رسوم المدارس الحكومية (المخصخصة) وحرمان الطلاب.. "مشهد من أمام بوابة مدرسة"    المحافظات المحتلة: بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع المعيشي .. مظاهرات وعصيان مدني في حضرموت وتعز واشتباكات بين المرتزقة    استمرار اخفاء قيادي بعثي في صنعاء للاسبوع الثاني    سلاح المقاومة خط أحمر    استشهاد مراسلا الجزيرة "انس الشريف ومحمد قريقع"    غزة.. أكثر من 214 ألفاً بين شهيد وجريح منذ بدء الحرب الإسرائيلية    وحدة التربة يحقق فوزا مهما على أمل الخيامي في بطولة بيسان    كأس خوان غامبر: برشلونة يحرز اللقب بعد سحقه كومو الايطالي    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    ناشط حقوقي يتلقى تهديدات بتصفيته وأسرته ويحمّل سلطات صنعاء المسؤولية    استعدادا للمشاركة بكأس الخليج.. الإعلان عن القائمة الأولية للمنتخب الوطني للناشئين    عدن .. البنك المركزي يوقف تراخيص ويسحب أخرى من كيانات مصرفية    مجلس الأمن يعقد اجتماعاً طارئاً بشأن غزة    محافظ شبوة اللواء عوض العولقي يعزي في وفاة الشيخ محمد بن محمد الزايدي    وداعا كريم..    وجع بحجم اليمن    مدرب أهلي تعز: جاهزون لمواجهة التعاون ونبحث عن النقاط الثلاث    باشراف أبوعلي الحضرمي: توجه لإنهاء أزمة التمرد القبلي في الهضبة "عسكريا"    إتلاف كمية من الأدوية المخدرة في محافظة تعز    المشي قبل الأكل أم بعده.. أيهما يحرق الدهون أكثر؟    الرهوي يشارك في اللقاء التحضيري لأمانة العاصمة لتدشين فعاليات المولد النبوي    الحديدة.. لقاء موسع للعلماء والخطباء بالمراوعة لتعزيز الحشد لفعاليات المولد النبوي    إلى حضارم العزلة: خريطة حضرموت التاريخية من باب المندب إلى المهرة    الرئيس الزُبيدي يؤكد حرص الدولة على دعم الاستثمارات المحلية    فعالية لشركتي النفط والغاز بذمار بذكرى المولد النبوي    رامي المحمود وفعل الإدارة الوطنية للإفراج عنه    روسيا تحذر إسرائيل من عواقب وخيمة بعد قرارها احتلال غزة    جلسة عاجلة لمجلس الأمن لبحث خطة إسرائيل لاحتلال غزة    شكراً للفريق السامعي الذي ألف بينهم    الاصاد يحذر من أمطار رعدية مصحوبة بحبات البرد على 9 محافظات خلال الساعات القادمة    أحمد سيف.. الذاكرة التي لا تغيب وصوت الدولة المدنية    أسعار الصرف مقابل الريال اليمني الأحد 10 أغسطس/آب 2025    الدكتورة زايد : هذا ما يحدث للإنسان عند فقدان أحد الأسنان    مظاهرات حاشدة بمدن عربية وغربية تضامنا مع غزة    بعد محاولة اختطاف طفلة في ذمار .. ظاهرة اختطاف الأطفال يعود إلى الواجهة    رسميا.. النصر يضم مدافع برشلونة    علماء يكتشفون أن نقص عنصر غذائي "شائع" قد يسبب الزهايمر    فوائد صحية لتناول القرفة لا يعرفها كثيرون    المناظرة اليتيمة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ!    