حذر مركز بحوث التنمية الاقتصادية والاجتماعية من تزايد انتشار ظاهرة التسرب من التعليم خلال العام بسبب العوامل والظروف المادية والاقتصادية التي تمر بها معظم الاسر اليمنية، مشيراً الى تفاقم الاوضاع الاقتصادية والسياسية في البلد. وأوضح تقرير صادر عن المركز أن نصف السكان في اليمن لا يحصلون على الطعام الكافي، وأن معدل البطالة تتراوح بين 50-60 %، وهذا من شأنه أن يثقل كاهل الاسرة ويجعلها في وضع لا تحسد عليه، مشيراً الى انه في الوقت الذي لا يستطيع رب الاسرة توفير الغذاء للابناء فهو يجد صعوبة بالغة التعقيد في توفير المستلزمات المدرسية لهم ناهيك عن المصاريف النقدية اليومية، مما يضطر بعض الاسر الى اخراج الابناء من المدرسة للبحث عن العمل لمساعدة رب الاسرة في توفير متطلبات الاسرة، وذلك يشكل تحدياً خطيراً امام الاسر والطلاب وتضاعف أعباء البلد اقتصاديا واجتماعيا. قصة تروي تسرب الطلاب من المدارس صالح حمادي شاب في مقتبل العمر- الأخ الأكبر في العائلة يسكن مع عائلته في منطقة السنينة- أمانة العاصمة ترك المدرسة في الصف الأول الثانوي والتحق بالعمل في مصنع بلاط بعد وفاة أبيه، أكمل المرحلة الاساسية بتفوق، ومع بداية العام الدراسي 2010، فقدت العائلة المصدر الوحيد لدخل الأسرة، فاستاءت حالة العائلة بعد وفاة الاب فهم لم يألفوا فراق معيلهم، ازدادت ديون الاسرة للبقالة، مالكة المنزل تهددهم بطردهم من المنزل إذا لم يتم تسديد ايجارات ثلاثة شهور ماضية. اضطر صالح الاخ الاكبر في الاسرة إلى ترك المدرسة والعمل في مصنع البلاط ليضمن لإخوانه مالم يضمنه لنفسه في الاستمرار في المدرسة، وجد صالح صعوبات في بداية عمله لضمان الاموال اللازمة لسد حاجة العائلة، احتياجات أخواته الاربع للالتحاق بالمدرسة أصبحت كابوساً يؤرقه، فجميعهم يحتاجون إلى الدفاتر والأقلام ، ورسوم تسجيل، وزي مدرسي، ومصاريف تنقل إلى المدرسة. ورغم كل ما عمله صالح من أجل استمرار إخوانه في المدرسة، باءت محاولاته بالفشل، إذ فقد العمل بعد توقف المصنع عن العمل بسبب الأحداث والصراع الذي حدث عام 2011، أخوه حسن ترك المدرسة بسبب عدم توفر المصاريف الكافية له وهرب مع بعض أصدقائه ولم يعد، الأخوات انشغلن في المنزل والبعض منهن تساعد بعض بيوت الحي مقابل أجرة للعيش وسداد الايجار وقليل من المواد الغذائية، باستثناء أخته انتصار مصممة على مواصلة الدراسة وتذهب الى المدرسة باصطحاب حقيبتها الممزقة وبقايا دفاترها المقطعة من الاعوام الماضية. وأشار التقرير إلى أنه بسبب الوضع الاقتصادي السيئ الذي تعيشه الاسر تم إخراج الابناء من المدارس والمخاطرة بهم بدخولهم المعسكرات في سن الطفولة وعليه انتشرت حالة تجنيد الأطفال لاستخدامهم في الحروب مقابل الراتب الذي يحصلوا عليه. وانتشار ظاهرة عمالة الاطفال بشكل غير مسبوق، وذلك يشكل تحدياً خطيراً امام الاسر والاطفال وزيادة انتشار ظاهرة التسرب من التعليم، ويحمل البلد أعباء اقتصادية واجتماعية إضافية. وأكد التقرير أن هذه الظاهرة تتضح بجلاء من خلال ملاحظة الطلاب المتسربين وهم كثر “الباعة في الارصفة والشوارع والمتجولون في الجولات، وممتهنو التسول، والمحاسبون في الباصات، وباعة القات” وبعضهم يعملون في المطاعم وورش النجارة والحدادة وغيرها، في وقت لم تدخل هذه المشكلة قاموس الاهتمام من قبل الدولة والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني. وناشد المركز المنظمات المحلية والدولية والتجار ورجال الاعمال بتقديم المساعدات للاسر والطلاب، لكي يستطيع الطلاب مواصلة الدراسة، وقال: ان التربية أداة لإعداد جيل اليوم لعالم الغد فهي حجر الزاوية لنهضة المجتمع للسعي نحو التقدم والتطور، فالتربية تشكل عقول الأجيال وتنمي لديهم قيم العمل والخير والسلوك الاجتماعي والعدل والديمقراطية والحرية وجميع القيم الفاضلة التي تحول الكائن البشري إلى كائن اجتماعي ومواطن صالح. وكشف التقرير أن الطالب يحتاج إلى حوالي 300-4000 ريال على الاقل لتجهيزه بالمستلزمات والاحتياجات المدرسية، وأن الاسر اليمنية تحتاج الى ما لا يقل عن 24 مليار ريال لإعداد ستة ملايين طالب وطالبة بالمستلزمات الدراسية.. كما كشف التقرير أن أغلب المدارس الحكومية تعاني من الكثافة الطلابية داخل الفصول الدراسية ويبلغ متوسط عدد الطلاب في كل غرفة دراسية في مرحلة التعليم الاساسي في امانة العاصمة حوالي 123 طالباً/ طالبة، وفي تعز حوالي 103 طالباً/ طالبة، وفي عدن حوالي 93 طالباً/ طالبة، بينما في شبوة وأبين ومأرب والمهرة حوالي 34-37 طالباً/ طالبة. وأوضح التقرير ان اجمالي عدد الطلاب في التعليم الاساسي والثانوي بلغ 4.97 مليون، مثل الذكور 58 %، والاناث 42 %. وبلغ عدد طلاب المرحلة الثانوية 575 ألف طالب/ طالبة مثل الذكور 63 %، والاناث 37 %. وبلغ عدد طلاب المرحلة الاساسية 4.4 مليون طالب/ طالبة، مثل الذكور 50 %، والاناث 50 % لعام 2009/2010م. ومثلت اربع محافظات هي (تعز- إب- أمانة العاصمة- الحديدة) ما يقارب 50 % من اجمالي عدد الطلاب، حيث مثلت اعلى نسبة في الجمهورية محافظة تعز 15 %، يليها إب 13 %، ثم امانة العاصمة 10 %، والحديدة 9 %.. وبلغ اجمالي عدد المدرسين في التعليم الاساسي والثانوي 202 ألف، مثل الذكور 74 %، والاناث 26 %، وبلغت نسبة المدرسين الذكور في المرحلة الاساسية 75 %، والاناث 25 %، وبلغت نسبة المدرسين الذكور في المرحلة الثانوية 77 %، والاناث 23 %. بينما مثلت محافظة تعز أعلى نسبة في الجمهورية في عدد المدرسين ب 14 %، إب 10 %، امانة العاصمة 9 %، والحديدة 9 %، وذمار، وحجة، وصنعاء، وحضرموت، ولحج، وعمران 6 %، 5 %، 5 %، 6 %، 6 %، 4 %، وأخذت المحافظات الاخرى بين 1-3 %، فيما بلغت اجمالي عدد المدارس التعليمية في المرحلتين 14.7 ألف مدرسة، وبلغت عدد المدارس المختلطة 13.4 مدرسة، وبلغ عدد مدارس الاناث 1.1 الف مدرسة، وعدد مدارس الذكور 1.2 مدرسة. وبلغت عدد المدارس الثانوية 325 مدرسة، والاساسية 11.8 مدرسة، ومدارس التعليم الاساسي/ الثانوي 3.5 مدرسة.