في قراءة بسيطة لما يجري في الواقع يبدو في الأفق أن ظاهرة الثأر واختلاقها لا يبشر بقرب نهاية هذه الأعمال الإجرامية التي أتت على الأخضر واليابس في عدد من محافظات الجمهورية ومنها ذمار أن الخرق في هذه القضايا يتسع على الراقع يوماً بعد آخر. ففي الأسبوع الماضي سجلت الأجهزة الأمنية بمحافظة ذمار وقوع حادثتي قتل منفصلتين لا تبتعد أسبابها ونشوؤها كثيراً عن المشكلة نفسها التي تساهم في امتداد واستمرارية هذه الظاهرة الهمجية. الأولى وقعت بعد العصر عندما تلقت الأجهزة الأمنية بلاغاً طارئاً عن تعرض سيارة نوع شاص لوابل من الرصاص الحي من عدة اتجاهات إثر كمين نصبه مجهولون قبل أن يلوذوا بالفرار لم تتمكن سوى حصد حياة الطفل (سليم.م.أ.م)13عاماً إثر تلقيه طلقة نارية اخترقت إبطه الأيمن لتخرج من إبطه الأيسر. وأوضح العقيد الركن محمد علي الحدي مدير إدارة البحث الجنائي بالمحافظة أن العملية تقع في إطار الثأر القبلي حيث كشفت التحقيقات التي أجراها قسم الاعتداء والقتل بقيادة الرائد محمد القوباني أن السيارة المستهدفة كانت تقل أسرة كاملة من قرية غفر مكونة من الأب والأم و 3أولاد إضافة إلى شخصين آخرين ينتميان إلى القرى المجاورة والمعلومات التي تم جمعها تشير إلى تورط آل محسون من قرية القاعدة في محاولة الاغتيال. وعندما قادنا الفضول لمعرفة جذور ودوافع هذا الكمين المفاجئ اتضح أن هناك اشكالات كبيرة حدثت قبل سنتين أو ثلاث بدأت إرهاصاتها إثر خلاف حاد وقع بين قريتي غفر والقاعدة بمديرية عنس على حفر بئر فكل طرف كان يدعي ملكية الأرض وأنها واقعة في حد الآخر..المساعي التي قام بها مشائخ من المنطقة وشخصيات اجتماعية لرأب الصدع باءت بالفشل ليتطور هذا الخلاف إلى حرب مسلحة حامية الوطيس بين القريتين وما أن قاربت هذه الحرب حتى سقط صالح أحمد محمد محسون المنتمي إلى قرية القاعدة قتيلاً لكن المتهم أو الجاني لم يتم تحديده فنشأت تكهنات من أصحاب الدم وبالرغم من إحالة القضية في حينها إلى أجهزة القضاء المختصة لم تسفر عن نتيجة مرضية للطرفين وحصيلة التكهنات أن القاتل محمد المقدسي الملقب ب(النفر) وهو الشخص الذي كان يستقل وأسرته السيارة (الشاص) التي تعرضت لوابل من الرصاص أسفر عن مقتل طفله (سليم) فيما كتبت الأقدار نجاة البقية وبما أن العملية لم يمض عليها سوى عدة أيام فلا تزال الأجهزة الأمنية تطارد المتهمين من آل محسون الذين لا يزالون حتى اللحظة فارين من وجه العدالة مما يؤكد أنهم الجناة كما أكد لنا ذلك مدير البحث الجنائي والذي استطرد أن الإجراءات الأمنية للقبض على الجناة ستظل قائمة حتى يتم تقديمهم للعدالة. ويشير الحدي إلى أن هذا الأسبوع لم ينقض إلا بانفجار واقعة قتل أخرى شهدت تفاصيلها قرية ذي فكر التابعة إدارياً ميفعة عنس الذي استيقظ أهلها في ال25من شهر إبريل الماضي على مقتل على أحمد محمد عبيد الذي كان منشغلاً حينها في تركيب سباكة المطبخ والحمامات التابعة لمنزله الجديد وعلى حين غرة من أمره سقط على جسم زوجته التي كانت أسفل منه تعمل في جلب المياه وتوفير احتياجات الزوج التي أطلقت صرخة مدوية دفعت أعداداً كبيرة من أهل القرية على التجمهر في المكان وذلك عندما رأت زوجها مضرجاً بدمائه إثر طلقة نارية أصابته في الكتف الأيسر لتخترق جسمه وتخرج من الكتف الأيمن. إدارة أمن المديرية بقيادة المقدم ناجي الناتي مدير الإدارة ومشاركة ممثل البحث الجنائي الملازم أول حازم الزبيدي تم الشروع في جمع الاستدلالات بعد معاينة مسرح الجريمة من قبل الأدلة الجنائية بإدارة البحث بالمحافظة برئاسة المقدم علي الديلمي رئيس القسم إلا أن الساعات مرت دون أي إشارة من قريب أو بعيد للجاني باعتبار أن المجني عليه لم تربطه أي علاقة عداء من أي نوع مع أي شخص في القرية أو خارجها. تقرر بعد ذلك وضع الجثة في مستشفى ذمار العام حتى استكمال الإجراءات القانونية للتحقيق.. في الليل تساءل عدد من الأهالي عن عبدالله محمد أحمد عبيد ابن عم المجني عليه كونه لم يظهر في هذه الجلبة العظيمة التي أحدثها مقتل علي أحمد محمد عبيد في وضح النهار فسارع الجميع للبحث عنه وحينما لم يجدوه في منزلهم القديم اتجهوا مباشرة للبحث عنه في المنزل الحديث الذي لا يزال قيد التشطيب وكان خالياً من السكان فوجدوا الأبواب موصدة،فاضطروا إلى كسر الباب الرئيسي ليفاجأوا بأن (عبدالله) أصبح جثة هامدة في إحدى الغرف وبجواره بندقية كلاشنكوف إتضح من خلال الطبيب الشرعي أن الرجل انتحر بطلقة اخترقت عينه اليمنى بنفس أداة الجريمة التي أزهقت روح ابن عمه علي ليتأكد للجنة التحقيق أن المنتحر هو القاتل وهو يعاني من حالة نفسية كانت تدفعه إلى الانزواء وعدم مخالطة الآخرين.