تقول البيانات الرسمية الروسية إن عدد حالات الانتحار بين المراهقين والأطفال ارتفع بشكل مقلق. ويأتي ذلك في الوقت الذي لا تبدي فيه السلطات أي اهتمام بالظاهرة، ولا تقوم بأي تدابير أو إجراءات من شأنها أن تقلل من عدد الضحايا. وكان انتحار طفل في ال14، بمدينة بيرم الروسية آخر الحوادث المفجعة في هذا السياق، إذ قفز من علو 10 طوابق، بسبب وفاة بطله المفضل في أحد المسلسلات الكرتونية. ولا تتوافر معلومات دقيقة حول أعداد المنتحرين أو الذين حاولوا قتل أنفسهم، من الأطفال، إلا أن دراسات ميدانية تقول إن 10 من الأطفال الروس بحاجة لمساعدة نفسية، وتبقى الأرقام تقريبية فقط. وحسب لجنة التحقيق في روسيا الفيدرالية، فإن عدد الانتحارات ارتفع في السنوات الأخيرة بوتيرة مخيفة، ففي 2008 سجلت 572 حالة، وفي 2010 ارتفع العدد ليصل 798، وبزيادة 100 حالة في العام التالي، وخلال النصف الأول من هذا العام سجلت 532 حالة. ويرى الخبير النفسي ميخائيل فينوغرادوف، أن سبب الظاهرة يعود إلى الفجوة بين الماضي والحاضر «لقد كسرنا النظام القديم، لكننا لم نبن شيئاً جديداً»، موضحاً «نعيش في بلد مفتت، ولم نتوقف عن انتقاد الذات منذ 20 عاماً، والنتيجة أجيال ضائعة». ويجد الأطفال والمراهقون الروس أنفسهم أمام فضاء محدود، فليس لديهم تربية اجتماعية صحيحة، في حين بات الكثير منهم مدمنين على الانترنت والتلفزيون. ويرى الأستاذ في جامعة موسكو، جينادي بانيكوف، أن الأطفال يشعرون بأن مجتمعهم تخلى عنهم، وأنهم عبء على عائلاتهم، وتبين الدراسة التي قمنا بها أن 40٪ من المراهقين غير قادرين على رؤية المستقبل، أو يتخيلونه بشكل سلبي، مضيفاً «لا يفهم الأولياء، في الغالب، المشكلات التي يعاني منها أطفالهم». وتعتزم وزارة الصحة إخضاع الأطفال فوق ال14، لفحص نفسي، ابتداء من العام المقبل. واقترح أكادميون إجراءت عاجلة، عقب موجة انتحارات أقدم عليها أطفال، من شأنها التخفيف من الظاهرة. ومن بين التدابير، تدريب إجباري للأطباء النفسانيين العاملين في المدارس، وإلزامهم ببرامج خاصة تمكنهم من تحديد الحالات التي لديها ميول للانتحار. يتعين على الجهات المختصة التكفل بالناجين من الانتحار، ومعرفة الأسباب التي أدت بهم إلى هذه الحالة من اليأس. ونظراً لتقاعس السلطات التي يبدو أنها لا تأخذ هذا الأمر على محمل الجد، فقد سجلت حالات عديدة لانتحار للمرة الثانية، ما يوحي بعمق المشكلة لدى بعض الأطفال الروس.