اعتراف بانيتا وديمبسي كشف عن الانقسام حول سورية والبيت الابيض احتكر قرارات السياسة الخارجيةلندن 'القدس العربي': كشفت جلسة استماع لكل من وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا، وقائد هيئة الاركان المشتركة الجنرال ريتشارد ديمبسي عن الطريقة التي اثرت فيها الازمة السورية على النقاشات داخل البيت الابيض من جهة والبنتاغون ووزارة الخارجية والاستخبارات - سي اي ايه - من جهة اخرى، ففي سؤال وجهه السناتور الجمهوري الداعي لتسليح المعارضة لبانيتا، حيث ذكر بسؤال مماثل عن سأله عندما لم يتجاوز عدد القتلى 7500 سوري والان تجاوز الستين الفا، ان ايدت وزارة الدفاع خطة تسليح المعارضة والتي تقدم بها مدير الوكالة المركزية سي اي ايه السابق، ديفيد بترايوس لتسليح المعارضة وايدتها وزيرة الخارجية في حينه، هيلاري كلينتون، حيث رد بانيتا بانه كان معها، وآمن ديمبسي على ما قاله بانيتا. وبدا ماكين وكأنه فوجىء بالاجابة حيث، اصدر بيانا بعد الجلسة التي تمت الخميس عبر فيه عن سعادته من موقف البنتاغون. ويظهر ان الرئيس باراك اوباما قرر تجاوز اراء قادته الكبار والامتناع عن دعم المعارضة السورية. لكن المسؤولين بانيتا وديمبسي قالا بان دعمهما هذا لا يعني انهما لم يدعما موقف الرئيس خاصة ان هناك الكثير من القضايا التي تطرح في موضوع تسليح المعارضة وانهما تفهما موقف الرئيس حسب مسؤول امريكي نقلت عنه صحيفة 'واشنطن بوست'، والذي اوضح ان كلا من بانيتا وديمبسي 'لم يمانعا النظر في الفكرة ودراستها وتفهما التعقيدات الناجمة المترتبة على القرار، وعليه فبانيتا قرر دعم قرار الرئيس بالكامل. وتنبع معارضة اوباما لتسليح المعارضة من الاثار السلبية التي قد ترتد على امريكا خاصة في حالة وقعت اسلحة الولاياتالمتحدة في ايدي الجماعات الاسلامية المتشددة ومنها من يرتبط بالقاعدة، والتي تتعامل مع الحرب على انها 'جهاد' ضد النظام السوري، وتقوم بالتحشيد وتجنيد المقاتلين الاجانب للقضية. ولكن المعلقين يرون ان طول امد النزاع يمنح الجماعات الجهادية ارضية لتعزيز قواها، وبناء قاعدة دعم لها، كما في حالة جماعة النصرة لاهل الشام التي بدأت تقرن ما بين العمل العسكري والاجتماعي في شمال سورية. وقد اعترف مستشار الامن القومي توماس دونيلون بداية الاسبوع بالحقيقة، حيث قال في برنامج تلفزيوني 'كلما طال امد الحرب كلما جذبت الجماعات المتطرفة اليها ودعتها للانضمام' الى الحرب، واضاف ان التعامل مع هذه الجماعات في مرحلة ما بعد الاسد سيكون التحدي الاكبر. وحتى الان لم يغير الرئيس الامريكي موقفه،على الرغم من الضغوط الشديدة التي يتعرض لها خاصة مع استمرار نزيف الدم السوري. وفي لقاء جوزيف بايدن مع زعيم الائتلاف الوطني السوري، فانه لم يقدم له اية تعهدات ولم يحمل معه اي تغيير في الموقف الامريكي. فقد التزمت ادارة اوباما بالدعم الانساني وقدمت 355 مليون دولار على شكل مساعدات انسانية للاجئين والمقاتلين. كما انها قامت بالتأكد هوية المعارضة السورية وقدمت معلومات استخباراتية