تدمير المؤسسة العسكرية الجنوبية مفتاح عودة صنعاء لحكم الجنوب    فشل المنظومات الاعتراضية الأمريكية والإسرائيلية وهروب ثلاثة ملايين صهيوني إلى الملاجئ    ورطة إسرائيل.. "أرو" و"ثاد" فشلا في اعتراض صاروخ الحوثيين    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    وزير الصحة ومنظمات دولية يتفقدون مستشفى إسناد للطب النفسي    فيما مصير علي عشال ما يزال مجهولا .. مجهولون يختطفون عمه من وسط عدن    قدسية نصوص الشريعة    في خطابه بالذكرى السنوية للصرخة وحول آخر التطورات.. قائد الثورة : البريطاني ورط نفسه ولينتظر العواقب    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    تطور القدرات العسكرية والتصنيع الحربي    الاجتماع ال 19 للجمعية العامة يستعرض انجازات العام 2024م ومسيرة العطاء والتطور النوعي للشركة: «يمن موبايل» تحافظ على مركزها المالي وتوزع أعلى الارباح على المساهمين بنسبة 40 بالمائة    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    في ذكرى الصرخة في وجه المستكبرين: "الشعار سلاح وموقف"    ملفات على طاولة بن بريك.. "الاقتصاد والخدمات واستعادة الدولة" هل يخترق جدار الأزمات؟    العدوان الأمريكي البريطاني في أسبوع    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    الآنسي يُعزي العميد فرحان باستشهاد نجله ويُشيد ببطولات الجيش    دوي انفجارات في صنعاء بالتزامن مع تحليق للطيران    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى "إسرائيل"    التحذير من شراء الأراضي الواقعة ضمن حمى المواقع الأثرية    وسط إغلاق شامل للمحطات.. الحوثيون يفرضون تقنينًا جديدًا للوقود    صنعاء .. طوابير سيارات واسطوانات أما محطات الوقود وشركتا النفط والغاز توضحان    العشاري: احراق محتويات مكتب المعهد العالي للتوجيه والارشاد بصنعاء توجه إلغائي عنصري    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ سلبي وواقع سيء أمام «المؤتمر الوطني الأول لحقوق الإنسان»..
اليمن .. في مأزق انتهاكات الحقوق!
نشر في الجمهورية يوم 09 - 12 - 2012

تحتضن العاصمة اليمنية صنعاء المؤتمر الوطني الأول لحقوق الإنسان، الذي تنظمه وزارة حقوق الإنسان بالتعاون مع جهات أخرى، بعد عقود من الانتهاكات والتجاهل المتعمد لحقوق الانسان في بلد يعاني عديد التحديات في مختلف مناحي الحياة.. ومن المتوقع أن يقدم المؤتمر قراءة لأوضاع حقوق الانسان في البلاد وتقييم سجل الحقوق وجوانب القصور، للخروج باستراتيجية شاملة بما يوفر ضمانات اوسع لحقوق الانسان.. فما هو واقع وأوضاع حقوق الإنسان في اليمن وما هي أبرز جوانب القصور، وماذا ينتظر من هذا المؤتمر، وما الذي ينبغي لمعالجة الإشكاليات القائمة في هذا الجانب ..؟
الأضعف وتوظيف سياسي
لم يكن وجود وزارة حقوق الإنسان ضمن هيكل الحكومات اليمنية السابقة، طوال الفترة الماضية، ما قبل ثورة 2011م، دليلاً على الاهتمام بقدر ما يدل على أن حقوق الإنسان غائبة تماماً، هكذا قال استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الدكتور عبدالباقي شمسان، ويضيف: «حقوق الإنسان مسألة عويصة ومشكلة كانت محل توظيف سياسي، وكما هو معروف وزارة حقوق الإنسان في المرحلة السابقة كانت أضعف وزارة في الحكومة اليمنية، من حيث الموارد المالية، والتداخل القانوني مع بقية المؤسسات ذات العلاقة، حيث وضعت كغيرها من الهيئات في منظومة قانونية معيقة، وكان الهدف من وجودها إعطاء صورة شكلية لما قطعه البلد من تحول، بينما على المستوى الواقعي ليس لها اثر، وهي سياسة انتهجها النظام السابق، الذي تعامل مع حقوق الإنسان كمطلب خارجي أو كأحد الشروط التي تحقق منح القروض والمساعدات».
