وزارة الصحة توقع اتفاقية مع البرنامج السعودي لدعم القطاع الصحي    موعد إعلان رحيل أنشيلوتي عن ريال مدريد بعد موسم صفري    الكشف عن شعار كأس العالم للناشئين 2025    عدن تطرق أبواب تل أبيب    النخبة الحضرمية تنفذ عملية عسكرية لمداهمة مواقع تنظيم القاعدة    مسؤول أميركي: بعد إطلاق سراح ألكسندر سندخل فورا في مفاوضات حول اتفاق أوسع    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاثنين 12 مايو/آيار 2025    موقع عالمي يتحدث عن تأثيرات الحصار اليمني على مطارات الكيان    عدن.. القضاء يصدر حكما بحبس رئيس تحرير صحيفة "الأمناء" ومراسلها    هندي يهاجم وزير المالية بصنعاء ويطالبه التعامل بمساواة    محافظ الحديدة يتفقد الأنشطة والدورات الصيفية في مديرية الحالي    أمريكا والصين تتفقان على خفض الرسوم الجمركية لمدة 90 يوما    بن بريك لن يستطيع تنفيذ وعوده التي تحدث عنها لصحيفة عكاظ السعودية    دبلوماسية بريطانية تصل عدن    الولايات المتحدة تعلن التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين في جنيف    اكتشاف رسائل سرية مخفية على مسلة مصرية في باريس    جاذبية الذهب تضعف مع إيجابية المحادثات الأميركية - الصينية    أرسنال يقتنص نقطة ثمينة ونيوكاسل يعزز حظوظه بالتأهل لدوري الأبطال    وداعاً...كابتن عبدالله مكيش وداعاً...ايها الحصان الجامح    تمهيد لقيام سلطته.. بن حبريش يشق طريق جبلي بمنطقة "عيص خرد"    المنطقة العسكرية الثامنة مقرها الضالع كارثة قادمة    حقيقة استحواذ "العليمي" على قطاع وادي جنة5 النفطي شبوة    نساء عدن: صرخة وطن وسط صمت دولي مطبق.!    صبحكم الله بالخير وقبح الله حكومة (أملصوص)    منظمة "عين" تدين جريمة مقتل طفلة وإصابة شقيقتها برصاص الحوثيين في البيضاء    احتجاجًا على الانهيار المتواصل للخدمات الأساسية .. نساء عدن يُهددن بالتصعيد    بريطانيا وأمريكا تاريخ أسود من الإجرام المُفرِط بحق الأمة والإنسانية ! (53)    الحرب الهندية - الباكستانية .. إلى أين ؟!!    القبائل والحكومة والتاريخ في اليمن .. بول دريش جامعة أكسفورد «98»    أكد أن نصرة المستضعفين من أبناء الأمة شرف وفضل كبير في الدنيا ولآخرة..الرئيس المشاط يتوجه بالشكر والعرفان لجماهير الشعب اليمني لتلبيتهم نداء الواجب ودعوة السيد القائد    بحاح يناقش آلية دمج الطلبة اليمنيين في المدارس المصرية وتحديث اتفاقية التعاون    مبعوث ترامب يهاجم حكومة نتنياهو ويتهمها بإطالة أمد الحرب في غزة    أمريكا.. وَهْمٌ يَتَلَاشَى    مرض الفشل الكلوي (4)    أقنعة الشرعية... وخنجر الخيانة    المدارس الصيفية ودورها في تعزيز الوعي    ضربة الشمس والإنهاك والفرق بينهما؟    وزير الشباب والرياضة يعزي في وفاة نجم المنتخبات الوطنية السابق عبدالله مكيش    محمد الحوثي يعزّي في وفاة العلامة محمد بن حسن الحوثي    عندما يصبح النور مطلباً للنضال    ملخص مباراة برشلونة ضد ريال مدريد بالدوري الاسباني    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يدشن حملة توعوية في عدن تحت شعار "فضح زيف المغريات"    هدية بمليارات $.. قطر ستهدي ترامب طائرة رئاسية فاخرة    القنصلية اليمنية تصدر تعليمات هامة