قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن بقوة السلاح.. ومواطنون يتصدون لحملة سطو مماثلة    وباء يجتاح اليمن وإصابة 40 ألف شخص ووفاة المئات.. الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر    مأساة في ذمار .. انهيار منزل على رؤوس ساكنيه بسبب الأمطار ووفاة أم وطفليها    أول جهة تتبنى إسقاط طائرة أمريكية في سماء مارب    تهريب 73 مليون ريال سعودي عبر طيران اليمنية إلى مدينة جدة السعودية    تدشيين بازار تسويقي لمنتجات معيلات الأسر ضمن برنامج "استلحاق تعليم الفتاة"0    شاب يمني يساعد على دعم عملية السلام في السودان    الليغا ... برشلونة يقترب من حسم الوصافة    أعظم صيغ الصلاة على النبي يوم الجمعة وليلتها.. كررها 500 مرة تكن من السعداء    الخليج يُقارع الاتحاد ويخطف نقطة ثمينة في الدوري السعودي!    "هل تصبح مصر وجهة صعبة المنال لليمنيين؟ ارتفاع أسعار موافقات الدخول"    "عبدالملك الحوثي هبة آلهية لليمن"..."الحوثيون يثيرون غضب الطلاب في جامعة إب"    شاهد.. أول ظهور للفنان الكويتي عبد الله الرويشد في ألمانيا بعد تماثله للشفاء    خلية حوثية إرهابية في قفص الاتهام في عدن.    اختتام التدريب المشترك على مستوى المحافظة لأعضاء اللجان المجتمعية بالعاصمة عدن    مأرب تحدد مهلة 72 ساعة لإغلاق محطات الغاز غير القانونية    مبابي عرض تمثاله الشمعي في باريس    عودة الثنائي الذهبي: كانتي ومبابي يقودان فرنسا لحصد لقب يورو 2024    لا صافرة بعد الأذان: أوامر ملكية سعودية تُنظم مباريات كرة القدم وفقاً لأوقات الصلاة    اللجنة العليا للاختبارات بوزارة التربية تناقش إجراءات الاعداد والتهيئة لاختبارات شهادة الثانوية العامة    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    لحج.. محكمة الحوطة الابتدائية تبدأ جلسات محاكمة المتهمين بقتل الشيخ محسن الرشيدي ورفاقه    العليمي يؤكد موقف اليمن بشأن القضية الفلسطينية ويحذر من الخطر الإيراني على المنطقة مميز    انكماش اقتصاد اليابان في الربع الأول من العام الجاري 2024    يوفنتوس يتوج بكأس إيطاليا لكرة القدم للمرة ال15 في تاريخه    النقد الدولي: الذكاء الاصطناعي يضرب سوق العمل وسيؤثر على 60 % من الوظائف    تحذيرات أُممية من مخاطر الأعاصير في خليج عدن والبحر العربي خلال الأيام القادمة مميز    رئيس مجلس القيادة يدعو القادة العرب الى التصدي لمشروع استهداف الدولة الوطنية    اليونسكو تطلق دعوة لجمع البيانات بشأن الممتلكات الثقافية اليمنية المنهوبة والمهربة الى الخارج مميز    وعود الهلآّس بن مبارك ستلحق بصيف بن دغر البارد إن لم يقرنها بالعمل الجاد    600 ألف دولار تسرق يوميا من وقود كهرباء عدن تساوي = 220 مليون سنويا(وثائق)    تغاريد حرة.. عن الانتظار الذي يستنزف الروح    انطلاق أسبوع النزال لبطولة "أبوظبي إكستريم" (ADXC 4) في باريس    قيادي حوثي يسطو على منزل مواطن في محافظة إب    المملكة المتحدة تعلن عن تعزيز تمويل المساعدات الغذائية لليمن    ترحيل أكثر من 16 ألف مغترب يمني من السعودية    وفاة طفل غرقا في إب بعد يومين من وفاة أربع فتيات بحادثة مماثلة    سرّ السعادة الأبدية: مفتاح الجنة بانتظارك في 30 ثانية فقط!    