تجلس ديانا كيتون في كثير من الليالي لتناول العشاء برفقة ابنتها ديكستر 17 عاماً وابنها دوك 12 عاماً، وتضع مسجلاً في وسط الطاولة، قائلة "لكل واحد منكم 5 دقائق للتحدث في أي أمر تريدان أن تخبراني إياه". وتقول ديانا، إن أسرتها لا تتكلم عادة عن مشكلاتها بشكل مباشر، ولكن تلك الطريقة تتيح لهم البوح بما يخفونه وما يدور في عقولهم من دون قلق أو توتر . تضيف أنها تستمع إلى تلك التسجيلات من وقت إلى آخر، حيث يبدو حينها أنها تستمع إلى تاريخ حياتهم . كما تفضل الاحتفاظ بأجهزة التسجيل بشكل عام بل وماهرة أيضا في تسجيل مشوار حياتها، وفي ببداية هذا العام حققت أعلى مبيعات من مذكراتها، وقامت مؤخراً بإصدار "المنزل"الذي يعد ثاني كتبها المتخصصة في مجال التصميمات العصرية . لا أحد يستطيع تجاهل مشوارها السينمائي الطويل الذي يضم 40 فيلماً، فيكفي مشاهدة أفلامها لرؤية مدى تنوع أدوارها عبر تاريخها، بداية من أدائها لدور شابة شديدة العصبية في فيلم "آني هال"عام ،1977 إلى لعب دور المرأة الكادحة في فيلم "ريدز"عام ،1981 إضافة إلى دور الرومانسية والكوميدية في ربيع عمرها من خلال فيلم "لا يمكن لأشياء أن تبدو هكذا"عام ،2003 ويبدو أن دور الأمومة كان مفضلاً بالنسبة إليها في تلك الأيام، حيث تفرغت للعناية بابنيها "دكستر"و"دويوك"ومساعدتهما على التغلب على مشكلاتهما والتعرف إلى الحياة . وعن نجاحها، على الرغم من سنها المتقدمة، في لعب دور الأم بكفاءة عالية، أن تظل قوية أمام كل تلك التحديات، دار معها هذا الحوار في مجلة "جورنال"البريطانية . طوال حياتك تميزت بالاختلاف عن كثير من الأشخاص، فهل ترين في نفسك الشجاعة كونك حققت كل هذا النجاح بالاعتماد على نفسك؟ - لا، فأنا أرى نفسي غريبة الأطوار، فأمي أكسبتني قدراً كبيراً من الثقة بالنفس وشجعتني طويلاً خلال مشواري الفني، ولكنني وجدت عدة طرق لأحدد أهدافي، فكانت أمي تقول لي دائماً، "إذا كنت تريدين أن تكوني نجمة سينمائية، فكوني نجمة سينمائية، ولكن لم يكن هذا فقط كل ما أريده، فقد كنت شغوفة أكثر بالبحث عن أنشطة أخرى لأقوم بها، وكان بعضها حمقاء ولكنني فعلتها". هل كنت سعيدة كونك مميزة؟ - كنت أنزعج من مجرد فكرة أن أصبح إنسانة عادية، فلقد ذهبت إلى العمل في سن صغيرة لأحارب تلك الفكرة مبكراً، وكان عليّ حينها عمل أي شيء يساعدني على التغلب عليها، فأنا أتذكر حينما كنت أثير المتاعب لأصدقائي وأشقائي حينما كنت أقوم بسلوكيات مجنونة وأتكلم مع الغرباء وأصنع أشكالاً غريبة بوجهي على زجاج السيارات . حينها كنت أريد أن أستقطب معجبين لي بأي شكل، وأن أبدو مميزة . ولكن العديد من النساء يردن أن يكن مختلفات، ولكنهن أخفقن بسبب خوفهن من الاندفاع نحو عالم الشهرة المحفوف بالمخاطر، فهل شعرت بذلك؟ - إطلاقاً، فما ساعدني هو أنني كنت فاتنة، ولكنني لم أكن اجتماعية بطبيعة الحال، وكنت أفكر بالشباب أمثال جاك نيكلسون الذي إذا اجتمعت به، لوجدته أكثر الأشخاص لطفاً بالعالم، وسوف تقتنع بأنه هو الشخص الذي تريد أن تشاهده . وبجانب الشهرة والعمل السينمائي، كنت أريد القيام بأشياء أخرى أحبها في حياتي، وكان من السهل علي فعلها، ولكنني إنسانة متخوفة، أحتاج دوماً إلى التشجيع والمساعدة، ومن المؤسف أنني لم أجد الرجل الذي يستطيع أن يحتويني ويشجعني . كيف أثر كونك أماً متقدمة في السن في طبيعة علاقتك بطفليك؟ - كنت احتقر من يبدأون حياتهم بإنجاب أبنائهم في سن متقدمة، وكنت أقول "كم هذا مثير للاشمئزاز«، ولكن حياتي لاقت نفس القدر، ففجأة أصبح عمري 50 عاماً وبلا فائدة، وعندها تنامت لدي الرغبة بأن أدرك ما فات من عمري، وأردت أن تكون لدي أسرة . وأستطيع القول إن ابني محظوظان للغاية، لأنه أتيحت لهما مساحة حرية كافية بسبب عدم قدرتي على مرافقتهما خلال أنشطتهما بصورة كبيرة، ولكنهما يعلمان أن لهما أماً كبيرة في السن، وأنا أعلم أن هذا يبدو غريباً بالنسبة إليهما بالمقارنة بآباء أصدقائهما . ينبغي أن نتحدث عن ملابسك، ما معايير اختيارها؟ - جميع اختياراتي الآن تقوم على معالجة العيوب، فبمجرد أن كبرت في السن اكتشفت أنه من الأفضل ارتداء القفازات والقبعات والقمصان طويلة الرقبة، فحينما يصل المرء إلى سن معينة، يجب ألا يرتدي ملابس مكشوفة، لأن مظهره سيصبح بشعاً . ولكن يصبح من الصعب على امرأة جميلة أن تخبئ نفسها؟ - ولكن هذا الأمر ليس صعباً أو محزناً بالنسبة إلي، فأنا واثقة من اختياراتي وراضية عنها تماماً، واعلم أنه لا أحد يفعل مثلي الآن، لكن على الأقل كانت الممثلة الراحلة كاثرين هيبورن ترتدي القمصان طويلة الرقبة مثلي عند تقدمها بالسن، ولكنها قلما ارتدت العباءات الطويلة . ولكنك تتحاملين على نفسك في الحديث عنها بتلك الطريقة؟ - إطلاقاً، فأنا أتقبل واقعي، فمثلاً حينما كنت صغيرة، أصبت بمرض فقدان الشهية، وكنت نحيفة للغاية، وأتبع نظماً غير صحية في تناول الطعام، حيث تسبب لي هذا في كثير من المشاكل، ولكن تلك العادات تغيرت بالكامل الآن، فيجب أن ننظم حياتنا بشكل سليم وإلا سوف تنهار بالكامل وذلك بمواجهتنا للواقع الذي نعيش فيه . هل تشجعين ابنتك على أن تهتم بجسدها وصحتها؟ - ديكستر تمارس السباحة خمس مرات أسبوعياً، وتمتلك جسماً رياضياً مثالياً على عكسي تماماً، فقد كنت أعتقد أن الجسم الرياضي لا يناسب المرأة ولا يبرز جمالها، ولكن دكستر أثبتت لي العكس، وبسببها ولأول مرة أصبحت أمارس رياضة المشي يومياً لمدة 45 دقيقة بصحبة كلبي "إمي«، فتلك هي الحياة، يدفعك من تحبهم إلى فعل أشياء لا تتخيل أنك تفعلها . وهل وصلت الآن لمرحلة أن تقفي أمام المرآة وتبتسمي؟ - أنا أبتسم دائماً، فمظهري هو أولى مميزاتي حتى الآن . أنا أقصد عن نفسك أمام المرآة؟ - أنا أعلم، ومن هنا أريد أن أقول للمرأة . . لا تدعي لليأس سبيلاً إلى نفسك أبداً، فذلك خطأ كبير، والحياة إن فعلت بها الكثير أو القليل، فلا توجد فائدة، فاستمتعي دوماً بها، واجعلي الابتسامة دائماً عنواناً لوجهك، وداومي على وضع أحمر الشفاه لآخر يوم في حياتك.