للطلاب والمسافرين الى الهند    شركات أمنية رافقت نساء المنظمات والشرعية يوم أمس    بدء الجولة الرابعة من المفاوضات بين طهران وواشنطن في مسقط    وفاة شخص وإصابة آخر إثر انقلاب مركبة وسقوطها في عرض البحر بمدينة المكلا    دراسة: المصريون القدماء استخدموا "تقنية بركانية" وآلات قديمة عالية التقنية لبناء الأهرامات    انتشار فيديوهات مفبركة بالذكاء الاصطناعي ل"كوكب الشرق"    تسجيل 17,823 إصابة بالملاريا والأمراض الفيروسية في الحديدة منذ بداية 2025    بايرن ميونيخ يحتفل بلقب الدوري للمرة ال 34 ويودع نجمه المخضرم توماس مولر    الملك سلمان يرعى نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    الفن بين المرآة والسيف: خطر مشهد السحل في الدراما "طريق إجباري" نموذجًا    - كيف ينظر وزير الشباب والرياضة في صنعاء لمن يعامل الاخرين بسمعه اهله الغير سوية    الإعلان عن القائمة الأولية لمعسكر المنتخب الوطني الداخلي في المكلا    وزير الأوقاف: تفويج حجاج اليمن سيبدأ الثلاثاء القادم    الأتباع يشبهون بن حبريش بالامام البخاري (توثيق)    وزارة الأوقاف تعلن بدء تسليم المبالغ المستردة للحجاج عن موسم 1445ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مأزق الإخوان مع الإله بس
نشر في الجنوب ميديا يوم 23 - 06 - 2012

مأزق الإخوان مع الإله بسلا تنفرد الحضارة المصرية بوجود إله للضحك بين منظومة آلهتها القديمة، لكنه إله الضحك الوحيد فيما أعلم الذي يمارس وظيفة أخرى أكثر نبلاً من إشاعة السعادة والمرح، وهي حماية الحامل في لحظة الولادة.
الضحك إذًا لصيق بحياة المصريين وأحد أسرار استمرار هذا الشعب على قيد الحياة والحيوية في أسوأ اللحظات. وبالضحك انفردت الثورة المصرية بين ثورات الربيع العربي، ولكن الإخوان المسلمين الذين لم يكونوا حاضري الثورة لم ينتبهوا إلى هذه الحقيقة، لأنهم كانوا مشغولين بدراسة مخارج ومداخل السجون التي سيهربون منها إلى كراسي الحكم، وعندما تمكنوا من رقبة البلاد لم يستدركوا ما فاتهم من تعارف مع الثورة والثوار لأنهم انشغلوا مباشرة بدراسة مداخل ومخارج البلاد كلها، من أجل الحصول على أقصى نفع ممكن، ثم الفرار عندما يحتدم الأمر.
لا يؤمن الإخوان بالإله 'بس' القزم مقوس الساقين، الذي يرتدي أحيانًا قبعة من ريش، وهم لا يعرفون أن الآلهة المتخصصة في الميثولوجيا المصرية كانت تمثل تجليات الإله الواحد، فقد عرف المصريون التوحيد قبل أن يعرفه الإخوان.
لكن التنكر الإخواني لسلطة الضحك لا يعود إلى مسألة الكفر والإيمان بل إلى عجز بنيوي يعاني منه هذا الفصيل المتجهم: عجز عن الضحك يحسبونه وقارًا، مثل العجز عن الإدارة الذي يلصقون مسئوليته بالثوار مدعين أن الحراك في الشارع هو الذي يمنعهم من التفكير في الاقتصاد!
الادعاء ضحك، لأن الحراك لم يمنعهم من اتخاذ أخطر قرارات الخروج على شرعية الدولة وسرقة اختصاص المؤسسات، لكنهم يريدون شعبًا لا يتكلم، ولا يحتج ولا حتى يضحك على شراهتهم التي يقوضون بها أركان الدولة.
الصمت على الضيم الذي يطلبه الإخوان لم يستسغه الإله بس، ورآه أمرًا غير حسن، فأطلق ملكات الضحك عند المصريين بمعدلات غير معتادة لكي يحمي به مصر الحامل إلى أن تضع ثورتها بنجاح.
