باتت الأسلحة البلاستيكية من الألعاب وبأشكال متعدّدة الأنواع الأكثر رواجاً في محلات ألعاب الأطفال وفي الشوارع العامة لتغزو الأرصفة دون وعي أو إدراك بخطورتها على مستقبل الأبناء، وكانعكاس للواقع الذي يعيشه المجتمع نجد ولع الكثير من الأطفال باقتناء تلك الألعاب من الأسلحة البلاستيكية والتي تكرس لثقافة السلاح والانتقام والعدائية في عقولهم منذ الصغر، وتعمل على إبعادهم عن الجوانب التعليمية والإبداعية , و الأدهي من ذلك هو أننا أصبحنا نرى نتائج انعكاساتها في قيام بعض من الأطفال والشباب بممارسة أعمال التقطّعات في الأحياء والحارات حاملين على أكتافهم الأسلحة البلاستيكية كتقليد لأدوار وثقافة يعاني منها المجتمع.. مع انتشار هذه الظاهرة وبدون إدراك مجتمعي وبدون تنبّه الأسرة إزاءها.. حول مخاطر ظاهرة انتشار ألعاب الأسلحة البلاستيكية على مستقبل الأطفال كان هذا التحقيق. الألعاب التي تنمّي مواهب ومدارك الأطفال قليلة جداً في شوارعنا وكأن الأمر مقصود وممنهج بأن تبقى ثقافة السلاح والثأر نصدّرها من جيل إلى آخر, وهو ما يجب التنبّه إليه بمنع استيراد ألعاب الأطفال التي تحمل طابعاً عدائياً وخصوصاً السلاح الذي يكرّس لثقافة لا تخدم مستقبلهم وتطلّعاتهم في التعليم. ألعاب العنف في إطار تلك المخاطر تحدّث الزميل عادل عثمان البعوة والذي أشار إلى أن ظاهرة رواج ألعاب العنف والألعاب الخطرة في أوساط الأطفال تتحمل أسبابها الحكومة وأولياء الأمور بالدرجة الأساسية، فالأولى سمحت بدخول مثل تلك الألعاب، سواء بطرق رسمية أو غير رسمية، أما الآباء والأمهات فكثير منهم إما يهدون أطفالهم مثل تلك الألعاب التي تُعرف بمسدسات الخرز أو المفرقعات أو يتغاضون عن أطفالهم عند مشاهدتهم لأطفالهم يلعبون بها. والجميع يدرك مخاطر مثل تلك الألعاب على الأطفال أنفسهم ، والتي قد تؤدي إلى فقدان عين الطفل، كما أن مثل تلك الألعاب تساهم في تنمية السلوك العدواني لدى الأطفال الذين بات الكثير منهم يجسّدون مشاهد حروب وملاحقات باستخدام مسدسات الخرز. ونلاحظ أن السلطات المحلية وقفت عاجزة أمام إغراق الأسواق بمثل هذه الألعاب والتي باتت تُباع في كثير من المجمعات التجارية والبقالات والمكتبات وهناك من يبيعونها في الحدائق العامة وخاصة خلال الأعياد، وهذا الأمر يتطلب تكاتفاً من الجميع والعمل على منع إدخالها إلى البلاد وعدم بيعها بالإضافة إلى نشاط آخر يتمثّل في تعزيز التوعية بمخاطر مثل تلك الألعاب الخطرة على الأطفال. فوضوية وإرهابية الدكتور أحمد عبده مرعي، أخصائي أطفال، يشير إلى أن مشاعر الأطفال وتصرّفاتهم تختلف عن الآخرين لأنهم يعيشون حياة مختلفة عن الآخرين, فهم يحبون الضوضاء ويمارسون أعمالاً مزعجة, وفي الجانب النفسي نجد الأطفال يبحثون عن ما يسعدهم لا تهمهم عواقب أفعالهم التي يمارسونها, لأنهم لا يدركون أن الألعاب البلاستيكية منها ما يؤثر في الإنسان بشكل ضار وخطير بما يترتّب عليها من إصابات جسدية. ويؤكد الدكتور مرعي أن الأخطر من ذلك كله هو الحالات النفسية التي يتأثر بها الأطفال وترسيخهم لثقافة السلاح التي لا تنمي قدراتهم ومداركهم العلمية والعملية وتوجهاتهم