أكد تقرير أممي أن أحوال الزراعة في سوريا يرثى لها، إذ تدهور الإنتاج الزراعي السوري إلى نصفه تقريبًا، بسبب أزمة دموية مستمرة منذ عام تقريبًا. وقد اتهمت المعارضة النظام بتعمّد إحراق المحاصيل وتخريب البنى التحتية انتقامًا من الشعب الثائر. صبري عبد الحفيظ من القاهرة: كشفت بعثة خاصة من الأممالمتحدة أن الصراع في سوريا دمّر قطاعها الزراعي، وأنهك دورات إنتاج الحبوب والخضر والفاكهة، مشيرة إلى تراجع الإنتاج المحصولي النباتي إلى النصف تقريبًا، إلى جانب دمار هائل لحق بنظم الريّ وغيرها من البنى التحتيّة. وقال تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حصلت "إيلاف" على نسخة منه عبر مكتب المنظمة في القاهرة، إن البعثة الدولية زارت العديد من المناطق المتضررة في دمشق وحمص ودرعا، بين 18 و22 كانون الثاني (يناير) الجاري، بتنسيق مع الحكومة والمعارضة. وقد تألف فريق البعثة من مدراء الطوارئ نيابة عن سبع وكالات إنمائية وإنسانية تابعة للأمم المتّحدة برئاسة جون جينج، مدير العمليات في مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. تراجع الحصاد ووفقًا للتقرير، هبط إنتاج الشعير والقمح إلى أقل من مليوني طنّ في السنة الماضية، في حين كان يبلغ 4 إلى 4.5 مليون طنّ في السنوات الطبيعية. كما أشار إلى تراجع إنتاج الخضر والفاكهة بشدة في محافظتي حمص ودرعا، بما في ذلك انخفاض بنسبة 60 بالمئة في الإنتاج النباتي بحمص، و40 بالمئة في إنتاج زيت الزيتون في درعا. ولم يتمكن سوى 45 بالمئة من المزارعين من حصاد محاصيل الحبوب بالكامل، بينما عجز 14 بالمئة عن الحصاد كليًّا، بسبب انعدام الأمن وشح الوقود، وندرة المدخلات الزراعية الضرورية، بما في ذلك البذور والأسمدة الممتازة. ولفت التقرير إلى تضرر قنوات الريّ الرئيسة، خصوصًا في حمص وندرة الوقود لمضخات الريّ، وقلة الرعي للماشية وشح العلف الحيواني والعقاقير البيطرية، إلى جانب قيود الاستيراد بسبب العقوبات الدولية المفروضة. وأشار إلى تضرر إنتاج الدواجن، كمصدر تقليدي للبروتين الحيواني الرخيص، مع دمار المزارع الكبرى في حمص وحماه وإدلب. أضاف التقرير: "من بين 10 ملايين سوري يقيمون في المناطق الريفية في سوريا - أي نحو 46 بالمئة من مجموع السكان - يعتمد 80 بالمئة في معيشتهم على الزراعة. الحاجة ماسة يتزامن هذا التقرير مع ترؤس الأمين العام للأمم المتّحدة بان كي مون مؤتمرًا إنسانيًا دوليًا رفيع المستوى للتعهدات المالية لسوريا، في مدينة الكويت في 30 كانون الثاني (يناير) 2013. وقالت دومينك بورجون، مدير شعبة الطوارئ وإعادة التأهيل في منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة FAO، إن "البعثة هالها محنة الشعب السوري الذي تقوضت قدراته على التحمّل إلى أقصى الحدود تحت وطأة 22 شهرًا من الأزمة". أضافت: "تكشف المناقشات مع المنظمات غير الحكومية والمسؤولين التقنيين من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي عن أن الظروف الأمنية لها دور حاسم في تمكين المزارعين من المكوث في أراضيهم، وتوليد الدخل لتلبية أكثر الاحتياجات الماسة، وهؤلاء في أمسّ الحاجة إلى الدعم الزراعي العاجل من البذور والأسمدة والعلف الحيواني والعقاقير البيطرية والدواجن وإعادة تأهيل بنى الريّ التحتيّة". تعمد نظامي تتهم المعارضة السورية نظام بشار الأسد بتعمد حرق المحاصيل الزراعية وتدمير البنية التحتية، عقابًا للشعب السوري على ثورته ضده. وقال المعارض السوري مأمون الحمصي ل"إيلاف" إن النظام يتعمّد إبادة كل عناصر الحياة في سوريا، من الأشجار والتربة، وإطلاق النار على الماشية والحمير. وأشار الحمصي إلى أن ثبوت العديد من الوقائع، التي تم توثيقها في هذا الصدد، منها مقاطع فيديو تظهر جنود الجيش النظامي يعدمون قطيعًا من الحمير، أو يطلقون الرصاص على قطيع من الأغنام، قبيل الإحتفال بعيد الأضحى، أو يحرقون المحاصيل الزراعية. وأضاف أن المجتمع الدولي خذل الشعب السوري، ولم يلتفت إلى ما وصفه بحرب الإبادة الشاملة، التي يمارسها نظام بشار الأسد وحليفه النظام الإيراني ضد الشعب السوري، بل ضد سوريا كلها أرضًا وشعبًا، محذرًا من أن استخدام النظام السوري للأسلحة الكيماوية سوف يؤثر على البشر والأرض والشجر عشرات السنين، داعيًا المجتمع الدولي والعرب إلى الانتفاضة من أجل نصرة سوريا، وإنقاذها مما وصفه بالإبادة.