مطلوب تغيير قوي في المواقف تجاه التعليم واعتباره قضية عالمية ملحة * براون: الشيخة موزا نجحت في تعليم 2 مليون طفل خلال عام واحد * إيرينا بوكوفا: إعادة الأطفال إلى مدارسهم أمر ليس مستحيلاً الدوحة - قنا: نجح برنامج "علم طفلا"، أحد برامج مؤسسة "التعليم فوق الجميع"، بالتعاون مع شركائه حول العالم في إعادة مليوني طفل إلى مقاعد الدراسة خلال السنة الأولى من إطلاقه، ويطمح إلى الوصول إلى عشرة ملايين طفل في نهاية السنة الدراسية لعام 2015. وقد تم الإعلان عن الإنجاز الذي تحقق والهدف المأمول أمام نخبة من القادة العالميين في مجال التربية والتعليم خلال مشاركة صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر رئيس مجلس أمناء مؤسسة التعليم فوق الجميع، في جلسة عقدت صباح أمس ضمن أعمال مؤتمر القمة العالمي للابتكار في التعليم "وايز2013". وقد ركزت الجلسة على أهمية التعاون متعدد الأطراف لضمان أفضل نوعية من التعليم للجميع. وقد شارك في الجلسة إلى جانب صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، جوردون براون المبعوث الخاص للأمم المتحدة حول التعليم، إيرينا بوكوفا المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو)، أنطوني لايك المدير التنفيذي لليونيسيف، أنطونيو غوتيريس المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو جراندي المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى "الأونروا"، وهانس يروجن بيرفلتز وزير الدولة الألماني للتعاون الاقتصادي والتنمية. وقالت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر، في مداخلة لها خلال الجلسة حول مرور عام على تأسيس برنامج "علم طفلا"، إن هناك نقطتين رئيسيتين لعملنا بشأن هذا البرنامج طيلة العام الماضي، النقطة الأولى تتمثل في كون مفهوم تعبئة الموارد الذي نعمل على تطويره أصبح بالفعل يؤتي ثماره. وأضافت سموها في هذا الصدد أننا عملنا خلال العام الماضي على البحث في الخيارات المختلفة، أما الآن فإننا نقوم بتعبئة الخبرة اللازمة لذلك في مختلف القطاعات، موضحة أنه بالنسبة لقضية التعليم يشكل هذا النهج متعدد القطاعات مفتاحا لاستدامة التعليم. وأوضحت سموها أن النقطة الثانية تتجلى في مطابقة الالتزام بالموارد مع الالتزام الثقافي بنفس القدر من الأهمية لأن هذه الحساسية تجاه الثقافات والمجتمعات المختلفة تعد أمرا حيويا. وأكدت صاحبة السمو أنه "لا يمكننا فرض نموذج أو نهج واحد، بل يتوجب أن يستند نهجنا على ثقافة الهويات"، مشددة على حق كل الأفراد من جميع الثقافات واللغات في العيش آمنين مدركين أن هوياتهم سيتم الحفاظ عليها، لأن إدماج ثقافة الهويات هذه ضمن الحلول التي نقدمها ستمكننا من الاستفادة من مواهب كل طفل وكل مجتمع نعمل فيه، وهذا هو باختصار جوهر برنامج "علم طفلا". وأعربت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر عن اعتقادها بضرورة البحث عن مصادر جديدة وأطراف آخرين مهتمين بالتعليم ليدخلوا إلى هذه الساحة مع ضرورة أن تلتزم تلك الأطراف بوعودها، منبهة سموها إلى وجود مجتمعات مهمشة وأنه ينبغي علينا أن ندرج هؤلاء في تلك العملية. وأكّدت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر على الحاجة الملحة إلى فهم أهمية التعليم، وقالت "للأسف هناك تردد أحيانًا في تأييد دعم التعليم لأن الناس لا يفهمون جيدًا أهمية التعليم ولا يرونه ضرورة اقتصادية للمضي قدمًا، ومن ثم من المهم ليس فقط أن نضع مفاهيم التعليم كحق من حقوق الإنسان، بل ينبغي أن نرى ذلك عنصرًا اقتصاديًا لتمكين الشعوب ولتحقيق النمو الاقتصادي ولتمكين الأفراد على المستوى الاقتصادي". وضربت سموها مثالاً على ذلك قائلة "إذا