للدول التي تزود المقاتلين بالاسلحة مثل السعودية وقطر . مصير خطة بترايوس وبالنسبة لخطة بترايوس لم يقدم اي من المسؤولين اسباب رفضها من قبل ادارة اوباما الا ما يعرف عن المخاوف من الاسلاميين، لكن مسؤولين امريكيين نقلت عنهم صحيفة 'نيويورك تايمز' قالوا ان البيت الابيض خشي ان تتورط امريكا في المستنقع السوري في وقت كان فيه الرئيس الامريكي في منتصف حملته الانتخابية للبقاء في البيت الابيض لولاية ثانية ولهذا لم يرد ان تؤثر الاحداث السورية على حظوظه الانتخابية. ورأت الصحيفة ان ادارة اوباما في ولايتها الاولى بدا انها متحدة على سياسة واحدة فيما يتعلق بالشؤون الخارجية لكن جلسة الاستماع وما كشفته الصحيفة نفسها قبل اسبوع عن خطة بترايوس ودعم كلينتون لها تظهر ان الادارة لم تكن في صف واحد على الاقل فيما يتعلق بالقضية السورية. وتقول الصحيفة ان قرارات السياسية الخارجية كما كشف عنه التبادل الكلامي بين ماكين من جهة وبانيتا وديمبسي من جهة اخرى كانت متمركزة في البيت الابيض. واقترحت خطة بترايوس تدريب مجموعة من المقاتلين بعد التأكد من هوياتهم وملفاتهم الشخصية وتسليحهم، وان يتم التعاون في انجاز المهمة مع دول الجوار. ومن منافع الخطة لو وافق عليها البيت الابيض هي انشاء قوة حليفة لها اثناء الحرب وفي حالة الاطاحة ببشار الاسد. كلهم خرجوا الا واحدا وباستثناء ديمبسي الذي لا يزال على رأس عمله فكل من وافق على الخطة قد انهى خدماته مع الادارة، فبترايوس استقال من منصبه في فضيحة كاتبة سيرته الذاتية، وكلينتون خرجت من الادارة، وبانيتا في الطريق. وعبر مسؤولون عن املهم بعودة فتح الملف من جديد بعد انتخاب اوباما الا ان خروج اللاعبين الرئيسيين من الادارة ادى الى بقائها على الرف. وظلت المعارضة السورية تأمل بقيام واشنطن بتسليح قواتها بطريقة مباشرة او غير مباشرة، لكن ادارة اوباما تمسكت بموقفها. وتقول صحيفة 'نيويورك تايمز' ان الجنرال محمد حسين الحاج علي اخبرها عن لقائه العام الماضي في الاردن مع الجنرال جيمس ماتيس، قائد القيادة المركزية ، حيث طلب منه المساعدة في تسليح المعارضة. ويقول الحاج علي ان ماتيس كان متعاطفا الا ان قلقه الاساسي كان حول الطرف الذي ستذهب اليه الاسلحة. ومع ان الحاج علي اكد له ان الاسلحة لن تقع في الايدي الخطأ الا ان ماتيس الذي وعده بالعودة اليه خلال 48 ساعة بعد عرضه الموضوع على مسؤولي الادارة لم يعد اليه منذ ذلك الوقت. وتشير الصحيفة الى ان تسليح المعارضة موضوع معقد ويقوم على تقييم المنافع العسكرية والسياسية ومن سيقود سورية بعد انهيار النظام. وتنقل عن جيفري وايت المحلل السابق في وكالة الاستخبارات الدفاعية والباحث في معهد واشنطن ان تسليح المعارضة يحسن من كفاءاتهم ويقلل من خسائرهم البشرية كما انه يعطي ادارة اوباما تأثيرا على من سيقود سورية في مرحلة ما بعد الاسد، مشيرا ان القوة التي ستسود سورية في اليوم التالي هي من تملك السلاح الذي سيعطيها التأثير السياسي. لكن دانيال كيرتزر السفير السابق في مصر واسرائيل