وإلى جانب اشكالية المنظومة القانونية، تفتقر وزارة حقوق الانسان إلى استراتيجية تمكنها من تحقيق دور ملموس في الجانب الحقوقي، وفي احدى دراساته الأكاديمية لتقييم عملها، قال الدكتور شمسان: «أتضح انها وزارة مشلولة وضعيفة وغير قادرة على احداث الأثر المطلوب».
وضع سيء ومزرٍ
يقول منسق الحركة اليمنية للتغيير (حياة)، جميل الأصبحي: «وضع حقوق الإنسان في اليمن سيء، لأسباب كثيرة في مقدمتها دورات العنف والصراعات التي عاشتها البلاد طوال الفترة الماضية، وأدت إلى انتهاك الدستور والقوانين من قبل كثير من القوى التي تمتلك السلاح والنفوذ، وأصبحت السيطرة لمن يملك المليشيات والمال غير المشروع، وهذا انعكس على الوضع الانساني والحقوقي بشكل سلبي».
- وأشار الأصبحي إلى ان عدم وجود قضاء نزيه وعدم وجود الدولة التي يبحث عنها اليمنيون حتى اليوم جعل وضع حقوق الانسان في البلاد مزرياً، منوها بأن العملية هي منظومة متكاملة ولايمكن اصلاح قطاع معين دون بقية القطاعات.
الحقوق الصحية والاقتصادية
ومهما يكن الأمر فإن انتهاكات حقوق الانسان في البلاد منذ العام 1990م، أي منذ اعلان الجمهورية اليمنية، لاحصر لها، ومع الأحداث التي شهدتها اليمن خلال العام 2011م، والمتمثلة بخروج اليمنيين في ثورة سلمية ضد النظام السابق تفاقمت الأوضاع بشكل أكبر، وشكلت مرحلة فاصلة في أعمال العنف والمواجهات العسكرية، مسجلة أخطر انتهاكات حقوق الانسان في البلاد، حيث سقط كثير من الضحايا بين شهيد وجريح، فضلا عما خلفته من إعاقات مؤقتة أو مستدامة وتدمير للبنى التحتية، وضعف توفير الخدمات الأساسية لشرائح واسعة من المواطنين، والتدهور الاقتصادي غير المسبوق والذي أدى إلى إغلاق أكثر من 800 منشأة اقتصادية متوسطة وصغيرة وتسريح أكثر من مليون عامل واتساع رقعة الفقر بين شرائح واسعة من المواطنين.- ويلخص استاذ علم الاجتماع السياسي بجامعة صنعاء الأستاذ الدكتور فؤاد الصلاحي، واقع وأوضاع حقوق الانسان في اليمن قائلا: «اليمن من الدول المعروفة لدى المنظمات الاقليمية والدولية أنها بلد تنتهك فيه حقوق الانسان بشكل عام، الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والدينية، وللأسف الجهات المسئولة في موقف متفرج من هذه الانتهاكات حتى اليوم، رغم ان دستور البلاد وقوانينها المحلية تجرم مثل هذه الاعمال، فضلا عن اننا موقعون ومصادقون على كافة المواثيق والاتفاقيات الصادرة عن الأمم المتحدة، بما فيها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدان الدوليان وغيرها».
- ووفقا للدكتور الصلاحي هناك صور عديدة للإنتهاكات التي تمارس ضد اليمنيين: «تجنيد الأطفال، وحمل السلاح في المدن وتأثيراته السلبية، وانتهاكات حرية الرأي (اغلاق صحف، محاكمة صحفيين و...)، فضلا عن انتهاكات للحقوق الصحية والاقتصادية للمواطنين.
