د. سلطان عبد العزيز العنقري مجلس الأمن الدولي ما هو إلا جهاز يُؤتمر بأمر الدول الخمس دائمة العضوية، والتي تتقاسم فيها مصالحها في طول العالم وعرضه، العالم بالنسبة للخمس الكبار هو عبارة عن كعكة يتقاسمونها حسب نسبة القوة والضعف، بعبارة أخرى أكثر دقة هي عبارة عن خارطة موزعة بينهم، كأماكن نفوذ لكل دولة. فمثلًا، ما حدث في الحرب العراقية الإيرانية واحتلال العراق للكويت، واحتلال العراق من قبل أمريكا، والآن روسيا والصين وإيران بالنسبة لسوريا ما هو إلا شاهد على ما نقول. فالمبدأ الاستعماري "فرق تسد" مازال حيًا يُرزق، ولكن هذه المرة بدون استخدام جيوش ولا احتلال دول. الكاسبة الوحيدة من مجلس الأمن هي بالطبع إسرائيل؛ محور ارتكاز تلك الدول الخمسة، فهي دولة زُرعت في عالمنا العربي من قبل هذا المشؤوم الإنجليزي بلفور، إسرائيل لا تُنفِّذ أيّة قرارات للأمم المتحدة على الإطلاق، ولمجلس الأمن بالذات الذي يعنى بالسلم والأمن العالميين، ولكن السلم والأمن للأسف فقط للدول الكبرى وإسرائيل، فقرارات مجلس الأمن 242 و338 والقاضية بعودة إسرائيل لحدود يونيو 1967م، والقدس عاصمة للفلسطينيين وقرار الجمعية العامة 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم إسرائيل وتعويضهم ما زال حبرًا على ورق وترقد في مكاتب مجلس الأمن والجمعية العامة. إسرائيل لا تنفذ ولا أحد يسألها: لماذا لا تنفذين تلك القرارات؟ أما الدول المستضعفة فالويل والهلاك والثبور لمن لا يُطبِّق القرارات الصادرة عن مجلس الأمن والجمعية العامة، الفلسطينيون تُسلب أراضيهم ويُضطهدون بل إن معسكرات الاعتقال في فلسطين فيها أكثر من عشرة آلاف معتقل ما بين طفل وشاب وشيخ، وتدعي إسرائيل أنها دولة ديمقراطية محاطة بدول لا تعرف الديمقراطية؟! فإسرائيل تُعربد في منطقتنا العربية ومجلس الأمن لا يحرك ساكنا؟! إسرائيل تجتاح لبنان بين الفينة والأخرى ومجلس الأمن لا يحرك ساكنًا، بل إنه يُدار بالريموت كنترول من قِبَل أعضائه الخمس الكبار، فتحرق إسرائيل الفلسطينيين في غزة والضفة وتصب عليهم من الحمم والقذائف والقنابل المحرمة دوليًا، ولا أحد يفتح فمه! وفي سوريا أربع دول "روسيا والصين وإيران والعراق" تعاونت على ذبح الشعب السوري، ومازال مجلس الأمن تاركًا الحرية لتلك الدول تفعل ما تشاء بشعب أعزل! أما العرب فلهم العصا والجزرة، ولإسرائيل الجزر والمقبلات والشيكولاته الفاخرة والكافيار، وبالطبع بدون عصا، لأنها الذراع الطويلة لتلك الدول الخمس دائمة العضوية، فهم من زرعوها في جسدنا العربي لكي تكون المديرة التنفيذية بامتياز. ما نعاني منه في عالمنا العربي والإسلامي هو ازدواجية المعايير لمجلس الأمن، فعندما تتغطرس إسرائيل وتقتل الفلسطينيين بدمٍ بارد، لا نسمع من مجلس الأمن إلا كلمات خجولة منمقة تقول: "على إسرائيل ضبط النفس"، وأكثر الأحيان يقولون: "على جميع الأطراف ضبط النفس"، ولا نعرف ما المقصود بضبط النفس لدولة عنصرية معتدية لا تعترف بقرارات ذلك المجلس الذي يجب أن تنسحب منه جميع الدول غير دائمة العضوية، لكي ينكشف على حقيقته؟! وأن تخلق تلك الدول تكتلا آخر؛ يطلق عليه مثلًا: المجلس العالمي للأمن والسلم العالميين، فمجلس الأمن للأسف ما هو إلا للتعدي على الأمن والسلم العالميين، هل روسيا التي حشرت نفسها في بلد عربي وتخطت جميع الأعراف الدولية بتدخلها السافر في شؤونها الداخلية تعتبر حامية للأمن والسلم في العالم؟! إنه أمر يبعث على السخرية. المملكة بثقلها الدولي والاقتصادي والأخلاقي أحسنت صنعًا عندما اعتذرت عن قبول عضوية مجلس الأمن لما له من ازدواجية في المعايير في التعامل مع المستضعفين في الأرض. مجلس الأمن لا يمكن إصلاحه في ظل وجود أعضاء يبيعون أسلحة الدمار الشامل للنظام السوري كروسيا والصين ثم عندما يستخدم النظام هذا السلاح لقتل أكثر من ألف ومئتي سوري ما بين طفل وامرأة وعجوز تقوم تلك الدول بحمايته، بل يحاولون التغطية عليه بألاعيب كمؤتمر جنيف لصرف الانتباه عن تلك المحرقة، ثم يأتي لافروف وزير خارجية روسيا ليقول لأمريكا أن عليها الضغط على المعارضة للجلوس مع النظام السوري القاتل لشعبه في جنيف.. وتناسى لافروف أن الشعب السوري الحر لا يأخذ تعليماته من أمريكا ولا من روسيا كما يفعل النظام السوري. إنه يا سادة مجلس الأمن، الذي يحكم قضايا العالم من خلال ازدواجية المعايير. للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (29) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain