أحمد الحسني مثَّل حجم المشاركة غير المسبوق في تشييع السيد حسين الحوثي نصراً معنوياً لأنصار الله، غير أن تنوع الأطياف المشاركة في التشييع يعكس حالة من التصدع داخل الأحزاب والتكتلات الأساسية في الساحة السياسية يمكن أن نرىمن خلاله خارطة «التحالفات» المستقبلية في خنادق المواجهات المسلحة. الجنازة وإن لم تدل على تحالف حقيقي عكست انقساماً يوشك أن يكون حقيقياً في تلك الأحزاب والتكتلات، ففي الوقت الذي وقف فيه الإصلاح والسلفيون موقف المقاطع والمعادي للحوثيين وجنازة قائدهم ذهب حلفاؤه في المشترك إلى الجنازة بشكل رسمي، بنسب تمثيل متفاوتة. من جانبهم شارك المؤتمريون في التشييع، واكتفى المؤتمر رسمياً بالصمت، وهو ما انتهجه حلفاؤه في مجلس التنسيق. أحزاب المشترك الذين أمسك الإصلاح بأعنة بعض قياداتها، كالناصريين ذهبت قياداتها الأخرى للمشاركة وأصدرت بياناً هو أشبه بإعلان حالة التمرد على قيادة الحزب الخاضعة للإصلاح، وأقرب إلى الإنذار بالإطاحة بتلك القيادة، غير أن من المهم التأكيد على أن المشاركة في التشييع كانت السبب الكاشف فقط للانقسامات داخل الأحزاب والتكتلات.. أما السبب المنشئ لها جميعاً فهو التجمع اليمني للإصلاح، مواقفه أو المواقف منه، فالاشتراكي ممتعض من خطاب الإصلاح الأصولي، وما يمارسه من إقصاء لكوادره، والحرب والتشنيع على أعضائه في حكومة الوفاق، و تناقض رؤيته وسياسته مع سياسة الحزب ورؤيته حول القضية الجنوبية. والقوميون يعانون من هيمنة الإصلاح وإقصاء كوادرهم، ورافضون لمواقفه من القضية السورية المناهضة لمواقفهم ومبادئهم حيالها.. واتحاد القوى الشعبية يعاني من تمييز الإصلاح وتحريضه الطائفي عليه، إضافة إلى الشكوك التي تساوره بأن الإصلاح كان وراء محاولة اغتيال زعيمه الدكتور المتوكل. على الطرف الآخر، يتعرض كوادر المؤتمر وحلفاؤهم لحملة تشهير وإقصاء وتطهير من المؤسسات المدنية والعسكرية. كما أن منصب رئيس الجمهورية الذي يشغله نائب رئيس المؤتمر وأمينه العام، بحسب التسوية السياسية، أصبح عاملاً يهدد بانشقاق المؤتمر بسبب سياسة إرضاء الإصلاح التي انتهجها الرئيس على حساب حزبه، والتي كان آخرها الأمر بإطلاق المتهمين بتفجير دار الرئاسة خلافاً للقانون. ذهب المؤتمريون وحلفاؤهم لتشييع الحوثي سخطاً على استرضاء أمينهم العام الدائم للإصلاح على حسابهم، وذهب خصومهم السياسيون من أحزاب المشترك إلى صعدة سخطاً من الإصلاح نفسه، ولكن هل نعد ذلك تحالفا؟. من المبكر أن نسمي ذلك تحالفاً مع الحوثيين، وإنما هو حتى الآن تعبير عن إمكانية التعايش بين كافة المشاركين في جنازة السيد حسين الحوثي، لكن إذا استمرت وتيرة الأمور على هذا النحو، فسيكون المشاركون اليوم في هذه الجنازة في خندق واحد غداً ضد المقاطعين لها في حرب مقدسة قذرة، لن تعدم من يمولها.. *صحيفة اليمن اليوم