تقدم شخص ما في حياته التعليمية فإنه يمكن أن يضيف إلى دخل عائلته أكثر من 10 في المائة من متوسط الدخل.. إذن من المهم أن نأخذ ذلك على محمل الجد وأن نصمم أولوياتنا بطريقة مختلفة". وأشارت سموها إلى أوضاع صعبة جدًا يعيشها الأطفال في بعض المناطق، وقالت إن المحك هنا هو الاعتراف بالثقافة المحلية لهؤلاء الأطفال وأسرهم، فعدد من أولياء الأمور لا يريدون أن يرسلوا أولادهم إلى المدرسة لأن الكتب لا تتحدث عن ثقافتهم المحلية وتكون مكتوبة بلغة أخرى، كما أن أولياء الأمور يخافون من فقدان هويتهم وثقافتهم ولغتهم، لذا من المهم بداية الاعتراف بثقافاتهم وأن تبذل جهود لإعداد كتب مدرسية بلغاتهم، وهذا من شأنه أن يخلق لديهم الثقة. وألقت صاحبة السمو الضوء على مناطق النزاعات وما يحدث فيها، وقالت "سألني بعض الأطفال: هل لديك أطفال مثلنا؟ وهذا يعني أنه من الصعب عليهم أن يتصوروا أن هناك أطفالاً غيرهم يعيشون خارج المكان الذي يعيشون فيه، فهم ليسوا على اتصال مع العالم الخارجي". وقالت صاحبة السمو" إننا بحاجة إلى تغيير قوي في المواقف تجاه التعليم، كما أننا بحاجة إلى تغيير الطريقة التي ينظر بها إلى التعليم باعتباره قضية عالمية ملحة". واختتمت صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر مداخلتها قائلة" إن إدراج هذه القضية في صميم اهتمام جميع القطاعات سيمكننا من تغيير البيئة المحيطة بالتعليم، فمن شأن تمازج الأفكار هذا أن يرقى بالجوانب الاقتصادية والمجتمعية لقضية التعليم إلى مستوى آخر وجعلها أولوية عليا". من جهته.. قال جوردون براون المبعوث الخاص للتعليم العالمي :"إن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر كان لديها الكثير من الريادة والرؤية، فعلى مدار عام واحد نجحت سموها في تعليم مليونين من الأطفال، وهي تهدف إلى زيادة هذا الرقم إلى ستة ملايين، وربما عشرة ملايين في غضون بضعة أعوام، ولا أعتقد أنه يوجد في تاريخ البشرية شخص قام بعمل بهذا الحجم الذي قامت به صاحبة السمو". وذكر براون في مداخلة له أنه بحلول نهاية عام 2015، وهي المهلة الموضوعة لتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، ينبغي أن يدخل نحو 57 مليون طفل من المتضررين من النزاعات إلى المدارس؛ لأن الوضع الحالي غير مقبول، وعلينا أن نتخيل كيفية عودة هؤلاء إلى المدارس. وأكد أنه مهما فعلنا سيبقى الكثير من هؤلاء الأطفال خارج مدارسهم، لذلك نحن بحاجة إلى شركات وجمعيات خيرية، وأن يجتمع الجميع حول هدف واحد وهو الاستثمار بنحو ستة مليارات دولار على الأقل بحلول عام 2015 ؛ لنعيد هؤلاء الأطفال إلى مدارسهم. وأكد ضرورة دعم مبادرة صاحبة السمو بالعمل على عودة عشرة ملايين طفل إلى المدارس، وهو ما يفرض علينا جميعًا التحرك لدعم مبادرة سموها، وكذلك دعم المساعي الأخرى لعودة الملايين الآخرين من الأطفال إلى مدارسهم، وإلا فإننا سنترك جيلاً كبيرًا من الأطفال من غير المتعلمين. بدورها .. تحدثت "إيرينا بوكوفا" المديرة العامة لمنظمة الأممالمتحدة للتربية والثقافة والعلوم (يونسكو) عن الأطفال غير الموجودين في المدارس، وقالت :"إن إعادة هؤلاء الأطفال إلى مدارسهم أمر ليس مستحيلاً". وأضافت في مداخلة مماثلة "إنه إذا أردنا أن نقيم الأمر بشكل صحيح يجب علينا أن نعتمد على معطيات وأرقام صحيحة ودقيقة".. مشيرة إلى ملايين الأطفال الذين توجد صعوبة كبيرة في الوصول إليهم لإدماجهم في العملية التعليمية، مثل: أطفال الشوارع، وأطفال المخيمات، وغيرها من المناطق التي يصعب الوصول إليها. وأكدت بوكوفا على ضرورة أن نستخدم كل إمكاناتنا التقنية لتحديد عدد وأماكن وجود هؤلاء الأطفال، حتى يمكننا أن نضع السياسات المناسبة