يظل وجود المرأة في خضم الحياة والمشاركة في بناء المجتمع يتطلب من المجتمع التحفيز لدفعها لمزيد من العطاء في ميدان الحياة العامة والمرأة يوم أن تجد التحفيز والثقة ممن حولها لاشك أنها ستنتج اكثر وبدقة عالية، وبالتالي لابد من التأكيد أن وجود المرأة في بيئة مساعدة لها للإنطلاق صوب الإبداع والتميز هو أكبر عامل تحفيزي لمزيد من البروز والتقدم للنساء. وصانعة بصمتنا اليوم هي الدكتورة جميلة عبد الرزاق مرشد، متزوجة، ولديها ابنتان، تحمل مؤهل دكتوراه الفلسفة في الإدارة والتخطيط (تخطيط استراتيجي لمنظمات المجتمع المدني)، وماجستير في الإدارة والإشراف، وبكالوريوس علم نفس، لديها خبرة في مجال التربية والتعليم، والتدريب والتنمية، والعمل مع منظمات المجتمع المدني لمدة تزيد عن أربعة عشر عاماً. ومع ذلك فإن صانعة بصمتنا تقيم نفسها برغم ما لديها من إمكانات علمية وعملية فتقول: من الرائع أن يقيم الفرد ذاته، ليقف على جوانب الضعف في شخصيته فيعمل على تجاوزها، ليحولها إلى جوانب قوة تساعده على تحقيق أهدافه، وأن يكون عضواً فاعلاً ومؤثراً وله بصمته في المجتمع، وفي حياة الناس، ولهذا أقول أن نقاط ضعفي تكمن في حساسيتي الشديدة تجاه لحظات الضعف سواء التي أتعرض لها، أو التي ألمسها عند تعاملي مع أنماط مختلفة من البشر، وهذا في حد ذاته يمثل لي دافعاً للتغلب على هذه اللحظات، بروية وحكمة وقوة شخصية وبرنامج عمل، أما نقاط قوتي فاعتقد أن أبرزها روح المثابرة لدي والإصرار على بلوغ مرادي وتحقيق أهدافي التي أضعها لنفسي في الحياة. وعن الاهتمامات التي تجذبها باستمرار في التنمية البشرية تقول: يجذبني العمل التنموي الذي يهتم بكل مكونات حياة المواطن اليمني في الريف والحضر، ويجعله قادراً على أن يشق مستقبله بإرادة صلبة وأهداف واضحة، تفيده شخصياً، وتفيد مجتمعه، ومن هنا كانت بدايتي مع عالم التدريب في عدة منظمات مجتمعية من خلال التعامل مع الأطر المجتمعية، بفئاتها المختلفة، على مستوى الريف والحضر في عدة مناطق، وتنفيذ برامج تدريب في مجالات التنمية المختلفة كالإدارة، والتخطيط، والاتصال، وحل النزاعات، وتشكيل اللجان، وتقييم المشروعات... الخ. وتتذكر د. جميلة مرشد اللحظات الأولى لها مع التدريب فتقول: كانت بداياتي الأولى كمتدربة في عدة برامج تدريبية متخصصة على مستوى التربية والتعليم، ومنظمات المجتمع المدني، تعاملت فيها مع عدة مدربين محليين وعرب وأجانب، ثم تطور الأداء والأعمال التي تطلبت العمل كمدربة لعدة مجالات تنموية ، كانت الخطوات الأولى فيها ممتعة كونها تحمل الجديد سواء على مستوى الإنسان اليمني بثقافته وكرمه وشهامته، أو تنوع التراث اليمني البديع، وما تزخر به الأرض اليمنية من جمال وثروات على مستوى المحافظات والمدن والمديريات والعزل والقرى. وعن المحفزات التي دفعتها لخوض مجال التدريب قالت: أولاً مجال دراستي وتخصصي، وثانياً خوض غمار تجارب حياتية وعملية تجعلني أساهم في تحقيق تنمية شاملة للإنسان