نهاية مأساوية لطبيبة سعودية بعد مناوبة في عملها لمدة 24 ساعة (الاسم والصور)    شاهد: مفاجأة من العصر الذهبي! رئيس يمني سابق كان ممثلا في المسرح وبدور إمراة    البريمييرليغ: اليونايتد يتفوق على نيوكاسل    600 ألف فلسطيني نزحوا من رفح منذ تكثيف الهجوم الإسرائيلي    ظلام دامس يلف عدن: مشروع الكهرباء التجارية يلفظ أنفاسه الأخيرة تحت وطأة الأزمة!    وصول دفعة الأمل العاشرة من مرضى سرطان الغدة الدرقية الى مصر للعلاج    ياراعيات الغنم ..في زمن الانتر نت و بالخير!.    استقرار اسعار الذهب مع ترقب بيانات التضخم الأميركية    صحة غزة: ارتفاع حصيلة الشهداء إلى 35 ألفا و233 منذ 7 أكتوبر    تسجيل مئات الحالات يومياً بالكوليرا وتوقعات أممية بإصابة ربع مليون يمني    لماذا منعت مسرحيات الكاتب المصري الشرقاوي "الحسين ثائرآ"    هل الشاعرُ شاعرٌ دائما؟ وهل غيرُ الشاعرِ شاعر أحيانا؟    قصص مدهشة وخواطر عجيبة تسر الخاطر وتسعد الناظر    وداعاً للمعاصي! خطوات سهلة وبسيطة تُقربك من الله.    افتتاح مسجد السيدة زينب يعيد للقاهرة مكانتها التاريخية    الامم المتحدة: 30 ألف حالة كوليرا في اليمن وتوقعات ان تصل الى ربع مليون بحلول سبتمبر مميز    في افتتاح مسجد السيدة زينب.. السيسي: أهل بيت الرسول وجدوا الأمن والأمان بمصر(صور)    احذر.. هذه التغيرات في قدميك تدل على مشاكل بالكبد    دموع "صنعاء القديمة"    هناك في العرب هشام بن عمرو !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الدهمشي ل(الجمهورية):
القوى السياسية التي التحقت بالثورة لم تدرك أن التغيير يشملها
نشر في الجمهورية يوم 26 - 01 - 2013

قال : إن أزمتنا في اليمن غياب الدولة والأمل معقود على مؤتمر الحوار الوطني الذي يعول عليه أن ينقل الناس إلى الدولة .. الدكتور عبدالله الدهمشي في حوار مع (الجمهورية) يدعو الأحزاب إلى تقديم رؤيتها للدولة المدنية إلى مؤتمر الحوار ..
أستاذ عبدالله مرحباً بك في هذا الحوار، وأبدأ من جديد قراءتكم لطبيعة المشهد السياسي في البلاد؟
مرحبا ًبك أولاً والشكر موصول لصحيفة الجمهورية على هذه الزيارة الطيبة، والتي تميزت في فترتها الأخيرة فواكبت التغيير والمرحلة، ما يتعلق بالمشهد السياسي تبدأ من انعقاد مجلس الأمن الدولي في اليمن هذه الأيام وهي من الجلسات المعدودة جدا في تاريخ مجلس الأمن التي يعقد جلساته خارج مقره الرسمي في نيويورك..
ما دلالة انعقاده في صنعاء في صورة تبدو ملفتة للجميع ولم تكن متوقعة؟
هذا الانعقاد وهذا الحضور الدولي اقتصادياً وسياسياً وأمنياً وعسكرياً يدل على أن الفرقاء اليمنيين غير قادرين على تسوية أزماتهم أو حتى إنجاز أهدافهم بإرادة مستقلة داخلية، هذا الحضور الدولي مؤشراته “الإيجابية” تكاد تنحصر في رضوخ الفرقاء لإرادة خارجية تقينا شر الصراع بينهم، وأنا لا أعتبر ذلك إيجابية ، إلا لأن المرحلة والظرف الحالي يحتم علينا القول ذلك نتيجة لما نتوقعه من الصراع لو لم يكن هذا الحضور. البديل للحضور الدولي الصراع ونزيف الدم.
