أكد خبير سعودي في شؤون الإرهاب في حديث ل"إيلاف" أن ملف الإرهاب في بلاده يحتاج مشروعاً وطنيا متكاملاً بعد مرور عقد على برامج المناصحة وحملات "السكينة" المختصة بتعاطي مع المتورطين بالإرهاب. الرياض: أصبح السعوديون اليوم على خبر يقول بأن 11 إرهابيا قتلوا جنديين من سلاح الحدود، في محاولتهم التسلل لبلد القاعدة المفضل حاليا اليمن، قبل أن يتمكن الأمن السعودي من القبض عليهم بعد معركة سريعة أصيب خلالها 4 من المتشددين بإصابات بالغة. الخبر بدا مثيراً بعد فترة ركود طويلة في المملكة التي اندلعت فيها عمليات القاعدة منذ العام 2003 حتى قريبا من العام 2006، إلا أن الإثارة الأكبر كانت في أن جميع المسلحين الذي اشتبكوا مع الأمن كانوا موقوفين في السجون السعودية وخرجوا قريباً بعد ما قيل عن إعادة تأهيلهم. وفي السعودية برنامج حضي بإشادة عالمية يطلق عليه اسم "المناصحة"، ويختص بتصحيح الأفكار المتطرفة لدى المعتقلين من أعضاء القاعدة أو المتعاطفين معهم، ويتولى متابعة البرنامج الأمير محمد بن نايف الذي عينه (أثناء إعداد التقرير) العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز وزيراً للداخلية خلفاً للأمير أحمد بن عبدالعزيز . هذه الحالة استوجبت أن تستنطق "إيلاف" خبيراً في شؤون القاعدة والأفكار المتطرفة، هذا الخبير يعمل مسؤولاً في حملة السكينة، وهي حملة تشرف عليها الحكومة السعودية وتتخصص بتصحيح الأفكار عبر الانترنت وفق حوارات وندوات مصغرة ومطولة مع منظري وأعضاء الفكر المتطرف. وربما كان بيان الداخلية السعودية كان يحتوي على إشارة ضمنية لمسؤولية بعض الأطراف في هذه الحالة، إذ أكد البيان في جزء منه على أن " أن الأجهزة المختصة تبذل ما في وسعها للعمل على تصحيح مفاهيم من يتم إطلاق سراحهم أثناء استيفائهم للعقوبات المقررة شرعا ، وتبقى المسؤولية الاجتماعية بعد ذلك على المحيطين بهم للتأكد من سلامة نهجهم وعدم تهديدهم لأمن وسلامة المجتمع ، مع أهمية المبادرة بإبلاغ الجهات المختصة عن كل ما يثير الاشتباه". يقول ضيفنا عبدالمنعم المشوح عن هذه الحالة إنها مؤلمة ابتداء، ويضيف "لجنة المناصحة تبذل جهداً، لكننا جميعاً مسؤولون عن هذه الحالة". ويسترسل المشوح "نحتاج مشروعاً وطنياً متكاملا يختص بتصحيح الفكر المتطرف يبدأ وينتهي من وعند الكل، فبعد عقد من الزمان يجب أن نسأل أنفسنا ماذا حققنا، هناك أسئلة لابد أن تطرح بشفافية وصدق، ماذا فعلنا وإلى أين وصلنا أهمها"، ويبرر الخبير ذلك بقوله أن البدايات من الطبيعي أن تكون مرتبكة وينقصها الكثير، لكنه طرح سؤالاً حول ماتراكم بعد خبرة هذه السنين. ويعترف المشوح بأن البنية الفكرية للمجتمع السعودي ما زالت سهلة الاختراق من المتطرفين، ويدلل على ذلك بأحداث سوريا الأخيرة، فيقول " إنه من السهل الآن على أي شخص أن تقنعه إذا ما حدثته عن الجهاد والمجاهدين والإسلام وكثير من المصطلحات العاطفية الرنانة، وذلك ما يجعل سؤالي حول جهد هذه السنوات في إطار مواجهة الإرهاب، وكأننا لم نفعل شيئاً". ويرمي المشوح باللائمة على كل في مجاله بما في ذلك وزارة التربية والتعليم. ثم يدخل الخبير السعودي في العمق حين يقول "أرى أن لدينا مشكلة في قياس التراجع لدى المتطرفين، فالتراجع الحسي والمادي يختلف عن الفكري، فالمادي يعتمد على شواهد منظورة مثل مدمن المخدرات عندما يتراجع فأنت تراه فعلا يمكث الأسابيع داخل البرنامج دون أن يتعاطى المخدرات، أما التراجع الفكري فهو غير منظور ودلائله إشارات قد تخفى على الكثيرين، ولذلك من المهم دراسة وتقويم هذه الحالة". ويبتعد المشوح في حديثه أكثر ليذهب لظروف المنطقة فيقول "المنطقة الآن تغلي، وسورياواليمن والعراق وغيرها ساحات ومنابر جاهزة للحديث منها أو عليها".