جيولوجيون يعثرون على آثار كارثة كونية في قاع المحيط    مأرب بلا كهرباء.. الفساد يلتهم جزء من موازنة المحطة الغازية ويخرجها عن الخدمة    عودة 6 صيادين بعد أشهر من الاختطاف في سجون العدوان السعودي    بالعلامة الكاملة.. نيوزيلندا في ربع النهائي    تراجع حوادث الدراجات النارية بنسبة 65%    وزارة التربية والتعليم تعلن نتيجة الدور الثاني لاختبارات الشهادة الأساسية    لماذا تتجعد أصابعنا في الماء تفسير طبي    الدكتور عبدالله العليمي يعزي أمين عام محلي شبوة عبدربه هشلة في وفاة شقيقه الشيخ محمد هشلة    وقف صرف مرتبات المسؤولين بما فيهم أعضاء مجلس الرئاسة بالعملة الأجنبية    الانفصال الذي يسوّقه إخوان اليمن على مقاسهم    لا للمنطقة العسكرية الاولى ولا للكلاب الحمر و للجرو الرضيع من ثديها    السكوتر ينقذ مدرب جوام    بطولة " بيسان " تعز 2025... -عودة الحياه الرياضية وعجلتها الكروية!    إصلاح المهرة ينفذ برنامجاً تدريبياً لتعزيز قدرات كوادره في الإعلام الجديد    وزير الثقافة والسياحة يؤكد على أهمية الدور التنويري للمثقفين والأدباء    استئناف أعمال الترميم والصيانة في قلعة القاهرة التاريخية بتعز    فؤاد الحميري، له من اسمه نصيب    مهرجان القاهرة السينمائي يطلق «CAIRO'S XR»    من أين لك هذا المال؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة الدوحة.. إشارة الانطلاق إلى سوريا ما بعد الأسد
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

هي القمة العربية الثانية في الدوحة خلال أربع سنوات، والثانية بعد قمة بغداد العام الماضي على خلفية تحولات «الربيع العربي». في العام 2011 تعذّر عقد القمة لأن الثورات والانتفاضات كانت لا تزال في طور التفاعل، وفي العام 2012 كانت القوات الأميركية انسحبت رسمياً من العراق فأُزيلت التحفظات عن الالتئام في ظل الاحتلال وجرى التغلب على المخاوف الأمنية أملاً في أن تسجل القمة -حتى لو كانت قصيرة لبضع ساعات- عودة العراق إلى الكنف العربي، غير أن الأداء العراقي طوال سنة رئاسته القمة دلّ على أن حكومته لم تشأ هذه العودة فعلاً ولم تمارسها عملياً. ورغم أن محللين لا يزالون يعتبرون أن إسقاط النظام العراقي السابق كان بمثابة بداية ل «الربيع»، إلا أن النظام الجديد في بغداد رأى، مثله مثل النظام الإيراني، أن قطار التغيير يجب أن يتوقف عند حدود سوريا فلا ينال من نظامها ولا يُسقطه. ولا يزال إنكار الواقع ديدن تفكير هذه الأنظمة الثلاث ومواقفها.
على العكس ستكون قمة الدوحة «قمة سوريا» بامتياز، سوريا ما بعد نظام بشار الأسد، سوريا المستقبل، فللمرة الأولى منذ ولادة هذا النظام سيجلس في مقعد سوريا ممثل الشعب والثورة لا ممثل حزب أو «شرعية» مغتصبة. وعدا أن هذه الخطوة تمثل تطوّراً طبيعياً لتجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، فإنها انعكاس عملي ومنطقي لحقيقة أن النظام السوري فقد شرعيته منذ الرصاصات الأولى في درعا، فضلاً عن أنها تحدٍ فعلي للأطراف التي تواصل دعم النظام في نهجه الدموي ومشروعه المندفع نحو تدمير سوريا تمهيداً لتفتيتها. لكن قمة الدوحة لن تركّز على هذا الحدث البروتوكولي فحسب، بل ستشهد الخطوة الأولى نحو الانخراط في مشروع عربي -دولي ل «إعادة إعمار سوريا»، وهو عنوان مؤتمر عالمي واسع سيعقد قريباً في نيويورك. ذاك أن الدمار المنهجي الذي يرتكبه النظام يهدف إلى إرباك المرحلة التي تلي نهايته وضمان أن تكون مرحلة فوضى ونزاعات، لذا فإن إعادة الإعمار باتت التحدي المقبل.