بالمقابل أيضاً ما هي المخاطر الراهنة والمستقبلية على أمن وسيادة البلاد من هذا الحضور؟
هذا الحضور الدولي إذا طبقت عليه قوانين الفيزياء ستجده يخضع لقانون الفراغ، الفراغ وجد في الساحة الداخلية فملأته إرادة إقليمية ودولية.. فراغ سياسي من كل القوى المتصارعة على الساحة اليمنية على السلطة وعلى مصالحها لأنها لا تمتلك المشروع الوطني الكبير الذي يحفظ المصالح العامة ومصالح كل الفئات وشراكتها في بناء اليمن الجديد وتحريك عجلة التنمية فيه..
ولكن هناك فراغاً «سياسياً» في بعض دول الربيع العربي حاصل اليوم لكن المجتمع الدولي لم يلتفت إليه كما التفت لليمن.. ما سر هذا الاهتمام الكبير باليمن؟
نحن أزمتنا في اليمن بصورة رئيسية هي غياب الدولة، خلافا لتونس أو مصر، أو حتى ليبيا القريبة في تركيبتها من اليمن فيها دولة أو ما يشبه الدولة على الأقل، أما اليمن فهي تعاني من غياب الدولة، الدولة غيبت بفعل توافق داخلي إقليمي أولاً في العام 1968م وتعمد هذا التوافق بالمصالحة عام 70م واستمر هذا الفعل إلى العام 90م وما لحقه عام 94م وتشكلت مراكز قوى بدلا عن الدولة..
تقول لم يكن في اليمن دولة، ولكن لطالما سمعنا من النظام السابق أنه قال إنه أسس اليمن الحديث وبنى دولة النظام والقانون..إلخ؟
لو كان هذا النظام يعي ما يقول لما كانت هناك أزمة أصلاً اعترف بها ووقع عليها عام 2011م..
أزمة أم ثورة؟
أزمة، وفي الحقيقة أنا لا أسميها ثورة، أنا أسميها حركة احتجاج شعبي واسعة نتيجة لانسداد الأفق السياسي بين قوى النظام المتصارعة، آنذاك ،حصلت حركة احتجاج شعبي تطالب بتغيير النظام..
ليست ثورة.. ماذا نقول عن الملايين التي خرجت في مختلف الساحات والميادين على طول البلاد وعرضها؟
حركة احتجاج شعبي، وهذه موجودة في علم السياسة، وليست من عندي، الثورة أصلا تهدف لتغيير الواقع تغييرا ًجذرياً شاملاً، في اليمن تحققت بعض الأهداف الجذرية من ثورة 26 سبتمبر 62م أو أكتوبر 63م عمل الناس على تغيير النظام الملكي مثلما انتقل الناس بعد ثورة أكتوبر بعد احتلال خارجي إلى نظام داخلي ودولة مستقلة.. وما صنعته الحركة الاحتجاجية عندنا أنها فرضت التغيير على السلطة والمعارضة.
أيضا ما حصل في دول الربيع العربي الأخرى حركات احتجاجات شعبية؟
نعم، وليست ثورات.