وأضاف: «نحن ازاء قضية تستخدم فيها الحقوق اعلاميا للحكومة او لهذا الوزير او ذاك، فعن أي حقوق نتحدث والاقتتال يجري يوميا في الشوارع وتفجيرات هنا وهناك تودي بحياة مدنيين أبرياء، والمواطن لا يجد قوت يومه وحقوقه من السلع الأساسية غائبة، والأدوية والخدمات الصحية غير متوفرة».
التكفير وملفات الجرحى
وكانت حكومة الوفاق الوطني التزمت في برنامجها الذي نالت بموجبه الثقة من البرلمان باحترام وحماية وتحقيق حُقوق الإنسان وتحسين حياة المواطنين وتفعيل وإعمال القانون واحترامه وتطبيقه، وأصدر مجلس الوزراء قراره رقم (12) لعام 2012م بشأن إطلاق سراح المحتجزين بصورة غير مشروعة وغير قانونية وإغلاق كافة أماكن الاحتجاز غير القانونية التي تم استحداثها، كالمثل وجهت لجنة الشئون العسكرية وتحقيق الأمن والاستقرار كل الوحدات العسكرية والأمنية والجهات المعنية الأخرى في صنعاء وبقية المحافظات.
وقال: «كنا نأمل من الثورة الشبابية الشعبية، على الأقل اذا لم ننجح بالتغيير السياسي الكامل، أن تعيد الاحترام لتوسيع حريات الرأي والتعبير، لكن هذا لم يحدث، فانتشرت مؤخرا فتاوى التكفير بل وتعقب الأشخاص واخافتهم، من فصائل سياسية وحزبية،ووزارة حقوق الانسان لم تقم بأي دور ايجابي حيال كثير من الانتهاكات، منها أيضا عدم رصد ملفات جرحى الثورة الشعبية في عموم الساحات واعتبارهم حالات تستحق الدفاع، وعدم اطلاق سراح المعتقلين على خلفية الثورة حتى اليوم، بل اننا لانعرف ماهي السجون المعتقلون فيها، اكانت خاصة ام عسكرية ام مدنية، أيضا المخفيون قسريا، وبعضهم مضى على اختفائه 20 عاماً، وللأسف لم يتم اعداد كشف بهؤلاء حتى اللحظة».
اولوية مهمة
ويتفق مختصون مهتمون أن تاريخ اليمن في حقوق الانسان ليس ايجابيا، ولهذه الأسباب وغيرها يرون أن المؤتمر الوطني الأول لحقوق الانسان يشكل اولوية مهمة في اطار التصور العام لبناء الدولة اليمنية الجديدة، كما هو حال الدكتور عبدالباقي شمسان، يضيف: «مؤتمر حقوق الانسان يعتبر فرصة لكي نؤسس بشكل صحيح، وسيقف هذا المؤتمر امام قضايا كبيرة وكثيرة، فإلى جانب استراتيجية حقوق الإنسان كحاجة ملحة، سيناقش موضوع تأسيس هيئة وطنية مستقلة لحقوق الانسان، خصوصا وأن الدفاع عن حقوق الانسان لا يأتي غالبا عبر مؤسسات رسمية، وبالتالي ستضم هذه الهيئة في تكوينها مختلف المرجعيات وستعمل باستقلال وحرفية عالية، وهذا احد مؤشرات العمل الحقوقي الناجح».
وأضاف الدكتور شمسان: «وسيقدم المؤتمر رؤية واضحة لعديد القضايا المتعلقة بالنساء والشباب والاتجار بالبشر، والعدالة الانتقالية، التي تعتبر احد شروط بناء الدولة الجديدة، وبما من شأنه بناء ذاكرة جديدة تتصالح مع الماضي وتؤسس المستقبل، وبشكل عام نحن نؤسس من جديد، أي من الصفر».
