أكدت مجموعة الاستشارات العالمية "كونترول ريسكس" أن الإمارات تتمتع بدرجة عالية من الاستقرار السياسي والاقتصادي مما يؤهلها لاستقطاب الاستثمارات . وتمنح المجموعة الدولة تقييم ج أي متدني المخاطرة ضمن تقريرها الذي أطلقته أمس في مؤتمر صحفي بدبي لتسليط الضوء على خارطة المخاطرة العالمية . توقع مواصلة النمو الجيد للصين قال أندرياس كارلتون سميث المدير الإقليمي للمجموعة في منطقة الشرق الأوسط: إن بيئة الأعمال في الإمارات تعد جاذبة للاستثمارات في ظل حرية الاقتصاد واستقراره، وأضاف مؤكداً أن المناطق الحرة أسهمت وتسهم إلى حد بعيد في استقطاب الاستثمارات . كما أن مؤشرات النمو القوية على مستوى القطاعات المختلفة وبخاصة التجارة والسياحة والخدمات اللوجستية والنقل تطرح العديد من فرص النمو وتشجع المستثمرين . ويقدم تقرير المجموعة المعروف باسم "ريسك ماب" أو "خارطة المخاطر" تقييمات المجموعة وتصوراتها لحجم المخاطر على مستوى كافة دول العالم ويمثل ذلك دليلاً يرشد عملاء المجموعة وغالبيتهم من الشركات العالمية متعددة الأطراف والحكومات إلى البقاع الأكثر أمناً في العالم لتوجيه استثماراتهم . وبحسب سميث فإن المجموعة افتتحت مكتبها في مركز دبيالمالي العالمي قبل 8 سنوات، وهي تحظى بخبرة عالمية تصل إلى 40 عاماً ولديها مكاتب في 34 دولة وتوظف أكثر من 2500 خبير مختص في قياس المخاطر وإدارة الأزمات . وتضم قائمة عملاء المجموعة في الإمارات عدداً من الوزارات، إضافة إلى شركات أخرى، فإلى جانب عملها في رصد المخاطر عالمياً تقوم الشركة بتقديم استشارات إدارة المخاطر والأزمات خاصة على جانب عمليات الاحتيال . من جانبها قالت جيلين رياني رئيسة المحللين لدى المجموعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إن هناك مخاطر سياسية في دول الثورات العربية خاصة في سوريا التي يتوقع أن يمتد أجل أزمتها حتى بعد مغادرة بشار الأسد، وقالت إن هناك انعكاسات أوسع نطاقاً للأزمة على الدول المجاورة، لذا فإن سوريا تحمل تقييم H عالي المخاطرة . واستبعدت رياني كذلك أن يكون هناك انسحاب للاستثمارات من مصر بل ميل للمراقبة ولانتظار ما يمكن أن يسفر عنه الوضع هناك وقالت إن العودة للاستقرار ستحتاج إلى فترة من 5 إلى 10 أعوام في مصر . ومن جانبه قال سميث إن التحدي الأساسي أمام مصر هو اقتصادي بالدرجة الأولى، وأضاف قائلاً إن الإخفاق في إبرام صفقة قرض صندوق النقد الدولي من شأنها أن تؤدي إلى أزمة ثقة وتراجع في العملة وجمود في الاستثمارات الأجنبية . ولفت سميث إلى أن دول المجلس بصفة عامة تتمتع بالاستقرار السياسي وأن تضع المجموعة البحرين والكويت ضمن قائمة المراقبة . وأضاف قائلاً إن هناك فرص نمو إقليمية منها كردستان العراق التي تحمل تصنيف L منخفض المخاطرة بالنظر لسياسات حكومتها الرامية لاستقطاب الاستثمارات وتشجيعها . وقال جيك ستراتون رئيس قسم تحليلات المخاطرة العالمية والمشرف على إعداد "خارطة المخاطرة" إن هناك أيضاً على الصعيد العالمي نقاطاً جاذبة للاستثمار مثلاً في إفريقيا وبخاصة موزمبيق . وتوقع أن يكون هناك استقرار سياسي ناتج عن الاستقرار الاقتصادي في منطقة اليورو . وأضاف: "أن الأسوأ في المنطقة بات خلفنا اليوم ولا نرى تهديدات حقيقية لاستقرار منطقة اليورو في 2013" . وعلى مستوى الولاياتالمتحدة توقع ستراتون أن يكون هناك نوع من الترقب والشك على الصعيد الاقتصادي لعامي 2013 و2014 لكنه في الوقت نفسه قال إنه من المتوقع أن يقوم رجال السياسة