طيب دعنا نعود للخلف قليلاً ومن زاوية أوسع ننظر إلى المشهد الاحتجاجي من أوله إلى اليوم من وجهة نظرك؟
دعنا نتذكر ما حصل في العام 2009م والعام 2010م، طبعا كان هناك استحقاق ديمقراطي انتخابي لم يستطع لا النظام آنذاك ولا قوى المعارضة أن تنجز هذا الاستحقاق أو تتفق على إنجازه لأنها كانت تعيش أزمة لا يمكن حلها إلا بتغيير جذري وجوهري شامل، انتفضت الجماهير أولا عندما أعلن حزب المؤتمر قلع العداد وقال إنه سيذهب إلى الانتخابات منفرداً، وعجزت قوى المعارضة أن تكبح جماح هذا الفعل، فخرجت الجماهير، وأنا أذكر أولاً هنا أن قيادة اللقاء المشترك في بداية الأزمة عقدت مؤتمراً صحفياً أكدت فيه أنها لا يمكن استنساخ ما جرى في تونس أو في مصر نتيجة لخصوصية اليمن؛ لكن الجماهير خرجت ثم استدعت قيادة هذه الأحزاب إلى قيادتها، طبعا بعد ذلك خرجت قوى النظام لتكبح جماح هذه الحركة من بدايتها وعطلت مسيرة التغيير الجذري الشامل وحولت المشهد إلى أزمة انتهت بالتسوية، وكان تغيير النظام يشمل هيكله ووظائفه كاملا وليس إخراج علي عبدالله صالح من الحكم فقط وأبنائه من السلطة، لأنه خلال 33 عاما تم بناء نظام لا علاقة له بالدولة، نظام عطل الدستور، عطل سيادة القانون، استطاع أي شخص أن يضرب خطوط الكهرباء أو أنابيب النفط، أو يخطف سائحاً، وتذهب الدولة لتكافئه بدلاً من أن تفرض عليه القانون، وكان المطلوب هو تغيير هذه البنية ونقل البلد من وضع اللادولة إلى الدولة، وهو الآن ما يتم إعاقته لكننا نأمل من الحوار الوطني القادم أن يضعنا على عتبات الدولة الصحيحة، الدولة المدنية أولا ثم نتحدث عن نوعها..
يقول البعض إن قيادة اللقاء المشترك والقوى السياسية قد التحقت بالثورة ثم خطفتها على الشباب الثائرين فعلا..؟
لنكن دقيقين في الوصف الأحزاب أو القوى السياسية لم تخطفها لأنها لا تستطيع خطفها هي حملت عجزها إلى حركة الشارع وعرقلت هذه الحركة لأنها لا تحمل المشروع السياسي البعيد والتنفيذي للانتقال إلى مرحلة جديدة، وقد جاءت المبادرة الخليجية إنقاذا للطرفين مع أن الطرفين السلطة والمعارضة لم يكونا مقتنعين بها، وعبر كل منهما عن رفضه لها، لكن القبول بها كان مما ليس منه بد! هذه الأحزاب والقوى السياسية التي التحقت بالثورة لم تدرك أن التغيير أيضا يشملها، بمعنى أنها إحدى أدوات الأزمة التي فشلت في تحقيق مطالبها، يعني عندما تتفق مع الحزب الحاكم على تأجيل الانتخابات ضمن عملية معينة وتفشل في تحقيقها أو تفشل في فرض ما اتفقت عليه المفروض أنها كانت الآن تغير رؤيتها ومواقفها لتواكب التغيير لكنها إلى الآن لم تفعل ذلك، نحن الآن متوجهون لمؤتمر الحوار الوطني، فهل قرأت لحزب ما رؤيته للحوار، المفروض أنه يحشد أتباعه على الأقل للتوعية ووضع الناس في الصورة، ويقدم رؤية للحوار الوطني مولدة من رأي شعبي ضاغط ليحققوا المصلحة الوطنية من خلال الحوار..
حسبما استشف أن أجندات الحوار الوطني القادم مطروحة ربما من الإقليم والمجتمع الدولي على الأحزاب وعلى المتحاورين بشكل عام..؟
بل الأنكأ من ذلك أنك تجد من يمارس تسييس الوظيفة العامة، ما كنا نعاني منه خلال الثلاثين والثلاثين السنة الماضية أن النظام رأى في الوظيفة العامة ملكاً شخصياً له يعطي منها ما شاء ويمنع منها من شاء! اليوم هذه العقلية لا تزال تسيطر على قوى الائتلاف في حكومة الوفاق فيقاسمان الوظيفة العامة سياسيا ًوالمفروض أن يدخل القانون إلى الوظيفة العامة..
على ذكر حكومة الوفاق.. ما تقييمك لها؟
حكومة الوفاق الوطني ليس مطلوباً منها أن تنجز أكثر من مهامها، هي حكومة انتقالية تهيئ للانتقال لمرحلة جديدة، والمفروض أن تهيئ للانتقال إلى مرحلة القانون الإداري مثلا، تهيئ لتحييد المال العام.. تحييد الإعلام، تعمل الخطى التي تهيئ الانتقال إلى المرحلة الجديدة. لكن للأسف لم تصدر أية إشارة من الحكومة في هذا الاتجاه، وكأن الأمور موكولة إلى مؤتمر الحوار الوطني..