لتعليمهم، كما ينبغي أن تنخرط كل الحكومات في هذه العملية قبل انتهاء المهلة الموضوعة لتحقيق أهداف الألفية الإنمائية، وينبغي كذلك أن ندرج المجتمع المدني والقطاع الخاص في هذا النشاط، لكن تبقى الحكومات صاحبة المسؤولية الكبرى في وضع السياسات الملائمة. من ناحيته .. أعرب (أنتوني ليك) المدير التنفيذي لليونيسكو في مداخلة له،عن تقديره الكبير للجهود التي تقوم بها صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر في مجال التعليم في مناطق النزاعات. وقال (ليك): "إن هناك 5ر1 بالمئة فقط من المساعدات الإنسانية هي التي تصل إلى قطاع التعليم الذي يعد استثمارًا للمستقبل، والذي يجب أن يكون في المدارس؛ لأن الأطفال إذا لم يحصلوا على التعليم، فإن قلوبهم لن تنبذ العنف، وسيدورون في حلقة مفرغة من العنف". وأشار (ليك) في مداخلته إلى الأطفال المعاقين، وقال :"إن اليونيسيف تركز على هذا الموضوع بصفة خاصة، ونحاول أن نبتكر المزيد فيما يتعلق بتعليم هؤلاء الأطفال". بدوره.. قال (أنطونيو غوتيريس) المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين:" إنه إذا أردنا فهم حقيقة المشكلة يجب أن نعلم أن هناك وضعًا ملحًا جدًا الآن تكون الأولوية فيه لإنقاذ حياة الأشخاص في النزاعات، والتركيز على توفير الغذاء والماء وتلقيح الأطفال وغيرها من الأمور الملحة". وأكد أن التعليم ينبغي أيضًا أن يكون ضمن الأولويات؛ لأن مشكلة التعليم متصلة بأزمات متصلة وطويلة، لذا ينبغي أن ينظر إلى التعليم على أنه مسألة ملحة جدًا، على غرار إنقاذ حياة الأشخاص في مناطق النزاعات. وشدد على أن (علم طفلاً) يشكل إسهامًا كبيرًا جدًا في هذا الموضوع، معربًا عن أمله أن ينظر إليه المانحون باهتمام أكبر، وعلينا أن نركز على الأطفال. وأشار إلى أن صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر تحدثت عن بادرة متعددة القطاعات، وهذا ما يهمنا تحديدًا الآن، ومن هذا المنظور فإن التعليم يشكل منصة ممتازة ومتعددة القطاعات؛ لأن التعليم مرتبط بالتغذية والمياه وعدد من القطاعات الأخرى. وأضاف إنه ينبغي أن نضمن النظر إلى حقوق الأطفال بشكل شمولي، في الوقت نفسه الذي ننظر فيه إلى مناطق النزاعات، وقال:"إذا أردنا أن نحمي الأطفال فإن وجودهم في المدرسة عنصر أساسي لحمايتهم من أخطار عديدة كالعنف الجنسي وظواهر أخرى، والأمر يتعلق بنواحٍ اجتماعية وتعزيز ثقة الأطفال في أنفسهم، لذا فالمنظومة المدرسية تحمي الأطفال". أما (فيليبو جراندي) المفوض العام لوكالة الأممالمتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) فقد قال :"إننا تابعنا ما تقوم به صاحبة السمو الشيخة موزا بنت ناصر وجهودها ونقدر ما تقوم به". وأضاف "إننا نقوم بعملية تشغيلية تقوم على تعليم أكثر من نصف مليون فلسطيني في أنحاء الشرق الأوسط وهذا مستمر منذ أكثر من ستين عامًا، والتحدي الأكبر الذي واجهناه هو جعل التعليم في قلب هذه العملية، حيث نقوم بذلك في إطار نزاعات، فعملية التنمية البشرية معطلة بسبب هذه النزاعات". وقال :"إننا وقعنا اتفاقيات شراكة، وأصبح لدينا موارد وأدوات لمواجهة التحديات المختلفة المتعلقة بتعليم الأطفال، منها : تقديم وسائل النقل للسماح لهؤلاء الأطفال بالذهاب إلى مدارسهم، وتقديم تكنولوجيات لهم في بيوتهم ليتعلموا من خلالها، وكذلك معالجة بعض العواقب النفسية التي يعاني منها الأطفال جراء هذه النزاعات". وأكّد أن القيام بالعمل في مجال التعليم في مناطق النزاعات يتطلب التعامل مع مشاكل عديدة، وفي حالتنا نحن علينا أن نتابع خدماتنا الاعتيادية، ونقدم في الوقت نفسه تعليمًا جيدًا؛ لأنه عندما يعود اللاجئون إلى بلدانهم ينبغي أن يجدوا ظروفًا ملائمة أمامهم.