الاثنين 26 أغسطس 2013 10:17 مساءً بمقتضى أي مقاربة مصر عقل الأمة العربية وقلبها النابض، والمملكة العربية السعودية ضميرها وقبلتها الطاهرة والأبدية، ودولتان محوريتان في منطقة الشرق الأوسط بل ورائدتان وقائدتان لمشروعه العصري والحداثي بالأصالة أو الإنابة وبلا منازع وحاميتان لأمنه القومي وشريكان حقيقيان وفعليان في حماية الأمن والاستقرار الإقليمي والأمن والسلم الدوليين. من هذا المنطلق والفهم العميق جاء موقف المملكة المتوقع التاريخي والمشرف والحازم تجاه المحاولات البائسة للعبث بالأمن القومي المصري واستشعاراً منها بدورها ومسؤولياتها التاريخية والقومية والإنسانية واعتباره تهديداً لأمنها القومي وأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها والأمن والسلم الدوليين أيضاً. وما من شك أبداً إن هذا الموقف السعودي قوبل بترحاب شديد وفخر واعتزاز شعبي كبير لدى الشعوب العربية قاطبة ونزل برداً وسلاماً على أرض وأفئدة شعب مصر الذي يواجه أعتى حملة عدوانية في تاريخه المعاصر وبأيدي جماعة الأخوان المتأسلمة سواءً كانت مدركة أم لا. لقد عاشت مصر وشعبها لحظات حرجة وعصيبة على مدى ثلاث سنوات عجاف وعصف ذهني وموجة عنف وترويع غير مسبوق وانتهاك وتهديد أمنها القومي وسيادتها الوطنية كادت أن تنال من وجودها وقدرتها ودورها ومكانتها ومن ثقلها وإرثها الثقافي والحضاري والإنساني لا بل وكادت أن تشعل فيها حرباً وفتنةً غير مسبوقة على الإطلاق لولا عناية السماء المؤكدة بلسان المصطفى " إن مصر وأهلها في رباط إلى يوم القيامة"، ولولا ثبات وبأس وعراقة وإرادة هذا الشعب العملاق وتماسكه واصطفافه مع مؤسساته الوطنية القضائية والعسكرية والأمنية والدينية والثقافية الراسخة وكان للموقف السعودي والسند الشعبي العربي الغير مرئي أثره الإيجابي على هذا الثبات والإرادة الشعبية الحرة واعتباره دعماً وسنداً خلفياً لها بلا شك. وإذا كانت مصر قد تجاوزت مرحلة الخطر والحرج على مدار الأيام القليلة الماضية إلا أن أمامها مخاطر وتحديات جمة وكبيرة آنية ومستقبلية ينبغي ألا تغيب عن البال تحت تأثير ردة الفعل والنشوة وما إلى ذلك وأهمها ما يلي: تجفيف منابع وبؤر الاستبداد والإفساد والتطرف ومصادر التمويل المجتمعية الضارة وتعدد التربية والتعليم وثقافة الإقصاء والتمييز، وتضميد الجراح والبطالة وخفض منحنى الكراهية والاحتقان من خلال الخطاب السياسي والإعلامي الرصين والمتزن والعقلاني، واعتبار جميع الضحايا ضحايا العنف والإرهاب ومن خلال التشريعات والممارسات والتصرفات بالتزامن مع استتباب الأمن وعودة الحياة العامة إلى طبيعتها، وتخفيف الإجراءات الاستثنائية، والسير بخطٍ ثابتة وشفافة في تنفيذ خارطة الطريق، واحترام إرادة الشعب المصري وكرامته وحقه في العيش الكريم، وضمان حق وحرية الأقليات، وخلق بيئة استثمارية سليمة وآمنة، وتسخير الموارد العامة لصالح وخدمة المجتمع، وإطلاق الحريات العامة، وبناء مؤسسات الدولة العصرية وسيادة النظام والقانون وضمان التداول السلمي للسلطة والانتقال الآمن لها واستقلال القضاء وحياد المؤسسة الوطنية العسكرية والأمنية وغيره. وأخيراً وبكل تواضع واحترام فإن الانطلاق من قاعدة التأسيس للبناء الديمقراطي لا من منبر العلّيم بها والمحترف لها حتى وإن بدا ذلك ممكن من الناحية النظرية، ومن موقع التجرد والحيدة والوطنية والمؤمن بحركة التاريخ وحتمية التغيير وانتصار إرادة الشعوب ينبغي إعداد وصياغة الدستور المرتقب بدلاً من إقحامه بعقلية المنتصر والحاكم المؤقت أو الدائم حتى وإن كان أعدل من العادل، ومن موضع ومصلحة المواطن والمعارض ينبغي أن توضع الضوابط والحدود للحقوق والحريات والتصرفات والممارسات لا من موضع السلطة والحاكم والطامع بها والمستحق لها ولا من موضع المنتصر والمنتقم اليوم أيضاً وغيره، هو الطريق الآمن والسليم لعودة الأمور إلى نصابها ومواضعها الطبيعية ولجعل مصر لكل وبكل أبناؤها والسير بها نحو مستقبل آمن ومشرق ومزدهر وفعال.