ربما هذا بحكم أن الكثير يعلق على الحوار الوطني أملاً كبيراً في الخروج من النفق الذي نعيشه..؟
طبعاً، لأن بالحوار سينتقل الناس إلى الدولة، ولا يتم ذلك إلا بتوافق وطني، ما دام والحوار الوطني سيجمع كل هذه القوى فإذا توافقت على بناء الدولة فهذا شيء جيد، مؤتمر الحوار الوطني سيخلق ما يشبه التوافق الوطني من قبل القوى المشاركة فيه القبول بالدولة..
ما هي التحديات الرئيسية التي تقف أمام الحوار وأمام بناء الدولة بشكل عام؟
أشرت قبل قليل إلى عام 68م تم تغييب الدولة وقد تعمدت المصالحة عام 70م، واختطفت الدولة بناء على توافق داخلي خارجي، واتفقوا على أن تهمش بقعة جغرافية ما من الوطن وتستبدل بالمشايخ والرموز القبلية، مما خلق ثنائية رعوي الشيخ، كانت العلاقة تمر من الدولة إلى المواطن عن طريق الشيخ، باعتبار هذا المواطن رعوي الشيخ لا مواطن الدولة! طبعا هذه المنطقة حرمت من التعليم .. من الخدمات.. من الوجود القانوني للدولة فيها عمداً، مع العلم أن هذه البقعة من اليمن هي منطلق الحضارة اليمنية في القرون السابقة، وهي مؤثرة لقربها من العاصمة هكذا أرادات مراكز النفوذ، وهكذا أراد الخارج. في عام 94م فرض هذا النظام بصورة أوضح، فأصبح الجنوب إقطاعية عسكرية لفلان وفلان وتمت إزاحتها مؤخرا من التي نعرفها جميعا، واليوم لا زالت هذه القوى التي ادعت أنها ستحمي حركة الانتفاضة الشعبية تريد أن يبقى هذا النمط من الدولة، وأن تكون المناطق العسكرية هي عبارة عن إقطاعيات كاملة لهم..
تحمل الآخر “الطرف الإقليمي” عبء اليمن ومشاكله كلها.. أين اليمنيون منها؟ ألا ترى أننا من دمر دولتنا بأنفسنا قبل غيرنا؟
هذا الطرف الإقليمي أصلا حاضر عبر وسائطه هنا في الداخل وعمل على تصفية القوى الوطنية من أغسطس 68م وإلى اليوم، اليوم الوجوه التي تراها في الشوارع من المخفيين قسراً هي بعض من تمت تصفيتهم والقضاء عليهم، نفس الأمر جرى في 94م لضرب دولة الوحدة وتدميرها ونهب وسلب وتشريد وإبعاد عن الوظائف، هذا الطرف الإقليمي حارب وجود الدولة من أساسها، وساهم في خلق هذا الوضع الذي نحن فيه..
أين هي القوى الوطنية من هذا التآمر؟
القوى الوطنية حاضرة وصارعت مقابل صراع القوى التقليدية التي فرضت هذا النظام. وفي عام 2011م وصلت هذه القوى إلى طريق مسدود جميعاً..
