“وضع حجر الأساس لمشروع بناء اليمن الجديد، وتحسين مستوى معيشة المواطنين، والنهوض بمستوى الخدمات وغيرها”.. تلك أهم تطلُّعات ومطالب عدد من اليمنيين ممن تحدّثوا ل «الجمهورية» في هذا الاستطلاع الذي رصد أيضاً مواقف وأحداث خلّفها العام 2013م.. يقول الشاب ماهر عثمان، وهو موظف حكومي: “أتمنى قبل نهاية العام 2014م «خلال العام 2014م» أن نصل في اليمن إلى حل سياسي مناسب لجميع الأطراف السياسية والاجتماعية، وأن نضع بالفعل حجر الأساس لمشروع بناء اليمن الجديد..”. وكما هو حال جميع اليمنيين يتمنى ماهر أمناً واستقراراً حقيقياً، وتحسين مستوى معيشة المواطنين والنهوض بمستوى الخدمات، يضيف: “أما على الصعيد الشخصي؛ فأسعى إلى أن أكون قد أنهيت دراسة الماجستير في مجال إدارة الأعمال، بالإضافة إلى الانتهاء من قسط السيارة..”. ويؤكد ماهر عثمان أن أبرز حدث عاشه في العام 2013م هو توفيق الله له بأن يبدأ حياته العائلية من جديد بعد تجربة زواج لم تكن موفقة في العام 2012م: “وفقت في العام 2013م بزواجي، وأنتظر حالياً ابنتي البكر بفارغ الصبر، علّمتني هذه التجربة أن الأمل بالله أبداً لا ينقطع، وتذوّقت بالفعل حلاوة أن تنهض مجدّداً بعد أن تتعثر..” يقول ماهر. ميزة خاصة وبالنسبة للطالب الجامعي عبدالقادر سعيد عبده أحمد، فالعام الميلادي الجديد 2014م له ميزة خاصة، يقول عبدالقادر: “خلال هذا العام سأتخرج - إن شاء الله - من دراستي الجامعية بتفوّق حاملاً شهادة البكالوريوس من كلية الهندسة جامعة عدن تخصُّص هندسة مكانيكية، وسيحصل والدي العزيز أيضاً على شهادة الدكتوراه، وأتمنّى شخصياً أن أحصل على وظيفة أو فرصة عمل مناسبة لأخفف العبء عن كاهل أسرتي التي تكفّلت بنفقاتي طوال فترة دراستي”. يوافقه جانباً من الرأي عبدالرحمن عدنان قائلاً: “2014م هو عام تخرجي من كلية التجارة جامعة صنعاء إن شاء الله، وأتمنّى أن أجد وظيفة في أسرع وقت ممكن، ليس مهماً في القطاع الحكومي أو الخاص، في هذه الحالة يمكنني أن أنظر إلى مستقبلي والاهتمام بأسرتي؛ لكن هناك بوادر سلبية تلوح في الأفق؛ لهذا أتمنّى أن تتغيّر الأمور نحو الأفضل”. الحل المناسب للقضية الجنوبية ويتطلّع عبدالقادر سعيد أيضاً أن يلمس في هذا العام الخطوات الأولى لنتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل والذي يأمل أن يُخرج اليمن من أزمتها ويضع الحل المناسب للقضية الجنوبية. وفوق ذلك، والحديث لعبدالقادر: “نأمل أن تنتهي المرحلة الانتقالية بحيث تشكّل حكومة قادرة على أن توفر أبسط مقومات الحياة من الأمن والكهرباء وغيرهما، وأتمنّى للشعب السوري الشقيق حل قضيتهم عبر الحوار وأن تنتهي هذه الأزمة”. ويؤكد عبدالقادر سعيد أن أصعب المواقف التي واجهها خلال العام 2013م تمثّلت في مستوى الخوف الذي لم يسبق له مثيل جرّاء مواجهات مسلّحة في أحد أسواق المحافظات الجنوبية، يقول عبدالقادر: “عندما كنت مسافراً من عدن إلى القرية "أحد أرياف محافظة تعز" وأنا في سوق طور الباحة "مديرية تابعة لمحافظة لحج" حدث اشتباك مسلّح وسط السوق الذي كان مكتظاً بعشرات المواطنين ما أدّى إلى هروبنا جميعاً، وانتشر الخوف والهلع في المكان لكني نجوت بفضل الله..”