالعنف لتفريغ الانفعالات والصراعات الداخلية الموجودة في اللاشعور, والتي تبدو على الطفل الذي يتعرض للعنف الأسري, وشعوره الدائم بالحاجة للأمان, وهذا النوع من الأطفال يتقمص شخصية أطفال صغار للفت الانتباه, كونه بذلك يرجع إلى مرحلة نمائية سابقة كان يحاط فيها بالأمان أكثر، كما توجد آثار تظهر في سلوكيات الطفل كما تبين الاختصاصية النفسية بانها غالبا تظهر في ألعابه مع الأطفال الآخرين حيث يستخدم ألعاب العنف مع أصدقائه أو إخوانه للتعبير عن معاناته الداخلية, وهو ما تصفه بالظاهرة الخطيرة التي يجب على الوالدين أن يتداركوها, والتي قد تؤثر سلباً على أطفالهم, والتحول مع استمرارها إلى مشاكل وآفات مجتمعية مستقبلاً, وتحمل كامل مسئولياتهم وحل مشاكلهم البينية بعيداً عن العنف وعن الأبناء, وإيجاد الحلول السريعة لعلاج الأطفال خاصة من الناحية النفسية والمعنوية.
وللحد من هذه الظواهر وحماية الطفل والأسرة بصورة عامة ترى الأخصائية النفسية إلى وجوب رفع درجات التوعية والوعي والثقافة الأسرية لدى المجتمع, وتقوية الوازع الديني، واعتماد أساليب الإرشاد والتوجيه للزوجين ودراسة المشاكل الأسرية وإيجاد الحلول, والاهتمام بعلاج الأطفال لتجاوز آثار العنف الأسري وفرض قوانين رادعة على كل من يسبب الأذى داخل الأسرة.
انشغال الأهل
والعنف الأسري كما تشير العديد من الدراسات وتبينها الأخصائية الاجتماعية الأستاذة أنيسة الحنبصي يعتبر من أخطر أنواع العنف، وهو نمط من أنماط السلوك العدواني الذي يظهر فيه القوي سلطته وقوته على الضعيف باستخدام مختلف وسائل العنف سواء كان الاعتداء جسدياً أو لفظياً أو معنوياً, وفي الغالب تكون المرأة هي الضحية الأولى ويتبعها الأطفال باعتبارهم الفئة الأضعف ما يترتب على تراكم هذه الممارسات أضرار بدنية ونفسية وصحية واجتماعية, لكن بالتفاهم وعدم الاستقواء من أي طرف في الأسرة على الآخر, تجعل السلوكيات لدى الأبناء في مسارها الصحيح كتأثير إيجابي على تربية الأبناء, وتنعكس عليهم من خلال تعاملهم ودمجهم بالمجتمع.
موضحة الأخصائية الاجتماعية أن تربية الأطفال تعد من أكبر التحديات التي تواجه الأبوين لا سيما في المرحلة العمرية من 4 - 10 سنوات وهي المرحلة التي تلعب فيها التنشئة الأسرية دوراً مؤثراً على شخصية الطفل بحسب خبراء التربية ، وغالباً ما تتزامن هذه المرحلة العمرية مع فترة توصف بزخم الحياة العملية والمسؤوليات لكل من الأبوين, سيما إذا كانت الأم أيضاً عاملة, الأمر الذي يتطلب موازنة بين المسؤوليات المادية وتربية الأبناء والتفرغ لهم ، مضيفة انه في الغالب ينشغل الآباء في السعي وراء تأمين متطلبات الحياة لتأسيس عائلة على أساس مادي قوي يؤمن الحياة الكريمة للأبناء وفي الوقت نفسه قد ينشغل الأهل بالتركيز على الجانب المادي على حساب جوانب تربوية أساسية دورها هام جداً في بناء شخصية الطفل في مرحلة عمرية يصفها خبراء التربية بالحرجة كونها تلعب دوراً في صقل شخصية الطفل .
أسلوب التربية
إذن التناقض في أسلوب التربية من جهة الوالدين علاقة طردية تؤثر على الأبناء في تكوين وتطور شخصياتهم كما يوضح أخصائي علم النفس د. خالد الوجيه بأنه كلما كان هناك تناسق واتفاق بين الوالدين في التربية كلما انعكس بشكل إيجابي على الأبناء واتسم الأبناء بالثقة الكافية في أنفسهم والقدرة على التواصل مع الآخرين وتحمل المسؤولية ، وأن الاختلاف بين الوالدين في التربية له انعكاسات سلبية على المدى البعيد في شخصيات الأبناء, فقيام الأب باتخاذ أسلوب معين مع الأبناء كالعقاب مثلا وحرمانهم شيء معين, تأتي الأم على إثر ذلك بمكافأة الطفل أو عدم تنفيذ ذلك الحرمان, أو بعمل الأم أسلوب مغاير, خاصة في حالة عدم الاتفاق بين الأبوين في أسلوب تربية الأبناء, أو كثرة المشاكل بين الشريكين, والتفكك الأسري أو سفر احد الشريكين وغيرها من الحالات التي تنعكس على نفسيات الأبناء, ويؤثر على سلوكيات الطفل ومنها الكذب والتحايل والتمويه وعدم تكوين علاقات إيجابية مع الآخرين, سواء على المستوى الأسري أو خارجه فضلا عن زعزعة الثقة بأنفسهم.