أسألك الآن عن النخبة الثقافية في البلاد التي غاب دورها بشكل ملحوظ قياساً إلى دور النخب السابقة في الأحداث السياسية التي لعبت فيها دوراً إيجابياً كبيراً؟
تعرف أن النخبة الثقافية ضربت في العمق، وأقول لك أنا تم اعتقالي عام 82م وعمري 15 سنة لا لشيء إلا لأني كنت أحمل كتاباً، كانت التهمة الرئيسية لكثير من المعتقلين هي وجود كتاب مع أي منهم! كان عندي كتاب اسمه «التركيبة التحتية للثورة» لماوتسي تونج فكان تهمة أودت بي إلى السجن بلا محاكمة، الصحف وكانت حينها تصدر عن وزارة الأوقاف كنت تقرؤها ونصفها مطموس بتوجيهات الرقيب، القوى التقليدية تحكمت في التعليم، وتحكمت في الإعلام، وأعادوا إنتاج الماضي، وأقول لك: نحن اليوم ما تأخذنا دعوة الحوثي للنظر فيها باعتبارها تدعو للسلالية لكننا لا نرى الحقيقة التي دفعتهم لذلك، الجمهورية جاءت لتقضي على الفوارق بين الناس وتحقق مواطنة متساوية فإذا بنا نرى أن المواطنة تعني مساواة أبناء فلان بأبناء فلان فقط، حتى إن احد هؤلاء لم يتحرج أن يقول من على شاشة قناة فضائية إن مصدر قوته هي قبيلة حاشد، الهاشميون لجأوا إلى عصبيتهم مثلما لجأ هذا إلى عصبيته، هذا النظام هو الذي ألغى المواطنة المتساوية وخلق العصبيات وهو الآن مع بقاياه يسعى لتدمير ما تبقى من الهوية الوطنية الجامعة ليخلق نزعات عنصرية.. يا أخي أنا في المحافظات الجنوبية لست حاشدياً، ولا بكيلياً، ولا هاشمياً، ولا ولا. أنا مواطن فقط، أتكلم عن الأحزاب، مثلاً عن الإصلاح وهو أكبر الأحزاب كانوا يعيبون على النظام أنه اتخذ الوظيفة العامة ملكية يوزعها، الآن هي تتعامل معها بنفس العقلية، هي اليوم تتوزعها فقط توزعت الدائرة..
قد يكون هذا التقاسم الذي تشير إليه تقاسماً موضوعياً بين قوى حزبية مختلفة لها حضورها الكبير في الشعب..؟
أقول لك: أنا موجود في هذه المرحلة لأؤسس بديلاً للنظام السابق لا أكرر تجربته اليوم، الذين ظلموا في النظام السابق لا بد أن ينالوا حقهم اليوم، على أساس قانوني إداري، لا على أساس المحاصصة الحزبية، ثانياً: حزب الإصلاح من سابق اعتمد على ركائز قبلية، لكن اليوم لماذا يعتمد عليها ما دام وقد ظهرت الجماهير الشعبية تسانده؟ انظر الذي صنع عبد ربه منصور هادي اليوم هو الشعب كافة وليست قبيلة حاشد، هذه المراكز احتمت بالثورة وهي تريد اليوم أن تواصل مشوارها من جديد! من سابق كانت الدائرة بين الشيخ ورئيسه أو بين الرئيس وشيخه، لكن عندما اتسعت هذه الدائرة بينهم هم طبعاً وبرز الأولاد اختلفوا، اليوم الدائرة أوسع من تلك، أو من أي شخص يقول لك أنا زعيم حاشد أو بكيل. الدائرة اليوم لم تعد دائرة أولاد، بقدر ما صارت دائرة شعب. وإذا لم ننتقل إلى دائرة الشعب والمواطن فلن نخلق دولة أبداً.
بم تعلل ظهور النزعة العنصرية الإمامية القائمة على العرق والسلالة بعد خمسين عاماً على النظام الجمهوري؟
قلت سابقاً هو منطق الاحتماء بالعصبية حين تغيب المواطنة المتساوية، الناس يبحثون عما يقوي نفوذهم، الدولة هي التي صنعت هذه العنصرية، حتى القضية الجنوبية الجنوبيون حين يقولون اليوم نحن جنوبيون أصلاً هم لم يجدوا المواطنة المتساوية فتجمعوا في تكتلات جغرافية ليعبروا عن وجوهم، عندما وجدوا من يعبر عن سنحان، والآخر عن حاشد، هم قالوا بالأخير نحن جنوبيون.
ننتقل إلى محور آخر في الحديث عن الإسلاميين والربيع العربي ورؤيتك الخاصة هنا؟
التيار الديني موجود من سابق وليس جديداً..
