ذكر الخبير في الشؤون السياسية "فرهاد نظريان" أن المشاركة المنقطعة النظير للشعب الإيراني في المشهد السياسي تشير إلى أن ارتباط هذا الشعب بالنظام الإسلامي بعد مضي أعوام مديدة من تأسيس الجمهورية الإسلامية ومؤامرات المستكبرين المستمرة هو في تزايد مطرد. طهران (فارس) وبعد استعراضه لنماذج من هذه المشاركة السياسية الجماهيرية كمسيرات التاسع من دي (30/12/2009) التي أطفأت فتنة 2009 إبان الانتخابات الرئاسية الماضية، ومسيرات ذكرى انتصار الثورة والمشاركة بسنبة 64% في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لفت إلى قول قائد الثورة في مطلع السنة الفارسية الحالية: "إن حضور الجماهير عند صناديق الاقتراع سيرد على تهديدات الأعداء.. وسيكون ذا أثر في أمن البلاد واستقلالها وثروتها الوطنية واقتصادها وجميع مجالاتها الحيوية". وبينما أوضح المحلل أن من أهم مجالات المشاركة الجماهيرية على الصعيد السياسي هي الانتخابات ذكر أن للانتخابات وجها آخر وهو حق الشعب في المشاركة في النظام السياسي وفرض سيادته والحيلولة دون تحول الجمهورية إلى دكتاتورية وقال: "يولي قائد الثورة آية الله الخامنئي قضية الانتخابات وسلامتها اهتماما فائقا ويحرص أشد الحرص على صيانتها ويدعو الجميع إلى المشاركة فيها باعتبارها حقا للجماهير وواجبا عليها في آن معا". ومقارنة بين الحكومات المدعية للديمقراطية والنظام الإسلامي الذي يعتقد بضرورة مشاركة الجميع بالانتخابات أضاف نظريان: "تشير التجارب عموما إلى هبوط مستوى المشاركة في انتخابات الدول الغربية وعدم اهتمام الساسة الغربيين بالمشاركة الجماهيرية الواسعة، بينما نلاحظ أن الجميع في إيران يسعى لرفع مستوى المشاركة في الانتخابات". واكد المحلل على أن طبيعة العلاقة بين الجماهير والقيادة بعد الثورة الإسلامية هي من أهم عوامل الثبات السياسي للمجتمع الإسلامي في إيران مضيفا: "لهذا نلاحظ عدم تأثير الحظر أو غيره من أشكال مواجهة النظام الإسلامي من قبل النظام السلطوي، بل إن الحظر والضغوط الغربية أحكمت التفاف الشعب حول القيادة والنظام وزادت من مشاركته الحيوية في ميادين الثورة. وتذكيرا بالتحكم الأميركي المهين في الشؤون الداخلية لإيران قبل انتصار الثورة حيث نقل نظريان عن "جورج بول" مساعد وزير الخارجية الأميركي في حينه قوله: "لقد كان شاه إيران في قبضتنا تماما؛ فنحن الذين كنا نحدد له ما يحتاجه وما لا يحتاجه". وفي عهد حكومة "بازرغان"، حسب التحليل، وفي محاولة للإطاحة بالنظام حاولت السفارة الأميركية الاستمرار بنفس النهج فجاء السيطرة على السفارة الأميركية (وكر التجسس) في 4/11/1979من قبل مجموعة من الطلبة كرد على ذلك فإذا بالولاياتالمتحدة تقطع علاقاتها مع الجمهورية الإسلامية من جانب واحد. وفي معرض الإشارة إلى الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته الولاياتالمتحدة منذ ذلك الحين ولاسيما في السنوات الستة الأخيرة على الجمهورية الإسلامية والذي شمل حتى ما يتعلق مباشرة بأرواح الناس وصحتهم أضاف التحليل: "لم يسجل التاريخ لحد الآن حصارا على أي بلد في العالم أقسى من هذا الحصار الذي عبّر عنه قائد الثورة بالسلوك الوحشي". وضمن الاشارة الى أن من أهم أهداف الاستكبار من وراء الحصار هو استسلام الشعب الإيراني أو إسقاط النظام الإسلامي لفت الخبير السياسي إلى تصريح وزير خارجية كيان العدو الصهيوني: "بإمكان هذا الحظر أن يجر إلى سيناريو شبيه بسيناريو ميدان التحرير بالقاهرة". وأكد "فرهاد نظريان" أنه في حال عدم تحقق هذين الهدفين يأمل فارضوا الحظر أن يؤدي إلى صعود شخصيات قريبة من الغرب لرئاسة الجمهورية مبشرين برفعه إذا أبدى الشعب الإيراني ميلا لمثل هؤلاء مشيرا في هذا الصدد إلى تساؤل صحيفة "الإيكونومست" عما إذا كانت ما أسمته "الأزمة المالية"! في إيران ستمهد الطريق لعودة الإصلاحيين إلى الحكم؟! وتنبيها بأن نجاح الحصار، وفق المعادلات الدولية، إنما يتحقق عن طريق تغيير النظام السياسي أو تغيير سياسته فقد بيّن أنه ليس جزافا أن يؤكد الإيرانيون على عدم تأثير الحظر عليهم، مشيرا إلى اعترافات ساسة أميركا وإعلامها بعدم تحقق أهداف الحظر حيث نقل عن صحيفة ال"واشنطن بوست" عن محللين ودبلوماسيين غربيين قولهم: "لقد ألقى تشديد الحظر في الأشهر التسعة الماضية بظلاله على الاقتصاد الإيراني لكنه لم يفلح في تغيير سلوك الحكومة الإيرانية أو تشديد ضغط الرأي العام الداخلي عليها عبر تأجيج السخط الشعبي". وإثباتا لمدعاه أشار التحليل إلى نتائج استطلاع رأي أجراه معهد "غالوب" الأميركي قبل أشهر حيث ظهر أن 63% من الإيرانيين المستطلعة آراؤهم يرغبون باستمرار حكومتهم في البرنامج النووي السلمي حتى تحقيق كافة أهدافه وأن 47% منهم يعتقدون بمسؤولية الإدارة الأميركية عن فرض الحظر وظهور بعض المشاكل الاقتصادية في بلادهم. /2819/