يرى الخبير الاقتصادي وأمين عام جمعية خبراء السياحية العربية، أن دول الربيع العربي ستشهد تحسناً كبيراً في القطاع السياحي بمجرد عودة الاستقرار إليها، لكنه شدد على أن تلك الدول تكبدت خسائر فادحة خلال الفترة الماضية. الرياض: توقّع امين عام جمعية خبراء السياحة العربية خالد الرشيد، أن تشهد البلدان العربية، التي اندلعت فيها ثورات خلال العامين الأخيرين، انتعاشة كبيرة على المستوى السياحي بمجرد استقرار الأوضاع فيها، مؤكداً أن ذلك يأتي وفقاً لتجارب سابقة لدول مرت بأزمات وحروب وتجاوزتها بشكل سريع كما حدث بمنطقتي الشرق الاوسط والبلقان بعد غزو العراق وكوسوفو. وقال الرشيد إن ما حدث ويحدث الآن في بعض البلدان العربية من ثورات أو ما يسمى بالربيع العربي هو أمر طبيعي للثورة على الاضطهاد والظلم والفساد الذي عم الكثير من الدول تسبب في ضياع المال العام والفقر والبطالة وعدم تكافئ فرص العمل والاستثمار . وأضاف: "هذه الاضطرابات التي شهدتها دول الربيع العربى وبالرغم الهدوء في بعض هذه المناطق السياحية إلا أن الكثير من السياح قد أحجموا عن القدوم الى المنطقة بانتظار استقرار الاوضاع بصورة نهائية"، مشيراً إلى أنه ووفقاً لتقديرات المنظمة العربية للسياحة فإن هذه الاضطرابات قد تسببت في تكبد قطاع السياحة العربي خسائر فاقت 7 مليارات دولار خلال عام 2011 فقط، وشملت الخسائر مختلف المجالات المتعلقة بالسياحة كالمطاعم والفنادق والمقاهي والمحال التجارية والنقل حيث تم إغلاق الكثير من المنشآت السياحية ، وتسريح نسبة كبيرة من العاملين قد تصل إلى 50% في بعض الدول والبعض الآخر قام بمنح العاملين إجازات إجبارية بالإضافة تكبد صناعة الطيران لخسائر كبيرة وتوقف وإلغاء الكثير من المحطات في بعض الدول التي تشهد أحداث مستمرة، وأكد أن هذه الأرقام تشير إلى "انهيار" القطاع السياحي في بعض الدول كاليمن وسوريا وليبيا حيث توقف الحركة السياحية بشكل كبير . وبيّن الرشيد ما يلفت النظر هو عدم استفادة بعض الدول السياحية العربية من هذه الثورات أو المظاهرات، رغم الاستقرار الامني الذي تعيشه هذه الدول وعلى رأسها المغرب التي ظلت معدلاتها ثابتة ولم تحقق المكاسب المتوقعة, وعلى العكس تماما دولة الإماراتودبي بالتحديد الرابح الاكبر والتي كان لها نصيب الاسد من الكعكة السياحية لعدة عوامل عززت من مكانة الإمارات كأهم وجهة سياحية في منطقة الشرق الاوسط، أهمها تنوع منتجها السياحي الذي يلائم حاجات واهتمامات مختلف السياح، إلى جانب سهولة الوصول إليها ، إذ يوفر مطار دبي الدولي رحلات طيران إلى أكثر من 200 وجهة ومدينة حول العالم، إضافة إلى الجهود التسويقية الكبيرة للترويج السياحي لدبي عبر قارات العالم . واستطرد: "عودة الاوضاع لوضعها الطبيعي أمر متوقع وهناك فهناك تجارب سابقة لدول مرت بأزمات وحروب وتجاوزتها بشكل سريع كما حدث بمنطقتي الشرق الاوسط والبلقان بعد غزو العراق وكوسوفو إذ لم يتجاوز الامر أكثر من ثلاثة أشهر من انتهاء الحرب, وإن كان الوضع هنا يختلف تماما فلم تحدث حروب إلا في بعض الدول كسوريا وليبيا والدول الاخرى كانت الثورات سلمية إلى حد ما أي لم يتم تدمير البنى التحتية لهذه الدول كما حدث في سوريا وليبيا". وتوقّع الرشيد أن تحقق هذه الدول إيرادات أعلى من ما كنت عليه عام 2010 –أي قبل الثورات العربية- حيث أن الادارات تغيرت والفكر تغير والقضاء على الفساد العائق الاول للبناء والتنمية هو الهدف, وإن كان البعض يتخوف من سيطرة الاسلاميين على هذه الدول وأن هذا الامر سيؤثر بشكل أو آخر على قطاع السياحة بشكل عام. وأضاف: بقراءة خاصة لهذه الحكومات والتي تشابه إلى حد ما حزب العدالة والتنمية التركي الذي له أصول مشابهة لجماعة الإخوان المسلمين وكان في وجودة إزدهار للسياحة التركية لم تشهد له تركيا مثيلا في السابق بل إنها أصبحت وجهة مهمة على الخارطة