عفواً أتكلم عن التيار الإسلامي السياسي.. الشعب كله متدين..؟
نعم، هذا التيار كان موجوداً من سابق، وخاض صراعات سياسية، في اليمن التيار الإسلامي السياسي كان شريكاً في الحكم، لم تجد أياً من قياداتهم قد سجنت أو قتلت أو سحلت كما حصل لنظرائهم في بعض الدول، أو كما حصل لزملائهم من الأحزاب الأخرى. في عام 94م تعرف أنهم غيروا الدستور وساهموا في صناعة اللادولة. ونحن نريد أن نقرأ المشهد على عمومه بدون الغوص في التفاصيل، هذه الأنظمة وصلت إلى طريق مسدود فانتفضت الجماهير صانعة فرصة سياسية للتغيير، وانظر في مصر وتونس وصلوا إلى السلطة لأنهم لم يكونوا جزءاً من النظام السابق لكن في اليمن كانوا مشاركين في المشهد وفي النظام السابق... الأزمة عندنا في الوطن العربي جميعاً يساراً ويميناً أننا لا نملك الفكر السياسي ولا التجربة السياسية، نحن جديدون على العمل السياسي وعمرنا فيه خمسون عاماً فقط، إلى فترة قريبة والأتراك يمارسون العمل السياسي بدلاً عنا، ثم جاء الاستعمار أيضا ومارس نفس الدور. الشعب العربي لم يمتلك التجربة السياسية إلا من قريب، ولا أحد يمتلك نظرية سياسية من الجميع، حتى من يقول بالمرجعية العقائدية علمانية أو يسارية أو دينية، ليس لها مجال فكري أستطيع أقيس عليه، مثلا أنا أريد دولة ديمقراطية، وليحكمها من يحكم، يحكم الحوثي، أو الإصلاح أو الاشتراكي، أو الناصري أو من يحكم. هذه الدولة التي أريد، لكن للأسف هذا لا يوجد، لا توجد قيم ثابتة أو مرجعية معينة للدولة عندنا.
بم تعلل التراجع الملحوظ لدى اليسار ، ليس في اليمن فحسب ، بل في كل المنطقة على الرغم من عدالة قضيته التي يحملها؟
اليسار امتلك قضية اجتماعية، لكن رأى أن الوصول إليها عن طريق سلطة الحكم، ولم يعط المضمون الثقافي أو الاجتماعي حقه في هذه الفترة، فلما تغيرت السلطة في التسعينيات مثلا عندنا سقطت الفكرة، كيف أطالب بسلطة سياسية وأنا ليس لي رؤية في الاقتصاد؟ الرأسمالية لا تصلح عندنا، الرخاء الغربي قائم على موارد العالم الثالث ونحن لا نستطيع أصلا أن نستغل أحدا لنحقق هذا الرخاء، وبالتالي لا بد أن نجيب على سؤال الاقتصاد، فإذا أردنا تعددية سياسية فلا بد من إقامة تعددية اقتصادية، النفط عندنا من يملكه الشعب أم شركة أجنبية؟!! عندنا الاقتصاد الخيري، الاقتصاد التعاوني، الاقتصاد الرأسمالي عندنا لا يستطيع أن يبني شركة كهرباء، لذا يجب أن نخلق نظرية في الاقتصاد موازية للنظرية السياسية..
أرانا استطردنا في الكلام.. نعود إلى سبب غياب اليسار..؟
عندما انهارت منه السلطة وكانت له مرجعية عالمية من السلطة السياسية سقط، كان معتمداً على سلطة الدولة. وكما قلت لك سابقاً لا يوجد لدينا فكر سياسي نحن مجدبون في هذا الجانب واليسار جزء من المجتمع العربي.
بم تعلل تعاطف بعض رموز وشباب اليسار اليوم مع الحوثي وفكره في معادلة طردية غير متوقعة؟
خوفاً من الإصلاح..
ولم يخافون من الإصلاح.. الإصلاح حزب مدني سياسي..؟
حزب الإصلاح كان الحزب الحاكم أيام علي عبدالله صالح.
أراك جانبت الحقيقة هنا أستاذ عبدالله.. الإصلاحيون معارضون وقد حسموا أمرهم مع نظام علي عبدالله صالح من وقت مبكر..؟
الإصلاح كان اليد الثقافية والاجتماعية لعلي عبدالله صالح طوال فترة حكمه..