لا علاقة له بواقع
ومن وجهة نظر الدكتور فؤاد الصلاحي فإن وزارة حقوق الانسان واليمن عموما تجيد الاحتفالات ليس إلا، معتبرا أن ما يسمى ب «المؤتمر الأول لحقوق الانسان»، لا علاقة له بواقع حقوق الانسان في البلاد لا من قريب ولا من بعيد، مستغربا مشاركة الناس بحفلات في بلد يعاني من الازمات، «المفروض ان لا نقيم أي نوع الاحتفالات طوال خمس سنوات قادمة، ونوفر مثل هذه النفقات المالية الضخمة للقضايا الحقيقية».
«مهمة الدولة هي حماية المواطنين ومنع الانتهاكات وتمكين المواطن من ممارسة حقوقه، وحماية حقوق الانسان تتم بمستويين، مستوى سلبي بأن تمتنع الجهات المختصة نفسها عن الانتهاكات، ومستوى ايجابي أنها تمكن المواطن من أن يمارس حقه وتدعمه وتمنع أيا كان من أن ينتهك حقوق المواطنة، سواء كان حزبا أم جماعة أم قبيلة وغيرها».
وأشار إلى أن هذا العمل يجب ان تقوم به الحكومة بشكل عام، بوزاراتها المختلفة (الداخلية، الدفاع، الثقافة، التربية و... الخ)، إضافة إلى الأحزاب والمؤسسات الاقتصادية والصناعية، منوها إلى أن جميع هؤلاء يجب ان يحترموا المواطن وتمكينه من حقوقه المختلفة.
عنصر اساسي ومركزي
في المقابل يرى الدكتور عبدالباقي شمسان أن الاهتمام بمؤتمر حقوق الانسان ومخرجاته ينبغي أن يكون ذا اهمية كبرى لاتقل عن مؤتمر الحوار الوطني، على اعتبار أن مسألة حقوق الانسان هي احدى المسائل التي ادت إلى ما حصل في السابق، والتي ستؤسس لمعارك أو لصراع قادم، في حال عدم وضع الحلول المناسبة.
وقال: «هذا المؤتمر لم يحظ بما يستحق من اهتمام، وندعو النخبة والمنظومة السياسية من احزاب ومجتمع مدني ومثقفين ايلاء المؤتمر اهمية خاصة، والايمان بأن خيار حقوق الانسان عنصر اساسي ومركزي في بناء الدولة اليمنية القادمة وحل كثير من القضايا، فضلا عن أن احد اللبنات بناء الدولة هو وجود منظومة قانونية تقوم على المواطنة والمساواة، وهذا احد المطالب التي ينبغي ان يخرج بها المؤتمر».
لجان من المتخصصين
ووفقا لأستاذ علم الاجتماع السياسي الدكتور فؤاد الصلاحي، فإن وزارة حقوق الانسان حديثة ولا تمتلك خبرة كبيرة ولم يكتمل كادرها، مضيفا: «عليها ان تعمل عبر خبراء متخصصين من الداخل والخارج، سواء لتدريب كادرها أو لإعداد تقارير ميدانية حقيقية عن واقع حقوق الانسان في البلاد، خصوصا وأن هناك خبراء محليين اسسوا لهذا المجال بالدراسات والابحاث منذ 20 عاما».
وطالب الصلاحي وزيرة حقوق الانسان بتشكيل لجان من المتخصصين في هذا الجانب ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة، للعمل كفريق واحد سواء في الرصد والتوثيق للانتهاكات التي تمت طوال عام الثورة 2011م والعام الثاني 2012م، وجرحى الثورة، والمخفيين قسريا، ثم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وحق الافراد في الصحة والتعليم، والجماعات المهمشة والمضطهدة وغيرها».
وزاد قائلا: «اذا تحقق هذا سيكون شيئاً جيداً، وستخلق الوزارة بؤرة ضوء سيشعر الناس بأن هنالك تغييراً، بعد ما اسميناه ثورة.