في أمريكا بعقد صفقات متوالية لتهدئة المخاوف المتعلقة بالهاوية المالية في الفترة المقبلة مما سيدعم الثقة نسبياً . وتوقع أن تنعم الصين ودول شرق آسيا بالاستقرار هذا العام . وقال إن الصين يتوقع لها أن تواصل النمو بمعدل جيد في 2013 . ويرى ستراتون أن هناك العديد من الفرص الاستثمارية الجيدة في جنوب شرق آسيا وخاصة فيتنام واندونيسيا وتايلاند . وذكر التقرير أن القيادة الاستراتيجية للشؤون التجارية والسياسية ستواجه مزيداً من التحديات في منطقة الشرق الأوسط التي تمر بتغييرات هيكلية عميقة، حيث يكمن النجاح في الدمج بين المرونة وكل من سرعة رد الفعل والتقدير الكيس الفطن للأمور . وكان لثورات الربيع العربي بالغ الأثر في إثارة توقعات بحدوث تغيير اجتماعي واقتصادي وسياسي، ولا تزال تلك التوقعات تحظى بالقوة نفسها في ،2013 وليس من المحمل أن يأفل نجمها . وعليه، فقد أضحت حكومات دول المنطقة في حاجة ماسة إلى معالجة الاحتياجات المصلحة لشعوبهم التي بات صوتها آخذاً في الارتفاع وقد غلبت عليه النزعة السياسية أكثر من ذي قبل . وبحلول عام ،2013 ألفت دول الخليج نفسها وقد أصابها تبادل التأثير والتأثر مع ما يحدث في منطقة الشرق الأوسط من أحداث . وانطلاقاً من علاقاتها الوطيدة بجيرانها، فإن الطريقة التي يختار بها قادة دول مجلس التعاون الخليجي طبيعة الدور الذي ستلعبه منها في منطقة الشرق الأوسط الحافلة بالتغييرات سيكون لها بالغ الأثر في عالم المال والاقتصاد في تلك الدول . وقال أندرياس كارلتون سميث، "يقدم لنا برنامج ريسك ماب هذا العام وصفاً لعالم تبدو فيه الثوابت وقد غدت أكثر انحساراً، مع تفاقم صعوبة ممارسة مهام القيادة . ومع تنامي الاضطرابات الاجتماعية في كل من العراق ومصر وسورياوباكستان التي تسفعها نيران التوتر السياسي المحلي، أصبحت طريقة إدارة الشركات التجارية في منطقة الشرق الأوسط أقرب ما تكون إلى التجاوب ورد الفعل السريع والحاسم مع ظروف القيادة الآخذة في التغير وعدم الاستقرار لارتباط هذا الأمر بتطبيق سياسة ما أو تنفيذ استراتيجية أخرى" . وفي الوقت الذي تعاني فيه مصر تخبطاً سياسياً خلال ،2013 سيظل الرئيس محمد مرسي القوة السياسية الأكثر في البلاد، وسيسعى مرسي لأن تتبوأ مصر دوراً دبلوماسياً أكثر بروزاً على الساحة السياسية الإقليمية، مع المضي قدماً في اتباع النهج البراجماتي عند الحاجة إلى المساعدات الأجنبية والاستثمار . تحدي الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في باكستان تواجه باكستان عاماً يختبر قدراتها، حيث تجتمع فيه الانتخابات البرلمانية والرئاسية، ومن المقرر إحالة كبار قيادات الجيش والقضاء من ذوي النفوذ إلى التقاعد . ومع خضوع جميع صانعي القرار الرئيسين إلى موجة التغيير، تواجه الدولة احتمال ظهور فكرة بطلان الحكومة وفساد أو انحراف في سياسة الدولة عند منعطف حاسم يعاني فيه اقتصاد الدولة من الهشاشة والضعف وتنسحب فيه قوات الناتو من أفغانستان، الأمر الذي يضيف أعباء أمنية على عاتق الدولة . يواجه المستثمرون في ليبيا تحديات عديدة تتباين بين العنف العام، وضعف الحكومة المركزية، وتسلط أصحاب المصالح المحليين عند إنشاء مواقع تشغيلية لأعمالهم التجارية خارج المدن الليبية الكبرى . في اليمن، يظل التحول السياسي هشاً بسبب التنافس بين النخبة، حيث توجد شبكة معقدة من المصالح المتنافسة مقترنة بأداء اقتصادي هزيل . وتواصل الحكومة الانتقالية نضالها من أجل التأكيد على سلطتها لا سيما في المناطق