المستقبلية. مضيفاً: هذه الألعاب البلاستيكية من الأسلحة المختلفة ترسّخ لثقافة العنف بين صفوف الأجيال من الأطفال لأنهم يمارسون اللعب بمثل تلك الأسلحة بالرغم من أنها بلاستيكية, والهدف الآخر منها هو تغيير توجهات الأطفال في المجتمعات والدول النامية وصرفهم عن التعليم وتكريس ثقافة العنف والاتجاه بهم إلى ممارسة الأساليب الفوضوية والإرهابية، تؤمن بالعنف والقوة في المستقبل أكثر من إيمانها بالحياة ومتطلباتها بدلاً من تكريس وتنمية قدراتهم الفكرية المختلفة. منع استيرادها ويوضح الدكتور مرعي أن مثل تلك الألعاب البلاستيكية التي تكرّس لثقافة العنف هي خطرة جداً، لأنها ستكون مصدراً أساسياً للعصابات العنيفة في المدارس والجامعات وفي الأحياء والحارات, داعياً الجهات الأمنية والجهات المعنية لا سيما الجمارك وكل المنظمات المهتمة بالطفولة والحريصة على مستقبل الوطن بمنع استيراد مثل تلك الألعاب، وردع من يتاجر بأحلام ومستقبل الأطفال، وإيجاد الضوابط القانونية, والتوعية المجتمعية الواسعة بمخاطرها لما لها من انعكاسات وآثار مدمرة مستقبلاً على الأجيال إذا لم نضع حداً لها من الآن. نزعات عدائية من جهته يؤكد الأستاذ علي المرادي وهو المختص في علم نفس أن مثل تلك الألعاب من الأسلحة البلاستيكية المختلفة لها تأثيرات نفسية على الأطفال وقد تكون أكثر خطورة مستقبلاً في تحولاتهم النفسية, وأن لها نتائج سلبية وتسهم كثيراً في خلق نزعات عدائية منذ الطفولة وقد تصاحبه إلى أن يصبح رجلاً, وتقوده إلى الميول للعنف في كثير من الحالات, لأنها تعمل على تنمية ثقافة الأطفال منذ الصغر والذين تكون لديهم خصوصية تقليدية حيث نجد أن أغلبهم يميلون إلى التقليد ولا يهنأ أو يستمتع بأية لعبة إلا الألعاب التي تحقق له رغباته كالأسلحة وغيرها التي يشاهدها منتشرة في محيطه السكني. مشدّداً على دور الأسرة في عملية اختيار ألعاب أطفالها بما تعمل على تنمية عقولهم ومداركهم وتحبّب اليهم حب العلم والتعليم والتطلّع إلى المستقبل الأكثر أمناً وسلاماً. إقبال متزايد في أسواق العاصمة وغيرها من المدن الرئيسية بل وحتى المحلات التجارية في الريف انتشرت ألعاب الأطفال وخصوصاً ألعاب السلاح ووصل رواجها إلى الباعة الجائلين في الأسواق.. حيث يؤكد الأخ صدام عبدالله الأوصابي - صاحب محل بيع ألعاب أطفال في أمانة العاصمة أن هناك إقبالاً كبيراً على الألعاب وخصوصاً من فئة الأسلحة بمختلف أنواعها ويزداد الطلب عليها وباتت الأكثر طلباً عليها من الأطفال. وأوضح أنه في موسم الأعياد يزداد البيع من الألعاب من الأسلحة البلاستيكية , وأنه رغماً عن الإدراك لخطورتها إلا أنهم يضطرون إلى بيعها لكثرة الطلب عليها مع أن بعضها فيه رصاصات بلاستيكية إذا أُطلقت صوب عين شخص أو طفل آخر قد تؤدي إلى فقدان العين مع حصول بعض الحالات والتي تسببت في العديد من المشاكل. مشيراً إلى أن ربّ الأسرة عندما يريد شراء لعبة أخرى لطفله يرفض الكثير من الأطفال ليصل الحال بالبعض إلى البكاء والصراخ والعويل وهو مما يضطر ويدفع الأب مرغماً على شراء تلك اللعبة. وأضاف بالقول: هناك ازدياد في شراء الأسلحة البلاستيكية والتي تشبه إلى حد كبير