السياحية الدولية والتوقع أن تحظى مصر وتونس والمغرب بنفس الوتيرة وأن تحقق ارقام قياسية في المستقبل القريب". وأشار الرشيد إلى أن انعدام الاستقرار وعدم توصل حكومات هذه الدول إلى حلول توافقية أثر على بداية النهوض السياحي وإستعادة القطاع عافيته "فالقطاع يعتبر هو الأكثر توليداً للدخل بالعملات الأجنبية ولفرص العمل كما في مصر حيث يعمل في القطاع قرابة ال 30% من الشعب المصري وأهم مداخيل وموارد الدخل القومي للكثير من الدول". ولفت إلى أن الوضع في سوريا مختلف جدا حيث أن الحرب فيها قد دمرت الكثير من المنشآت الحيوية ومرافق البنية التحتية وهذا التدمير الذي لحق بالمنشآت والبنى التحية يحتاج لاستثمارات وللكثير من الوقت لاستعادة القطاع لنشاطه ولعافيته, كما أن الازمة السورية ألقت بظلالها على دول الجوار وكان أكثر المتضررين الاردن وإن كان لبنان أكثر تأثراً وخسارة حيث تجاوزت خسائر السياحة اللبنانية 50% ووصلت نسبة الاشغال في بعض الفنادق لأ 25% فقط . وكانت منظمة السياحة العالمية، ذكرت إن حصة دبي وحدها من إجمالي أعداد السياح الدوليين القادمين إلى منطقة الشرق الأوسط العام الماضي بلغت نحو 14.7٪، بعد أن نزل أكثر من 8.1 ملايين سائح دولي في فنادق الإمارة وشققها الفندقية، وذلك مقابل 7.4 ملايين نزيل عام ،2010 وبنسبة نمو بلغت 9.4٪. وذكرت أيضا أن الإمارة استأثرت بأكثر من 20٪ من العائدات الإجمالية المتأتية من السياح الدوليين في المنطقة خلال ،2011 إذ بلغت نحو 9.2 مليارات دولار، مقابل 8.5 مليارات دولار خلال عام .2008 وأضافت، وفقاً لبيانات جمعتها المنظمة حتى نهاية يونيو ،2012 أن العدد المتوقع لإجمالي السياح الدوليين في منطقة الشرق الأوسط بلغ نحو 55.4 مليون سائح، مقابل 60.2 مليوناً عام ،2010 إذ فقدت المنطقة تقديرياً نحو خمسة ملايين سائح دولي خلال عام واحد، وبنسبة تراجع بلغت نحو 8٪، بعد أن كانت حققت نمواً بنسبة 14.2٪ خلال عام 2010 مقارنة بالعام الذي سبقه. وعلى صعيد العائدات، قدرت المنظمة أن تصل العائدات في منطقة الشرق الأوسط إلى 45.8 مليار دولار بنهاية عام ،2011 بعد أن بلغت 51.6 ملياراً عام ،2010 ونحو 42.1 ملياراً في .2009 ويرى الرشيد أنه في حال استقرار الاحوال في بلدان الربيع العربي فإن المتوقع أن تتغير خارطة السياحة العربية، مبينا أن الخاسر الاكبر من هذه المنافسة هي الامارات لوجود منافسين أكثر خبرة وأكثر تنوع سياحي بشعوب أكثر ثقافة سياحية وعلى رأس الهرم (مصر و لبنان) الخاسر الاكبر من حصة سياحة الشرق الاوسط. وأضاف: "كما هو معلوم فإن ثقافة شعوب هذه الدول بالإضافة إلى أكثرية شعوب دول البحر المتوسط الذين تتميزون بالثقافة السياحية والتي توارثتها هذه الشعوب جيل بعد جيل, يصاحب ذلك البنية التحتية السياحية لهذه المناطق وشهرتها العالمية والعلاقة الازلية بينها وبين الكثير من شعوب العالم لذا فإن هذه الدول تعتبر وجهة مهمة للكثير من السياح من جميع دول العالم وكذلك السياح الخليجيين". ومضى يقول: "كذلك الامر فيما يخص دول المغرب العربي ( تونس والمغرب ) فكما ذكر لي بعض مسئولي السياحة في هاتين الدولتين بالتحديد والذين أبدوا لي توجه دولهم وتغير جذري في استراتيجيتهم المستقبلية والتي تهدف لاستقطاب السائح الخليجي والاسر الخليجية الذين كانوا في السابق لا يمثلون قرابة ال 20% من السياح و 80% من روسيا وأوروبا وبعض دول العالم الاخرى , لذا فأنهم يعملون الان لاستقطاب المزيد من الاستثمارات في القطاع وتوجيه هذه الاستثمارات في كل ما يلبي حاجة السائح الخليجي الذي يعتبر السائح الاهم من الناحية الاقتصادية للكثير من دول العالم". ونّوه إلى أنه في حال تحقق هذه الاستراتيجية فمن المتوقع بأن تكون المغرب على وجه الخصوص بوابه مهمة للسائح الخليجي المتجه لأوروبا أو القادم من أوروبا لما تمتلكه المغرب من مقومات سياحية جاذبة .