في العقد الأخير أظهرت الفتيات أنهن الأكثر تفوقًا ونجاحاً في الدراسة وبكافة ميادين الحياة, وأكثر شاهد حي على ذلك نتائج الثانوية العامة, التي يعدها مختصون بالتربية ودارسون للوضع بأنها ظاهرة اعتيادية لسنوات مضت، وهن يحصلن على المراكز المتقدمة بخلاف الذكور، الذين يرجع سبب انخفاض تفوقهم ومعدلاتهم الدراسيةإلى انشغالهم بهموم الحياة ومتطلباتها الملقاة على عاتقهم والواقفة في طريق نجاحهم فإلى حصيلة التحقيق .. أظهرت نتائج الامتحانات التي جرى الإعلان عنها الإعلان للعام الحالي تفوقاً ملحوظًا للإناث على الذكور بنسبة (64 %) فقد حصلت الطالبات على المراكز الأولى وحصدت من بين (49) من أوائل الجمهورية ( 35) من القسمين العلمي والأدبي فيما الطلاب (14) طالباً من القسم العلمي بخلاف الأدبي فقد حصلوا على ( صفر ) بمعنى أن نسبة تصدر الإناث تقدر( 34 %) على الذكور, تلك المفارقة العجيبة التي أظهرتها وزراه التربية والتعليم بعد إعلان نتائجها أبرزت مدى تفوق البنات على البنين، وحسب آراء المختصين بالمجال التربوي الإناث يتميزن على أقرانهن بالدراسة وليست صدفة عابرة بل حصيلة فعلية اكتسبنها من نشاطهن الدراسي وحبهن للقراءة، فيما ذهب البعض إلى أبعد من ذلك وأقر تميزهن بكافة المجالات الميدانية وتوقفت آراؤهم حول تفوق الإناث , وعدها ظاهرة قابلة للمد والجزر, ولكن إصرار الفتيات على إبراز أنفسهن بالمجال التعليمي هو السبب الرئيسي لتصدرهن, ويبرر البعض جملة من الأسباب تقف وراء تدني مستويات الطلاب, ويرجعونها لتكاليف المعيشية التي يتحملونها أثناء مواكبتهم للدراسة. أكثر شطارة نعمة السامعي ( مدرسة إنجليزي ) بمدرسة طالبات من جهتها تقول: لا أجزم أن البنات " أكثر شطارة" من البنين في الدراسة، وترفض قبولها كظاهرة بل تؤكد الفرق بينهما نسبة الاهتمام والمثابرة فالطالبات يقضين معظم أوقاتهن بالمنزل وذاك يساعدهن على إعطاء وقت كافٍ للقراءة والمطالعة، فيما غالبية الطلبة ليسوا حريصين على الدراسة ويقضون معظم أوقاتهم في اللعب واللهو وبشتى المجالات, إلى جانب ذلك ضعف مراقبة الأهالي لهم وعدم معاقبتهم إذا فشلوا, وتزيد قناعتي التامة بأن الإناث هن أكثر حرصا من الذكور مما أدى إلى تفوقهن وبدون مجاملة. يعارض أمين علي (تربوي ) بكلامه البعض من التربويين، ويؤكد أن أسباب تفوق البنات للعام الحالي بالنتائج الدراسية ترجع لوضعية أسئلة الامتحانات التي تتساوى مع قدرتها العقلية, وحسب توصيفه أسئلة الامتحانات معظمها تعتمد على الحافظية وهن أقدر على ذلك من الذكور، فيما نسبة الأسئلة التي تعتمد على الفهم قليلة, وبالتالي استطعن الحصول على نتائج مذهلة، ولا أنكر قطعا أنهن متميزات ومثابرات أكثر وقد يكون السبب الآخر لتفوقهن. الإناث متفوقات كشف تقرير أصدرته منظمة اليونسيف الخاصة بالعالم العربي أن الإناث تفوقن على الذكور خلال العقد الماضي, وفي جميع الميادين الأكاديمية وأن نسبة الالتحاق بالمدارس الابتدائية للأولاد والفتيات متقاربة وتكاد تتساوى مع المعدلات العالمية, تلك الدراسة الحديثة أثبتت أن الفطانة والتفوق للفتيات ظاهرة عالمية وليست محلية .. زيد النهاري " ولي أمر" من جهته يرى فرقا واضحا بين ولديه اللذين أكملا الثانوية العامة ويؤكد أن ابنته تفوقت على ولده وههما يحصلان على نفس التشجيع والمراقبة معا, غير أن معدل ابنته (85 %) وولده ( 79 %) ويضيف مستوى ابنه لا يقل عن ابنته بالدراسة غير أن رغبتها في النجاح والتفوق تفوق أخاها وهذا ما يجعله يجزم أن الفتيات من حيث التعليم هن أفضل . فيما ترى فاطمة محمد (خريجة ثانوية) أن الذكاء عند الأولاد نسبته أكثر من الإناث ومشكلتهم الوحيدة هي مجالس القات واللعب واللهو التي تستنفد وقتهم, و تؤكد أن معظم أوقاتها تقضيها في القراءة والمثابرة فيما أخوها عكسها تماما – رغم الساعات القراءة القليلة - تظهر طلوع النتائج بأن الفارق بسيط بينهم مع أني أتعب أكثر من أخي في المطالعة وكتابة الواجبات . إهمال الذكور أما وليد أمين (موظف) يندب حظ الذكور, ويفسر أن اتجاه الناس للجنس الناعم في القطاعات الخاصة والحكومية, سبب