الأسلحة الحقيقية في الآونة الأخيرة, ويرجع ذلك إلى الأحداث التي تشهدها البلاد والتي لها انعكاسات حتى على سلوكية الأطفال, وما أدى لذلك معرفة تجار الجملة أن تلك الألعاب سلع أكثر طلباً ورواجاً في السوق. تقليد أعمى الأغرب من ذلك أن تلك الأسلحة البلاستيكية أصبحت في متناول الكثير من الأطفال ومنتشرة بشكل لافت للنظر لدى الأطفال الذين لم تعد تهمهم ألعاب الحيوانات وغيرها من الألعاب, ولكن ما شاهدته والله بأم عيني في أحد شوارع الحارات في مديرية الصافية كان مذهلاً لي, حيث نصب عدد من الأطفال قطاعاً للسيارات وبمطب من الأتربة وهم مسلّحون بتلك الألعاب البلاستيكية, ويتهكمون بكل من يمر بجانبهم من سائقي السيارات وعيونهم ترقب مداخل السيارات. رغما عني دور الأسرة مهم جداً، إلا أن رب الأسرة أصبح مرغماً على شراء هكذا ألعاب من قبل أطفاله ,وأعترف شخصياً إني أرغمت في شراء إحدى الألعاب من الأسلحة البلاستيكية لإبني, والذي احتضن تلك اللعبة وبقوة رافضاً إرجاعها متأثراً بالأطفال الآخرين من الجيران في الحي الذي أقطنه, وللأمانة لم استطع كسر رغبته بعدم اقتناء اللعبة, وهو ما دفعني لتناول هذه الظاهرة وسلبياتها على مستقبل الأطفال. تأهيل نفسي واجتماعي حاولنا استيضاح آثار هذه الظاهرة على إحدى منظمات المجتمع المدني المهتمة بالطفولة، حيث أشار الأستاذ أحمد القُرشي - رئيس منظمة سياج لحماية الطفولة إلى أن توسّع ظاهرة الألعاب من الأسلحة البلاستيكية خطر كبير وهو انعكاس للوضع غير المستقر وانتشار الممارسات القاتلة في المجتمع اليمني مباشرة أو من خلال الإعلام الذي يحمل إلينا العنف من كل مكان وفي مقدمته التلفزيون. ويؤكد أن الأطفال هم أكثر المتأثرين ببيئتهم الاجتماعية والثقافية وينعكس ذلك في سلوكهم وقد يُضاعف من مخاطر انعكاسات هذه البيئة العنيفة ويعود ذلك إلى تدني وعي غالبية أولياء الأمور بما يعنيه نزوع أطفالهم نحو محاكاة العنف وانعكاساته عليهم حاضراً ومستقبلاً, حيث هم من يقومون بشراء تلك الألعاب رغم أن بعضها يسبب إصابات جسدية خطيرة, بالإضافة إلى ضعف دور المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في مواجهة تلك الآثار عبر التأهيل النفسي والاجتماعي للأطفال المتأثرين بالصراعات المسلحة وكذا توعية الأسرة والمجتمع بشكل عام. مواصلاً: لذا يتوجب على الجهات الأمنية والقضائية وضع وتنفيذ ضوابط حازمة بحق مستوردي تلك الألعاب والحد من توسعها وانتشارها, كما يتوجب أن يتحمل أولياء الأمور مسئولية مضاعفة عند وقوع حوادث وإصابات نتيجة تلك الألعاب الخطيرة, ولكن الأهم هو تعزيز وتوسيع برامج التوعية والتأهيل النفسي والاجتماعي بمخاطر وآثار تلك الألعاب على مستقبل الطفولة. آخر الكلام ما نتمناه هو أن تنتهي ظاهرة بيع الأسلحة البلاستيكية للأطفال, وذلك عن طريق وضع ضوابط تمنع استيراد مثل تلك الألعاب وعدم السماح بدخولها إلى الأسواق والتشديد على المنافذ إزاء ذلك, أو تبنّي مشروع قرار حكومي يحظر ويمنع استيراد لُعب الأطفال التي تشجّع على العنف وكذلك منع بيعها في المحال التجارية.. هل هذا ما سيحدث أم أن بلادنا ستظل أسواقها مفتوحة لكل مخلّفات الشعوب؟.