. ويعتبر عبدالقادر أن زيارته لقلعة القاهرة التاريخية في محافظة تعز كان أبرز موقف جيد بالنسبة له خلال العام 2013م. اختبار مستقبل البلاد يقول اليمنيون إن العام 2014م يمثّل مرحلة اختبار حقيقية لمستقبل البلاد من خلال بداية تطبيق نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل على أرض الواقع، الذي يهدف إلى وضع دستور جديد وتنفيذ إصلاحات ديمقراطية باعتباره أهم استحقاقات اتفاق التسوية السياسية التي أطاحت بالرئيس السابق علي عبدالله صالح في 2011م بعد أشهر من الاحتجاجات الشبابية الشعبية. ولذلك يطالب كثيرون بضرورة تغليب المصلحة العليا للوطن كما هو حال الشاب أحمد الشيباني الذي قال: “نريد أن نلمس أولى ثمار التغيير بدءاً بالانفراج السياسي وتغليب المصلحة الوطنية العليا من قبل كافة المكوّنات السياسية في الساحة”. وأضاف الشيباني، وهو أحد متخرجي قسم الصحافة والإعلام في جامعة عدن: «نتمنّى أن تتحسّن الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للمواطن، وهذا لن يتم دون إصلاحات جادة وعميقة في مختلف المجالات، وإقالة الفاسدين من مناصبهم ومحاسبتهم». يتابع الشيباني الذي يطمح على الصعيد الشخصي بأن يتحسّن دخله والحصول على وظيفة بأجر يُمكنه من بناء مستقبله ومنزل خاص به: «يجب فرض هيبة الدولة، واتخاذ قرارات قوية تضع حدّاً للأوضاع الراهنة وتؤسّس لليمن الجديد..». لكي تحترمهم الأجيال يتفق معه في جزء من حديثه الشاب عبدالرحمن عدنان قائلاً: «المطلوب من وزارتي الدفاع والداخلية الجدّية في التعامل مع القضايا الأمنية، وعدم الاستهتار بأرواح الشعب، الأمن مفقود تماماً». أنا شخصياً أخرج من المنزل وينتابني شعور هل سأعود أم لا..؟!». وأضاف: «بالنسبة للحوار الوطني؛ أجزم أنني لا أعلم شيئاً عنه أو عن أعضائه، وعندما أتابع القنوات التلفزيونية المحلية أكاد لا أُصدق أن هناك مؤتمراً وطنياً للحوار؛ تجد كل طرف يشكك بالآخر عبر قنواتهم فما بالك داخل مؤتمر الحوار؛ لذلك أتمنّى منهم النظر بجدية إلى ما يتمنّاه الشعب من هذا الحوار ليضعوا مصلحة اليمن والشعب فوق مصالحهم الشخصية والحزبية على الأقل لكي تحترمهم الأجيال القادمة وتخلّد أسماءهم في التاريخ اليمني”. ولم يخفِ عبدالرحمن عدنان أن عام 2013م ترك أحزاناً وأفراحاً عليه شخصياً قائلاً: “لا أستطيع حصرها؛ لكن أهم شيء وأحمد الله عليه هو أنني مازلت حيّاً». محاولة التعافي ويحاول اليمن التعافي من أوضاعه الأمنية الهشّة التي تشهدها أنحاء متفرقة من البلاد، ولقي خلال العامين الأخيرين عشرات