يعتقد خبراء أن معاذ الخطيب لجأ إلى طرح مبادرة الحوار مع النظام لإدراكه أن الغرب تخلى عن المعارضة وأن الحل العسكري لا يمكنه أن يقود إلى الحرية. بيروت: يرى محللون أن الاعلان المفاجىء لرئيس الائتلاف السوري المعارض احمد معاذ الخطيب حول استعداده المشروط للحوار مع ممثلين للنظام السوري يعكس خوفه من مراوحة النزاع واستمرار النزف، نتيجة رفض الغرب القيام بأي خطوة حاسمة تعزز موقع المعارضة في مواجهتها المسلحة مع النظام. الا أن هذا الانفتاح قد يصطدم برفض نظام الرئيس بشار الاسد لشروط الخطيب باطلاق "160 الف معتقل" من السجون السورية، وتجديد جوازات السفر للسوريين الموجودين في الخارج، وبرفض جزء من المعارضة لمبدأ الحوار طالما لم يرحل الاسد عن السلطة. ويقول الاستاذ المحاضر في جامعة ادنبره في اسكتلندا توما بييريه لوكالة فرانس برس: "عبّر احمد معاذ الخطيب خلال الفترة الاخيرة عن خيبة امل كبيرة من موقف الدول التي تقول إنها تدعم المعارضة"، مشيرًا الى أن "لا الائتلاف المعارض ولا القيادة الموحدة للجيش السوري الحر حصلا على الدعم الذي وعدا به". ويضيف "في هذه الظروف، يرى الخطيب أن الوسيلة الوحيدة لتخفيف آلام السوريين تكمن في التفاوض". ويتابع "في الوقت ذاته، وبما أنه رجل مبادىء، فانه يضع شروطًا منطقية لكن غير مقبولة من النظام، الى درجة أن خطوته محكومة بالفشل". وفي اعلان مفاجىء، قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية الاربعاء إنه مستعد "كمبادرة حسن نية"، ولتوفير المزيد من الدماء"، و"لأن المواطن السوري في ازمة غير مسبوقة"، "للجلوس مباشرة مع ممثلين للنظام السوري في القاهرة أو تونس أو اسطنبول". واوضح في وقت لاحق أنه يريد التفاوض "على رحيل النظام باقل كلفة من الدم والخراب"، وأن ما دفعه الى هذا الموقف وجود "دول تعد ولا تفي، وهناك من يقول للسوريين اقتحموا... ثم يتركهم في وسط المعركة. هناك من تعهد بدعم الثوار ثم تركهم في الموت، (...) وهناك صمت دولي وخنق للثورة، ومئات آلاف المهجرين". ويؤكد مسؤولون سوريون معارضون أن كل الوعود التي تلقوها من دول عربية وغربية بالحصول على سلاح ومال لم تنفذ الا جزئيًا. ورفض المجلس الوطني السوري، احد ابرز مكونات المعارضة، موقف الخطيب، وأي تفاوض مع نظام بشار الاسد. ويقول مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن إن الخطيب "مدرك أن سوريا تدمر وأن الحل العسكري لا يمكنه وحده ان يقود الى الحرية. إنه يدرك ايضًا أن وعود المجتمع الدولي لم تترجم بتاتًا". ويضيف "الجيش السوري لا يزال الى جانب الاسد، ورغم تحقيق الثوار تقدمًا على الارض، فالوضع الميداني اسير المراوحة ما لم يحصل تطور نوعي في الاحداث". ويتابع "من السهل على البعض النزول في فندق وانتقاد الخطيب بينما الناس يقتلون أو يموتون جوعا". ويرى كريم بيطار، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (ايريس) في باريس، أن كلام الخطيب يدل على أنه "اخذ علمًا بأن الحل العسكري في هذه المرحلة هو مجرد وهم، لكن سيظهر سريعًا ايضًا أن الحل السياسي ايضًا غير مرجح". ويشير الى أن "أي محادثات سورية سورية محتملة لن تقود الى شيء، ما دام أي من الطرفين لا يعترف بشرعية الآخر". ويقول بيطار إنه يضاف الى ذلك أن "السوريين لم يعودوا اسياد مصيرهم، والازمة السورية تحولت الى استحقاق اقليمي ودولي". ويؤكد فولكر بيرتيس مدير المعهد الالماني للسياسة الخارجية والمسائل الامنية الذي يتخذ من برلين مقرًا أن "موقف الخطيب هو بكل بساطة موقف واقعي". ويضيف أن "وقف نزف الدماء يتطلب الذهاب نحو تغييرات سياسية يشارك فيها عناصر من النظام". وتوضح ريم علاف من مركز "شاتام هاوس" البريطاني للابحاث أن تصريحات الخطيب هي ثمرة ضغوط خارجية. وتقول: "الخطيب في وضع صعب جداً، لان الاميركيين والفرنسيين وحلفاءهم يضغطون على المعارضة ويقولون لها إنها لن تحصل على أي دعم فعلي ما لم تتمكن من السيطرة على الاسلاميين" الذين يحاربون النظام والذين يخشى الغرب تصاعد نفوذهم. وبالنسبة الى علاف، فإن "عدداً كبيرًا من السوريين اليوم بعد مقاومة لمدة عامين، تعبوا من الحرب لا سيما أنهم لا يرون افقًا بعد، ويرون في الحوار طاقة فرج". ومنذ بداية النزاع المسلح في سوريا، رفضت الدول الغربية التي تطالب برحيل الرئيس بشار الاسد، تسليح المعارضة، أو التدخل عسكريا في سوريا، كما حصل في دول اخرى. وتضيف علاف أن الغربيين "يعولون على شعور الاحباط هذا لدى شريحة من الناس لمحاولة عزل الاسلاميين"، لا سيما على الصعيد العسكري. الا أنها ترى أن الحوار لن يحصل، لأن المعارضين سيسألون عن جدوى القتال الذي حصل على مدى سنة ونصف سنة. ويقول بيطار إن طرح الخطيب "قد يؤدي الى انقسام جديد في صفوف المعارضة". ويضيف: "وحده اتفاق روسي اميركي من شأنه أن يفتح باب الحل".