ومن السلبيات التي تحدث على الأبناء نتيجة الاختلاف بين الزوجين, تحدث قائلا د. خالد الوجيه : كما يحدث أيضا سلبيات على الأبناء بسبب أن يقوم أحد الأبوين (الأب أو الأم) بتربية أحد أبنائهم بطريقة معينة وأسلوب معين، ويأتي الطرف الآخر لينقض تلك التربية بطريقة مختلفة، قد تصل إلى حد التضاد، مما يوقع الابن في حيرة مربكة، ويضيع بالتالي تعب الطرفين في تحقيق أي أثر ناجح في تربيتهما، والتي تؤثر في الأبناء تأثيراً بالغاً لأنهم يحتارون بين أفكار الأب والأم وبين طرق تعاملهما ويؤثر ذلك على مستقبل الأبناء أنفسهم, مضيفاً أنه من بين المشاكل التي قد تظهر على الأبناء نتيجة الأسلوبين المتناقضين, بأن الطفل قد يكره والده ويميل إلى الأم، وقد يحدث العكس بأن يتقمص صفات الخشونة من والده، وقد يجد هذا الطفل صعوبة في التمييز بين الصح والخطأ، أو الحلال والحرام، كما يعاني من ضعف الولاء لأحدهما أو كلاهما, وانه قد يؤدي أيضا إلى ميله وارتباطه بأمه وتقمص صفاتها الأنثوي.
وقد يعلل الشريكان أسباب اختلاف الأسلوب فيما بينهما إلى خوف الأم على ابنها من ممارسات قاسية للأب.. أو خوف الأب من أن يؤدي الدلال المفرط للأم في التأثير على سلوكيات الابن أو أن تكون المسألة شخصية بين الأب والأم عبر خلافات بينهما تنعكس على طريقة تربية الأولاد فاختلاف البيئة التي ينتمي إليها الأب والأم أو الاختلاف فيما بينهما بالمستوى الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي يؤثر أيضا بشكل سلبي على التربية بالإضافة إلى عدم إدراك الأب والأم أن المشكلة الأساسية تسيء لأبنائهم قبل كل شيء وأن آثارها ستبقى لسنوات طويلة في أذهان الأبناء ومن الأسباب أيضا عدم الاتفاق المسبق بين الأب والأم على طريقة معينة لتربية الأبناء وافتقارهما لوجود حوار مشترك حول التربية .
نصائح للوالدين
لذا قدم الدكتور الوجيه بعض النصائح قائلاً : على الآباء والأمهات أن يتنبهوا على كل المواضيع والنقاشات الحادة أمام أبنائهم والتي تؤثر سلباُ في تربيتهم كما أن عدم الانسجام بين الزوجين ينبغي أن لا يؤثر ذلك على الأبناء وتربيتهم وأن لا يتعمد احد الشريكين التعامل مع الأبناء بأسلوب يناقض الطرف الآخر من أجل إغاضته أو إيذاء الطرف الآخر نفسياً لأن ذلك يعود بالأذى النفسي على الأبناء قبل الشريك, وعليهم أيضا الاتفاق في أسلوب التربية بعيداً عن الأبناء وإذا تم تنفيذ أية وسيلة تعزيزية أو عقابية للأبناء على الطرف الآخر أن يلتزم بتنفيذها حتى ولو كان الأمر بحاجة للنقاش أو غيره حتى يشعر الابن بالاستقرار النفسي وعلى الأبوين استخدام الأسلوب الديمقراطي مع الأبناء من حيث التواصل الفعّال معهم ووجود الحوار والمناقشة المناسبة لهم على اختلاف أعمارهم وعلى الأبوين إشعار أبنائهم بوجود الاتفاق فيما بينهم والالتزام بالأسلوب المناسب في التعامل معهم فضلاً عن إشباع الأبناء بحاجاتهم الفسيولوجية وحاجات الأمان والاستقرار والحب والاحترام وتقدير الذات وإشعارهم بأهميتهم وأدوارهم في الأسرة .وأخيراً أوصي الأبوين بضرورة إشباع حاجات الأبناء بالحاجات النفسية من حب واحترام وتقدير وغيرها كما يجب تحمل المسؤولية من كلا الطرفين و احترام كل شريك للطرف الآخر .. وأخيراً يجب عليهما أن يرسخا ضرورة الاتفاق بينهما في أسلوب التربية فسلوكيات الآباء دائماً ما تنعكس على الأبناء من دون شك .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.