الضباط في الجيش والأمن اليمنيين مصرعهم في عمليات اغتيال منظمة، ونُسبت معظمها إلى تنظيم «القاعدة» في جزيرة العرب الذي لايزال يشكّل تهديداً خطيراً رغم جهود مكافحته. وفي نفس الوقت تتعرّض خطوط وأبراج نقل الطاقة «مأرب - صنعاء» لهجمات متكرّرة، وكذلك أنابيب النفط والغاز التي يشكّل استمرار الاعتداءات عليها ضغطاً كبيراً على الحكومة في ما يخص الجانب المالي والإيرادات العامة للدولة قد يتحوّل إلى وضع كارثي في حال استمرار الأوضاع الأمنية والسياسية على حالها. وقدّر وزير النفط أحمد دارس خسائر اليمن جرّاء عمليات الاعتداء على أنبوب النفط الرئيس الذي يربط حقول النفط في صافر مع ميناء رأس عيسى ب 4 مليارات و 70 مليون دولار، خلال الفترة ما بين مارس 2011 ومارس 2013م. وفوق ذلك يزداد الضغط على الحكومة مع تهديدات مطالب تدعو إلى الانفصال، إضافة إلى الحرب الدائرة بين السلفيين والحوثيين والتي اشتدت حدّتها خلال الأسابيع الأخيرة. في هذه الأثناء، تقدّر المنظمات الدولية عدد السكان الذين هم بحاجة إلى مساعدات إنسانية بأكثر من 13 مليون شخص، وتشير الإحصائيات إلى أن نسبة الفقر تتجاوز 54.5 بالمائة، بينما تقدّر نسبة البطالة بأكثر من 35 بالمائة، وتتركز بدرجة عالية في أوساط الشباب بنسبة تتجاوز 60 بالمائة. العودة المنهكة وبحسب خبراء اقتصاد فإن أسوأ ما شهدته اليمن خلال العام 2013م تمثّل في عودة مئات الآلاف من العمال اليمنيين من المملكة السعودية، الأمر الذي سيلقي بظلاله سلباً على أوضاع البلد بدءاً من العام 2014م. في هذا السياق يتمنّى الشاب ماهر عبدالمجيد، الذي لم يمض وأصدقاؤه سوى القليل من الوقت في حلم الهجرة إلى الرياض أن توفر لهم الحكومة اليمنية فرص عمل مناسبة تمكّنهم من العيش. وقال ماهر الذي التقيناه في العاصمة صنعاء: «كنت في الرياض، وعانينا انتهاكات كثيرة أثناء ترحيلنا، وتعرّضنا للسرقة «تحايل» من قبل مواطن سعودي وعدنا أنه بايرحّل بنا وهو ما لم يتم، لم أتوقّع أنني سأخرج من السعودية، توقعت أنها آخر يوم في حياتي..». لكن الأسوأ بحسب ماهر عبدالمجيد أنه عاد إلى صنعاء وبدأ يعمل في دراجة نارية يمتلكها أحد أصدقائه ليتفاجأ بإعلان اللجنة الأمنية العليا بحظر حركة الدراجات في العاصمة صنعاء، قائلاً: «قد كنت بدأت اشتغل بالدراجة النارية وأوقفونا، الآن أنا دون عمل؛ وأطالب الحكومة أن توفر لنا فرص عمل..». من السابق لأوانه ويتفق محلّلون على أن الإشكالات القائمة من الصعوبة بمكان معالجتها دفعة واحدة على المدى القريب، وأن المطلوب من الحكومة كخطوة أولى هو إثبات جدّيتها ليشعر المواطنون أن البلد يمضي نحو البناء والتنمية. ويؤكد محلّلون سياسيون أن استقرار اليمن يمثّل أولوية دولية نتيجة موقعها الاستراتيجي؛ الأمر الذي يحول دون السماح بسقوطها إلى الهاوية، ولكن من السابق لأوانه القول إن الأوضاع على ما يرام.