مواضيع ذات صلة يوسف الكويليت تنوعت التحليلات حول أحداث غزة، فمن قائل إن إسرائيل تلقت هزيمة معنوية وعسكرية، وإن عدم مجازفتها إدخال قواتها البرية، جاء خوفاً من مفاجآت على الأرض تكون قاسية، وهناك من صورها بعكس ذلك، أي أن إسرائيل واجهت ضغطاً أمريكياً أجبرها على التراجع، لأن الظرف الزمني غير موات، ودول غربية اعتبرت إيران ضالعة بدفع حماس التحرش بإسرائيل، وأنها الكاسب في العملية.. هناك جهود مصرية ودولية بذلت، وعدم التهوين من الانتصار الفلسطيني لا يعني المبالغة بهزيمة إسرائيل، فنحن نعرف أنها هزمت ثلاثة جيوش عربية واحتلت أراضي، ولا تزال تتمدد على كل الضفة الغربية.. صحيح أن إسرائيل لا تستطيع العيش مع حروب مقاومة طويلة، لكنها تملك القدرة على الاجتياح والتدمير وهو ما فعلته في حروبها المختلفة، غير أن ما بعد 1973م تم اجتياح لبنان، والخروج منه بالمقاومة، جعلها تفكر أن الحروب الخاطفة لم تعد لها قيمة، وان صواريخ غزة، وقبلها لبنان أدخلت الإسرائيليين للملاجئ، واطلاق صفارات الإنذار.. حقيقة ما جرى خلق اتفاقاً على هدنة طويلة، ولأن التفاصيل لم تنشر، فكل الاحتمالات تطرح من المستفيد، ومن غير المستفيد، ثم هل سينشأ في ظل هذه الهدنة تطورات في إعادة المباحثات برعاية أمريكية، أو دولية بحيث تعطي لفرص السلام دوراً آخر، وأن فترة الرئيس الأمريكي «أوباما» الثانية قد تمنحه اطلاق مشروع جديد بحيث لا يتراجع أو يقف أسوة بما حدث من مشاريع مماثلة، أم أن اللوبي الإسرائيلي سيعيد مبدأ الرفض؟ إسرائيل أدركت أن غزة أصبحت تملك صواريخ، ومهما كان نوعها أو تطورها، فهي مؤذية لها، وأن هناك حدوداً مفتوحة لتهريب السلاح، سواء من السودان أو ليبيا، أو حتى من داخل مصر، قادرة أن تصل إلى غزة، وأن القضاء عليها سيكون معقداً لأنها لا تأخذ صفة الجيوش التقليدية البارزة، بل يتم اخفاؤها في مناطق لا تصل إليها العيون والرصد الإسرائيليان.. هل أصبح السلام حاجة ضرورية، وهل أن إسرائيل بدأت تعيد النظر بواقعها وتقيسه على المتغير الدولي ورؤية أمريكا رفضها اشعال الحروب لأن تجربة أفغانستان والعراق جعلتها تغير عقيدتها وقناعاتها بهذه السياسة، وأن إسرائيل لا تستطيع دفعها التورط بحروب جديدة، وبالتالي فالخيار الوحيد المنقذ إعادة النظر بالسلام مع الفلسطينيين بتغيير رؤيتها نحو علاقات لا تضر بالتطلعات الأمريكية في المنطقة ومحيطها؟ تجربة غزة نافعة ومفيدة، فهي على الأقل أوجدت تضامناً عربياً وتعاطفاً دولياً، وضغطاً أمريكياً بأن لا ينشأ من خلالها تداعيات تفرض مواجهات عسكرية تدخل أطرافاً عربية وإقليمية بها، ومع ذلك فالعائد على الفلسطينيين إيجابي لأن انتصاراً معنوياً جرى، وأمام الرأي العام العالمي، وأنه لا هزيمة لإرادة شعب مهما تفاوتت القوة العسكرية والسياسية..