الملايين من مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يمزحون، وكان من بينهم باسم يوسف الذي بدأ بوضع فيديوهاته القصيرة على موقع اليوتيوب في أيام الثورة الأولى قبل أن يصبح واحدًا من نجوم العرض التليفزيوني الساخر في العالم. وقد نوه في مقدمة حلقة الأسبوع الماضي بفضل الرجل الإخواني الجالس على خزائن مصر الفارغة، مؤكدًا أن كل ما يفعله لكي يمزح في برنامجه 'البرنامج' هو استخدام ما يتفوه به الرجل جادًا.
ما يقوله صحيح،لأن مواقع التواصل الاجتماعي مليئة بالتصريحات ذاتها التي يعيد باسم بثها في برنامجه. وكان على العاقل الذي يخشى الضحك ألا يقول أو يفعل ما يثير الضحك. لكن الجهامة الخاسرة سلفًا كانت بالمرصاد لباسم يوسف وفتحت معه معركة مضمونة الخسران باستدعائه للتحقيق، وكان وصول النجم إلى مكتب النائب العام فضيحة بحد ذاته، ارتدى قبعة الفلسفة التي ارتداها مرسي في الجامعة الباكستانية، وبثت كل الفضائيات مشاهد التضامن الساخرة معه.
ولم ينتبه الإخوان إلى 'الجلاجل' الدولية التي أضيفت للفضيحة وضاعفت صداها؛ لأن باسم صار الخبر الأول في كبريات المحطات الدولية، وتوجت النشرات الجادة بحلقة تضامنية من الساخر الأمريكي الأشهر جون ستيوارت جعلت من محمد مرسي للضاحكين آية، أعاد فيها بث فيديوهاته المزدرية للدين اليهودي.
خسر الإخوان بينما كسبت مصر وقضيتها. خرج من أمريكا صوت ساخر مرير موجه لعضو جماعة الإخوان: 'أنت تحكم أقدم دولة مدنية في العالم، البلد الذي اخترع الحضارة '. يوجه ستيوارت حديثه إلى مرسي، لكنه قد يصل إلى أسماع الطاهي الأمريكي الذي أصر على أنه تآمر على الربيع العربي بجهل واستكبار وضيق أفق ينافس ضيق أفق الجماعة الفاشية المتصلبة.
الذين كانوا يهتفون 'على القدس رايحين شهدا بالملايين' رأوا وسمعوا أوباما يعلن في القدس أنها العاصمة الأبدية وغير المقسمة لإسرائيل، ولم يفتح إخواني فمه باستنكار، ولو في تدوينة على تويتر.
الصمت على وقاحة أوباما يبدو مكسبًا للإدارة الأمريكية ودليلاً على نجاح الخطة المتكبرة الجهول، لكن هذا لن يدوم وسيصبح حكم الجماعة مجرد فاصلة لا ضرورة لها في نص التاريخ المصري الطويل؛ فالإله بس لم يزل في عنفوانه والمصريون لم يفقدوا قدرتهم على الابتسام؛ القدرة التي حمتهم من الموت في أيام أكثر سوادًا من هذه.
ستستعيد الثورة طريقها، بينما بدأت الجماعة الفاشية تفقد ظلها، ولم يعد لديها سوى التباكي والتآمر حتى ضد شيخ الأزهر الذي يرفض المصادقة على صكوك بيع مصر، أو بالأحرى صكوك بيع ما يتبقى بعد الحرائق التي يشعلونها لطمس أدلة إدانتهم.
جرائم القتل والتعذيب وحرق المنشآت التي يرتكبها المتجهمون ليست جرائم، الضحك هو الجريمة! وربما كان بمقدورهم تصفية النخبة التي تعترض جادة والتي تسخر لو نجحوا في كسب البسطاء بإطعامهم، لكنهم لم يفعلوا. وإذا افترضنا إمكانية تضليل العقول كل الوقت؛ فمن المستحيل تضليل البطون لبعض الوقت، ولهذا فإن الإله بس يستغرب الاطمئنان المضحك الذي تعانيه الجماعة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.