وأوضح الدكتور الصلاحي أن الهدف من الثورة تحقيق تغيير على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، بحيث يشعر اليمني انه مواطن، «فحتى اللحظة العالم كله لاينظر إلى اليمن كمواطنين، بل يعتبرنا قبائل ننتمى إلى القرن العاشر الميلادي».
مطالب الدولة الجديدة
وفوق ذلك أكد الدكتور عبدالباقي شمسان، على ضرورة أن تتسق كافة مخرجات مؤتمر حقوق الانسان ومطالب الدولة الجديدة، مطالبا وزارة حقوق الانسان بوضع رؤية استراتيجية واضحة تستجيب لمتطلبات الدولة المدنية اليمنية الجديدة، منوها بأهمية الدعم المجتمعي والنخبوي، إضافة إلى الدعم الدولي في هذا الجانب.
ويرى شمسان إن معالجة الأوضاع القائمة والنجاح يتطلب نوايا حقيقية، والاستفادة من التجارب الدولية المماثلة، بما يؤدي إلى وضع تصور حقيقي ورؤية تستجيب للواقع اليمني المرحلي والمتوسط وبعيد المدى.
العدالة الانتقالية والحوار
وفي السياق أبدى عديد المهتمين والمختصين قلقهم الشديد من تأخر صدور قانون العدالة الانتقالية، الذي احيل مشروعه إلى رئيس الجمهورية ورئيس حكومة الوفاق الوطني منذ ستة اشهر تقريبا ولم يبت فيه، لعدم توافق اطراف العملية السياسية، ويعد هذا القانون جزءاً من العملية السياسية التي تم التوافق عليها وفقا للمبادرة الخليجية، حيث تعهد المجتمع الدولي والحكومة اليمنية بإقراره تخفيفا من الغضب الشعبي الذي اندلع مع صدور قانون الحصانة.
ويفترض بقانون العدالة الانتقالية إنصاف الضحايا وتحقيق العدل في المجتمع، بما من شأنه بناء السلام الاجتماعي من خلال معالجة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي وتوفير شروط وآليات منع تكرارها في المستقبل.
كما تضمن مشروع القانون، الذي يشمل كافة انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت بدوافع سياسية منذ قيام الجمهورية اليمنية، وما قبلها في حالة وجود ضرر قائم ومستمر، نصوصاً تدعو إلى الإصلاح المؤسسي الشامل للأجهزة التي كانت ضالعة في انتهاكات حقوق الإنسان.
من جهة أخرى هناك عديد القضايا والتدابير القضائية والإدارية والتشريعية التي ينبغي اتخاذها لتعزيز وحماية الحقوق، وهي ما سينظر فيها مؤتمر الحوار الوطني الشامل، والذي سيتمخض عنه إجراء إصلاحات دستورية تهدف في الأساس إلى إصلاح النظام السياسي وتعزيز وحماية الحقوق المدنية والسياسية للمواطنين بما يكفل حرياتهم وحقوقهم من خلال سن وإصلاح المنظومة التشريعية ذات الصلة بتلك الحقوق بما يتواءم مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
«وزارة حقوق الانسان»:
تتعهد بعدم المراهنة والتفريط بالحقوق الانسانية
أكدت وزيرة حقوق الانسان حورية مشهور أن «المؤتمر الوطني الاول لحقوق الانسان» سيركز على مهام المرحلة الحالية وسيقدم رؤية واضحة للعديد من القضايا اهمها ما يتعلق بالعدالة الانتقالية ومكافحة الاتجار بالبشر والاعلام الخاص بالحقوق والمتعايشين مع فيروس نقص المناعة وحقوقهم ودور منظمات المجتمع المدني.
وأشارت مشهور في تصريحات صحفية سابقة، الى ان هذا المؤتمر سيقدم قراءة لأوضاع حقوق الانسان في البلاد وتقييم لسجل الحقوق وجوانب القصور التي حدثت، والتركيز على الخروج باستراتيجية شاملة من قبل الجهات المحلية والاقليمية والدولية المشاركة بفعالية بما يوفر ضمانات اوسع لحقوق الانسان ويحيطها بمزيد من الالتزام.
