فى الجلسة البحثية الخامسة من مؤتمر أدباء مصر تناول المشاركون بمداخلاتهم موضوع "المثقفون من التهميش إلى الفعل" واشتملت هذه الجلسة على ثلاث مداخلات الأولى للدكتور سيد عشماوى عن "اغتراب الأدب والأدباء فى مصر"، والثانية بعنوان "رؤية نقدية لواقع المثقفين" للباحث وائل النجمى، والثالثة بعنوان "المثقف من التهميش إلى الفعل" لعصام ستاتى، وأدار الجلسة الشاعر رفعت سلام. فى كلمته أشار سيد عشماوى إلى مشكلات المثقف فى تاريخ مصر القريب والبعيد، فهو قد عاش فى عدد من العصور السابقة والحاضرة أزمة فحواها عجزه عن أن يكون كائناً عضوياً غير مهمش، وكان لابد له كى يحصل على قوت يومه أن يسير فى ركاب السلطة والسلطان، وهذا أفضى إلى عدم استقلال الفعل الثقافى واكتفاء الأدباء فى الصدد بإعادة إنتاج الواقع كما هو وليس المساهمة فى تغييره، وكان الكُتاب الذين يريدون رصد الواقع التعيس للإنسان المصرى يعيشون فى أزمة اقتصادية واجتماعية طاحنة كانت تصل فى بعض الأحيان عند مرض أحدهم للتسول من المسئولين من أجل العلاج على نفقة الدولة، أو أن ينتهى الأجل دون أن يعالج. ودعا سيد فى ختام كلمته إلى تلافى الجدل البيزنطى غير المجدى والتفاف المثقفين على أفكار محورية تسهم فى تغيير الواقع والخروج من المعضلات الراهنة قبل أن نخرج من التاريخ. أما الباحث عصام ستاتى فقد رأى أن مصطلح الثقافة والمثقف ملتبس إلى حد كبير، وغامض لأنه يأتى فى سياقات مختلفة وقطاعات فئوية وإنسانية متنوعة تفضى إلى تعريفه وفق أكثر من منظور واتجاه، وتناول فى كلمته إمكانات تفعيل الدور الثقافى ومنها ألتماس الطريق الموضوعية فى الممارسة الثقافية، وإيجاد المؤسسة الثقافية البديلة التى تحرر المثقف من معوقات العمل، ومشاركة المثقفين فى الواقع دون البحث عن الأطماع الشخصية والمصالح الضيقة. وأكد الباحث وائل النجمى أن مشكلات تحديد مفهوم المثقف تمثل جزءًا من المشكلة الراهنة، ويدور الجدل حول مفهوم المثقف والثقافة والحداثة والتراث والتنظير والممارسة، وهذا الغرق فى التفاصيل العبثية يؤدى إلى عزل الثقافة عن الواقع ومتغيراته المحزنة. وتعد هذه الجلسة إحدى الجلسات اللصيقة بموضوع المؤتمر، ولذلك كانت إشادة الشاعر رفعت سلام "مدير الندوة" بها وثناؤه على المداخلات التى قام بها الباحثون وكذلك التعليقات التى أعقبت كلمات المنصة، ويمكن القول بأن معضلة التهميش الثقافى وتهميش المثقف تعد مشكلة جوهرية من مشكلات الواقع المصرى الراهن، وهذا التهميش يعود إلى أسباب تاريخية وأخرى سياسية، وما تبين من كلمات الباحثين أن وضع الثقافة "ومؤسساتها والمشتغلين بها" فى الجوهرة والمتن والمناطق الحيوية فى الحقبة الآنية، يمكن أن يكون حلاً جزئياً لمشكلات التى ينوء بها الواقع المصرى.