الريفية، الأمر الذي من شأنه أن يلقي بظلال من الضعف على الأمن في البلاد . آفاق أوسع للتعاون بين مصر وتونس وليبيا سيدفع انتشار الأسلحة في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل - المقترن بحالة عدم الاستقرار التي تعيشها منطقة شمال مالي - نحو مزيد من التعاون الأمني بين حكومات شمال إفريقيا . ولكن التعاون السياسي الإقليمي سيتأثر سلباً بالعلاقات الثنائية المتوترة بين الجزائر والمغرب، كما يمكن لتونس وليبيا ومصر أن ينعموا بآفاق أوسع للتعاون السياسي والتكامل الاقتصادي في المراحل الانتقالية الراهنة . وتزداد حدة الصراع الداخلي المرير بين الفصائل الحاكمة ذات التوجه المحافظ في إيران قبيل الانتخابات الرئاسية المزمع عقدها في يونيو ،2013 في حين لا تزال العقوبات الاقتصادية تلقي بظلالها السلبية على الاقتصاد وتقيد فرص الاستثمار . ومع هذه التحديات الكبيرة، لا تزال فرص الاستثمار موجودة في أماكن تثير الدهشة لدى من يمتلكون القدرة على التعامل مع التعديدات والمخاطر المهمة في عالم متغير . ويؤكد برنامج ريسك ماب في هذا العام أن مدى اعتماد الشركة أو الدولة التي تسعى لاستغلال تلك الفرص لا يتوقف على قدرة القادة على ترسيخ مهارات المرونة في الأداء الحكومي أو المؤسسي داخل المؤسسات والدول فحسب، وإنما يعتمد أيضاً على ترسيخ مبادئ التكيف والتأقلم . تحديات بالجملة تواجه منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام المقبل أكدت مجموعة الاستشارات العالمية "كونترول ريسكس" أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا سوف تواجه في العام المقبل عدة تحديات أورى نارها الربيع العربي إذ إنه من المتوقع أن يطول أمد عمليات التحول في البلاد التي خضعت للتغيير في نظام الحكم، متسببة بذلك في فترات من عدم الاستقرار السياسي، بل وقد يتخطى الأمر في بعض الحالات هذه المرحلة وصولاً إلى نشوء اضطرابات اجتماعية . وسيعاني القادة والزعماء في المنطقة من صعوبة التعامل مع الأصوات التي غدت أكثر قوة وأنضج سياسياً عن ذي قبل . وتنعقد الآمال على حدوث تغييرات اجتماعية واقتصادية وسياسية في العديد من المناطق وإن كان من غير المحتمل أن تخف وطأة هذه التغييرات في 2013 . ففي العراق، ستظل حكومة الوحدة الوطنية ترزح تحت وطأة المعاناة خلال 2013 وسط التوترات المتزايدة بين الفصائل والأطراف المتناحرة . ويواجه رئيس الوزراء نوري المالكي مطالبات متكررة بالتنحي عن السلطة، لكن يبدو جلياً أنه سيستمر في منصبه لهذا العام . ويبدو أنه من المقدر للمحافظات ذات الأغلبية السنية أن تكتوي بنيران الاضطرابات الاجتماعية، في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر بين حكومة الوحدة وحكومة إقليم كردستان العراق، وهو ما يمثل عقبة كئود أمام أي حل يطرح لأسباب النزاع على الأراضي وعقود النفط، حيث لا يلوح في الأفق أي حل قريب لهذا الصراع . أما في سوريا، فيبدو أن أتون الحرب الأهلية آخذ في الاشتعال، كما أن سقوط الرئيس بشار الأسد لن يوقف العنف . ومن المحمل أن يشهد 2013 مزيداً من التداعيات الإقليمية في سوريا وعلاقاتها بلبنان وتركيا والأردن والعراق وتعرض هذه الأخيرة لمواجهة تهديدات أمنية داخلية، إضافة إلى تزايد موجات التوتر السياسي الداخلي نتيجة لذلك . وستظل العوامل الخارجية تلعب دوراً محورياً في الحرب الأهلية في سوريا على أمل تحديد ملامح نتيجة الصراع الدائر، على الرغم من أن أي تدخل حاسم يعد أمراً غير محتمل الحدوث .