إلى ذلك تعهدت وزارة حقوق الانسان بجعل الحقوق الانسانية في مقدمة اي وفاق وعدم المراهنة بها، كونها تمس الحياة مباشرة، مؤكدة أن التفريط فيها يزرع المزيد من الضحايا المرئيين وغير المرئيين.
واعترف مصدر رفيع في وزارة حقوق الانسان، أن الوزارة والمستقبل المنظور يواجهان تحديا حقيقيا، يتمثل في حساسية ما خلفته المرحلة الانتقالية بين التمسك بكافة الحقوق وعدم تجزئتها وبين التنازلات السياسية، التي قد تعرض بعضا من الحقوق إلى الخطر.
وقال المصدر: أن الوزارة سعت مؤخرا إلى الاستفادة من عديد التجارب المماثلة، وبما من شأنه الخروج بأفضل النتائج للمضي نحو المستقبل، مشيرا إلى أن هذا لن يكون على حساب الحقوق الانسانية، والتي تجتهد الوزارة بعدم المراهنة بها وجعلها في مقدمة أي وفاق.
ووفقا لبرامج وزارة حقوق الانسان سيخصص لكافة المواضيع التي فيها حق منتهك اهتماما واسعا، على اعتبار أن الحقوق لا تتجزأ ولا يمكن ترحيل جزء على حساب اخر، وأنه سيتم النظر الى كل ما يمس الحقوق بالتساوي، فالصون يبدأ من حسن التقييم ووضع الرؤية الواضحة التي تسهم في تبيين الخلل الذي قد يعرض الالتزامات والمبادئ المحلية والدولية المتعلقة بالكرامة والحياة الى التهديد.
انعدام الثقة بالقضاء
وكان التقرير الوطني السادس عن حالة حقوق الإنسان في اليمن، الذي قدمته وزيرة حقوق الإنسان حورية مشهور إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في اجتماعات دورتها (104)، التي عقدت في نيويورك خلال الفترة من 15-14 مارس الماضي، تضمن مستجدات الأوضاع، وأهم الإنجازات المحققة في هذا الشأن وخصوصا ذات الصلة بتجسيد الالتزام بإنفاذ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فضلا عن استعراض التحديات والصعوبات التي حالت دون تنفيذ كامل الالتزامات.
وقالت مشهور في ذات التقرير: أن أهم التحديات الخطيرة التي تعترض اليمن لضمان تطبيق بنود العهد على المستوى الوطني وتعيق التحول النوعي في مجال تعزيز حقوق الإنسان، تتمثل في اتساع الفقر خاصة في الأرياف وتحديداً بين النساء، واختلال التوزيع السكاني، وعدم كفاية برامج التدريب الحالية في مجال التعريف بحقوق الإنسان الواردة في الاتفاقيات الدولية والموجهة إلى مأموري الضبط القضائي والعاملين في المنشآت العقابية.
إلى جانب عدم وجود الإعتمادات المالية الكافية لتغطية متطلبات السجون بسبب شحة الإمكانيات، وضعف الآليات الوطنية لحماية حقوق الإنسان وعدم تفعيل آليات الرقابة على المنشآت العقابية والمؤسسات الأمنية والعسكرية، وضعف قدرات المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية المعنية، غياب الوعي المجتمعي بالحقوق والواجبات بسبب تفشي الأمية، وانتشار السلاح وضعف سلطة الدولة وغياب مفهوم سيادة القانون، انعدام الثقة بالقضاء والنيابة والأجهزة الأمنية، وانتشار الفساد، والاضطرابات الأمنية.
وطالبت مشهور كل هيئات الأمم المتحدة والدول المانحة بدعم اليمن ومساعدته لتجاوز أزمته وإنعاش اقتصاده بما يفضي إلى تحسن مستوى معيشة الناس وتعزيز حقوقهم الإنسانية الأساسية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.