نستطيع القول إنهم شاركوا في الحكم حتى 97م تقريباً لكنهم خرجوا منه بعد ذلك وانتقلوا إلى صف المعارضة؟
من مرشحهم في انتخابات 99م الرئاسية؟ أليس مرشحهم علي عبدالله صالح قبل المؤتمر الشعبي العام؟ وقد كانوا القوة الوحيدة آنذاك التي تستطيع أن تنزل مرشحاً، لم يحسموا أمرهم مع علي عبدالله صالح، إلا في العام 2006م.
عفواً..مزيداً من التوضيح حول حقيقة الخوف من الإصلاح بالنسبة لبعض اليساريين الذين خافوا منه فانضموا إلى الحوثي؟
حقيقة الخوف تكمن في أنه لا يشكل الدولة المدنية.. لا يزال متمسكاً بالقوى التقليدية القبلية فيه التي كان يتمسك بها علي عبدالله صالح، لا يزال متمسكاً بحميد الأحمر.. لا يزال متمسكا بعلي محسن على حساب الشعب الذي ثار ضد هؤلاء..
طيب..علي محسن ليس عضواً في الإصلاح، وحميد الأحمر عضو واحد ورأيه مثل رأي أي شخص في إطار تكوينه، ونحن نعرف الإصلاح حزب مؤسسي ويحتكم إلى مؤسساته لا إلى أفراد فيه، هذا من جهة، ومن جهة ثانية هل الحوثي يشكل الدولة المدنية حتى يكون البديل عن الإصلاح؟!!
تعرف أن حميد الأحمر قال إن مصدر قوته هي قبيلة حاشد وليس حزب الإصلاح وليس مواطنته، ويتحرك من مصلحة هذه القوة والشعب كله ليس حاشد، مع احترامي لحاشد التي كانت يوماً ما بيئة حضارية في السابق، الناس يخافون من إعادة إنتاج نظام علي عبدالله صالح، يخاف الناس من المواطنة غير المتساوية، يا أخي عدن ليست حاشد، الحديدة ليست حاشد، تعز ليست حاشد، إب.. الضالع.. حضرموت.. الناس يريدون مساواة، لا يريدون كانتونات جغرافية يستقوون بها، الناس أقاموا ثورة ويريدون مواطنة متساوية..طيب حميد الأحمر عندما يحتمي بحاشد ،الهاشميون تأخذهم نزعتهم للاحتماء بعرقيتهم.. كيف نبررها لحميد الأحمر ونعيبها على الهاشميين؟
من ناحية ثانية الإصلاح حزب واحد في منظومة أحزاب وقوى سياسية أخرى تعمل على الساحة بطريقة توافقية.. هل هو المسيطر الوحيد؟
الإصلاح أكبر الأحزاب ويجب أن نعترف بذلك، وهو يمتلك مرجعية عقائدية، وله امتيازات قبلية وعسكرية، ويمتلك الغالبية الشعبية، وقد كان تحالفه مع القوى التقليدية هو الذي جعل الناس يتحالفون مع الحوثي، ألم أقل لك حميد الأحمر يستقوي بحاشد مثله مثل الحوثي يستقوي بهاشميته.
لنفترض أن تصريح حميد الأحمر تصريح نزق أحمق في لحظة عابرة هل هو مبرر لأن يبرز لنا الحوثي بعنصريته؟
اسألك: من الذي سيطر على الحصبة من السابق؟ أليست مليشيات خارجة عن النظام والقانون؟ مثلما سيطر على صعدة مليشيات تابعة للحوثي. وانظر في المناطق التي غابت عنها الدولة سيطر عليها المشايخ ووجدت الجماعات المسلحة.
فإذا أردنا أن نعالج مشكلة السلاح في هذه المناطق فعلى الدولة أن تحضر إلى هناك، وإما أن يستمر هذا الوضع. ولا تفهمني خطأ أنا ضد أي جماعة مسلحة، أو ضد استخدام الدين لإثارة النزعات الطائفية والعنصرية. نريد هوية واحدة، في الشمال أو الجنوب، هوية المواطنة المتساوية.. إخواننا في الجنوب اليوم مصرون على أن نلغي الهوية الوطنية الجامعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.