اليمني، وبيئته، ومجتمعه، وبما يجعل شعار الوطن أولاً هو الغاية المثلى من برامج التنمية، وثالثاً كسر جمود الوظيفة وروتينها الممل، والبحث عن الجديد الذي يشعرك أنك تعيش مع العالم المتغير والمتجدد، ويجبرك على تطوير ذاتك ووظيفتك ومجتمعك. وعن الشخصية التي تأثرت بها وجعلتها تتجه للتدريب قالت: لاشك أن هناك نماذجا ناجحة، وداعمة ترفع من همتك وتصبرك وتعينك لنيل المعالي، ولعل من أهم الشخصيات التي دعمتني في مسيرتي العلمية والعملية، وبخاصة في التدريب والدي رحمه الله تعالى وهو معلمي الأول في الحياة، ثم زوجي العزيز الدكتور جلال الدميني، المدرب المتخصص أكاديميا في مجال التدريب والتنمية الإنسانية، والأستاذ الدكتور عبدالكريم حسان القارئ والمفكر المبدع في جامعة تعز، وأستاذي القدير الأستاذ الدكتور محمد طارش طالب أحد أعلام كلية التربية البارزين، والأخ العزيز المبدع ضابط التدريب في الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع تعز نبيل المعمري، وشخصيات اجتماعية ومهنية كان لها فضل النصح والدعم المعنوي خلال رحلة دامت أكثر من أربعة عشر عاماً. وعن مساهمتها التطوعية في مجال التدريب قالت: وصل عدد المتدربين الذين تعاملت معهم في مجال التدريب إلى ما يزيد عن الألف ومائتي متدرب في محافظات: (صنعاء، ذمار، إب، تعز، لحج)، وعلى مستوى مديريات تعز: (الشمايتين، المعافر، المواسط، المسراخ، شرعب الرونة، صاله، حيفان، ماويه)، ولكن في مجال التدريب الطوعي فللأمانة أنا لا أحصى عدد من يحضرون معي الدورات الطوعية ولكنني احرص سنويا على تقديم عدد من البرامج الطوعية التي تستهدف الشباب والنساء مع عدد من منظمات المجتمع المدني الناشطة. وعن البصمة التي تشعر أنها تفتخر بها في الواقع وكان التدريب سبباً في صناعتها تقول: اشعر بالفخر كلما تبادرت إلى ذهني الصور المتعددة لمتدربين حضروا معي في برامج قمت بتقديمها وساهمت من خلالها في تحقيق تنمية ذاتية لهم على مستوى الريف والحضر وفي عدة مناطق، بحيث صاروا قادرين على أن يكون لهم بصمة ناجحة وإيجابية في حياتهم الشخصية، وفي بيئتهم ومجتمعهم، حيث صار لعدد منهم مشاريعهم الخاصة، بالإضافة إلى مشاركتي في عدة حملات لتعليم الفتاة وإعادة المتسربات منهن إلى التعليم، وتحسين البيئة التعليمية وجعلها جاذبة، وكذلك التدريب في مجال محو الأمية في عدة مديريات، وبخاصة في الأرياف من خلال برامج تنموية تساعد في إكساب المتدربات مهارات تمكنهن اقتصادياً واجتماعياً، واعتبر عملي في مجال تعليم الفتاة الريفية مع الصندوق الاجتماعي للتنمية فرع تعز – نقلة نوعية رائدة في مجال بناء مهاراتي وصقل قدراتي، من خلال التعامل مع فئات متعددة ومستويات متنوعة من البشر، وكذلك العمل مع فريق متميز هم زملائي في الصندوق الاجتماعي للتنمية بقيادة رائد التنمية في تعز مدير فرع الصندوق المهندس مروان المقطري، وعدد من الزملاء الرائعين كلاً في مجاله. وحول مواصفات المدرب أو المدربة الناجح من وجهة