يتكون المجتمع الطلابي في نظام التعليم العام في المملكة من خمسة ملايين طالب وطالبة وزيادة. تنقسم عينة أي مجتمع إلى ثلاث فئات رئيسة: الأولى منها تمثل الغالبية، والتي تقدر بنسبة 64%، وتقع في منتصف المنحنى الطبيعي، وتمثل متوسط سمات المجتمع في الجوانب المعرفية الاجتماعية والاقتصادية، مثل: القدرة العقلية، ومستوى الدخل، والمستوى الاجتماعي، ومستوى التعليم، ونوعية العمل... إلخ، تقع الفئة الثانية: على يمين المنحنى، والثالثة: على يساره، ولكل منهما نسبة 18% من المجتمع. تتمثل في الفئة التي تقع على يمين المنحنى سمات المجتمع التي تفوق المتوسط العام، وفي تلك التي تقع على يسار المنحنى السمات التي تقل عن المتوسط العام. ويترجم هذا التقسيم؛ ليعني أن ما يزيد على ثلاثة ملايين من طلاب التعليم العام يقعون ضمن الفئة المتوسطة، والتي هي محل موضوع اليوم. تدل الدراسات التي قمت بها على المجتمع الطلابي أن متوسط القدرة العقلية لهذه الفئة يبلغ 72 درجة، وهو أقل من المتوسط العام للمجتمع بثماني درجات، وأن متوسط دخل الأسرة في هذه الفئة يتراوح ما بين خمسة آلاف إلى عشرة آلاف ريال شهريا، ومتوسط عدد الإخوة والأخوات ستة. الغالبية العظمى من طلاب هذه الفئة يتلقون تعليمهم في مدارس التعليم العام الحكومي ويلتحقون بالكليات النظرية في الجامعات المحلية، وبعد تخرجهم يتجهون للوظائف العامة قليلة التحديات والمنافسة بحثا عن الاستقرار والأمان الوظيفي. يتأثر طلاب هذه الفئة كغيرهم من الطلاب بالبيئة المنزلية والمدرسية والمجتمعية، وما يحصده المجتمع من نتائج منهم هي ناتج هذا التأثير. غالبا ما تكون البيئة المنزلية لهذه الفئة غير محفزة على التعلم؛ لكون المستوى الأكاديمي والثقافي للأبوين لا يخدم التوجه الإيجابي نحو التعلم، فلا يجد الأبناء دعما منذ الصغر يمكن أن يؤثر في قابليتهم للعلوم والمعارف. فهذه البيئة لا تتوفر فيها مصادر للمعرفة، مثل المكتبة المنزلية، ولا توجد لديها الموارد المالية التي يمكن أن تنفقها على تدريب الأبناء لكسب المهارات الحياتية، ومهارات التفكير العليا، ولا المستوى الثقافي الذي يمكن الأبوين من ملاحظة الجوانب النفسية للأبناء والتعامل معها. كما يلعب الأسلوب التربوي الذي يتبناه الأبوان دورا مهما في تكوين شخصية طلاب هذه الفئة من المجتمع المدرسي. وتدل دراسات تمت في مجتمعات أخرى أن المستوى التعليمي والثقافي للأبوين له ارتباط بنمط التربية، فكلما تدنى ذلك المستوى كلما اتخذ الأبوان أسلوبا يميل نحو السيطرة والإملاء والحد الشديد من مساحة الحريات الممنوحة للأبناء، وفي الكثير من الحالات اللجوء إلى العنف.الأثر الذي يتركه أفراد هذه الفئة في المجتمع أثناء مراحل تعلمهم وبعدها في بقية مسيرة حياتهم ناتج عن قلة كفاءة عناصر التربية والتعليم في المجتمع، إذ يبرز التعليم كسبب مهم للفروق الفردية بين الأفراد وكذلك بين الأمم. باستثناء التعليم والبيئة العائلية الجيدة، لم يعرف عامل بيئي محدد أبدا كمسبب مهم في هذه الفروق، ويتعدى مستوى طلاب المجتمع أهمية الفروق الفردية إلى أنواع مختلفة من السلوك الثقافي، وكذلك الأحوال الاجتماعية الاقتصادية في المجتمع السعودي، فبالرغم من أن الإسلام يناصر ويدعو بقوة إلى السلوك المنظم، وعدم التفرقة بين المواطنين في كل جوانب الحياة، ونظاما أخلاقيا حازما، فإن التوجهات والمعتقدات بين المواطنين اليوم والذين كانوا طلابا بالأمس نحو هذه القيم متذبذبة نوعا ما. فهم الفلسفة الإسلامية والربط السببي بين هذه القيم، وتكيفها مع المجتمعات العصرية يتطلب تأويلا متبصرا للكم الهائل من الأدبيات والإرث الثقافي الإسلامي. يعتمد إجراء من هذا النوع بدرجة عالية على المعرفة والذكاء. مسلمو اليوم بصورة عامة، والسعوديون ليسوا مستثنين من ذلك، يبدو أنهم يدركون جزءا محددا جدا من الإسلام فقط: ذلك الجزء الذي يخص العبادات مثل الصلاة خمس مرات في اليوم والليلة وصيام شهر رمضان. التأويل الاجتماعي للإسلام، ومن بعد ذلك تطبيقاته، والتي تتطلب توجهات ثقافية وقدرات عقلية عالية، يكاد يكون مهملا.. هذه النتائج يمكن أن تعزى إلى عادات التفكير التي تنشأ من النقص في تطوير التفكير الفعال التي يتصف بها طلاب الفئة التي نتحدث عنها. للموضوع بقية.Twitter: @[email protected]