العنوان الآخر في قمة الدوحة هو العنوان الدائم عربياً: القضية الفلسطينية. فمع كل منعطف جيوسياسي تتعرض هذه القضية لتهميش جديد، وتزداد الأطراف التي «تستقيل» منها سراً أو علناً، جزئياً أو كلياً. لكن أي دولة تجد الفرصة السانحة للتنكر لهذه القضية، بداعي مشاكلها الخاصة أو الضغوط الأميركية عليها، لا تلبث أن تصطدم بخطئها، لأن الشعوب مهما انشغلت بصعوباتها يبقى الشأن الفلسطيني في أعماق وجدانها. في العام 1990 قصم الغزو العراقي للكويت ظهر «النظام العربي» وتداعى لاحقاً على الفلسطينيين في شكل سلام ناقص لم ينه الاحتلال، وبعد 11 سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة دفع الفلسطينيون ثمن ما لا علاقة لهم به بسبب الاستغلال الإسرائيلي للهجمات الإرهابية وتبعات الثأر الأميركي منها، وأخيراً شكلت ثورات العام 2011 ذريعة لإعادة خلط أوراق المنطقة وأولوياتها وكذلك لتأجيل البحث في أي سلام رغم أن إسرائيل تنتهز الظروف لسرقة مزيد من الأرض الفلسطينية. والمتوقع في قمة الدوحة أن يقرّ العرب خطة تحرك نحو المجتمع الدولي وبالأخص الولايات المتحدة سعياً إلى تعديل المقاربة المجمدة حالياً للقضية الفلسطينية. فهذه كانت وستبقى محور أي استراتيجية عربية، إذ لا يمكن تصور استقرار حقيقي أو سلم أهلي أو أنظمة جديدة قائمة على العدالة واحترام حقوق الإنسان طالما أن هناك شعباً عربياً واقعاً تحت ظلم مزمن.
أما العنوان الثالث لقمّة الدوحة فهو إصلاح الجامعة العربية، وهذا توجّه ضروري وحتمي معلن يُفترض أن يعبر عن جانب من بناء «النظام العربي» المقبل. والمعروف أنه لا يزال موضع تدارس، تحديداً لأن العديد من العواصم لم يبدِ ملاحظاته بعد على المشروع المقترح. الأرجح أن يستمر النقاش حوله داخل اللجان المختصة، والمؤمل به أن تتوصل الجامعة إلى إصلاح يتناسب مع التحوّلات العربية وإقامة أنظمة جديدة أكثر انسجاماً مع الطموحات الحقيقية التي أسهمت الثورات في تظهيرها. فلا حاجة إلى جامعة لا تستطيع أن تجد اللحمة بين الحكومات والشعوب، كما أن لا حاجة إلى «عمل عربي مشترك» لا يعزز التعاون والتكامل في المجالات الاقتصادية بمعزل عن التقلبات السياسية.
ستتولى دولة قطر رئاسة القمة العربية لسنة من الواضح أنها ستكون من الأكثر دقةً وصعوبة، فالثورة في طور استعادة سوريا إلى موقعها العربي المركزي بعدما صودر لأعوام طويلة في خدمة أجندات أخرى أسهمت في انقسام عربي حاد. لذا، استطراداً، تنذر المحنة السورية بتداعيات إقليمية بعضها متوقع وبعض آخر يصعب تقديره بسبب تداخل الصراعات والأزمات. ولعلها أيضاً السنة التي يتوجّب فيها على الدولة المعنية أن تعمل بجهد استثنائي ل «تنقية أجواء العلاقات العربية» ما أمكنها ذلك، وبالتالي الشروع في بلورة معالم «النظام العربي» المقبل، تأسيساً على نتائج الثورات والتحوّلات، حتى لو تكتمل نهائياً المسارات الانتقالية. ذاك أن التأجيل والانتظار والتواني تعني تمديد مرحلة انعدام الوزن وعدم اليقين، وتبقي أبواب المنطقة العربية مفتوحة للأدوار الخارجية المعنية حصرياً بمصالحها لا بمصالح العرب دولاً وشعوباً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.