نظرها تقول: المدرب الناجح هو الذي يحترم تخصصه ومجاله وإمكاناته، ويتقبل آراء الآخرين بصورة إيجابية، ويكون قريباً من احتياجات الفئات المستهدفة من التدريب، ويتمتع بالمهارات والمعلومات والاتجاهات التي تسد تلك الاحتياجات بأسلوب علمي وعملي. وعن المعيقات التي تواجه التدريب قالت: هناك معيقات عدة لعملية التدريب قد تظهر على المستوى الخاص بكل برنامج تدريبي مثل: نمطية الجهة المنفذة للتدريب، وعدم ملائمة البيئة التدريبية، أنماط المتدربين، صعوبات في التمويل،...الخ، أو معيقات تظهر على المستوى العام، ويشمل ذلك غياب الإطار القانوني المتطور والمنظم لعملية التدريب بمعايير واضحة ومحددة وشاملة لكل من: المدربين، ومراكز ومؤسسات ومنظمات التدريب، والرعاية والدعم والتمويل، والموضوعات الهادفة والملامسة لاحتياجات فئات المجتمع. وعن الرسالة التي تحملها للمجتمع من خلال التدريب تقول جميلة مرشد: المرأة اليمنية صاحبة بصمات عظيمة في الحضارة اليمنية، وهي تنطلق من ثقافة وتاريخ عميقين لإحداث ثورة تنموية في مجتمعها، ولذا اعتقد إن أعظم رسالة تقدمها المرأة للمجتمع هي الإسهام بفاعلية في بناء هذا المجتمع. وحول الظروف التي تشعر أنها تبدع من خلالها في التدريب تقول: عندما ينطلق التدريب من احتياج حقيقي لدى المتدربين، ورغبة دافعة لهم للتعلم واكتساب مهارات وخبرات ذاتية وحياتية جديدة اشعر حينها بوجود طاقة إبداعية لدي أتمكن من خلالها من بناء اتجاهات وقيم إيجابية لدى المتدربين. وعن اثر التعاطي مع التنمية البشرية في حياتنا اليومية تقول: التنمية البشرية جزء من حياتنا اليومية، فكل يوم يمر على الإنسان لابد أن يتعلم فيه شيء جديد، أو يكتسب مهارة ما، أو يكون رأياً، أو يطور سلوكاً إيجابياً ويترك آخر سلبياً، في إطار التنمية الذاتية المهدفة، والتنمية الرسمية مطلوبة أيضاً في إطار أهداف مخططه، ولكن يبقى السؤال المهم هو هل يستطيع الإنسان أن يحدد أهدافه ومساره واحتياجاته من التنمية، ومساهماته فيها بشكل واضح؟ ثم هل يسعى لتحقيق ذلك؟. وعن النصيحة التي توجهها للمدربين والمدربات الجدد اليوم قالت: مع كثرة المدربين على المستوى المحلي والإقليمي، وكثرة عدد جهات التدريب، أنصح المدرب الجديد الذي يحب هذا المجال ألا يضيف للموجود رقماً، بل عليه أن يكون نجماً مختلفاً بتخصصه، ومجاله، وأساليبه، وفئاته المستهدفة، لأنه بذلك سيتميز عن الآخرين، ومجالات التنمية الإنسانية عديدة، وفئات المجتمع وهناك احتياجات تدريبية في تخصصات غير موجودة، ولهذا مطلوب العمل في هذا الإطار، كما انصح بضرورة القراءة والاطلاع والحرص على حضور دورة جديدة كمتدرب كل عام، الإضافة تفيد معرفياً ومهارياً وتزيد من رصيد الخبرة. وفي الختام أتوجه لك أستاذ عبدالهادي ناجي بخالص تحياتي لتميزك في إعداد هذه الموسوعة التي ستكون بمثابة بنك معلومات لمدربي الجمهورية اليمنية، والشكر موصول لمعد ومخرج هذه الصفحة الرائعة من صحيفة الجمهورية. [email protected]