في أن الذكور همتهم نحو النجاح صارت ضئيلة , ويوضح مثلا بنسبة قبول الإناث بالجامعات أكثر من الذكور, وكما يظنها أن سياسة من الحكومة لجعل المرأة أكثر شراكة بالسلطة، ويؤكد أن ما سبق يجرى بطرق غير أخلاقية بالجامعات من قبل الدكاترة والمعيدين لمحاولة إعطاء الطالبة أكثر اهتماما من زميلها . تنفي كلام وليد الموظفة أمنية علي بقولها: إنه لا يوجد تفريق من ناحية التعامل بين الطلاب والطالبات, ولكن بالفترة الأخيرة استطاعت الفتيات إثبات أنفسهن بالعمل الوظيفي والدراسي وبكافة الأشكال, وليست الظاهرة منحصرة على اليمن بل بالدول العربية لأنه فعلا عصر المرأة ومشاركتها المجتمعية وحقوقها في الحياة بدأت ترجع إليها, بعد أن كادت تختفي ساعدها في الظهور المنظمات التي ترعى حقوقها . العامل الاقتصادي الدكتورمحمد الغلابي ( مختص اقتصادي ) يوضح.. جملة من الأسباب الداعمة لمسيرة نجاح الفتيات وأخذهن للمراكز الأولى في الثانوية والجامعات, من أهمها أنها لا تفكر بالمعيشة, وتلقي بمسئوليتها على من يعولها, وهذا عكس ما نجده عند الذكور فالعامل الاقتصادي الملقى عليهم وانشغالهم في كثير من هموم الحياة والمعيشة والفراغ والتفكير بالبطالة قلل من تميزهم بالفترة الأخيرة, يعزز ذلك أن غالبيتهم يمتهنون مهنا مختلفة بجانب الدراسة لتوفير متطلبات حياته ولذا تكون البنت هي الأفضل لتوفر الأجواء المناسبة لها ما يدعم ذكاءها وطموحها في تسلق سلم النجاح . أسباب اجتماعية ومن جانبه د. إبراهيم الفضلي ( تخصص اجتماع ) يجزم أن الفتيات تفوقن بكافة المجالات خاصة وأن نفس قدرتهن على العمل أطول من الرجال, ويوضح الأسباب الاجتماعية التي تقف وراء هبوط مستوى الذكور بالنتائج الإمتحانية معظمها ترجع لعوامل اجتماعية منها المشاكل الأسرية والاقتصادية والصراع مع المجتمع, التي دائما تقف في طريق الذكور أكثر من الإناث. ويزيد : انخراط الشباب بالمجتمع والعمل أكثر من الفتيات, ومضغ القات وأعمالهم الجانبية الحزبية, وغيرها يعد سببا شاغلا لأوقات معظم الشباب الدارسين بالجامعات والثانوية التي تقلل من قدراتهم العقلية ومستوى تحصيلهم بالشكل المطلوب, ما أدى إلى تراجع مستوياتهم وتقدم الإناث عليهم . مشاكل نفسية عبدالحكيم المجاهد ( متخصص نفساني ) يعد تقلب أوضاع البلاد السياسة بأنها ضمن المشاكل التي تؤثر على العملية الدراسية على مستوى الطرفين غير أن تعرض الشباب للمشاكل النفسية نتيجة الأوضاع المتدنية قد تكون سببا لمعاناتهم وانشغالهم بها أكثر من الدراسة و – أيضا – يمكن احتساب قرب الوالدين للفتاة عاملا قوياً في نجاحها بخلاف الذكور باعتقادي أن المسافة بين الأب وولده أبعد، وإضافة لما سبق المعارك المجتمعية التي قد تشتت تفكير الذكور أكثر من الإناث. ويضيف: وهناك سبب أهم وأظنه كذاك الدارسون اليمنيون معظمهم يعتمدون على أنفسهم ومنهم من يعول أسرته وبالتالي أثرت على مستوى التحصيل عندهم بخلاف الفتيات فهن لا يعانين من مشاكل قد يتعرض لها الذكور بشكل استثنائي في العالم العربي بينما في المجتمعات المتقدمة والغربية الذكور هم الجهة البارزة نتيجة لتوفير الدولة احتياجاتهم ومتطلبات دراستهم . تركيز أكثر ومن جانبه محمد الجلال ( نائب مدير مكتب التربية والتعليم ) بمحافظة تعز يقول : الفتيات عادة وفي الغالب وفي معظم السنوات يحصلن على المراكز المتقدمة والعليا بسبب أنهن أكثر اجتهادا ونشاطا ومتابعة، بينما الشباب نسبة اجتهادهم ومجموعهم الدراسي أقل ونحن لا نقلل من حق الشباب ولكن الفتيات أكثر انسجاما مع المنهج وكل جديد ومع الأحداث والتطورات العلمية الجديدة، وأنكر بأن وضع الامتحانات أكثرها تتناسب مع الفتاه ومع قدرتها العقلية كما يصفها البعض بأن الجانب الأكثر فيها الحفظ بل العكس فأكثر الفقرات تعتمد على الفهم، ولكن يمكن القول أن نسبة تركيز الفتاة أثناء إعدادها للدروس في القاعات أكثر, أو ربما فهمهن للأسئلة داخل القاعات الامتحانية نتيجة حرصهن الشديد على الوصول لأعلى المراتب, ففهم السؤال نصف الإجابة وهذا كل ما في الأمر التركيز الشديد على السؤال يعطينا إجابة نموذجية ومطلوبة.