خلال العقود الماضية غنّى المطربون العرب لبعض أنواع الفواكه كالعنب والمشمش والبلح؛ ربما لأشكالها ومذاقها وألوانها أو لقيمتها الغذائية، كما تغنّى المطربون العرب في الماضي القريب بالبرتقالة والرمّانة والتفاحة ولنفس الأسباب تقريباً. وحان في الوقت الراهن التغنّي ب«الطماطم» نظراً لقيمتها الغذائية وجمال شكلها ولونها ولسعرها الجنوني، إنها أيضاً جميلة الشكل واللون ولذيذة المذاق؛ علاوة على أنها غالية الثمن مثلها مثل التفاح والبرتقال، وتستحق أن تدخل بفخر عالم الغناء والطرب.. فقد قفزت أسعار الطماطم إلى الأعلى في الآونة الأخيرة ليصل سعر الكيلوجرام سقفاً غير مسبوق ويتأرجح منذ شهر رمضان المبارك ما بين 400 - 600 ريال لينافس بذلك أفضل أنواع الفواكه وأكثرها جاذبية وطلباً، متجاوزاً سقف سعر العنب والبرتقال والتفاح وغيره .. وأصبحت الطماطم بالفعل الملكة المتوجة للخضروات وأعلاها ثمناً هذه الأيام وربما أيضاً يستمر هذا التصاعد إلى حد غير مقبول لدى عامة الناس. مكانتها على المائدة تحتل الطماطم مكانة هامة بين مكونات احتياجات المطابخ من الخضروات وكذلك على الموائد مع السلطة، فالطماطم تعتبر عماد الخضروات في المطبخ، وأساس الطبخات في البيت والمطعم والمخبازة، ولا يمكن لتلك الأماكن الاستغناء عن وجود هذا النوع من الخضروات في مكونات الطبيخ ولا يمكن لأي طباخ مهما كانت مهارته أن يعطي طعماً ومذاقاً بدون حضور الطماطم على رأس قائمة احتياجات الطبخة. وإذا استطاع الفقير وغير المقتدر الاستغناء عن جميع أنواع الفاكهة وبعض أنواع الخضروات فإنه لا يستطيع بالتأكيد الاستغناء عن البعض الآخر كالطماطم والبصل والبطاط ، فلا تخلو أية وجبة من الوجبات اليومية من هذه الأنواع الثلاثة وبالذات وجبة الغذاء التي تتوسط وجبتي الإفطار والعشاء، بدءاً من (الصانونة) وانتهاء بطبق السلطة. لماذا الارتفاع الجنوني؟ بحثاً عن أسباب الارتفاع الجنوني لسعر (الطمطومة) مفرد طماطم إن صح التعبير أو هو اسم الدلع والتي أصبحت حديث الناس في البيت والشارع ، كان تجوالي في سوق عامر في التواهي بمحافظة عدن بعد إعادة تأهيله وكذلك في مواضع أخرى لبيع الخضروات والفواكه، استفسر أصحاب هذه المفارش لعلي اهتدي إلى ما يحيّرني ويحيّر غيري.. وبدأت بالسؤال عن أسعار الفواكه، وعلى وجه الخصوص الموز والبرتقال والعنب والتفاح وهي الأنواع الأكثر تداولاً، ثم عرجت على الطماطم فوجدت سعرها تجاوز مختلف الأسعار، وحين سألت بائعي «التفاريق» عن أسباب هذا الارتفاع الجنوني أرجعوها إلى ثمن شرائها الغالي من تجار الجملة والباعة المتواجدين في ساحة سوق الجملة في مديرية المنصورة وأنهم يشترون السلة الواحدة زنة (17 18) كيلو بمحتوياتها من الطماطم السليم والتالف بدون فرز بمبلغ 7 آلاف ريال. ماذا قال تجار الجملة !! حملت سؤالي وتوجهت به إلى سوق الجملة بالمنصورة للفواكه والخضروات لعلي أحظى بالإجابة الصحيحة، هناك التقيت بعدد من البائعين الذين ردوا بإجابات متقاربة انحصرت في أن أسعار الديزل والنقل كان لها الأثر الأول في ارتفاع سعر الطماطم، والسبب الآخر هو أن المزارعين يتوسعون في زراعة محصول الطماطم بصورة عشوائية حين يرتفع ثمنه جرياً وراء المكسب الوفير فيزيد الإنتاج ويفيض ولا يجدون أسواقاً خارجية لتصدير هذا الفائض نظراً لغياب الجهة التي تتولى ذلك ، ولذا يطرح المنتوج كله في الأسواق المحلية فينخفض سعره وبالتالي يتسبب بخسائر مرهقة للمزارعين، وهذا ما كان عليه الوضع في الماضي حينما انخفض سعر الكيلو إلى ما بين (30 - 40) ريالاً، والعكس صحيح عندما تقل زراعة المحصول تكون الكمية المنتجة منخفضة فتتصاعد الأسعار بشكل حاد فيكسب المزارعون الذين غامروا بزراعة الطماطم وحالفهم الحظ والمكسب الكبير على حساب جيب المستهلك. أين الجهات الإرشادية ؟! لابد أن تكون للجهات الإرشادية والأخرى المنوط بها المساعدة في تصريف المنتوج محلياً وخارجياً، دور أساسي في التوجيه بتحديد مساحات زراعة المحاصيل الزراعية بكل أنواعها وإرشاد المزارعين بإتباع خطط تترجم دراسة السوق وتحدد احتياجاته، بمعنى آخر نصح المزارعين وإرشادهم إلى نوع المحاصيل التي يتوجب زراعتها والمساحة المخصصة لكل محصول وتمكينهم من تصريف منتوجاتهم وفقاً للحاجة بما يحقق لهم ربحية معقولة ومكاسب مضمونة ويجنبهم الخسارة من ناحية ويكبح من ناحية أخرى جماح جنون الأسعار بالنسبة للمستهلك. تخطيط غائب الخلاصة أن العشوائية في استزراع المحصول وفي ظل غياب التخطيط يؤدي إلى خسائر فادحة للمزارعين أو إلى اشتعال ثمنه واكتواء المستهلكين بنار أسعاره، فضلاً عن التلاعب بالأسعار والاحتكار من قبل الموردين والمزارعين والموزعين على السواء، والمفروض أن لايرتفع سعر هذا المحصول لأنه غذاء الفقراء من ناحية ومن ناحية أخرى يمكن زراعته في مناطق عديدة سواء أكانت باردة أم حارة، وبالتالي فإن أجور النقل التي يتحجج بها البعض تنتفي كحجة يجيبك بها البعض حينما تسأل عن ارتفاع السعر هنا وانخفاضه هناك. لذا لابد من تدخل الجهات المسؤولة والجهات ذات العلاقة لوضع حد لمعاناة المزارع والمستهلك على السواء وإيصالهما إلى طريق (لاضرر ولاضرار).