قال ان البيت الابيض حدد المشكلة اكثر من فريق الامن القومي والتي تتلخص 'مع من سنتعامل؟' اقليم تحت السيطرة جاء هذا في الوقت الذي تواصل فيه المعارضة حملتها العسكرية الجديدة للسيطرة على مدينة دمشق، العاصمة التي ان سقطت بايديها فستكون بداية نهاية النظام، وهذه هي المرة الثالثة التي تهاجم فيها المعارضة المدينة، ولكن الهجوم الجديد هو جزء من حملة موسعة، حيث تحاول فيها المعارضة تطهير مناطق الشمال من التواجد الحكومي وبالتالي اعلانها مناطق 'محررة'، وتختلف الحملة الجديدة على الاقل في ريف ادلب عن سابقتها بانها منظمة واطلق عليها معركة البنيان المرصوص، وتهدف الى اخراج القوات السورية من الجيوب القليلة التي لا تزال تحت سيطرتها، ومن ادلب المدينة وجسر الشغور، وفي حالة نجحت في عمليتها هذه فانها ستكون قد فرضت سيطرتها بالكامل على محافظة ادلب. وقبل ذلك عليهم تطهير المنطقة حول المدينة، خاصة وادي الضيف. وتعتبر هذه خطة طموحة وما يميزها هو ان المشرفين عليها محكمة شرعية من الشيوخ الذين تقودهم جماعة النصرة، حيث قامت محكمة الشريعة بجمع شتات عدد من الجماعات من معظم انحاء ادلب، وحصلت على تعهد من قائد كل كتيبة على العمل مع المحكمة وتنفيذ اوامرها والامتناع في الوقت نفسه على التنافس مع بقية الفصائل على جمع 'الغنائم' من الجيش السوري والمواقع التي يهرب منها. وليست هذه هي المرة الاولى التي تقود فيها جبهة النصرة الجهود العسكرية في ادلب، فقد نسقت مع الجماعة السلفية 'احرار الشام' في حملة استمرت اسبوعين للسيطرة على المطار العسكري في تفتناز، وقد شاركت الجماعات الاخرى في المراحل الاخيرة من القتال بناء على دعوة من جبهة النصرة. وكما يشير تقرير في مجلة 'تايم' فالجبهة قامت بانشاء لجنة عملت على تصنيف 'غنائم' الحرب وتقسيمها بين الذين شاركوا في المعركة. وتقول المجلة ان التحدي الاكبر لحملة البنيان المرصوص هي تعدد جبهاتها حيث ترى محكمة الشريعة فيها نموذجا يمكن ان يعاد تكراره في مناطق اخرى ان نجح في ادلب. ونقلت عن شيخ من جبهة النصرة يقود المعركة ان دعوة الفصائل جاء بشرط 'التعهد بالعمل معا' مما سيكون مثالا للاخرى. ومع ان جبهة النصرة هي التي تقود الا ان المجلس العسكري الثوري لادلب التابع للجيش الحر مشارك في العملية حيث نقلت عن قائده قوله ان المحكمة الشرعية لديها السلطة لمحاسبة اي طرف ينكث العهد، مشيرا الى ان المعارك الاخرى كانت تشهد نزاعات وتوترات، وكان كل شخص يأخذ ما يريده من الغنائم 'ولهذا قررنا انه من الاحسن ان تكون الغنائم في يد محكمة الشريعة حيث يتم توزيعها بناء على المشاركين'. ومن هنا فالمشاركون في العملية الحالية هم اربعة فصائل. ويأمل المقاتلون بقطع طرق الامدادات من دمشق، حماة وادلب وحلب، حيث نجحوا الى حد كبير بالسيطرة على الطريق او القرى الواقعة حوله. وفي حالة نجاح الحملة الاخيرة فحرب الاستنزاف التي تدور منذ اشهر ستنتهي كما ان الحملات غير المنظمة التي كانت تقوم بها جماعات وتؤدي لخسائر كبيرة بين المقاتلين ستنتهي.