الثابت ان الشعب السوري يعاني من سوء الحظ، فكل الأمور المتغيرة في العالم تأتي في غير مصلحته.. إنه كفتاة تأخّر زفافها لكثرة أولاد العم حولها! الثورة السورية سيئة الحظ، فلم يبق حدث عالمي، إلا وحصل بالتزامن معها، ليأخذ منها الاضواء لبعض الوقت، ثم ينتهي الحدث ليأتي بعده حدث آخر يشغل العالم، بدءاً من الانتخابات الرئاسية الروسية، الى الانتخابات الفرنسية فالاميركية، وكذلك الزلازل والتفجيرات ومباريات برشلونة وريال مدريد، وحتى الخلاف الذي حصل بين الممثل براد بيت والممثلة انجلينا جولي، حول الوشم الذي يريدان نقشه من أجل الزواج! وليس أسوأ حظاً من الثورة السورية الا الشاب السعودي الذي تواجد في موقع حادث تفجير ماراثون بوسطن، وثبت لاحقاً ان لا علاقة له بالموضوع، ووصفته ال «سي. إن. إن» بأنه وجد في المكان الخطأ في الزمن الخطأ، وهذا الوصف مؤلم لأي عربي، وفيه ايحاء عنصري، وذكرني برحلة قطار حملتني مع صديقين عربيين من مدريد الى قرطبة في الجنوب الاسباني، وكانت وقتها تفجيرات قطار مدريد لا تزال حديثة، وتصادف في العربة نفسها امرأة مسنة، ظلت - المسكينة - عيناها طوال الرحلة مسمرتين على صديقي من ذوي الملامح العربية، بينما كانت تنظر بأمان الي، وكأنها تحتمي بعيني الزرقاوين من عمل إرهابي محتمل يعد له اصحاب هذه البشرة السمراء، معتقدة انني اجنبي، وكأن للإرهاب جنسيةً أو ديناً! * * * التجسّس على الطماطم! العصي على الفهم، ان النظام في سوريا هو من طلب التحقيق من الاممالمتحدة بشأن استخدام الاسلحة الكيماوية في الصراع الدائر بين النظام والمعارضة، وعندما صدقته الأممالمتحدة، وبدأت بتشكيل لجنة، تراجع النظام وبلع كلامه، بحجة ان اللجنة ستقوم بالتفتيش الكامل للاراضي السورية، وهذا الكلام يدعو الى السخرية، في ظل وجود كل هذه الاقمار التجسسية الصناعية، التي بواسطتها تمكّنت القوات الاميركية من التعرف عبر آلاف الكيلو مترات في الفضاء على نقطة تتحرك، فعرفت انها ابو مصعب الزرقاوي، رغم كثافة البساتين التي تحيط به، وبالتالي لا يزال النظام هناك يفكر بعقلية الجاسوس التقليدي، الذي يرتدي معطفاً طويلاً وقبعة ويمسك بصحيفة ولديه في ازرار معطفه عدسة تصوير! ولكن مع ذلك، فمن حق النظام ان يشكك في كل هذه القدرات في ما لو اعتمد على طرفة تروى حول فشل هذه الاقمار التجسسية امام النساء العجائز في سوريا، فسابقاً وقبل اختراع «الكاتشب» الجاهز، كانت العديد من الامهات والجدات في سوريا يصنعن ما يسمى «دبس البندورة» فهن يعصرن الطماطم ويجففنها بواسطة اوعية كبيرة فوق اسطح المنازل، وفي موسم معين، بإمكانك ان ترى آلاف «الصواني» من هذا السائل الأحمر فوق اسطح المنازل، وترددت طرفة - آنذاك - بأن الاقمار الاصطناعية التجسسية التي كانت تنظر من فوق، أرسلت تقريراً يقول انهم يرون فوهات بركانية كثيرة في سوريا! الثورة السورية مثلها كمثل فتاة مقبلة على الزواج، ولها 23 مليون ابن عم (هم عدد افراد الشعب السوري)، وكل واحد منهم يتحكم في قرارها، ويريد ان يزوجها على هواه، الى جانب جيرانها طبعاً، ولذلك يتأخر قرار عرسها. عدنان فرزات