لم يكن الأمين العام المساعد للمؤتمر الشعبي العام سلطان البركاني عفوياً وهو يظهر على واجهات بعض الصحف والمواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي مرتدياً فانيلة ريال مدريد، ومؤكدا تشجيعه لهذا الفريق العالمي الذي بات يشكل مع غريمه التقليدي برشلونة بديلا للمعسكرين السوفيتي والأمريكي.. كانت الرسالة القوية التي بعث بها بالأصالة عن نفسه وبالنيابة عن قيادات وقواعد حزبه هي: نعم لFly Emirates (شعار ريال مدريد) لا لQatar Airways (شعار برشلونة) وبمعنى أكثر دقة: نعم لدولة الإمارات العربية المتحدة وقيادتها وسياستها ومواقفها الداعمة.. لا لدولة قطر وقيادتها ومواقفها وسياستها. ولأن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه, فإن هناك الكثير من القيادات والقواعد الإصلاحية التي دفعها البركاني لكراهية الريال وأغرتها “Qatar Airways” على تشجيع برشلونة الذي يحظى أيضاً بمؤازرة كبيرة من أغلب قيادات وقواعد ومؤيدي الحراك الجنوبي على اعتبار أن برشلونة هو رمز وفريق مقاطعة كاتالونيا المطالبة بالانفصال عن اسبانيا.. وفقط لم يظهر قيادي إصلاحي بفانيلة برشلونة تحاشياً لأي رد فعل أو جدل قد تثيره المرجعيات الدينية للحزب والتي لها موقف من كرة القدم برمتها. سألت صديقاً إصلاحياً له اهتمام ومتابعة وثقافة جيدة عن كرة القدم والدوريات العالمية سألته عن رأيه بنتائج أبرز الدوريات الأوروبية هذا الموسم, فأجاب: لم أكن أتمنى فوز مانشستر سيتي ببطولة الدوري الانجليزي لأن رئيسه منصور بن زايد “شقيق رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة”, وارتفع صوت هذا الصديق وكأنه يلقي خطبة دينية فأضاف: منصور بن زايد أنفق ملياراً وستمائة مليون يورو على شراء لاعبين في 2012 حين فاز الفريق بالبطولة وأنفق نفس المبلغ في العام التالي الذي فشل فيه الفريق في الحفاظ على لقبه, وهذا العام لم تأتِ البطولة إلا بعد أن أنفق الشيخ الثري أكثر من ملياري يورو.. أي أن المجموع أكثر من خمسة مليارات يورو في ثلاث سنوات, أي إجرام أكثر من ذلك, مثل هذا ينبغي أن يتم الحجر عليه, ذلك المبلغ الكبير كان بمقدوره أن يحل مشكلة الفقر في عشرين بلدا إسلاميا, لماذا لا ينفق ذلك المبلغ أو حتى نصفه أو ربعه لإنقاذ جياع المسلمين في أفريقيا الذين تقوم المنظمات التبشيرية بتحويلهم إلى النصرانية مقابل وجبة طعام. وعندما سألته عن الدوري الإسباني قال لي: الحمدلله أن ريال مدريد خرج منها, وإن شاء الله يفوز برشلونة بالبطولة, كان خطابه الديني قادرا على تحطيم مانشستر سيتي في عيون مشجعيه المسلمين, لكن في حالة البرشا لم يعد المعيار الديني والوطني حاضراً, فهو لا يهمه إن كان الفريق الكاتالوني انفصالياً ولا يكترث لمسألة علاقة برشلونة باليهود وبالكيان الصهيوني ولا لظهور لاعبي البرشا العام الماضي أمام حائط المبكى وهم يرتدون القبعات اليهودية الشهيرة, بالنسبة له المهم أن الفريق يحمل شعار (Qatar Airways). روسيا البلوز وأمريكا الريدز نحن أكثر شعب في العالم يتحدث في السياسة ويفكر بالسياسة طول الوقت حتى في المنام, وبطبيعة الحال لا أبرئ نفسي من هذه الخطيئة.. بالنسبة لي حزنت لفوز تشيلسي على فريقي المفضل ليفربول في المباراة التي حولت مسار لقب البريمرليغ لمصلحة مانشستر سيتي, ولكن لأنني يمني فقد طويت صفحة كون المباراة هي كرة قدم لأفتش في أعماق السياسة ولتستوقفني مسألة أن المباراة لُعبت بتاريخ 27 أبريل والذي يعدّ يوم الديمقراطية في بلدنا الحبيب حيث شهد يوم 27 أبريل 1993 إجراء أول انتخابات برلمانية وأول انتخابات بشكل عام في ظل دولة الوحدة. كما استوقفني موضوع أن مالك نادي تشيلسي هو ملياردير روسي في حين أن مالك ليفربول هو مستثمر أمريكي, وبالتالي يعتبر فوز تشيلسي على ليفربول انتصارا سياسيا لروسيا على أمريكا, ويكتسب أهميته لكونه جاء في وقت تشهد فيه علاقات موسكو مع واشنطن حالة خلاف حاد على خلفية قضايا عدة أحدثها الأزمة الأوكرانية وقبلها الموضوع السوري. المنتخبات الإسلامية في المونديال وحتى عندما تابعت ما أسفرت عنه قرعة مونديال البرازيل الذي أصبح على الأبواب, كانت السياسة تستوقفني عند المجموعة السادسة التي ضمت الأرجنتين والبوسنة والهرسك وإيران ونيجيريا, يا إلهي!! الأرجنتين التي هي أحد الكبار ولها محبوها في عالمنا الإسلامي, أوقعتها القرعة في مواجهة فريق أوروبي مسلم هو البوسنة والهرسك وفريق آسيوي مسلم هو إيران وفريق أفريقي مسلم هو نيجيريا. قد نلتقي على حب المنتخب الأرجنتيني وقد نتوزع في عشقنا سواء لليونيل ميسي أو انخيل دي ماريا أو سيرجيو أجويرو بحسب أنديتهم, لكن إجمالا سنتعاطف مع كل تلك المنتخبات الإسلامية الثلاثة وهي تلاقي الأرجنتين, بل قد يذهب أحدنا إلى القول بأننا أمام اختبار ديني عسير علينا أن نثبت فيه أننا مسلمون وولاؤنا للمنتخبات الإسلامية.. في المونديال علينا أن ننظر الى ميسي ودي ماريا وأجويرو كأصنام.. فهل نعبد تلك الأصنام بتشجيع منتخب الأرجنتين على منتخبات الإسلام..؟ وخلاصة القول.. إن جماهير الكون تريد أن تعيش متعة كرة القدم في مونديال البرازيل وتحلم بلقاءات كبار المستديرة، على سبيل المثال: البرازيل ضد أسبانيا، الأرجنتين ضد ألمانيا، ايطاليا ضد فرنسا ...الخ, أما نحن فتفكيرنا ينصب على الجانب السياسي, وتساؤلاتنا تنحصر عند: ماذا لو التقى المنتخبان الأمريكي والروسي في الدور الثاني, وهل نكون أيضا في الدور الثاني على موعد مع لقاء يجمع الولاياتالمتحدة بإيران كما حصل في الدور الأول في مونديال 1998, وإذا ما تقابلت الأرجنتين مع انجلترا في ربع النهائي مثلا هل سيفجر اللقاء مجددا أزمة جزر الفوكلاند بين البلدين..؟!